Arabpsynet | |||
|
|||
الإسترخــاء النفســي و العصبتــي دافيد هارولدفنك
ترجمة ميخائيل أسعد دار نهضة مصر |
|
||
|
|||
q
فهــرس
الموضوعــات /
CONTENTS / SOMMAIRE |
|||
§
مقدمة
§
الفصل
الأول: ما الذي يجعلك عصبيا؟ §
الفصل
الثاني: واجه ما يدور بداخل مخك §
الفصل
الثالث: العقل يصدر أوامر إلى جسمك §
الفصل
الرابع: الجسم يجيب على رسائل عقلك §
الفصل
الخامس: الارتخاء الموجه ذاتيا كحل لمشكلتك §
الفصل
السادس: خطوات أخرى نحو الارتخاء §
الفصل
السابع: تفسير الاسترخاء §
الفصل
الثامن: العمل يوصل إلى تحقيق حريتك |
|||
q
تقديــم
الكتــاب / PREFACE |
|||
إن أحلك القارات ظلاما
بالنسبة للإنسان هي قارة العقل الإنساني نفسه. لذا فإني صممت على اكتشاف تلك
القارة. ولقد قيل لي
إن على المكتشفين أن يدأبوا على قراءة ما سبقهم غيرهم إلى اكتشافه لأنهم يضطلعون
بذلك بجزء من إعداد النفس. وعلى هذا فإني اقتفيت أثر السابقين على نحو ما، كما
قمت بدراسة المناهج الجامعية والاطلاع على ما ورد بالكتب. ووجدتني أقوم بتدريس
علم الاجتماع بجامعة متشجان حتى قبل أن اكتشف ما كنت أصبو إليه. كانت هذه
بداية حسنة. ذلك أنك تتعلم الكثير عن طريق التدريس. ولكن لكي تسبر أغوار العقل،
فإن عليك أن تقابل الناس في مجال أوسع من مجال التدريس. عليك أن تختلط بالناس،
ذلك أن القارة المظلمة الخاصة بالعقل البشري لا توجد بالمكتبات، بل توجد خلف
أعين الناس المشبعة بالغموض. وبناء على هذا فإني تركت الجامعة جريا وراء الدراسة
الاجتماعية فقمت بتدريس الفصول العليا لضعاف العقل من الأطفال، كما قمت بالتدريس
في إحدى دور المعلمين. على أني أحسست بأن هذا وحده غير كاف. وكنت ما أزال مستمرا
في الدراسة والقراءة دون أن أغوص إلى شوط بعيد في تلك القارة المظلمة. ثم تساءلت
وأنا على هذه الحال من التبرم: من الذي يتمتع بالمعلومات الأساسية التي تسمح له
بتفسير حياة الإنسان؟ ومن لديه أفضل فرصة إكتشاف العقل الإنساني؟ إنه الطبيب
بالطبع. و لم يمض وقت طويل على هذا التساؤل حتى وجدتني أسجل اسمي في قائمة طلاب كلية الطب. و لم أندم أبدا
على ذلك لأن دراسة الطب وممارسته وفرتا لي الفرصة لمعرفة الناس من حيث داخلهم و خارجهم.
فالتقت عندي المعرفة النظرية والمعرفة العملية في بؤرة دقيقة بصدد دراستي
لمشكلات الإنسانية. ولقد قمت بإسداء المساعدة لكثير من الأطفال، عايضت لحظات
احتضار كثير من الناس. وكان لي نصيب في الكفاح الانفعالي لألوف من الناس، كما
كنت موجودا في مواقف كان يحتدم فيها الخوف والألم واليأس والخجل، وكانت جميعا
مخبوءة عن أعين باقي الناس. ولم أكن أقف موقف المتفرج على نحو سلبي، بل كنت
عندئذ في مكان من يقوم بتقديم المساعدة إلى أصحاب تلك المشاعر. ولم أكن أستهدف
من وجودي إلى جانب هؤلاء أن أكتشف (على الرغم من أنني أكتشفت الكثير بالفعل)، بل
كنت أرمي إلى الوقوف على منفذ أخرج عن طريقه بالمريض من أدغال الانفعال. ولذا
فقد كان محتما علي أن أستعين بأساليب التشخيص وأساليب العلاج سواء بسواء. لقد وجدت أن
كل الرغبات الإنسانية تجد لها منفذا وتبزغ إلى الوجود في نطاق المواقف
الاجتماعية. وإنك لن تجد في هذا الكتاب أية مناقشة حول الغرائز، وذلك لأنه لا
مبرر للتعرض بالمناقشة لما ليس له وجود بالمرة. فليس في طيات بني آدم ما يسمى
بالغرائز، بل إن أنشطتهم الجسمية مرنة بدرجة لانهاية لها. وتتشكل من المواقف
الاجتماعية كل القوى التي تقدم للأنشطة الإنسانية اتجاهاتها ودوافعها. وعندما تكون
المواقف الاجتماعية باعثة على الحيرة، عندئذ يستولي الارتباك على الإنسان. فهو
يريد في تلك المواقف أن ينتحي في اتجاهين مختلفين في نفس الوقت. فلقد يريد
الشخص ترك وظيفته ليزور أمه التي تعاني سكرات الموت، بينما يريد في نفس الوقت أن
يستمر في عمله ليعول زوجته وأطفاله. ولقد يجد الشخص نفسه في نطاق موقفين
عائليين- موقفه من جهة وموقف والده من جهة أخرى- فيلح كل منهما بمطالب مناهضة
لمطالب الآخر. وكل مطلب منهما يعمل على جذب قلبه. إن هذا النوع
من الصراع هو الصراع الإنساني بالدرجة الأولى الذي يحس به الجميع ويشمل الناس
والذي يؤدي إلى نشوء التوتر
العصبي. وينجم عن حالات سوء التكيف الاجتماعي ظهور حالات سوء التكيف الشخصي. ولا تحدث
التوترات العصبية في فراغ كما أنها لا تقوم برمتها في دخيلة الجهاز العصبي ، بل
إنها توجد في نطاق جميع أجهزة الجسم. وعندما توجد حالة حرب نتيجة الجذب
الانفعالي في داخل الفرد، عندئذ تنشأ حالة جذب لأحد الأعضاء ضد عضو آخر. فالتوتر
العصبي إذن جسمي في طبيعته. وهذا هو السبب في أن كثيرا جدا من الأمراض تحدث نتيجة
الصراعات الانفعالية. ولا يستعيد
الناس صحتهم تلقائيا بالتخلص من الصراع الانفعالي . ذلك أن الصراعات الداخلية
تستمر على شكل عادات يتلبس بها السلوك العضوي. فالتوترات تتراكم بطريقة معينة عبر السنين. وتؤثر هذه
التوترات- أعني التكيفات غير الناضجة فيما بين أعضاء الجسم- في أفكار الشخص،
ويقوم الجسم بتوجيه العقل إلى ما يفكر فيه. ويطلق بعض الكتاب على هذه السيطرة
التي يقوم بها الجسم على العقل اسم "ما تحت الشعور" . ويتكون العقل
تحت الشعور من عادات الإنسان المتعلقة بالسلوك العفوي. ويحاول الناس
التخفيف من التوتر العصبي بأن يتخذوا أحد أشكال السلوك التلفيقي لكي يجعلوا من
المواقف المكدرة أمرا محتملا. وغالبا ما يخترع الشخص هذه الأساليب التلفيقية في
مرحلة الطفولة، وهي أساليب فجة بالطبع. على أنها لم تكن لتضر كثيرا لو أنها
توقفت عن تأثيرها بتزايل الموقف الذي دعا إليها. ولكن الحال ليست كذلك. ذلك أن
توافق الطفل بالطريقة التلفيقية اليوم يصبح نمط استجابته المعتادة التي سيدأب
عليها كل يوم بحيث يحول دون الاستفادة من التوافقات المناسبة التي تماشى ظروف
حياة الكبار. وأنا اعرف
شخصيا أحد السباكين يحمل بين أضلعه تلك الأساليب التي كان يستجيب بها في طفولته
كما يحمل معه بالضبط مفتاحه الإنجليزي. وهو يبدي دهشته عندما لا يستطيع مواجهة
مشكلات الحياة التي تجابهه بنجاح. ولكن كيف يستطيع مثل ذلك الشخص أن يتغلب على
تلك المشكلات الضاربة بأطنابها في أعماقه وهو يستعين على حلها بأساليبه الفجة العابثة
التي كان يتذرع بها أيام كان في الثامنة من عمره؟ إننا نطلق
على هذه العادات التلفيقية في محاولة تحقيق التوافق الاجتماعي والتي تفشل عن
تحقيقه بالفعل اسم النزعات العصابية. ولقد تناول الأطباء غير المحنكين في معرفة
المدلولات الاجتماعية والنفسية للأعراض العصبية هذه النزعات على أساس أنها
الحالات الوحيدة التي ينبغي أخذها في الاعتبار لمعالجتها. ولكن الواقع أنه لكي
يتسنى للإنسان أن ينهج طريق السوية، فلا بد له من فك التوترات الانفعالية
الكامنة تحت تلك الأعراض. وهذا الاتجاه
يجعل جميع أنحاء العلم الحديث سواء أكان علم اجتماع أم علم نفس أم تلك العلوم التي نسميها بالعلوم الطبية في
خدمتك. وإني لأود أن أذكر هنا بالتقدير كل واحد من أولئك الذين أسهموا بالابتكار
في مجالات هذه العلوم والذين
أسهموا بالتالي في هذا الكتاب ولكن ذكرهم جميعا متعذر لأني إذا أردت أن أفي بحق أولئك
الذين ابتكروا العلوم الطبية الحديثة وحدهم كان على أن أعرض لتاريخ الطب مشيدا
بفضل كل علمائه ابتداء من فساليوس أبي التشريح إلى والتر الفاريه الفسيولوجي
والطبيب العظيم، وابتداء من هارفي مكتشف الدورة الدموية إلى فلاندرز دنبار
العلامة العظيمة التي يعتبر كتابها المسمى " الانفعالات والتغيرات الجسمية
" بمثابة مدرسة أكثر من كونه كتابا. ولقد أخذت عن جميع هؤلاء وإني لأشكرهم
جميعا. ويتضمن هذا الكتاب كثيرا من القصص الإيضاحية. ولقد سألني بعض الذين
اطلعوا على أصوله "هل هذه الحالات المذكورة واقعية؟ " وإجابتي عن هذا
السؤال بالإيجاب وبالنفي في نفس الوقت. فأجيب بالنفي لأني لا أقدم هنا أية صورة
ظاهرية لقصص حياة أي واحد من مرضاي أو معارفي. ذلك أن حياتهم الخاصة برمتها تعد
ملكا لهم وأن ما أعرفه عنهم هو بالأولى من حقهم وحدهم. ولكن مع هذا
فإن تواريخ الحالات المذكورة هنا تعتبر صحيحة. نعم صحيحة بكل ما في هذه الكلمة
من معنى. وذلك لأنها صحيحة من الناحية النفسية. إنك قد تقرأ على صفحات الجرائد
بعض ما صدر عن مستر سميث من تصرفات. ولقد تكون كل كلمة مما ذكر تنم على شيء ما
حدث بالفعل. وقد تكون كل واقعة مما ذكر مرتبطة بسواها في سياق متصل. ولكن مع هذا
فقد لا تجلى القصة عن الحقيقة الجوهرية عن مستر سميث. فالصحفي الذي يتتبع
الأحداث قد يمر بجوار واقع الأمر لدى مستر سميث دون أن يلتفت إليه. ولقد تشاء
الظروف ألا يعرف مستر سميث نفسه تلك الحقيقة الواقعية عن نفسه. فهو لا يستبين
تلك القوى الداخلية التي تدفعه إلى انتهاج ما يفعل. وهو لا يعرف ما الذي يمنعه
من الإتيان بتصرفات أخرى مباينة. وهذا ما
ينسحب على الصحفي أيضا الذي عرض لتلك التصرفات. على أن هذا الواقع غير المرئي
الذي يتعلق بمستر سميث وتصرفاته هو حقيقة نفسية. وهذا هو النوع الوحيد من
الحقيقة والواقع الذي ستجده في تواريخ الحالات التي نذكرها هنا، بل إن هذا هو
النوع الوحيد من الواقع الذي يمكن أن تجده في أي مكان آخر. ولهذا السبب فمن المحتمل جدا أن تشاهد نفسك أكثر
مما تشاهد جيرانك في ضوء هذه الحالات وعلى الرغم من أن هذه الحالات لا تمثل
أشخاصا حقيقيين، فإنها مستفادة من
الخلاصة المسبوكة التي نطلق عليها اسم الخبرة الإنسانية. وهى حالات حقيقية بهذا
المعنى بالقدر الذي تسمح به بصيرتي وقدرتي على التفسير. ولعلها تفي
بهدفها إن هي ساعدتك على اكتشاف نفسك. ومنذ أن نشر هذا الكتاب لأول مرة في عام 1943
حدث تقدم كبير في نظريات الطب النفسي
وتطبيقاته. ولا يسمح المقام هنا بسرد معالجة تفصيلية للاتجاهات السابقة.
ولكن أرغب فقط في أن أقرر بوجه عام ما تم إنجازه. فلقد قام جاردنر مارفي أستاذ علم النفس بجامعة
كولومبيا بإيضاح نظرية الشخصية. ويعتبر كتابه النفيس "الشخصية" أشمل عرض
وأدقه للموضوع يستحق الذكر هنا. وقامت أيضا الدكتورة نينابل مؤلفة كتاب "نظرية الموقف في الانفعال"
بإلقاء الأضواء على طبيعة العمليات الانفعالية. ولقد كان ثمة ميل متزايد نحو تفسير السلوك
الإنساني في ضوء الأنثروبولوجيا وعلم النفس الاجتماعي الحديثين، كما أثرت الحرب
العالمية الثانية بشكل واضح في توسيع آفاقنا وذلك بأن حولت انتباهنا إلى أجزاء
بعيدة عنا من العالم. فلكي نحارب الألمان واليابانيين كان لزاما علينا أن نفهم
طبائعهم ، ولكي نرسي قواعد السلام أصبح من الضروري إحراز قدر أكبر من الفهم. فالوقوف
على القوى الثقافية التي تصبغ مواقف الآخرين يمكننا من تفهم أنفسنا على نحو
أفضل. وأكثر من هذا فقد أدى إحراز فهم أفضل للأساس
البيولوجي للسلوك الإنساني إلى فهم أعمق للطيعة الإنسانية. ولاشك أن زعيم هذا
الاتجاه بلا منازع هو الدكتور نورمان كاميرون أستاذ علم النفس والطب النفسي
بجامعة وسكونسين. إذن فالطب النفسي يرتكز الآن على أساس علمي أوسع
وأصلب أكثر مما كان عليه في أي وقت مضى، كما أن مستقبله يبدو أكثر وضوحا في رؤية
المريض كما يرى نفسه. ولقد عمل ما اضطلع به كارل روجرز بمركز الإرشاد
النفسي بجامعة شيكاغو على حدوث تقدم سريع في مجال العلاج النفسي. ذلك أنه اضطلع
بمهمة ضخمة في تغير علاقة المعالج بالمريض. فبينما كان المحلل النفساني في
الأيام القديمة يحاول أن يفرض نظرياته على المريض بحيث يتسنى للمريض أن يفهم
نفسه في حدود مفاهيم المحلل النفساني التأملية، نجد أن روجرز قد عكس العملية
مبينا أن هذه الطريقة تؤدي بالفعل إلى بطء التقدم في العلاج. ومن حيث الجانب
الإيجابي أثبت روجرز أن التقدم في العلاج يتأتي نتيجة المحاولة الناجحة من جانب
المعالج في رؤية المريض كما يرى نفسه. والواقع أن
هذه الموضوعية ذات قيمة لا يستهان بها. ولكن أقيم منها تلك الموهبة المتعلقة
بالقدرة على رؤية الآخرين كما يرون هم أنفسهم. لقد قال الدكتور رالف لنتون أستاذ
الأنثروبولوجيا بجامعة هارفارد ذات مرة إن أفضل زمالة تتحقق فيما بين العلماء هي
تلك الزمالة التي تتحقق في نطاق
جمجمة إنسانية واحدة. ولقد قضيت أنا شخصيا اكثر من ثلاثين عاما أقفو أثر العلوم
الاجتماعية والبيولوجية لكي يتسنى لي تحقيق هذه الزمالة. وفي هذه الطبعة المعدلة من هذا الكتاب قمت بإيضاح
بعض النقاط التي تركت غامضة بعض الشيء في الطبعة الأولى،كما قمت فيها بتصحيح
أخطاء معينة تتعلق بسرد الوقائع. وبوجه عام فإني أحس بأن هذا الكتاب يمهد الطريق
أمام إمكان تقدير تفسير عام أنجع لتلك الجوانب من الطب النفسي ذات الحيوية والتي
ستظل حية ومستمرة في التطور. |
|||
Document Code PB.0009 |
ترميز المستند PB.0009 |
||
Copyright ©2003 WebPsySoft ArabCompany, Arabpsynet. (All Rights
Reserved) |