Arabpsynet | |||
|
|||
الصحـة النـفسيــة
الدكتور سامر جميل رضوان الناشر دار المسيرة، عمان الأردن 2002 |
|
||
|
|||
q
فهــرس
الموضوعــات /
CONTENTS / SOMMAIRE |
|||
الباب الأول: مداخل نظرية الفصل
الأول: الجذور والتطور 1- مدخل 2-
الصحة النفسية من الماضي إلى
الحاضر 2:2- تطور الرعاية
النفسية عبر العصور 2:3- الصحة النفسية في البلدان
العربية الفصل
الثاني: المفاهيم الأساسية في الصحة النفسية 1-
تحديد المفاهيم
1:1-
الصحة
1:1:1-
موارد الحفاظ على الصحة 2:1- السلوك الصحي
1:2:1-
تعريف السلوك الصحي 2:2:1-
نماذج تفسير السلوك الصحي 2- المفهوم العضوي للصحة
3- المفهوم النفسي للصحة
1:3- مفهوم الصحة النفسية في التحليل النفسي 2:3 -مفهوم
الصحة النفسية في علم النفس الفردي 3:3- مفهوم الصحة النفسية في التحليل الوجودي 4- علم الصحة النفسية 1:4- تعريف
علم الصحة النفسية 2:4- موضوعات
علم الصحة النفسية 3:4- أهداف
علم الصحة النفسية 4:4:-
علم الصحة النفسية بين النظرية والتطبيق 5:4:-
المجموعات الهدف التي يتناولها علم الصحة النفسية 6:4:-
ثلاثية الصحة النفسية والبيئة والذات الفصل
الثالث: المعايير في الصحة النفسية 1- مدخل 2- مفاهيم مختلفة للمعيار في علم النفس والصحة النفسية 1:2- المعيار الإحصائي 2:2- ملاحظات حول المعيار الإحصائي 3:2- المعيار المثالي 4:2- ملاحظات حول المعيار المثالي 5:2- المعيار الوظيفي 6:2- ملاحظات حول المعيار الوظيفي 7:2- المعيار التفاعلي 8:2- معايير إجرائية للمربين الباب الثاني متغيرات أساسية في التكيف الفصل
الرابع: التكيف والصحة النفسية 1- مدخل 2- معالم التكيف الفصل
الخامس: الصحة النفسية والأزمات الحياتية 1-
مدخل 2-
الحدث
والأزمات الحياتية 1:2 - سمات الحدث 2:2 - سمات الشخصية 3:2- سمات المحيط 3-
قياس
شدة تأثير العوامل المرهقة 4- اضطرابات التكيف 1:4 - العلاج النفسي العميق والعلاج النفسي التحليلي
لاضطرابات التكيف 2:4 - العلاج السلوكي لاضطرابات التكيف الفصل
السادس: الصحة النفسية وقلة الحيلة " اليأس المتعلم" 1-
مدخل 2-
نظريات
حول تفسير قلة الحيلة واليأس المكتسبان 1:2- نظرية قلة
الحيلة واليأس المكتسبين في علم نفس الأعماق 2:2: نظرية
قلة الحيلة واليأس المكتسبين في السلوكية الاستعرافية 3- خاتمة الباب الثالث: متغيرات أساسية في الشخصية الفصل
السابع: الشخصية 1- مدخل 2- تعريف الشخصية 3- أهداف علم نفس الشخصية 4- بعض
الجوانب التطبيقية للشخصية 5- طرق دراسة
الشخصية 6- تصورات ونماذج حول الشخصية 6:1- التصورات والنماذج الأنماطية في الشخصية 6:2- نماذج التحليل النفسي في الشخصية 6:2:1- النموذج
الوصفي للشخصية في التحليل النفسي 6:2:2- النموذج البنيوي للشخصية في التحليل النفسي 6:2:2:1- نموذج المكونات 6:2:2:2: الأطوار الوصفية النمائية 6:3- النماذج الإحصائية للشخصية 6:3:1- أبعاد الشخصية 6:3:1:1: نموذج آيزينك في الشخصية 6:3:1:2: الذكاء 7- تطويرات لاحقة للنماذج الإحصائية 8- الشخصية والصحة النفسية 8:1- أنماط السلوك 8:2- الموارد الشخصية المنمية للصحة 8:2:1- كفاءات المواجهة 8:2:2- نماذج تفسير السلوك الصحي مبنية على أساس متغيرات
معرفية للشخصية الفصل
الثامن: الإرهاقات ومواجهتا 1- مدخل 2- ما هو الإرهاق 3- ردود الفعل الجسدية والنفسية على الإرهاق 3:1- المواجهة والهرب 3:2- متلازمة التلاؤم العامة 4- الإرهاق والمرض 5-
مصادر
الإرهاق 6-
مواجهة
الإرهاق 6:1- عوامل الشخصية 6:2- مبادئ المواجهة 7-
برامج
إدارة الإرهاق 8-
تقنيات
الاسترخاء 9-
العلاج
النفسي ضد الإرهاق وبعض اضطراباته 9:1- اضطرابات
التلاؤم 9:2- اضطرابات
الإرهاق التالية للصدمة الفصل
التاسع: المواجهة وآلياتها 1- مدخل 2- الجذور التاريخية لمفهوم المواجهة 2:1- التصورات
التحليلية النفسية 2:2- التصورات المتعلقة بالإرهاق 2:3- نظريات
الشخصية ذات الاتجاه الفردي 3- مفهوم المواجهة 4- تصنيف سلوك المواجهة 5- وظائف الدفاع 6- أشكال المواجهة 7- تقييم الإرهاق الواجبة مواجهته 8- الفئات الشكلية لسلوك المواجهة 9- إمكانيات قياس محاولات المواجهة الباب الرابع: الصراع ووسائل الدفاع الأولية الفصل
العاشر: الصراع 1-
مدخل 2-
ما
هي الحاجات 3-
أنواع
الصراع 3:1- الصراع من منطلق القوى العاملة في الصراع 3:2- الصراع من وجهة نظر التحليل النفسي 3:3- الصراع من وجهة النظر الفطرية 3:4- الصراع من وجهة نظر التنافر المعرفي 4-
الصراع
والمرض 5-
ردود
فعل الصراع 6- سلوك حل الصراع 7- سلوك الصراع الفصل
الحادي عشر: وسائل الدفاع الأولية 1- مدخل 2- وظائف وخصائص وسائل الدفاع الأولية 3- أنواع وسائل الدفاع الأولية: 4- وسائل الدفاع الأولية والصحة النفسية 4:1- كيف يحافظ الأنا على الصحة النفسية ويحمينا من
الانهيار؟ 5- تصنيف وسائل الدفاع الأولية 6- قياس وسائل الدفاع الأولية 7- وسائل الدفاع الأولية وأساليب المواجهة الباب: الخامس: مفاهيم أساسية في القلق والعدوان الفصل
الثاني عشر: القلق 1-
مدخل 2-
كيف
ينشأ القلق أو الخوف 3-
مظاهر
القلق 4-
وصف
حالة القلق 5- مصادر القلق 6- تعريف القلق 7- القلق والخوف 8- حالة القلق
والاستعداد للقلق 9- القلق السوي والقلق
المرضي 9:1- مخاوف و رهابات المرض 10-
الأعراض
الجسدية للقلق 11- القلق كعرض لمرض
جسدي 12- القلق كاضطراب نفسي
المنشأ 12:1- نماذج نفسية: كيف تنشأ أمراض القلق 12:2- علم نفس أعماق القلق 13- استراتيجيات مواجهة
الخطر والقلق 13:1-إجراءات السيطرة على الخطر 13:2- إجراءات السيطرة على القلق 14-
قلق
الامتحان وبرامج مواجهته 15- مبادئ أساسية لخفض القلق 15:1- التدخل في المحيط 15:2- تغيير وتعديل التقييمات الفردية 15:3- تعديل الاستراتيجيات الفردية للسيطرة على الأخطار
والسيطرة على القلق 16-
خاتمة الفصل
الثالث عشر: العدوان 1-
مدخل 2-
تحديد
المفاهيم 3-
أشكال
العدوان 4-
الغضب
والعدوان 5- العدوانية 6- نظريات في العدوان 6:1- العدوان المثار من خلال الدافع 6:1:1- نظرية التحليل النفسي في العدوان 6:1:2- نظرية لورينس في العدوان 6:2- العدوان المثار من خلال الإحباط 6:3- العدوان المكتسب من خلال عمليات التعلم 7-
دور
الأسرة في نشوء العدوان 8-
العدوان
والصحة النفسية 9-
أشكال
العنف وسوء المعاملة عند الأطفال 10- عواقب العنف
والتعذيب 11- أسباب العدوان
والعنف في الأسرة الباب الخامس: معالم في معوقات الصحة النفسية
ووسائل تشخيصها الفصل
الرابع عشر: معوقات في طريق تحقيق الصحة النفسية 1-
مدخل 2- أشكال الاضطرابات
النفسية 3-
النموذج
الطبي للاضطرابات النفسية 4-
الاضطرابات
النفسية والصعوبات الانفعالية ومشكلات الحياة 5- كيف تؤثر الاضطرابات
النفسية على الحياة 6- أهم المركبات من
الأعراض 6:1- الانفعالات 6:2- التفكير 6:3- السلوك 6:4- الوظائف والأحاسيس الجسدية 6:5- تقييم الأعراض 7- شدة الاضطرابات
النفسية : بعض الأمثلة 7:1- القلق 7:2- الاكتئاب 7:3- المشكلات السلوكية في الطفولة 7:4- أنماط الشخصية واضطرابات الشخصية والاضطرابات الفصامية 7:5- الشك عند كبار السن 8- التعرف على الأزمات
النفسية 9- متى يكون من الضروري
إجراء تقويم متخصص 9:1- أنت
نفسك معني 9:2- الآخرون معنيون 10-
قيمة
وحدود التشخيص الذاتي والمساعدة
الذاتية 11- البحث عن الأسباب 11:1- الأسباب العضوية 11:2 العوامل النفسية الفصل
الخامس عشر: التشخيص 1-
مدخل 2-
عملية
التقويم التشخيصية 2:1- مدة العلاج وشروطه 2:2- فحص الحالة النفسية 2:2:1- الصورة المرضية 2:2:2- النشاطات السلوكية الحركية 2:2:3- طريقة الكلام 2:2:4- الوجدان 2:2:5- عمليات التفكير 2:3- الفحص الجسدي 2:4- الاختبارات التشخيصية 2:4:1- الاختبارات الطبية 2:4:2- الاختبارات العصبية النفسية 2:4:3- الاختبارات النفسية وأساليب التقويم 2:4:3:1- اختبارات الذكاء 2:4:3:2- الاختبارات النفسية العصبية 2:4:3:3- الاختبارات النفسية 2:4:3:4- الدليل الإحصائي والتشخيصي الأمريكي والتصنيف
العالمي للاضطرابات النفسية 3- اختيار العلاج 3:1- الإطار العلاجي 3:2- نوع العلاج 4- تقويم التشخيص والنصائح العلاجية الباب السادس: أشكال منتقاة من الاضطرابات النفسية -
مدخل عام إلى
الباب السادس (العصابات) الفصل
السادس عشر: اضطرابات القلق 1- اضطرابات القلق
المعمم 2:1- اضطراب القلق المعمم والاكتئاب 2:2- الأسباب الممكنة 2:3- العلاج 2-
اضطرابات
التكيف المترافقة مع مزاج قلق 3- نوبات واضطرابات
الهلع 3:1- مجرى الاضطراب 3:2- نوبات الهلع وقلق الانفصال 4- الرهابات
والاضطرابات الرهابية 4:1- كيف تنشأ الرهابات 4:2- الرهابات النوعية والرهابات البسيطة 5-
الرهابات
الاجتماعية 5:1- اضطرابات الشخصية غير الواثقة من نفسها 5:2- الأسباب البيولوجية 5:3- العلاج 6-
رهابات
الأماكن العامة (رهاب الساح) 6:1- الأسباب الممكنة 6:2-العلاج 7-
اضطرابات
القسر والقلق الفصل
السابع عشر اضطرابات القسر 1- مدخل 2- الانتشار 3- العوامل والأسباب 4- الأعراض والأنماط الفرعية الإكلينيكية 4:1- أفكار القسر 4:2- الدوافع القسرية 4:2- التصرفات القسرية 5- المجرى 6- العلاج 6:1- العلاج الدوائي 6:2- الأساليب العلاجية النفسية الفصل
الثامن عشر: توهم المرض (المراق): 1- مدخل 2- توهم المرض (المرقية) 3- الانتشار 4- الأعراض 5- العوامل والأسباب 6- المجرى 7- العلاج 8- المرض الإكلينيكي الفصل
التاسع عشر: متلازمة الاحتراق (التعب المزمن) 1- مدخل 2- حقائق ومعطيات 3- الأعراض 4- المجرى 5- الأسس والأسباب 6- التشخيص العلاج
الفصل العشرون: الإدمان والتعلق 1- مدخل 2- تعريف 3- الانتشار 4- الأسس والأسباب 5- الأعراض والأنماط الفرعية 5:1-التعلق بالمورفين والأفيون 5:2-التعلق بالباربيتورات والكحول 5:3-التعلق بالكوكائين 5:4-التعلق بالقنب والماريجوانا 5:5- التعلق بالأمفيتامين 5:6- التعلق بمولدات الهلوسة 5:7- التعلق الشمي 5:8-التعلق متعدد السميات 6- المجرى 7- العلاج الفصل
الواحد وعشرون: الاكتئاب 1- مدخل 2- أعراض الاكتئاب 3- أسباب الاكتئاب 3:1- كيف
يفسر علماء النفس الاكتئاب في الوقت الراهن 3:1:1- وجهة نظر البحث الطبي النفسي ذو الاتجاه البيولوجي 3:1:2- وجهة نظر التحليل النفسي 3:1:3- وجهة نظر نظرية التعلم 3:1:4- مبادئ تفسير حديثة 4- الاكتئاب المتكرر 5- انتشار الاكتئاب 6- مراجعة الطبيب 7- علاج الاكتئاب 8- الوقاية في حالة الاكتئاب المتكرر الفصل
الثاني وعشرون: الفصام 1- مدخل 2- الانتشار 3- الأسباب 4- الأعراض والفئات الإكلينيكية 5- مجرى المرض 6- العلاج الباب السابع: معوقات في تحقيق الصحة النفسية في سن
الطفولة واليفوع الفصل
الثالث وعشرون: الصحة النفسية في سن الطفولة واليفوع 1- مدخل 2- الاضطرابات النفسية لدى الأطفال واليافعين 2:1- اضطرابات النمو 2:2- الاضطرابات الانفعالية 2:3- اضطرابات السلوك الواضحة 2:4- اضطرابات أخرى 3- متى يحتاج الطفل إلى المساعدة 4- التقييم الإكلينيكي 4:1- الرسم
والحكايات واللعب 4:2- اختبارات نفسية إضافية 5- التقييم الطبي 6- العلاج النفسي للأطفال 6:1-الفرق بين العلاج النفسي للأطفال والراشدين 6:2- العلاقة بين المعالج والوالدين 6:3-العلاقة بين المعالج والطفل 6:4-العلاج النفسي الداعم 6:5-العلاج النفسي الديناميكي 6:6-العلاج السلوكي والعلاج الاستعرافي السلوكي 6:7-العلاج الأسري 6:8-العلاج ضمن المجموعة 6:9-العلاج الدوائي 7- الإطار المعالجة 7:1- المعالجة في المستشفى 8- أسباب المشكلات النفسية واضطرابات اليافعين 8:1- الاستعداد الوراثي 8:2- الطبع والمزاج 8:3- الذكاء المحدود وإصابات الدماغ 8:4- عوامل المحيط 8:4:1- الاضطرابات النفسية لدى أحد الوالدين الفصل
الرابع وعشرون: أشكال من الاضطرابات النفسية الشائعة في سن الطفولة 1- بعض الخصائص الأساسية المميزة للاضطرابات النفسية
والاجتماعية في سن الطفولة والمراهقة 2- بعض محددات النمو السوي للصحة النفسية في سن الطفولة 3- كيف يمكن للأسرة أن تسهم في بناء شخصية سوية للطفل 4- اضطرابات النمو والاضطرابات النفسية في سن الطفولة الفصل
الخامس وعشرون: الاضطرابات النفسية المرافقة للإعاقات العقلية 1- مدخل 2- تصنيفات منظمة الصحة العالمية لانخفاض الذكاء 2:1- الانخفاض البسيط في القدرات العقلية 2:2- الانخفاض المتوسط في القدرات العقلية 2:3- الانخفاض الشديد في القدرات العقلية 2:4- الانخفاض الأكثر شدة في القدرات العقلية 2:5- انخفاضات أخرى في القدرات العقلية 3- الاضطرابات السلوكية المرافقة للإعاقات العقلية 3:1- الاختلاط بين الإعاقات العقلية والاضطرابات النفسية
الناجمين من منشأ مشترك 3:2- الاختلاط بين الإعاقات العقلية والاضطرابات النفسية
الناجمين من منشأين مختلفين 4- مجرى الاضطرابات النفسية ومعالجتها والوقاية منها عند
وجود إعاقة عقلية 5- كيف تساعد الطفل المعاق الفصل
السادس وعشرون: الأوتزمية (الانغلاق) 1- مدخل 2- الأسس والأسباب 2:1- المظاهر النفسية 2:2- العوامل الوراثية 2:3- عوامل عصبية 3- الأعراض 3:1- اضطراب العلاقات البين إنسانية 3:2- اضطراب التواصل والهوامات 3:3- تضيق مجالات النشاط والاهتمامات 4- الأشكال الإكلينيكية الفرعية 4:1- الانغلاق النفسي المنشأ 4:2- الانغلاق الجسدي المنشأ 4:3- متلازمة أسبيرغر 4:4- متلازمة كانر 5- المجرى 6- العلاج الفصل
السابع وعشرون: الخوف والقلق عند الأطفال 1- مدخل 2- الأسباب 3- قلق الانفصال وقلق الغرباء 4- علامات مشكلة 5- العلاج 6- مساعدة الأطفال على التغلب على مخاوفهم 7- كيف يمكننا منع نشوء القلق المبالغ فيه الفصل
الثامن وعشرون: الغضب والسلوك العدواني 1- مدخل 2- أسباب العدوانية 2:1- المثل السلبية 2:2- الإساءة للأطفال 2:3- الإرهاقات المنزلية 2:4- إعاقة تصريف العدوانية 3- التعامل مع العدوانية الطفولية 4- البحث عن المساعدة الفصل
التاسع وعشرون: الانفصال والطلاق 1- مدخل 2- التغيرات السلوكية أثناء الانفصال والطلاق 2:1- عامل السن 2:2- عامل الشخصية 2:3- العامل الاقتصادي أو المادي 2:4- العواقب بعيدة المدى 2:5- كيفية استجابة الوالدين لطلاقهما 3- إيجاد المساعدة 4- كيف يمكن مساعدة الأطفال لتحمل الانفصال والطلاق الفصل
الثلاثون: اضطرابات الأكل عند الأطفال والبالغين 1- مدخل 2- الوزن
الصحيح 3- الحمية
4- إشارات
الإنذار الأولى 5- الوقاية
من اضطرابات الطعام 5:1- الوالدان
بوصفهما مثلا أعلى 5:2- الزيادة
في الوزن 6- أشكال
سلوك الطعام المضطرب 6:1- النحول
(فقدان الشهية العصبي) 6:2- الشره
أو النزعة للأكل أو الإقياء 6:3- إدمان
الأكل المترافق مع الوزن الزائد 7- اضطرابات
الطعام وسوء استخدام المسهلات وكابحات الشهية 8- الأسباب
المتنوعة 9- مواجهة
على اضطرابات الطعام الفصل
الواحد وثلاثون: اضطرابات فرط النشاط والانتباه 1- مدخل 2- الانتشار 3- الأسباب 4- الأعراض 5- التشخيص 6- العلاج الباب
الثامن: الصحة النفسية في المدرسة والإرشاد النفسي الفصل
الثاني وثلاثون: المدرسة والصحة النفسية الفصل الثالث وثلاثون: الإرشاد النفسي
في المدرسة 1- مدخل 2- تعريف
الإرشاد النفسي 3- الأسس
والمبادئ التي يقوم عليها الإرشاد 3،1- الأسس
الفلسفية العامة للإرشاد النفسي 3،2- الأسس
النفسية العامة للإرشاد النفسي 3،3- الأسس
التربوية العامة للإرشاد النفسي 4- أشكال
الإرشاد النفسي عند الأطفال 5- الإرشاد
المدرسي 6- الخدمات
الإرشادية في المدرسة 7- الأسس
النظرية للإرشاد النفسي للأطفال
في الوقت الراهن 7،1- مفهوم
تنمية الصحة 7،2- مبادئ
وأمثلة حول البرامج الإرشادية الوقائية والبرامج الصحية في سن الطفولة 7،2،1-
البرامج المتمركزة حول الشخص 7،2،2-
البرامج المتمركزة حول المحيط 7،2،3-
التصورات التي يقوم عليها الإرشاد النفسي الوقائي وتنمية الصحة عند الأطفال 8- خطوات
الإرشاد النفسي العيادي |
|||
q
تقديــم
الكتــاب / PREFACE |
|||
§
مقدمة
المؤلف جرت العادة أن يعرض مؤلف
الكتاب في مقدمته محتويات الكتاب بصورة تلخيصية يستطيع القارئ من خلالها استشفاف
فكرة سريعة حول مضمون الكتاب. غير أني أعتقد أن فهرس محتويات الكتاب يمكن أن
يقدم عرضاً وافياً لما يحتويه هذا الكتاب من مواضيع. يشتمل هذا الكتاب
على موضوعات متعددة ومتنوعة، جمعت في غالبيتها تحت مفهوم الصحة النفسية، غير أن
نقاشها يمكن أن يتم كذلك من منظور المفاهيم العلمية الأخرى. فإذا بدت بعض
الموضوعات تقليدية، وبعضها الآخر واقع خارج نطاق موضوعات الصحة النفسية، إلا أن
موضوع ربطها بالصحة النفسية هو الذي جعل منها موضوعات تستحق المعالجة من هذا
المنظور. وكما هو الحال في غالبية المواقف الحياتية، يضطر المرء للخضوع لمطالب
لا يكون على قناعة تامة بها. وعليه فقد جرت إضافة بعض الموضوعات التي قد لا يكون
موقعها الصحيح ضمن هذا الإطار، بناء على رغبة الناشر، غير أن هذا لا يخرج الكتاب
عن إطاره في كل الأحوال. حاولت في هذا الكتاب أن
أقدم خلاصة ما أمكن لي أن أصل إليه، مولفاً ما استطعت توليفه ضمن رؤية اعتقدت
أنها قد توصل للهدف، محاولاً قدر الإمكان تقديم المادة من زوايا متعددة، ومن
منظور جديد، غير ما هو مألوف في الكتب التي تتناول الموضوع نفسه، ولم أنس أن ما
قدمته يمثل خلاصة ما عمل عليه غيري لعقود وقرون والفضل يعود لهم في توفير مادة
علمية قمت بتوليفها وتركيبها لا أكثر ولا أقل. وكلي رجاء أن يأتي ذلك اليوم الذي
يكون لنا نحن العرب إسهاماتنا الأصيلة في هذا العلم، تأصيلاً وبحثاً، فلا نعود
ناسخين مولفين، ولا أعتقد أن هذا اليوم بعيد، إذا تمسكنا بالعلم منهجاً. وإذا
كان القارئ يبحث عن حقائق مطلقة في ثنايا هذا الكتاب، فسوف يخيب أمله، إذ لا
توجد حقيقة مطلقة نهائية في العلم، وكل من يدعي وجود حقيقة علمية مطلقة، يكون قد
جانب المنهج العلمي وطبيعة الفكر العلمي. فمنهج العلم وطبيعة الفكر العلمي تسعى
دائماً نحو التفسير والتنبؤ لا إلى إيجاد الحقائق. والكتاب لا يعرض إلا مجموعة
من الظواهر ويرصد ما أمكن من الوقائع المرتبطة بهذه الظواهر من زوايا عدة. وكل
ما يتضمنه الكتاب عبارة عن "شبه حقائق" سارية المفعول حتى يثبت لنا
العكس. يسعى كل باحث إلى أن يكون قد قدم عملاً
متكاملاً، ويأمل ذلك باستمرار، ولكنه منذ اللحظة التي ينتهي بها يشعر أنه ما زال
بعيداً عن الهدف المنشود، وكأنه لم يبدأ بعد، فيبدأ ثانية من جديد، أو يتابع ما
كان قد انتهى إليه، منقحاً ومضيفاً،
راجياً أن يستطيع ذلك. وعندما يكون سلاحه العلم، يصبح للسعي معنى وللعمل
متعة حتى وإن ظل ساعياً، لا يستقر له قرار ولا يرتوي من نبع واحد، يظل يدور
مجرباً ومختبراً، مقارناً، ومستنتجاً، باحثاً لا يكل، ساعياً لا يصل. فالوصول
غاية تُنشد، ومستقر ينتهي، فهل للعلم نهاية؟ فإذا ظهر نقص في
جانب من جوانب هذا الكتاب، أو إذا لم يجد القارئ ضالته المنشودة، فالعيب في
المؤلف وليس في العلم ذاته، أو في جوهره. وحسبي أني سعيت، وقدمت ما أتاحته لي
قدراتي في قالب رأيت أنه مفيد للقارئ والطالب والباحث،من وجهة نظري. و آمل
لموضوعات كتابي أن تثير التساؤلات أكثر من أن تجيب عنها، فالإجابة موجودة في
مكان آخر…. وهكذا يتطور العلم. أما أنا فأفصل
جزءاً من بنيتي وذاتي، ليشاركني الآخرون فيها، بينما أعود لأنكفئ على ذاتي
أشحنها من جديد، بما يمكن لقدراتي أن تسمح به. والله الموفق |
|||
q
النص الكامل /
FULL TEXT / TEXTE ENTIERS |
|||
الصحة
النفسية من الماضي إلى الحاضر دخل الإنسان القرن الواحد والعشرين يحمل معه من
القرن الماضي عبءاً ثقيلاً من المشكلات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية
المعقدة، منها ما هو قابل للحل ومنها بعد جهد وتكاليف كبيرة ومنها ما هو خطر
وشديد التهديد ولا يمكن حله بسهولة. ولعل تراكم المشكلات وازديادها حدة ما هو إلا نتيجة تطور تاريخي طويل عبر
العصور المختلفة، ولكن بالمقابل نجد أننا اليوم نمتلك كماً هائلاً من المعرفة
والأدوات العلمية التي تجعلنا قادرين أكثر فأكثر على مواجهة المشكلات –ومنها
مشكلات الصحة النفسية- التي تواجهنا ونمتلك أساليب فاعلة لمواجهة القسم الأكبر
منها، على الرغم من أن كثير من المشكلات التي نواجهها اليوم غير مألوفة ومتقلبة،
وقسم كبير منها يسببها الإنسان بنفسه بوعي منه أو دون وعي. لقد اهتم الإنسان عبر العصور المختلفة من تطوره بالصحة كما نهتم بها
اليوم وأدرك أهميتها كقيمة عليا، وسعى نحو تحقيقها بشتى الوسائل، غير أن مستوى
المعرفة لم يكن دائماً مواز لمستوى طموحات الفرد الصحية. فالمعرفة تراكمية وهي
في كل فترة أفضل من سابقتها، إلا أنها لم تكن في أي عصر من العصور موازية لمستوى
معرفتنا الراهن. ومع ذلك فمستوى معرفتنا الراهن حول الصحة والمرض يدين بالدرجة
الأولى لأولئك الذين لأولئك الذين سبقونا في أننا وصلنا الآن إلى هذا المستوى من
المعرفة، تماماً كما سيدين لنا أبناء العصور اللاحقة في إيصال مستوى المعرفة
التراكمي إلى ما استطعنا الوصول إليه، ولكن في الوقت نفسه يقع علينا اللوم لأننا
مسؤولين عن الأضرار التي ألحقناها ببيئتنا وبعلاقاتنا الاجتماعية والتي سنورثها
لهم دون ذنب لهم في ذلك. إننا –أبناء هذا العصر- لا نجد الكثير لنلوم فيه
سابقينا من هذه الناحية. كانت الأوبئة والأمراض المعدية غير الوبائية و الكوارث الطبيعية بأشكالها
المختلفة والحروب والجوع هي المارد الجبار الذي يرعب الناس عبر العصور المختلفة
ويهدد وجودهم. ومع ذلك فقد عرف الإنسان عبر تاريخه أشكالاً مختلفة من الاضطرابات
والمشكلات النفسية، منها ما كان يلقى الاهتمام والرعاية ومنها ما لم يكن كذلك،
أو كان لا يعد مرضاً أو مشكلة تستحق الرعاية والاهتمام. وقد سعى الإنسان سعياً
حثيثاً عبر عصوره المختلفة لفهم طبيعة هذه الأمراض وأسبابها، فعرف بعضها وغابت
عنه معرفة أسباب القسم الأكبر منها، ذلك أن مستوى معرفته في العصور السابقة لم
يكن يتيح له التعرف على أكثر مما استطاع معرفته في ذلك الوقت، تماماً كما
تواجهنا اليوم كثير من القضايا التي نقف عاجزين عن فهم أسبابها على الرغم من
امتلاكنا لمستوى من المعرفة يفوق عشرات الآلاف من المرات مستوى المعرفة في
العصور السابقة، بدءاً من عصور ما قبل التاريخ حتى اللحظة الراهنة. وكان الإنسان ينظر للأمراض التي تمس العقل نظرة متطابقة مع النظرة
الفلسفية والدينية السائدة في ذلك العصر والمكان. فبعضها كان يعد حالة راقية من
التواصل مع الآلهة، يبلغها أشخاص اختارتهم الآلهة لتحقيق أهدافها على الأرض،
وبعضها الآخر كان يعد عقوبة من الآلهة لذنوب وأخطاء اقترفها الإنسان وبعضها
الآخر كان يعد مسَّاً من الأرواح الشريرة. وبالتالي كانت طرق العلاج المختلفة
التي ابتدعها الإنسان تتناسب مع تلك النظرة للأسباب. أما أمراض الإدمان والأمراض الناجمة عن السلوك الصحي الخاطئ فلم تكن
معروفة أو على الأقل كانت العلاقة بين السبب والنتيجة غائبة، أو أن وجود هذه
الأمراض لم يكن شديداً وواسع الانتشار لدرجة اعتبارها مشكلة ملحة تتطلب الحل
وتتطلب البحث عن الأسباب. وكانت الإعاقات الجسدية والعقلية الأوسع انتشاراً، بسبب الحروب والكوارث
الطبيعية، وربما كان المعوقين جسدياً أوفر حظاً من المتخلفين عقلياً، لكن الاهتمام بهم وبمشكلاتهم الخاصة وما
ينجم عن إعاقاتهم من عواقب لم يحظ عبر العصور بالاهتمام الكافي وكان لابد من
الانتظار طويلاً –إلى نهايات القرن التاسع عشر- كي تتاح الفرصة ونتيجة لتطور
العلوم بشكل عام وظهور علم النفس كعلم مستقل و لتبدل النظرة الفلسفية للإنسان
شيئاً فشيئاً، واعتبار الظواهر الاجتماعية والنفسية ظواهر خاضعة لقوانين معينة
يمكن اكتشافها والتعامل معها، مثلها مثل الظواهر الطبيعية الأخرى. 2- تطور الرعاية النفسية عبر العصور تعود الجذور الأولى للاهتمام بالصحة النفسية والوقاية من الأمراض
والاضطرابات النفسية وفهم أسبابها إلى عشرات الآلاف من السنين، وليس هنا من مجال
لعرض تفصيلي لهذا الأمر. ففي الصين ومصر الفرعونية وبلاد ما بين النهرين وحضارات أمريكا الجنوبية وغيرها قدمت
إسهامات كثيرة ومتنوعة في محاولات فهم الأمراض والاضطرابات النفسية ، وعالجتها
استناداً إلى فهمها لطبيعة الأسباب المؤدية، وحسب ما توفر لديها من أدوات
ووسائل. وبغض النظر عن طبيعة تلك الإسهامات والمحاولات، وعن أنها كانت في كثير
من الأحيان خاضعة لتفسيرات إما غيبية أو غير متناسبة مع الطبيعة الحقيقة
للأمراض، إلا أنه يمكن اعتبارها مؤشراً لاهتمام الإنسان بالجوانب النفسية للصحة
منذ القديم، ومحاولة فهم الإنسان في سلوكه وخبرته. أما الاهتمام بالصحة النفسية بالشكل الذي نعرفه ونمارسه في أيامنا هذه
فيرجع إلى العصور الوسطى، التي شهدت بعض أشكال الرعاية النفسية هنا وهناك. وشكلت هذه المساهمات النواة الأولى
للتغيرات اللاحقة فيما بعد. فقد أدرك الأطباء المسلمون أهمية الرعاية الصحية
والنفسية والاجتماعية للإنسان، فكانت دور الرعاية النفسية منتشرة في كل من دمشق
وبغداد والأندلس، وكان العلاج بالعمل والموسيقى من الأساليب العلاجية الشائعة في
هذه الأماكن التي كانت تطلق عليها تسمية البيمارستانات، والتي كانت تهدف إلى
إعادة الاستقرار والتوازن للمرضى نفسياً. ويبدو أن الطبيب الفرنسي وأبو الطب النفسي الحديث بينيل (Pinel)
(1745-1820) قد كان مطلعاً و متأثراً بأساليب الرعاية والعلاج التي كانت متبعة
في العالم الإسلامي. ففي إحدى كتاباته العائدة لعام (1819) أشار إلى أنه في عام
(1425) تم في مدينة "ساراجوسا" الإسبانية إنشاء مصحة للأمراض العقلية تحت شعار الصحة للجميع، وكانت
هذه المصحة تتبع أسلوب العلاج بواسطة العمل الزراعي. وكانت مثل هذه المصحات
منتشرة في أنحاء عديدة الأندلس. وربما قاده تأثره هذا، إلى جانب عوامل أخرى كثيرة، بالمطالبة في عام
(1798)، بعد الثورة الفرنسية بالمطالبة بتحرير المرضى نفسياً من قيودهم، وألف
كتاباً عن كيفية معاملتهم. وفي واقع الأمر فإن المعاملة السيئة والقاسية –من وجهة نظرنا اليوم- و
التي كان المرضى نفسياً يلقونها أوروبا العصور الوسطى، لم يكن ينظر إليها كذلك
في تلك العصور، حيث كان الأطباء يعتقدون ربط المرضى بالسلاسل وتعريضهم للضرب
وحمامات من البارد والساخن …الخ، يشكل أسلوباً فاعلاً في العلاج يساعد هؤلاء
المساكين على التخلص من مرضهم. غير أن قيمة عمل بينيل لا تحمل أكثر من قيمة تاريخية، إذ أن مناداته بتحرير
المرضى، وتحرير قسم منهم بالفعل، وتأليفه كتاب حول معاملتهم، لم تقد بصورة آلية
لتغيير الوضع وتبدل النظرة للمرضى نفسياً في فرنسا، إذ أن الأمر استمر لفترة
طويلة على ما كان عليه. وككل التغيرات الاجتماعية كان لابد من أن يرافق هذه
الدعوى تغير في الرؤية الاجتماعية للمرض والاضطراب العقلي حتى تعطي جهود بينيل
وغيره ثمارها، وحتى يأتي ذلك الوقت كان لابد من الانتظار طويلاً. وفي بلجيكا ظهر جيزلان (Guislan) الذي خفف من قيود المرضى نفسياً
في عام (1835)، وشهدت هولندا والسويد مؤسسات تعتني بالمرضى عناية إنسانية. أما
في إنجلترا فقد قام جون كونولي متأثراً بتعاليم بينيل بمعاملة المرضى معاملة
إنسانية. وفي روسيا قام كرونسبولسكي (Zavadsky
Kronoplsky) بترجمة كتاب بينيل إلى الروسية. أما في ألمانيا فقد كانت الرعاية الإنسانية تمارس في مؤسسات قليلة فقط.
ففي عام (1817) نادى كريستيان فيروناندهاينز بتحرير المرضى، وفي عام (1860) تمكن
غريزينغر Grisinger ) 1817-1868) من تحرير المرضى.
وفق عام (1874) افتتحت مصحة ألت-شيربيتس Alt-Scherbetz، وهي
ضاحية من ضواحي مدينة لايبزغ الألمانية وما زالت تمارس عملها حتى يومنا الراهن،
وكانت المصحة توفر شروطاً إنسانية في ذلك الوقت قياساً بما كان سائداً، وبدأت
المفاهيم الإنسانية تدخل شيئاً فشيئاً. ومن خلال هذه المحاولات المتفرقة، التي كانت تحصل هنا وهناك، بدأت تظهر
بوادر الاهتمام والرعاية بالصحة النفسية للمضطربين عقلياً، ومعاملتهم معاملة
إنسانية وتبدل النظرة إليهم. وفي أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهرت آراء نادت
بالاهتمام بالجانحين والمنحرفين والمتأخرين عقلياً، ونادت بإعادة التأهيل
للجانحين مثلاً كما هو الحال في فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر، أو في العيادة
التي أنشأها ويتمر (Witmer) في بنسلفانيا في عام (1896)، أو في العيادة التي أنشئت لضعاف العقول
في بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية (1909)، أو في معهد رعاية الأطفال
الجانحين الذي أنشأه ويليم هيلي في العام نفسه في ولاية شيكاغو الأمريكية. في العام نفسه كذلك -(1909)- تأسست في الولايات المتحدة الأمريكية اللجنة القومية للصحة النفسية National Committee for Mental Health وذلك بعد
سنة واحدة من نشر بيريز كتاباً يحمل عنوان "عقل يجد نفسه A
mind that found it self"، والذي اهتم بنشر
الوعي الصحي وبتصحيح مفاهيم الناس حول الصحة والاضطراب العقلي. في الربع الأول من القرن العشرين ظهرت أولى محاولات قياس وتحديد الذكاء
(ظهر أول مقياس للذكاء عام 1905 على يد بينيه في فرنسا)، ومن هذه البدايات
انطلقت حركة القياس النفسي، التي ساعدت في التحديد الكمي للتخلف والذكاء، وتحديد
معايير للصحة والمرض، و السواء والاضطراب…الخ. في عام (1984) تأسست منظمة الصحة العالمية World
Health Organization والتي يرمز لها اختصاراً WHO ومركزها في لندن ، هدفت إلى التعاون العالمي في المجال الصحي وتقديم
المعونة والدعم والخبرات وتبادلها وإلى نشر الوعي الصحي. في
نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين حدث تطور كبير قلب المفاهيم
الطبية-الفيزيائة التي كانت سائدة حول مفهوم المرض النفسي والأسباب الكامنة خلفه
من خلال مدرسة التحليل النفسي التي أسسها الطبيب العصبي والنفسي النمساوي
سيجموند فرويد (1856-1939). ولعل تأثير التحليل النفسي في حركة الصحة النفسية هو
المعلم الأبرز في تاريخ هذه الحركة. وقد أبرزت مدرسة التحليل النفسي أهمية
العمليات النفسية في نشوء الاضطراب النفسي، بعد أن ظل الاتجاه السائد في فهم
طبيعة الأمراض والاضطرابات النفسية ينظر إليها نظرة فيزيائية، بمعنى أن البحث عن
جذور الأمراض والاضطرابات النفسية لابد وأن يتمركز حول البحث عن العوامل
العضوية، وأن لكل اضطراب أو مرض نفسي سبب جسدي وحيد. ولم يكن الأطباء يولون
الجوانب النفسية والاجتماعية أهمية تذكر في نشوء الأمراض النفسية. فجاءت نظرية
التحليل النفسي لتطور المفهوم الاجتماعي للمرض فأسهمت بذلك –وما زالت- في دفع
حركة الصحة النفسية وفهم الأمراض والاضطرابات النفسية. وفي النصف الثاني من القرن العشرين بدأت
تبرز اتجاهات أخرى كالاتجاهات السلوكية، التي تؤكد على دور عمليات التعلم ي نشوء
وتطور الأمراض والاضطرابات النفسية، والاتجاهات الدينامية و الإنسانية، والسلوكية
الاستعرافية (المعرفية)، وتنوعت المبادئ العلاجية المشتقة من هذه الاتجاهات
لدرجة يصعب حصرها. 3- الصحة النفسية في البلدان العربية على
الرغم من الأهمية المدركة للصحة النفسية والاهتمام بها ورعايتها في البدان
العربية المتفرقة غير أن الاهتمام بالصحة النفسية بمفهومها الحديث ما زال دون
المستوى المطلوب، إذ ما زالت رعاية الصحة النفسية مقتصرة على الغالب على
المؤسسات الصحية الطبية، حيث تسعى تلك المؤسسات إلى إبقاء أمور الصحة النفسية
ورعايتها ضمن اختصاصاتها ومسؤولياتها، متأثرة بما كان سائداً في أوروبا وأمريكا
منذ بدايات القرن العشرين وحتى منتصفه. في حين أن التخصات النفسية غير الطبية
مازالت إلى حد كبير مستثناة وغير معترف بدورها الأساسي في تطوير حركة الصحة
النفسية في الوطن العربي، الأمر الذي يعيق تطور حركة الصحة النفسية والاهتمام
بها، ويؤدي إلى تكاليف اقتصادية باهضة و أضرار اجتماعية لا حصر لها. كانت
مصر من أولى الدول العربية التي أنشأت أقساماً للصحة النفسية ملحقة بكليات
التربية، وعيادات نفسية مختلفة تهتم بتقديم الخدمات النفسية والاجتماعية،
بالإضافة إلى أن قانون ممارسة العلاج والإرشاد النفسي للمهن غير الطبية كان قد
صدر في عام (1956)، وبالتالي كانت مصر سابقة في سنها للقانون لكثير من الدول
الأوروبية. وتنتشر اليوم مراكز وعيادات خاصة أو تابعة للمؤسسات الأكاديمية أو
الجمعيات التي تقدم الخدمات النفسية المختلفة للفئات كافة. وهناك عدد كبير من
المجلات الدورية التي تعتم بقضايا علم النفس والصحة النفسية، والتي لا مجال
لذكرها هنا. وفي سوريا مارس قسم الصحة النفسية والتربية التجريبية عمله منذ بين عامي
(1976-2000) ضمن إطار كلية التربية، التي تمنح درجة الإجازة في علم النفس والإجازة
في التربية-حيث لا يوجد في كلية الآداب قسم لعلم النفس- ضمن المجال التدريسي
بالدرجة الأولى، ومنذ ذلك الحين توسع القسم ليشمل على متخصصين من التخصصات
النفسية المختلفة. وفي عام (2000) جرى تطوير اللوائح الداخلية للكلية ولأقسام
علم النفس فيها، فاستعيض عن قسم الصحة النفسية بقسم الإرشاد النفسي. ويجري الآن
تباعاً افتتاح أقسام وتخصصات واقعة ضمن إطار الصحة النفسية كالتربية الخاصة. في
عام (1996) تم تأسيس الجمعية السورية للعلوم النفسية وفي عام (1999) أعيدت
تسميتها إلى الجمعية السورية للعلوم النفسية والتربوية. وتسعى الجمعية نحو تقديم
الخدمات النفسية، غير أنها ما تزال تواجه معوقات في هذا الإطار، منها نقص عدد
المتخصصين المؤهلين لممارسة المهنة، وعدم وضوح طبيعة الخدمات ونوعيتها من قبل
الجمهور. كما وتنتشر في سوريا المؤسسات الخاصة والعامة والدينية لرعاية المسنين
والمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة ومعاهد إصلاح الجانحين. ومن هذه المؤسسات ما
يقدم خدمات جيدة ومنها ما هو ليس كذلك. كما
ويعتبر كتاب نعيم الرفاعي الذي يحمل عنوان "الصحة النفسية-دراسة في
سيكولوجية التكيف" الذي صدر عام (1956) من أوائل الكتب في سورية والوطن
العربي الذي يعالج موضوعات في الصحة النفسية والمدرسية. ويشهد لبنان حركة متزايدة باتجاه الاهتمام بالصحة النفسية ورعايتها. إذ
يوجد في لبنان مركز للدراسات النفسية والجسدية يتولى إصدار مجلة الثقافة النفسية
المتخصصة، بالإضافة إلى الكتب المتخصصة والتثقيفية بهذا المجال. بالإضافة إلى
إقامة المؤتمرات النفسية التي تهتم بقضايا الصحة النفسية في الوطن العربي. وتخطو الدول العربية الأخرى خطوات مشابهة تتمثل في زيادة الاهتمام بقضايا
الصحة النفسية والوقاية وإعادة التأهيل، وفي تأسيس الجمعيات والمؤسسات النفسية
ونشر الثقافة النفسية عبر وسائل الإعلام والدوريات العامة والمتخصصة، وإقامة
المؤتمرات. ولا بد من الإشارة إلى ازدياد الحاجة لخدمات الصحة النفسية في البلدان
العربية قد ترافق بوعي متزايد للجمهور نحو أهمية الصحة النفسية ورعايتها،
وإمكانية استغلال مواردها نحو تحسين نوعية حياة المواطن العربي. ومع انتشار الإنترنت على نطاق واسع في بعض الدول
العربية وعلى نطاق محدود في بعضها الآخر، تشهد حركة الصحة النفسية في الوطن
العربي دفعاً إضافياً، يتمثل في تأسيس مواقع متخصصة في الصحة النفسية أو في علم
النفس عموماً، منها ما هو عام ومنها ما هو متخصص، بعضها متواضع وبعضها الآخر
ممتاز. ومن الأمثلة على ذلك موقع الحصن النفسي والصفحة العربية للعلوم النفسية
وموقع الثقافة النفسية للجميع، وجميع هذه الصفحات قامت بجهود فردية. ولعل الفائدة الأكبر المرجوة من مثل
هذه المواقع فتح باب التعاون بين المتخصصين النفسيين المختلفين، أطباء نفسيين
ونفسانيين من مختلف التخصصات وتسهيل التواصل والانفتاح على الآخر وتقبله في
تخصصه وحدوده، بالإضافة إلى ما تقدمه من فائدة للجمهور العربي ذاته. ولكن إذا
أخذنا بعين الاعتبار أن غالبية سكان الوطن العربي من المحرومين اقتصادياً، وأن
امتلاك الكمبيوتر ما زال من أحلام الرفاهية لدى الكثيرين، وأن خدمات الإنترنت في
بعض البلدان العربية حكراً على بعض الفئات، فإن الإسهام الذي تقدمه هذه المواقع
في خدمة الصحة النفسية للإنسان العربي سوف ينتظر فترة من الزمن نأمل لها ألا
تطول كثيراً. ولعل ما يلفت الانتباه غياب برامج الصحة النفسية من
سياسة الحكومات العربية عموماً. فتنمية الصحة النفسية ليست من الأمور المدرجة في
خطط التنمية، وهي إن وجدت فهي متواضعة وخجولة. ولهذا أسباب لا مجال لذكرها في
هذا الإطار. ولكن الأمل بأن يتزايد الاهتمام بسياسة الصحة النفسية وأن يتم إدراجها
ضمن الأولويات الحكومية، كي نجد ما نكتبه حول سياسات الصحة النفسية في الوطن
العربي على الأقل. 1- تحديد المفاهيم قبل البدء بتعريف الصحة النفسية لابد في البداية من
مناقشة مفهوم الصحة عموماً، والانتقال بعد ذلك لمناقشة مفهوم الصحة من منظور
عضوي (جسدي) ومن منظور نفسي، على الرغم من أن الحدود قد لا تكون واضحة في بعض
الأحيان، ويصعب الفصل من الناحية المفاهيمية بين المصطلحات ووضع الحدود بينها،
وبالتالي سنلاحظ أن ما سيقال عن الصحة عموماً أم عن الصحة الجسدية أم عن الصحة
النفسية سيكون متداخلاً بحيث يمكن تعميم أي تعريف من التعريفات على التعاريف
الأخرى، وخصوصاً فيما يتعلق بالصحة كحالة. 1-
1- الصحة 1-2- المفهوم العضوي للصحة 1-2-1- مفهوم المنشأ الصحي Salutogenesis يمكن لمفاهيم مثل المرض أن تكون واضحة إلى حد ما،
وهناك فرع من فروع العلم، ألا وهو الطب بالتحديد يهتم بمسألة المرض، ومنشأه
وأعراضه..الخ. غير أنه قلما يطرح هذا الفرع على نفسه السؤال كيف نحافظ على
الصحة. ولا يمكن لأحد أن يتهم الطب بأن اهتمامه يتركز على المرض. ذلك أن المريض
يريد الشفاء بالدرجة الأولى، ولا يحتاج إلى مناقشة القضايا الفلسفية أو النفسية
للمرض والصحة. لقد اعتدنا في تفكيرنا أن نفكر "بمغزى
المرض"، وهذا التفكير بالمغزى يتجلى لنا بشكل خاص عندما نمرض أو نشعر
بالتوعك. وقلما نتساءل عن جوهر الصحة ومعناها. فما هي الصحة وكيف يمكننا الحفاظ عليها؟ تلك هي المسألة الرئيسية التي يهتم بها علم الصحة.
ومن الإجابة عن هذا السؤال لابد من عرض بعض وجهات النظر النفسية لمفهوم الصحة. وهناك اتجاهان في فهم الصحة، الأول هو الاتجاه
القائم على المنشأ المرضى Pathogenesis والثاني هو الاتجاه القائم على المنشأ الصحي
Salutogenesis. وينطلق الاتجاه الأول
السائد في الطب بالدرجة الأولى من ثنائية الصحة والمرض. ويرى أن الإنسان إما أن
يكون صحيحاً، أو مريضاً. إما أن يعاني من أعراض معينة أو لا يعاني من أعراض
معينة. وفي هذا الاتجاه يمكن تعريف الصحة من خلال غياب المرض، كما ويمكن فهم
الصحة من خلال فهم منشأ الأمراض وتطورها وكيفية علاجها. وقد قاد هذا الاتجاه إلى
معرفتنا للكثير حول المرض وكيفية حدوث المرض ولكن ليس إلى معرفة كيف يظل الإنسان
سليماً، إذ أن معرفة الكيفية التي ينشأ من خلالها المرض ويتطور لا تقتضي
بالضرورة معرفة الكيفية التي يمكن للإنسان من خلالها أن يظل سليماً. أما الاتجاه
الثاني والذي تطلق عليه تسمية نموذج المنشأ الصحي فهو ينطلق من متصل الصحة
والمرض، أي أن الإنسان يكون في كل لحظة من لحظات حياته صحيحاً بدرجة ما ومريضاً
بدرجة ما. وبمقدار ما يتجه باتجاه الجانب الصحي على المتصل يكون أكثر صحة
وبمقدار ما يتجه نحو الجانب المرضي على المتصل يكون مريضاً. ومن هنا فإن السؤال
المطروح في هذا الإطار هو كيف
يصبح الناس أكثر صحة وأقل مرضاً؟ فالصحة
من هذا المنظور ليست عبارة عن
حالة توازن طبيعية هامدةPassive تتحقق من
تلقاء نفسها وإنما عبارة عن حدث مرن وفعال ومنظم لنفسه بصورة ديناميكية. وهذا
يعني فيما يتعلق بالحالة الصحية بأنه لابد من بناء الصحة باستمرار وفي الوقت
نفسه اعتبار فقدانها عملية طبيعية وموجودة في كل مكان. والسعي نحو تحقيق الصحة
عملية مستمرة ودائمة طوال الحياة، وفقدانها يعد أمراً طبيعياً. والمسألة
الرئيسية ليست في فقدان الصحة هنا وإنما في سعي الإنسان نحو تحقيق التوازن وبناء
الصحة، أي جعل حالته أكثر اقتراباً من قطب الصحة على المتصل وأكثر ابتعاداً عن
المرض. وتتلخص وجهة نظر هذا الاتجاه في أنه يصعب على الطب
القائم على أساس المنشأ المرضي الإجابة عن معنى الصحة عموماً والصحة النفسية
بشكل خاص. فالطب القائم على أساس المنشأ المرضي يحاول الإجابة عن السؤال القائل:
لماذا يمرض الناس؟ من خلال طرحه لمجموعة من الأسباب على نحو الاستعداد الوراثي
للمرض، ناقلات العدوى كالجراثيم والفيروسات وما شابه، نمط الحياة غير الصحي
كالتدخين وتناول الكحول أو نقص الحركة، أو المشكلات والإرهاقات المهنية،
والصراعات النفسية والمشكلات الأسرية …الخ. قام أنتونوفسكي بعكس السؤال المتمثل بكيفية نشوء
المرض من خلال طرحه للسؤال على النحو التالي: كيف يحافظ الإنسان على الصحة؟ ما
هي الشروط التي تمكن الإنسان من أن يظل سليماً؟ ينطلق أنتونوفسكي من أبحاث ودراسات الإرهاق (الضغط Stress ) في محاولة الإجابة عن هذا
السؤال. فمن المعروف أن الأفراد يختلفون عن بعضهم في كيفية تمثل الإرهاقات أو
الضغوطات، أو بمعنى آخر كيفية التعامل معها. وهذا يقود إلى الاستنتاج أن سبب هذه
الفروق الفردية يرجع إلى وجود احتياطات أو موارد لدى الشخص يتم حشدها ضد الإرهاق
أو الضغط. فهناك إذاً طاقة كامنة في الأفراد، وتختلف من فرد لآخر، ترفع من
احتمال الحفاظ على الصحة. وبالتالي
فإن المبدأ القائم على أساس يحاول البحث عن العوامل التي تحافظ على الصحة.
ونصل هنا إلى النقطة الجوهرية في هذا النموذج. فمن خلال دراسات أجريت على أشخاص أصحاء
نفسياً صاغ أنتونوفسكي مقولته حول "مشاعر التماسك (sense of coherence, SOC) ". ويعني التماسك
لغوياً الارتباط أو الترابط أو الاتساق أما في علم النفس فيعني "توحيد
الاحساسات المتفرقة في هيئة كلية". و تتحدد حالة الصحة أو المرض عند
الإنسان حسب نموذج المنشأ الصحي
بشكل أساسي من خلال متغيرة فردية نفسية، أي من خلال اتجاه عام للفرد نحو
العالم وحياته الخاصة –من خلال عقيدته أو نظرته للحياة. ومما لاشك فيه أن الظروف والعوامل الخارجية
كالكوارث الطبيعية والحروب والفقر والجوع والمشكلات الاجتماعية وما يشبه ذلك
تعرض الصحة للخطر. ولكننا مع ذلك نجد فروقاً بين الأفراد في الحالة الصحية.
وعليه فإنه عندما تكون الظروف الخارجية متشابهة فإن مدى جودة استغلال الإنسان
لموارده الموجودة من أجل الحفاظ على الصحة ستتعلق بمدى وضوح أو بروز الاتجاه
الاستعرافي والانفعالي- الدافعي، الذي يتمثل "بمشاعر التماسك". وبناء على ذلك يمكن تعريف مشاعر التماسك بأنها: A global orientation that
expresses the extent to which one has a pervasive, enduring though dynamic,
feeling of confidence that one's internal and external environments are
predictable and that there is high probability that things will work out as
will as can reasonably be expected إن الشعور أو الإحساس بالتماسك
يعتبر نوع من الميل التفاؤلي تجاه الأشياء المرهقة وغير القابلة للضبط،
ونوع من الثقة بوجود إمكانات
للمواجهة. كما ويتضمن هذا المفهوم الأمور التالية 1.
التوقع التفاؤلي بأن أمور الحياة
ستكون منتظمة وشفافة وقابلة للضبط والفهم. 2.
الثقة بأنه سيتم السيطرة على
الأحداث الحياتية المستقبلية من خلال الجهود الذاتية أو من خلال الدعم والمساندة
الخارجية. 3.
القناعة الفردية المتمثلة بأن
الأحداث المستقبلية عبارة عن مطالب أو مهمات ستطرح على الفرد وأن الأمر يستحق أن
يبذل الإنسان في سبيلها ويضحي من أجلها. 4.
قدرة عالية من التكيف مع عالم مليء
بالعوامل المرهقة (المرهقات)، أو بالعوامل المسببة للإرهاق التي لا يمكن
تجنبها. فالأشخاص الذين يتمتعون بمشاعر
غنية من التماسك يختارون استراتيجيات فاعلة ومناسبة من أجل مواجهة مرهقات معينة
والتغلب عليها. ويشعرون أن المهمات الملقاة على عاتقهم أو التي يواجهونها بأنها
مهمات حافزة أكثر من كونها مرهقة ومتعبة. ويرتبط ارتفاع مشاعر التماسك (بالإحساس الذاتي) بالصحة الجسدية
والنفسية الجيدة، وبارتفاع في
نوعية الحياة والرضا عنها وبالدعم الاجتماعي الجيد إلى حد ما بسلوك أقرب لتجنب
المخاطر. وعلى العكس من ذلك فانخفاض مشاعر التماسك يعد إشارة خطر أو إنذار
للاضطرابات النفسية والجسدية والانتحار. المرض والصحة وفق هذا المبدأ من
التصور عبارة عن وجهين لعملة واحدة، أي أنهما يكملان بعضهما البعض. 1-2-2- مفهوم
الصحة عند غاداميرGadamerr يقول المثل العربي أن درهماً من
الوقاية خير من قنطار علاج، وهذا يعني أن الصحة أهم بكثير من المرض. والمبدأ
العام في الحياة هو السعي الدؤوب للإنسان نحو تحقيق الصحة وتجنب المرض، أي العمل
على ألا يمرض الإنسان. ويقول المثل العربي أيضا الصحة تاج
على رأس الأصحاء لا يراها إلا المرضى. ومن ثم لا يمكن اعتبار أن الصحة النفسية والمرض النفسي وجهان
لعملة واحدة على النفس الدرجة من الأهمية. فهناك علاقة تعاكسيه تضاددية بينهما.
من ناحية أخرى لا يمكننا أن نعطي الإنسان جرعة من الصحة أو مثيراً للصحة كما
يمكن أن نعطي مثيراً لالتهاب الرئة مثلاً. عدا عن أنه يمكننا وصف الأعراض المرضية بدقة أكبر بكثير من أعراض
الصحة. ويتحدث الفيلسوف غادامير (1993) Hans-Georg Gadamer عن "كمونية الصحة" أو تسترها. فلو
تصورنا أن الصحة والمرض، بجميع جوانبهما عبارة عن شيئين يوجد كل منهما في كفة
ميزان، حيث تتوازنان حيناً، وتكون واحدة أكثر وزناً من الأخرى في أحيان أخرى،
فسيكون الإنسان نصف مريض ونصف سليم أو معافى، وهذا يعني أيضاً نصف قادر ونصف غير
قادر و نصف منطو ونصف منبسط، نصف خجول ونصف غير خجول، نصف متكيف ونصف غير متكيف.
فهل هذا معقول؟ ومن يريد وصف نفسه بأنه نصف مريض ونصف سليم، نصف متزن نفسياً
ونصف غير متزن نفسياً؟. فإذا كان لابد من تشبيه الأمر بالميزان، فلن يصح الأمر
إلا على الصحة وحدها وليس على الصحة والمرض، أي لا يمكن اعتبارهما وجهان لعملة
واحدة. فالصحة عبارة عن حالة توازنية،
حالة تجانسية معرضة باستمرار للخطر، وهي في الوقت نفسه حالة يسعى الإنسان
باستمرار لتحقيقها نتيجة لدافع طبيعي فيه. وعندما يكون الإنسان غير مريض،
فليس هناك من داع للقلق حول الصحة، وإلا سيكون الإنسان مريضاً بتوهم المرض
(المراق Hypochondria). وبناء على ذلك يبدو أن الصحة عبارة
عن أمر كامن، متخف، غير موجود. وهي لا تظهر وتدخل ضمن مجال إدراكنا أو شعورنا
إلا عندما نفقدها. في العادة نحن لا نعتبر الصحة على
أنها حالة خاصة، مميزة وتترافق كما يرى غادامير مع نوع خاص من التجاهل أو عدم
الإدراك لها. وتشبه الحالة المتوازنة من الصحة حالة فقدان الوزن، فالإنسان لا
يشعر بفقدان الوزن. فالصحة لا وزن لها، ويصعب تعريفها وتحديدها وبالتالي فهي غير
قابلة للقياس. ذلك لأنها كما يرى غادامير عبارة عن حالة من التوازن والتوافق
الداخليين مع الذات، لا يستطيع المرء قياسها أو ضبطها بمعيار آخر. وتعد هذه الفكرة ذات أهمية. فالصحة
لا يمكن "ضبطها أو قياسها"
من خلال جهة عليا ما، تماماً كما لا يمكن قياس السعادة. ويناقش كولز (1992) الفكرة نفسها
في حديثه عن المشكلات المفاهيمية لمسألة قياس الصحة. ويرى, انه توجد من ناحية
العلاج ثلاث وحدات مختلفة للقياس أو ثلاثة مستويات من التحليل هي: الناس والسلوك
والأمراض. ومفهوم الصحة عبارة والمرض عبارة عن استدلال مستمد من ملاحظة السلوك
أو المرض أو كليهما معاً. وعلى الرغم من إمكانية قياس درجة اللياقة البدنية
ودرجة التكيف الاجتماعي ومشاعر الضيق والاكتئاب والقلق وعدد الأعراض والشكاوي
الموجودة، فإن قياس درجة الصحة النفسية أمر لا معنى له، بسبب عدم وجود معيار
لقياس الصحة نفسية كانت أم جسدية. ومن خلال غياب هذا المعيار فإن السؤال عما إذا
كان فرد ما أكثر أو أقل صحة من فرد آخر يشبه السؤال عما إذا كانت البرتقالة أكثر
"فاكهية" من التفاحة. إن ما نقيسه من الصحة ليس الصحة وإنما مظهراً من
مظاهرها. إن الصحة كمفهوم تشبه حالة الحمل. فالمرأة مثلاُ إما أن تكون حاملاً أو
لا تكون ولا يوجد حالة وسط بينهما. والفرد إما أن يكون سليماً أو لا يكون. أما المرض فعلى العكس من ذلك، يمكن
دائماً ضبطه من خلال الطب، وقياسه من خلال معيار مثالي للصحة. فالصحة أو غيابها يمثل المعيار الأعلى
لتعريف المرض. ولكن بالمقابل لا يوجد معيار، يتربع فوق الصحة ويحدد من جانبه (أي
المعيار) بنية الصحة أو كيف يجب أن تكون. كما وأن الصحة عبارة عن حالة غير
مجسمة تقريباً، في حين أن المرض يحتم نفسه كحالة مجسمة. والشيء المجسم يزعج و
يقاوم. ونتيجة لهذا بالتحدي يسهل وصف المرض وتحديده. فالمرض أسهل تحديداً من
الصحة. ويتناقص تجاهل الصحة أو عدم
إدراكها بالتدريج أو فجأة تحت تأثير العوامل المسببة للمرض، بما في ذلك التقدم
في العمر، ويدخل في ساحة الوعي،
مع العلم أنه حتى المرضى بأمراض شديدة يبدون جوانب سليمة تعززهم وتقويهم،
وبالتالي يقاومون آلامهم من خلالها. كما وعلينا التفكير بأن الصحة ليست
عبارة عن حالة قابلة يمكن إنتاجها أو تحقيقها بالشكل الذي نرغب في حين أن المرض
بالمقابل يمكن أن نجعله يختفي من خلال دواء وحيد في كثير من الأحيان. عدا عن أن حالة الصحة الدائمة تمتنع عن كل مدخل مباشر، بمعنى أنه لا
يمكن التأثير فيها بصورة مباشرة، ولكن يمكن تنميتها من خلال الأطباء والمتخصصين
النفسانيين المتعاطفين و المستعدين للإصغاء. ومن يعيش بصورة صحيحة وسليمة، يمرض
أيضاً، على الرغم من ذلك. ومن يمرض اليوم بمرض خفيف يمكن شفاؤه بسرعة. وكثير من الأمراض تأتي
فجأة (باستثناء العاهات والأمراض
المزمنة)، أما الإحساس بالصحة والعافية فلا بد من اكتسابه وتنميته باستمرار وبصورة
فاعلة طوال الحياة. الصحة الجسدية عبارة عن حالة لا
وزن لها، تضمن للإنسان مقداراً واسعاً من حرية الحركة والتصرف والتفكير، ضمن
حدوده البدنية والفيزيائية. الصحة تعني الحرية التي يفقدها المريض بدرجة قليلة
أو كبيرة. وحتى عندما لا نستطيع قياس الصحة من خلال معيار أعلى نقيسه عليه فإننا
نستطيع تعريفها استناداً إلى المرض. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا
السياق فيما إذا كان هذا النوع من التفكير الذي يستند إلى الصحة الجسدية أو
الحالة الجسدية قابل للنقل إلى الحالة النفسية؟ ونسأل بالتالي ما هي الصحة
النفسية؟ سنعالج فيما يلي من
الحديث ما قاله طلائعيو التحليل
النفسي حول هذه المسألة. وسيتم التركيز على طلائعيي التحليل النفسي لأنهم عالجوا
مسألة الصحة النفسية و"النفس" عموماً بصورة عميقة وقدموا لنا وجهات
نظر ذات قيمة. 1-3- الصحة
النفسية Mental Health
1-3-1- مفهوم الصحة النفسية في
التحليل النفسي
أجاب فرويد عن السؤال حول معيار الصحة
النفسية بقوله أنها "القدرة على الحب والحياة". ((فالإنسان السليم
نفسياً هو الإنسان الذي تمتلك "الأنا" لديه قدرتها الكاملة على
التنظيم والإنجاز، ويمتلك مدخلاً لجميع أجزاء "الهو" ويستطيع ممارسة تأثيره
عليه. ولا يوجد هناك عداء طبيعي بين الأنا و الهو، إنهما ينتميان لبعضهما بعضاً
ولا يمكن فصلهما عملياً عن بعضهما في حالة الصحة)) (فرويد، 1926). ويشكل الأنا
بهذا التحديد كثيراً أو قليلاً الأجزاء الواعية والعقلانية من الشخص، في حين
تتجمع الدوافع والغرائز اللاشعورية في الهو، حيث تتمرد وتنشق في حالة العصاب
(الاضطراب النفسي)، في حين تكون في حالة الصحة النفسية مندمجة بصورة مناسبة. كما ويضم هذا النموذج "الأنا العليا"،
والذي يمكن تشبيهه بالضمير من حيث الجوهر. وهنا يفترض فرويد أنه في حالة الصحة
النفسية تكون القيم الأخلاقية العليا للفرد إنسانية و مبهجة، في حين تكون في حالة العصاب (الاضطراب النفسي)
مثارة ومتهيجة من خلال تصورات أخلاقية جامدة ومرهقة. وبناء على ذلك يظهر أن التحليل
النفسي ليس اتجاهاً لا يأخذ القيم بعين الاعتبار. فهو يحدد قيماً معينة، تعد من
وجهة نظر التحليل النفسي من ضمن الكفاءات النفسية والتي يفترض أن يسعى الإنسان
لتحقيقها. فمن المعروف أن فرويد (وكذلك أدلر) قد لاحظ وجود نقص في الإنجاز (أو
الكفاءة) عند المضطربين، بحيث يكون هؤلاء منهمكين أو مستنزفين في الكبت والإسقاط
والأحكام المسبقة إلى درجة قلمت يبقى لديهم مجال للعيش حياة منتجة. وبهذا المعنى
يكون العصاب عبارة عن وسيط بين الصحة والمرض، عبارة عن تقييد جزئي لمجالات
متفرقة من الحياة. وبالتالي لا يشكل نمط الحياة العصابي أمراً مرضياً Pathological، غير أنه من خلال تشويهه أو
تقييده الكمي لواحد من أجزاء الحياة وممارستها لا يمكن اعتباره أمراً سليماً أو
صحياً. وقد أمل التحليل النفسي من خلال
دراساته الموسعة على العصاب من اكتشاف أو تحديد "السوية Normality"، إلا أنه ظل أسيراً
للباثولوجيا. ولم يبدي فرويد رأيه حول كيفية بناء أو تكوين العمل والحب، غير أنه
هناك الكثير من الإشارات والدلائل في أعماله. ففيما يتعلق بالجنسانية Sexuality "، فقد أكد فرويد على
أن الإنسان السليم نفسياً هو الذي يستطيع الاستمتاع بها دون مشاعر خجل وذنب.
ويعتبر فرويد أن عملية التنشئة الاجتماعية للطفل تعتبر أنه عندما يصبح الطفل
قادراً على الإنجاز بالمعنى الاجتماعي ويستطيع الاستمتاع بجنسانيته و متمثلاً
لمبادئ العقلانية والعلم، فإننا نستطيع عندئذ أن نعتبر أن عملية التنشئة
الاجتماعية قد نجحت. وينبغي للإنسان المدني أن يكون
مدركاً بوضوح لدوافعه العدوانية والجنسية من أجل أن تفقد هذه الدوافع طبيعتها
الدافعية أو القسرية. ولا يقاس مقدار الصحة النفسية من
خلال غياب الصراعات أو عدم وجودها، الأمر الذي يجعل من جعل الأطفال يتمردون على
السلطة الوالدية، على أمل أن ينموا هؤلاء نمواً خالياً من المرض أو التطور
العصابي، أمراً لا قيمة له. بل أن الصحة النفسية تتجلى من خلال القدرة الفردية
على حل الصراعات والتغلب عليها، وهذا ما يراه اتجاه أنتونوفسكي أيضاً في نموذجه
حول المنشأ الصحي. إن هدف النمو في طريقة التحليل النفسي هو سيطرة الطموحات
التناسلية genital وليس كبت
الدوافع القبل تناسلية pregenital (المتمثلة في الغرائز
الجنسية والعدوانية ودوافع الموت). وقد عبر فرويد عن هذا أيضاً من خلال إشارته
إلى ضرورة الاعتراف "بمبدأ الواقع"، وعلى ما يبدو فقد فهم من
"مبدأ الواقع" "واقعية الغرائز Reality of instincts". فلو نظرنا للتحليل النفسي بوصفه
طريقة من طرق العلاج النفسي، فسنجد أنه يمكن تحديد هدف العلاج على الشكل التالي: 1-
ينبغي إرجاء إشباع الدوافع
الجنسية، وتوجيه طاقتها المحدودة نحو أهداف ثقافية ذات قيمة 2-
ينبغي عدم تنفيس الدافع العدواني
(دافع التهديم Destruction) على البشر. 3-
من ضمن معايير الصحة النفسية
القدرة على التصعيد (التسامي) بصورة كافية و التنشئة الاجتماعية (التجمعن) والاعتراف بالواقع الداخلي
والخارجي. وهذا يشمل على الاندماج الاجتماعي وضبط الدافع والسمو بالإنجازات
والإسهامات الثقافية والاعتراف بقوانين العالم الخارجي. وفي المرحلة
التناسلية genitality تجتمع أو
تلتقي كل هذه الخصائص مع بعضها .
وتتضمن "الطبيعة الجنسية genital Character" ليس القدرة على الحب
والعمل الحب والعمل، فحسب وإنما تشتمل أيضاً على التغلب على مركب أوديب Oedipus-Complex، الذي يمثل الانفصال الناجح
عن الوالدين والقدرة على إقامة الارتباط بشريك من الجنس الآخر وأولوية اللوغوس والحب Logos and Eros. فالإنسان الذي يحقق إلى
درجة كبيرة مستوى الإنسان المتحضر ومستوى المواطن العالمي، يكون قد نجح في تخطى
المرحلة القبل تناسلية Pre genital . وقد قام التحليل النفسي الحديث
بتوسيع أهداف العلاج النفسي لأوسع
من ذلك. فقد قام مارتين (Martin,1991) على سبيل
المثال بوضع قائمة طويلة تضم أنماط السلوك والتفكير والمشاعر التي يمكن اعتبارها
من صفات الشخص المتمتع بالصحة النفسية، واعتبرها من ضمن أهداف العلاج. ومن ضمن
هذه الأهداف: استرداد الثقة الأولى، التغلب على اللاعقلانية، علاقات متناسبة مع
الواقع، تحطيم العناصر الهدامة، جنسانية مرضية، تقوية الثقة بالنفس ومشاعر
القيمة الذاتية، وضوح أو شفافية العلاقة بالوالدين، علاقات مطردة التحسن مع
الآخرين تنمية التعاطف، تقبل الواقع الذي لا يمكن تجنبه، التخلص من الأوهام
الكبيرة، ضبط الدافع، غنى الخبرات، توسيع المشاعر، آليات دفاع مرنة، التكيف
الاجتماعي، القدرة على تحليل الذات…الخ. 1-3-2-مفهوم الصحة النفسية في علم
النفس الفردي يطرح علم النفس الفردي الذي يمثله
آدلر السؤال عن الصحة النفسية بشكل مختلف عن التحليل نفسي التقليدي. فقد اعتبر
آدلر العصاب على أنه "شكلاً
خاطئاً من أسلوب الحياة" و "الشذوذ الاجتماعي". ويرى بونغراتس Pongratz أن لهذه
النظرة ميزة، أن العصابيين لا يستطيعون التحصن وراء المرض، انطلاقاً من الملاحظة
أن جملة "أنا مريض" تلاقي تفهماً واسع المدى من المحيط. وانطلاقاً من الاستنتاج الذي توصل
إليه آدلر أن المجتمع أو المحيط يشكل بنية أساسية للمخلوق الإنساني لا يمكن
إلغاؤها أو إبطالها، فقد حدد علم النفس الفردي مصطلح "الشعور الجماعي" معياراً للصحة النفسية،
وللتفريق بين العصاب (الاضطراب) و السواء. واستناداً إلى ذلك يعد السلوك
النافع للمجتمع سلوكاً صحياً. وقد نظر آدلر لتصرفات الفرد من منظور المستقبل البعيد لجماعة مستقبلية مثالية وقاسها عليه.
إلا أنه عندما يهتم الإنسان الآن بالآخرين على أساس التساوي بينهم والتعاون،
يمكن اعتباره من وجهة نظر علم النفس الفردي قد شفي. وتوجد ثلاثة مجالات حياتية تعبر
الصحة النفسية عن نفسها من خلالها. وهذه المجالات هي: -
الحب\الشراكة -
العمل\المهنة -
المجتمع\الصداقة والشرطين الأول والثاني يمثلان
معيار فرويد في الصحة النفسية المتمثل في أن الإنسان السليم هو القادر على الحب
والعمل، حيث تلعب القدرة على الإنجاز في كلا الاتجاهين. ويذكرنا في الشرط الثالث
بالمسلمة القائلة:إن الإنسان عبارة عن مخلوق اجتماعي بالدرجة الأولى". ومن خلال الإجابة عن المهمات
الحياتية الثلاثة أعلاه يتجلى "الشعور الجماعي". ويتضمن تحقيق مهمات الحياة الثلاثة
أكثر من مجرد الحصول على المال من خلال المهنة والزواج والانتساب إلى جمعية أو
اتحاد. فحسب أدلر لا يمكن اعتبار الإنسان سليماً نفسياً إلا عندما يتناسب طموحه
مع سعادة المجتمع ويلتزم أخلاقياً بتحقيق عالم أكثر إنسانية. وقد حدد آدلر هدفاً
للتربية، يعتبر كذلك هدفاً للعلاج القائم على علم النفس الفردي يتمثل
في:"نريد أن نكون مساهمين متساويين ومستقلين ومسؤولين في الحضارة".
وفي هذا إقرار بالمساعدة المتبادلة والتضامن والمساواة وكل القيم الأخرى، التي
تقوم عليها الطبقة الوسطى
والاشتراكية الليبيرالية. والعلاج النفسي كما يفهمه أدلر هو
الأخلاق التطبيقي، التي لا يمكن التعرض لها مباشرة في العلاج وإنما يمكن إيصالها
من خلال ربطها بشخص المعالج. غير أن أدلر، مثل فرويد، لم يقم
بتحدي صورة الإنسان السليم نفسياً. فكتبه كلها تقريباً تدور حول
"العصابي" في ضروبه المتنوعة، إلى درجة يبدو من خلالها كل الناس
"عصابيين" قياساً إلى المثل العالية جداً التي وضعها أدلر. ولم يحسب أدلر حساباً لإمكانية
الصراع بين الأهداف النهائية العليا. وبالتالي كذلك لم يقدم دلائل على الكيفية
التي ينبغي التصرف فيها عند وجود صراعات أخلاقية أو اجتماعية. إلا أن أدلر قدم
بصورة غير مباشرة باقة من عوامل الصحة النفسية وذلك من خلال تركيزه على الأخطاء
التي يمكن أن ترتكب من الناحية النفسية. وتمتد هذه العوامل من الاهتمام حتى
التفاؤلية والمرح. وتحدث عن وحدة الشخص، وقصد بذلك وحدة الشخصية التي ينبغي
تنميتها وتحسينها في جميع أجزاءها دون استثناء. ومن أجل التوضيح نورد التفريق بين
الشعور الجماعي "الضيق" والشعور الجماعي "الواسع". يتمثل
الشعور الجماعي في نطاقه الضيق من
خلال القدرة على التصالح مع الوالدين (رضا الوالدين)، تقبل الشريك وتعزيزه
والتعامل الطيب مع الزملاء في العمل و الاهتمام بالصداقة وتنميتها. أما الشعور الجماعي بالمعنى الواسع فهو
القدرة على الانخراط في السياقات الثقافية والتاريخية العظيمة والشعور
بالمسؤولية عن تطوير وتنمية المجتمع ومناقشة التطور الحضاري للعصور السابقة
–بشكل عام على الأقل- والإسهام على هذا الأساس العارف والمتفهم في بناء مستقبل
إنساني. وكلما كانت الشخصية قادرة على تمثل assimilation الماضي
والتخطيط للمستقبل، كانت أعظم وأكبر. وعليه ربما يعني بالشعور الجمعي
الصافي والشامل، التطلع إلى مستقبل إنساني لا يقمع فيه إنسان إنساناً آخر ولا
يغبنه ويسيء معاملته. الشعور الجماعي عبارة عن روح تضامنية ومبدأ تحرري. ولا يوجد تعارض بين فردانية الشخص
و التصرفات الاجتماعية في علم النفس الفردي. فتحقيق الذات والتأهيل المستمر
والتقدم المهني وتوسيع مجالات الحرية الشخصية تحتل عند أدلر المرتبة نفسها التي
التضامن والاستعداد للمساعدة والروح الجماعية؛ إذ أن صيرورة الإنسان ترتبط
بالالتزام الاجتماعي بالآخرين. فبدوا "الأنا" لا يوجد
"نحن". غير أنه في الحياة العملية قلما يمكن تجنب وجود توترات بين
الفرد والمجتمع، على الرغم من أن أدلر لم يتطرق لهذا الموضوع. إلا أنه يمكن
الاستنتاج أن أدلر يعطي الأولية لمطالب الجماعة على مطالب الفرد بغض النظر عن
مشروعيتها أم لا. مع العلم أنه قد منح بضبابية غير واضحة الجماعة المثالية
مستقبلاً سعيداً. وعندما نتحدث اليوم عن الفردانية
التضامنية solitary
Individualism لا يمكننا تجاهل
التبعية الثقافية والاقتصادية المتنوعة والمليئة بالتناقضات والمنتشرة عالمياً،
المدفوع إليها الإنسان اليوم شاء أم أبى. وعلم النفس الفردي يطمح إلى تقوية
شجاعة وثقة الفرد على الصمود ضمن هذا الخضم من الضباب. وتوكيد الحياة الفردية
يتم من خلال رعاية الآخرين. ويمكن للسعي من أجل الحياة الشخصية أن يكون أنانياً
غير أنه ليس بالضرورة أن يكون كذلك. وقيم مثل حصانة الحياة الإنسانية والحقوق
العالمية للإنسان والحفاظ على الطبيعة وتأمين الأحياء والأجيال المقبلة تتضمن
كذلك أخلاق المسؤولية الفردية.
1-3-3- مفهوم
الصحة النفسية من وجهة نظر التحليل الوجودي رأى فرويد سعادة الإنسان في قدرته
على العمل بكفاءة وفي سعادته الجنسية، ووسع أدلر هذا التصور للصحة ليشمل التوجه
الاجتماعي نحو مثل جماعية عليا. أما التحليل الوجودي فقد عرف الصحة النفسية
بأنها السيطرة على المكامن النفسية الجسدية والنفسية والعقلية. وبطريقة مشابهة للتحليل النفسي
المتمثلة في جعل المكبوتات مدركة ودمج الأجزاء المنقسمة من الشخصية، اهتم التحليل الوجودي بالأجزاء غير
النامية من الشخصية. ويهدف العلاج النفسي في التحليل الوجودي إلى صهر الدوافع
لتذوب في رؤية ثابتة ومحددة للعالم والذات. وعلى عكس التحليل النفسي وعلم
النفس الفردي ينطلق التحليل الوجودي من الإنسان السليم ويعتبر المرض "شكلاً
قاصراً من الصحة". ويتجنب التحليل الوجودي الحديث عن عصابات وتضررات
الإنسان، ويؤكد على أنه حتى في العصابات يمكن إيجاد مساحات متدرجة من الحرية،
ينبغي توسيعها. وتعد الانحرافات الجنسية بالنسبة لميدارد بوس على سبيل المثال
أمثلة مهمة للتحليل الوجودي، التي تمثل رغبة منكمشة يصعب إدراكها للحب والقرب.
وعندما نقود المريض على أساس الأجزاء السليمة الباقية من نفسيته نحو الاعتراف
بنفسه وبالعالم أو توكيد ذاته والعالم، بدلاً من البحث في أعماقه عن دوافع شاذة
أو عن الصدمات التي لا يمكن إصلاحها أو عن مشاعر النقص، فإنه يشعر بأنه مفهوم
بشكل أفضل. ويهتم التحليل الوجودي بشكل أشد من التحليل النفسي وبدرجة مشابهة
لعلم النفس الفردي بالوجود الراهن للمريض. ولكن التحليل الوجودي لم يهتم كثيراً
بتحديد السمات الأساسية للصحة النفسية، عدا عن وجود بعض الإشارات حول ذلك في السمات الجوهرية للوجود
الإنساني الثمانية التي سنعرض لها فيما يلي: 1)
يمتلك الإنسان في البداية بوصفه
مخلوقاً وحيداً تصوراً عن وجوده في المكان (المجال). و "الإنسان الخالي من
الهموم" ويمتلك وجداناً حراً و صافياً و واضحاً. ويعبر بوس عن الصفاء والوضوح
من خلال مفهوم "النور" ويشبه ذلك مجازيا من بالنور في الغابة الذي يشق
الطريق للضوء. والإنسان موجود بالمعنى الحرفي للكلمة، إنه موجود دائماً في
الخارج- في العالم- الذي يعتبر
وحدة كلية. والوجود الداخلي (الوجود داخل العالم) هو وجود مع - مع الآخرين.
وغالباً ما يتبدل مدى المكان (المجال) من يوم إلى آخر، ويبدو أنه يكون متعلقاً
بمقدار الشجاعة. والإنسان السليم نفسياً (الصحيح نفسياً) يسبح في المكان
(المجال) "كالسمكة في الماء" ويكون مستعداً لامتلاك مجالات أخرى وجديدة. 2)
وبما يشبه المكان يعيش كل إنسان في
الزمن. والإنسان السليم يخوض في كل أبعاد الزمن في الوقت نفسه. والحياة الملموسة
تعبر عن نفسها من خلال الحاضر بالدرجة الأولى، وليس في الماضي الحالم أو
المستقبل المؤجل. إلا أن الماضي كذكرى و خبرة يكونان غاليين ومحببين للإنسان
السليم نفسيا. ويرى هايدغر –وهو فيلسوف وجودي- أن المستقبل هو البعد المسيطر من الزمن. ومن منظور
النهاية تتحدد حياة الإنسان؛ إذ أن كل النشاطات الراهنة تحدث في ضوء الماضي
الممتد إلى المستقبل المتوهم. ويعد المستقبل مجال البناء الذي ينمو حجمه من خلال
سعة الصدر و رحابته المكتسبة. إن ما ينتظرنا هو تلك المرحلة من الزمن الذي
يبشرنا بالنمو والتحسن والسعادة والتغيير. 3)
الجسمانية هي أبعد من مجرد التجسد.
إذ أنه في الحقيقة لا توجد أية ظاهرة على الإطلاق من الوجود الإنساني ليس للجسد
فيها دوراً أو يمكن أن تكون لاجسمانية. فمن خلال كلمات مثل الاسترخاء والهدوء
والراحة التوتر…الخ يتم وصف تثبيتات جسدية، إلى جانب الاتجاه النفسي ككل للإنسان
نحو عالمه. يقول بوس"حدود جسدي تتطابق مع بعضها، بكلمات أخرى تتطابق مع
حدود انفتاحي على العالم". إن حدود الجسد لا تتغير. إن ما يتغير هو سعة أو
ضيق نسبة العالم. 4)
تلزمنا حقيقة أننا لسنا الوحيدين
في هذا العالم بالآخرين على شكل رعاية واهتمام بهم. فالإنسان بطبعه ميال للآخرين
(الوجود مع الآخرين)، الأمر الذي يذكر بالإلزام الاجتماعي عند أدلر. ويشترك عالم
البشر انفتاحهم الممكن على العالم والقدرة على تقديم إجابة عن كل "الأشياء
المنارة"، أي الأشياء المدركة في الشعور. 5)
يحمل الإنسان في طيات نفسه كل ما
يمكن تصوره من أمزجة، غير أن مدى بروزها أو ظهورها يتعلق بطبيعة العلاقة
بالعالم. فالحالة المزاجية تعكس نوع الانفتاح على العالم. فالحالة الجيدة تؤثر
على المجالات الجسدية لأبعد مدى وينبغي اعتبارها (أي الحالة الجيدة) من العوامل
المسببة للصحة من الدرجة الأولى. وبالتالي فإن العلاج النفسي يهتم بالدرجة
الأولى بإعادة "تعيير" الحالة المنغلقة كالقلق والملل واللامبالاة
باتجاه حالة "منارة" واضحة ومنفتحة وصريحة وحرة. والانفعالات تمنع
الإنسان من إمكانية إدراك العالم المحيط. ومن خلال تعابير مثل "الحقد
الأعمى" أو "الحب الأعمى" يتم التعبير عن إمكانات الوجود المغلقة
و "المظلمة" كلية أو جزئياً في العالم. ويعد "الصفاء
الرزين" حالة مرغوبة، حيث يقصد بالصفاء "النورانية" و
"الوضوح"، أما المقصود "بالرزانة" التعرف على العالم ،
"وتركه" كما هو. وينطبق هذا على حقيقة الموت بصورة خاصة. 6)
تعمل الذاكرة وتاريخ الإنسان
على الاحتفاظ بما كان. ويرى بوس
أن ما كان قد تم إدراكه في السابق يبقى موجوداً من خلال أهميته، التي كانت له
مرة والتي مازال يمتلكها. ويرى بوس ،أنه ليس من المثبت أن الإنسان ينسى شيئاً.
ويرى أن التذكر عبارة عن إعادة إحياء لأطر العالم الباكرة، التي كانت بين الحين
والحين "موجودة بصورة بعيدة". النسيان يعني اختفاء شيء ما من الحضور
المباشر. الماضي يؤثر بصورة مستمرة. 7)
أكد بوس على الهروب من الموت، الذي
يتجلى في المحاولات اللامتناهية بالتضليل عن هذه الحقيقة. ومدح بدلاً من ذلك
السلوك الإنساني "غير الهارب"، "غير المموه" الكريم بحق
تجاه الموت، الذي يتمثل في التحمل الدائم لمعرفة النهاية المحتومة. 8)
وأخيراً تعد السمات الجوهرية
المذكورة أعلاه على نفس الدرجة، ولا توجد فيها واحدة فوق الأخرى. فكل الظواهر
الإنسانية الأخرى تتضمن هذه السمات الجوهرية، على الرغم من شدتها المختلفة. وعلى أساس السمات الجوهرية
الثمانية للوجود الإنساني صاغ بوس تعريفاً من نوع جديد للمرض والصحة. وبناء على ذلك يرى بوس أن الصحة هي
التمكن غير المحدود من امتلاك السمات الجوهرية الثمانية للوجود الإنساني، في حين
أن المرض عبارة عن ذات أو كينونة ضعيفة، عبارة عن تضرر في مدى ونورانية مجال
العالم، في حرية حركة الإنسان بالمعنى الواسع للكلمة. أما الإنسان في حالة الصحة
فهو الإنسان القادر على الاهتمام بالآخرين والمواضيع بحرية ووضوح، والحفاظ
باستقلالية ذاته في الوقت نفسه. الوضوح أو الصراحة السليمة تتضمن القدرة على
الحفاظ على مسافة من الآخرين أو صدهم بصورة مبررة وواعية. إن الإغراق بوقائع الحياة يعد ً
مقيتاً من القدرة على المقاومة. على الإنسان أن يحافظ على نفسه من السقوط في
وجود جماعي مشكل problematical
collective existence، وابد له بدرجة ما أن يكون قادراً على النهوض
ثانية. الصحة والمرض متعلقان بالانفعالات
والمشاعر قصيرة الأمد وبالمعاناة
والحالات طويلة الأمد. فالمقدار العالي والمفرط من الانفعالات غير المضبوطة
والمعاناة المدمرة كذلك تعد دلالة على مرض ممكن للحياة النفسية. إنها تعد من
ناحية مصادر للطاقة غير أنها تتحكم بالجسد على المدى البعيد و تتحول إلى أمراض
جسدية. ويعالج ميدارد بوس المزاج تحت مفهوم "الحالة" أو
"الكينونة". والكينونة تقدم لنا معلومات حول موقفنا من حيث المبدأ من العالم.
فالإنسان ذو المزاج الطيب يسر من رغبة وجوده في العالم وما يرتبط بذلك من مشاعر
مبهجة. والمشاعر الطيبة تنبثق من تربة اتجاه أساسي على المدى البعيد من الطيبة
والثقة. |
|||
Document Code PB.0102 |
ترميز المستند PB.0102 |
||
Copyright ©2003 WebPsySoft ArabCompany,
www.arabpsynet.com (All Rights
Reserved) |