Arabpsynet | ||
|
||
|
||
q
النص الكامل
/
Full text / Texte entier |
||
يتمحور الحديث في هذه الورقة للنابلسي حول مقولة صراع الحضارات وأسلوب تعاملنا مع نمط فكري يشكل راهنا" أساسيا" يجعل من توقع صدام الحضارات احتمالا" مستقبليا" متخيلا". إن أول ما يؤكد عليه الدكتور النابلسي هو خصوصية أسلوبنا في هذا التعامل، فقد استأثرت الدول المتقدمة يتصدير مناهج ومواضيع العلوم الإنسانية إلى البلدان الأقل تطورا". ولعلنا بأمس الحاجة اليوم إلى مراعاة خصوصيتنا الحضارية وما تفرضه من تعديلات على المناهج ومواضيع العلوم الإنسانية كافة. ذلك أن النظام العالمي يستمر في استغلال غياب القطب الثاني في سعي لتحويل الثقافة والاقتصاد نحو العولمة، التي تسعى إلى فرض ما تعتبره نظاميا" قيما" عالميا" على حساب الثقافات والهويات الحضارية المحلية. بهذا، يكون الصراع على وشك التحويل من العسكري إلى الفكري والغزو الثقافي بهدف إخماد علائم ومميزات الشخصية الحضارية للأمم الأقل تطورا". والعمل على إبطاء سيرورة التمايز الفكري الحضاري المستقل، مما يجعل هذه الدول قابعة في مستنقع التبعية الفكرية والعلمية. بما يضطرها للاجترار من العلم والمعارف الإنسانية المنتجة أساسا" وفق جهاز القيم الأميركي. مما يجعله غير صالح للتطبيق الأعمى في ثقافات أخرى. ومن هنا خطورة ملء فراغنا العلمي بالمعارف المستوردة، فتنتج نسخا" ممسوخة مصبوغة بمعارف مستوردة وعصية على التطبيق بفعالية إجرائية كافية ومرضية في مجتمعنا. ولقد تنبّه أستاذنا الدكتور نابلسي بعمق لهذه الوقائع في المؤتمرات التي عقدها مركز الدراسات النفسية والنفسية – الجسدية تحت رئاسته وتحت شعارين " نحو علم نفس عربي" و " ومدخل إلى علم نفس عربي". كما تأكد هذا الوعي و ترسخت قواعده في كتابه " نحو سيكولوجيا عربية ". هذه الأعمال والكلمة المنشورة في مجلة " دراسات نفسية " تشكل صرخة عربية حضارية لإرساء هوية محلية للعلوم النفسية بميادينها المتعددة. كما أنها وقفة استبصارية للخطر الحضاري – الثقافي الذي أحاط بفكرنا العلمي، فبتنا قوالب معرفية منسوخة وممسوخة نتعامل معها بأوهام الذات المبدعة في الوقت الذي نمسخ ذواتنا عن عمد وتفاخر بالانتماء إلى معارف الغير أو بدون عمد. إن مبدأ " اعرف نفسك" هو جوهر الانطلاقة والانعتاق من معارف حضارية. إنسانية مستوردة ( حيث لا ينفع الاستيراد) تعتم كثيرا" على الشخصية العربية، وتدفع بها إلى عتمة اللاهوية. إذا"، لا بد من انعطاف في الفكر السيكولوجي والإنساني العربي كيما يكتشف ذاته وهويته. بما فيها طابع الشخصية القومية والشخصية النوعية المنفردة المتغايرة. ولعل الشعار الأكثر شمولا" من " نحو سيكولوجيا عربية " هو عنوان " نحو أنثروبولوجيا عربية " فالأنثروبولوجيا في المفهوم المعاصر تضم العلوم الاجتماعية والنفسية والبيولوجية، لأنها علوم لا يمكن فصلها عن بعضها البعض في أي بحث علمي من العلوم الإنسانية. ومهما كانت التسمية فالدلو ينهل من البئر الذي ركب عليه. فالمهم أن تتبنى المراكز البحثية العلمية والجامعات في العالم العربي الشعار الذي طرحه الدكتور النابلسي " نحو سيكولوجيا عربية" وما يستتبعه من تحصين للشخصية العربية في هذا العالم المتغير. على أن يجري هذا التبني ضمن خطط برامج بحوث الدرجات العلمية وغيرها. بما يرسم الخطى نحو علم نفسي وتربوي تتحدد فيه ملامح شخصيتنا الحضارية. بما يجعله صالحا" لعلاج مشكلات مجتمعنا التربوية والنفسية والاجتماعية. وإذا كان صحيحا" إن علم النفس المرضي فيه خيوط إنسانية أممية ( مثل معايير الاضطراب الاكتئابي والوسواسي وغيرهما من الاضطرابات النفسية التي فيها الكثير من التماثل في مختلف الحضارات البشرية). لكن ذلك لا ينفي وجود هوية حضارية للاضطراب النفسي بظهور جزء من الأعراض لا تكون موجودة في ثقافات أخرى. وعلى هذا الأساس فان علم النفس يتعامل مع البنى المعرفية والثقافية، فإذا كانت هذه أميركية كان علم النفس أميركيا". وإذا كانت عربية فإننا بحاجة إلى تطويع المناهج النفسية لتصبح صالحة للتعامل مع البنى المعرفية والثقافية العربية. وبالتالي، فإننا بحاجة إلى " سيكولوجيا عربية" وأكثر تحديدا" وشمولية، فإننا بحاجة إلى " أنثروبولوجيا عربية" .
|
||
سعيا وراء ترجمة
جميع صفحات الشبكة إلى الإنجليزية و الفرنسية نأمل من الزملاء الناطقين
بالإنجليزية و الفرنسية المساهمة في ترجمة هذا البحث و إرساله إلى أحد إصدارات
الموقــع : الإصــدار الإنجليــزي
– الإصــدار الفرنســي |
||
|
||
Document Code VP.0030 |
ArabPerson.betweenPsychology&Anthropology |
ترميز المستند VP.0030 |
Copyright ©2003 WebPsySoft Arab Company www.arabpsynet.com (All Rights Reserved)