Arabpsynet

Livres  / كتــب /  Books

شبكة العلوم النفسية العربية

 
الطــب النفســي والقانــون

( أحكام وتشريعات الأمراض النفسية )

الدكتور لطفي الشربيني

 

 

q       فهــرس الموضوعــات /  CONTENTS / SOMMAIRE 

 

تقديم : الأستاذ الدكتور عادل صادق

مقدمة :  الأمراض النفسية بين الطب والقانون والمنظور الإسلامي

نظرة عامة:

                   - حجم المشكلة بالأرقام

                   - طبيعة الأمراض النفسية

                   - أنواع الأمراض النفسية وتحديد بعض المفاهيم .

 

حقوق المرضى النفسيين:

          - نبذة تاريخية

          - الحق في العلاج

          - العلاج الإلزامي

          - الموافقة

          - الحقوق المدنية للمرضى النفسيين (حق الحرية-الزيارة- الاتصال - الخصوصية-الحقوق الاقتصادية)

          - حق الترشيح و التصويت

          - حق الزواج و الطلاق.

 

 الجوانب القانونية للأمراض النفسية:

          - أنواع المحاكم ، والمحاكمات ، والقضايا

          - الطب النفسي والجريمة

          - تطور أحكام المسئولية الجنائية

          - تقييم المسئولية الجنائية

          - الأهلية العقلية (الأهلية المدنية - الحجر - الأهلية الجنائية).

 

مشكلات عملية في ممارسة الطب النفسي :

          - هموم المرضى النفسيين

          - العنف و الطب النفسي

          - الطبيب النفسي في المحكمة.

          - المريض النفسي أمام العدالة .

          - التمارض وادعاء المرض .

 

 اعتبارات أخلاقية :

          - الثقة و الحق في السرية ( الامتياز )

          - واجب التحذير والحماية

          - الدخول الإلزامي

          - علاقة الطبيب والمريض ، وسوء الممارسة الطبية .


 المنظور الإسلامي والأحكام الشرعية :

          - نظرة عامة للمنظور الإسلامي للمرضى النفسيين

          - العقل

          - معنى الجنون وأنواعه

          - القضاء في الإسلام

          - قواعد كلية في الشريعة الإسلامية

الإسلام وحقوق المريض النفسي (الحق في العلاج - حقوق

                       أخرى : (الزواج والطلاق - الترشيح والتصويت).

          - أحكام المسئولية الجنائية و الأهلية في الإسلام

          - سر المريض في الفقه الإسلامي

          - الحجر

          - حكم رفض العلاج و الدخول الإلزامي

          - علاقة الطبيب والمريض في الشريعة الإسلامية .

 

خاتمة :  استنتاج وتوصيات ومقترحات عملية .

المراجع العربية والأجنبية .

الملاحق .

 

q       تقديــم الكتــاب / PREFACE

 

    انه لمن بالغ سعادتي أن اكتب مقدمة لهذا الكتاب الذي يحمل عنوان اقل ما يوصف به هو انه جديد وعملي وتطبيقي ، ولطالما نحن العاملين في مجال الطب النفسي اشتقنا لأن يرى مثل هذا الكتاب النور ، فنحن منذ سنوات قليلة كنا نتكلم عن لغة العصر نحاول أن نسايرها و نقتدى بها ونلحق  من سبقنا في ركبها ، ولكن حديثا نحن نتكلم بل ونتوق إلى لغة القرن القادم ( القرن الحادي والعشرين ) التي احتار الكثيرون من العلماء والمفكرون في وصفها والاستعداد لها .. هل هي لغة جديدة لا نعرفها أم هي تطوير للغة سابقة ؟.

 

      في ظني أنها ليست لغة بعيدة عنا وإنما هي تطور آخر للغتنا التي اعتدنا عليها في القرن الحالي ، فهي سوف تتصف بالجدية والنظرة التأملية العميقة للأشياء وتحليل كل ما هو بين السطور وفي حنايا الكلمات ، ومن هنا سوف يتجه الاهتمام الدولي والمحلي بقضايا عدة كانت ثانوية في القرن الماضي ، ولسوف تكون ضرورية بحلول القرن القادم ومن أهم هذه المواضيع موضوع حقوق الإنسان ومواصفات الحياة ، وكذلك صحة الفرد النفسية والعضوية في ضوء المتغيرات الاجتماعية والثقافية والبيئية في المجتمع الدولي والمحلي ، ومن هنا جاءت أهمية موضوع هذا الكتاب " الطب النفسي والقانون - أحكام وتشريعات ذوى الأمراض النفسية ".

 

      إن مفهوم الطب النفسي والقانون من وجهة نظر البعض من الناس وخصوصا العامة منهم هو مفهوم مختلف تماما من الناحية العلمية والعملية، والأهمية الحياتية للفرد والمجتمع ، حيث أن مفهوم الطب النفسي عادة ما يرتكز علي الناحية التقديرية والتحليلية والنسبية ( Subjectivity ) عكس مفهوم القانون الذي يرتكز أساسا علي مادية الأشياء و واقعها ( Objectivity ) ومن ثم فإن الجمع بينهما تحت عنوان واحد قد يكون غريبا وجديدا علي بعض الناس حتى المتخصصين منهم .

 

      إن دراسة الطب النفسي وعلاقته بالقانون لأمر حيوي يتصل اتصالاً مباشراً بمواصفات الحياة للناس ، وسلامة المجتمع ، ويعتبر المقياس الحقيقي لحضارة الشعوب ، والتقييم الصحيح لمنظورات المجتمع السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية ، فإن المرض النفسي يختلف عن غيره من الأمراض من حيث أن له طبيعة خاصة في أعراضه وأسبابه وآثاره وطرق علاجه .. فهو يؤثر ليس علي المريض فحسب وإنما علي الأسرة والمجتمع ككل ، فالمرض النفسي هو مرض يصيب أساسا الوظائف المعرفية مثل الإدراك والتركيز والقدرة علي اتخاذ القرار ، والاستبصار بالمرض ، وهذا يحدث بدرجات متفاوتة في أنواع مختلفة في المرض النفسي فالذهان مثلا يختلف في هذه النقطة عن مرض العصاب ، وكذلك مرض الاكتئاب عن مرض الخرف ، وهكذا ..

 

      ويتميز المرض النفسي بأنه ينتج عن تفاعل عدة عوامل بيولوجية وسيكولوجية وبيئية وثقافية ودينية ، وهذه العوامل تؤثر وتتأثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة بالفرد والأسرة والمجتمع ، وكذلك بالعادات والتقاليد والمفاهيم لمختلف الشعوب ، وعندما نتكلم عن طبيعة المرض النفسي فلابد وان يكون هذا في سياق المجتمع حيث أن أعراض المرض النفسي كالضلالات ، والهلاوس ، والانطوائية ، والاندفاعية تقابل غالبا بالرفض والنظرة السلبية ، ويوصم المريض النفسي بوصمة سلبية تلاحقه هو أسرته طيلة الحياة ، وهناك طبيعة أخرى تميز المريض النفسي وهي انه غالبا لا يشكو من مرضه بل وفي بعض الأحيان يتعايش ويتفاعل مع هذه الأعراض ذات الطبيعة الخاصة ، ولهذا يقع علي المجتمع مسئولية اكتشاف المريض والبحث عنه وتقديم المساعدة للمريض حيثما وجد .

 

      ولما كان سياق المجتمع يعرف علي انه نسيج واحد متكامل من خيوط مختلفة متشعبة من حيث الطبيعة والوجهة .. متألفة مع بعضها البعض بطريقة هارمونية متكاملة جاءت أهمية دراسة الطبيب النفسي لأمور عدة تتصل بطريقة غير مباشرة بالطب النفسي كالدراسات الثقافية والاجتماعية والبيئية والدينية والقانونية ، وعلي ذلك فإنه لمدعاة للفخر أن يصدر هذا الكتاب عن طبيب نفسي يعمل في مجال الطب النفسي لسنوات عديدة ، وله من الخبرة الكافية لتناول هذا الموضوع ، وإعطاء أمثلة كافية ووافية من واقع ممارسة الحياة الإكلينيكية ، وهو أيضا عالم جليل ملم بالنواحي القانونية والفقه والشريعة ، وهذا في حقيقة الأمر يفتح مجالاً هاماً جدا لابد وان نتحدث عنه .. ألا وهو مفهوم " المعلوماتية " .. فنحن علي مشارف القرن الواحد والعشرين نحتاج من المتخصص في أي مجال - طب نفسي كان أو غيره - أن يكون لديه خلفية قوية من مختلف العلوم والمعلومات العامة ، وان تكون لديه القدرة علي التعامل مع وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة التي تتطور بسرعة فائقة يوماً بعد يوم .

 

      ومن هنا جاءت أهمية هذا الكتاب الذي يحتوى علي عدة فصول تشمل العلاقة بين الطب النفسي والقانون من عدة زوايا ويتطرق لنقاط مختلفة .. تاريخية .. تشريعية .. قضائية .. إكلينيكية .. الخ .

 

      وعندما نستعرض فصول الكتاب بدءاً بالفصل الأول نجد أن المؤلف آثار نقاطاً عديدة غاية في الأهمية .. منها معدل انتشار الأمراض النفسية ، وكيف انه في تزايد مستمر ، وان هذا التزايد متوقع في جميع أنحاء العالم ، وقد أشار المؤلف إلى ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي كوحدة واحدة في التصدي لهذه الظاهرة التي سيكون لها اثر كبير علي المستوى الاقتصادي والسياسي والثقافي للمجتمعات في القرن القادم ، كذلك أفاض المؤلف في التنويه عن المفهوم الجديد وهو ما يسمي بمواصفات الحياة للمريض النفسي Quality of life  .. وكيف انه يتأثر تأثراً شديداً ليس بالنسبة للمريض أسرته فحسب بل للمجتمع كله ، وكذلك فقد أشار المؤلف في هذا الفصل إلى النظرة السلبية للمرض النفسي ووصمته التي تؤثر تأثيراً مباشراً علي حقوق المريض النفسي في الحياة والعلاج والحماية، وتحرمه من فرص كثيرة تعطي لمرضي آخرين من حيث الرعاية والاكتشاف المبكر للمرض.

 

      وانه لجدير بالذكر اهتمام المؤلف بتعريف ماهية الجنون والغموض المحاط بهذا التعبير مع إيضاح الفرق بينه وبين مفهوم الطب النفسي والعقلي ، وأخيرا يتطرق المؤلف لنقطة هامة جدا وهي مسئولية المريض النفسي عن أفعاله وطرق حمايته .. وما هو الفرق بين الأهلية والكفاءة العقلية ؟ وعلاقتها وتأثرها بالمرض النفسي .. وكيف أن مفهوم الأهلية هو مفهوم قانوني اكثر منه طبي .. وانه ينقسم إلى نوعين جنائية ومدنية ، أكد المؤلف في نهاية الفصل انه لابد من وجود عمل جماعي يكون بذرة لوضع تشريع عملي مشترك يواكب التطور والأوضاع الراهنة والمشكلات العملية ، حيث أن القانون الساري حاليا في تقييم مسئولية المريض النفسي عن أفعاله يوجد به فجوة كبيرة بين متطلبات العصر والواقع العملي والتقاليد، وانه لا يواكب التطور العلمي الحاصل في مجال الطب النفسي .

 

      ويأتي الفصل الثاني يحمل في طياته نبذه تاريخية عن علاقة الطب النفسي والقانون .. وليس غريبا أن نجد أن أول من فكر في هذه العلاقة هم قدماء المصريين فقد عرفوا منذ آلاف السنين حقوق المريض النفسي وحقه في العلاج والمعاملة الكريمة والدور الأساسي للمجتمع في علاجهم وحفروا ذلك علي جدران معابدهم وأوراقهم البردية الثمينة ، وكذلك ليس بالغريب أن يأتي النور بعد الظلام فقد جاء الإسلام ليرد لهؤلاء المرضي حقوقهم وكرامتهم وذلك بعد فترة طويلة من القهر والظلم في أوروبا ، وانه من المدهش أن نعرف أن أول قسم أمراض نفسية أنشئ داخل مستشفي عام بالقاهرة مدينة النور والحضارة ، وقد سمي بمستشفى " قلاوون ".

 

      وقد تجول بنا المؤلف في هذا الفصل عبر طرقات التاريخ وعبق الماضي حتى وصل بنا أخيرا إلى محطة الحاضر وآفاق المستقبل .. فنجده يتكلم عن الطفرة الحديثة في أدوية الطب النفسي والتي شجعت الكثيرين علي الاهتمام بالمريض النفسي وتغيير نظرة المجتمع السلبية إليه ، وكذلك أشار إلى مفهوم آخر حديث هو ضرورة الوصول إلى المريض النفسي حيثما وجد "Community Psychiatry  " .. ويختتم المؤلف هذا الفصل بالتنويه والإيضاح لحقوق المريض النفسي ، والفرق بين حقوقه المدنية والجنائية والإكلينيكية ، وأعطي أمثلة لكل منها ، والصعوبات التي نواجه تحقيقها في ضوء ماهية وطبيعة المرض النفسي.

 

      وبعد الاستطراد والتركيز علي الناحية الإكلينيكية في الفصلين الأول والثاني نجد أن الفصل الثالث يهتم اهتماماً أساسيا بالناحية القانونية، والمفاهيم المختلفة التي قد تخفي علي الكثير من الأطباء النفسيين وكذلك العامة من الناس في معناها ومغزاها والفرق بينها ، فمثلا يشير المؤلف إلى أنواع المحاكم والمحاكمات والقضايا والأدلة الخ .. وتطرق أيضا إلى مفهوم هام جدا وخطير جدا في نفس الوقت وهو علاقة الطب النفسي بالجريمة وكيف أننا نجد أن المريض النفسي يوصم بأنه عنيف وخطر علي نفسه وعلي المجتمع ككل .. وكيف انه بدراسة هذه العلاقة بصورة علمية وإحصائية جيدة وجد أن معدلات انتشار الجريمة في المريض النفسي لا يختلف عنه كثيرا في المرضي غير النفسيين أو الأسوياء من البشر ، وفي حقيقة الأمر أن إيضاح الاختلاف بين مفهوم الجريمة والعمل الإجرامي نقطة هامة جدا تحسب للمؤلف حيث أن المفهوم هلامي ديناميكي يختلف من عصر إلى عصر حتى في وجود التحريمات التشريعية المعروفة منذ أمد بعيد ، وان مفهوم الجريمة من الناحية القانونية يختلف عنه من الناحية الطبية .. ففي مجال العقوبة لابد وان يتوافر للعمل الإجرامي عنصرين هامين أولهما الفعل ذاته ، وثانيهما توافر النية والقصد ، ويوجد للنية أربعة مراحل يتم علي أساسها تقدير العقوبة .

 

    وتعرض المؤلف في هذا الفصل لأحكام المسئولية الجنائية وتطورها عبر التاريخ بدءاً " بحمورابي " الذي كان يأخذ في الاعتبار الحالة العقلية أثناء وقوع الجريمة ماراً " بأرسطو " الذي كان يعتد بالإرادة ، وفي العصر الروماني كان ينصف المريض النفسي ، وتسقط عنه المسئولية ، وقد أوضح المؤلف الاختلاف بين طبيعة مختلف القواعد في عامل مهم جدا، وهو قدرة كل منها علي تقدير وتقييم المسئولية الجنائية للمريض النفسي .. فمنها من يتساهل كقانون " درهام " الذي يعتبر المريض غير مسئول إذا كان هذا العمل نتيجة عقل مريض أو ناقص ، وعلي النقيض نجد قاعدة " مكناتن " الذي يشترط عدم معرفة وفهم طبيعة العمل وعدم القدرة علي التفرقة بين الصحيح والخطأ كشرط أساسي لعدم المسئولية ، وفي حقيقة الأمر كان وما زال رد فعل لبعض الأحداث السياسية التي تتطلب موقفاً متشدداً من الجهات القانونية لتهدئة الرأي العام لمحاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان والتي أعقبها توصيات من رابطة الطب النفسي الأمريكي لتطوير أحكام المسئولية الجنائية لمريض الطب النفسي.

 

      ولابد من الإشارة في هذا المجال إلى أن هذا الوضع هو نقطة حقيقية ، حيث انه من المفترض أن تكون هذه الأمور محسومة ومشرعة تشريعاً ثابتاً لا يتغير أو يتحور حسب الأجواء السياسية والاجتماعية مما يقلل من مصداقيتها ، ويؤثر تأثيراً سلبياً ومباشراً علي المريض النفسي ونظرة المجتمع له ، وعلي الصعيد الآخر ففي البلاد العربية وكذلك في مصر يوضح المؤلف الاختلاف الحالي عن المجتمع الغربي حيث يحتوى القانون علي كلمات تتصف بالغموض ومثيرة للجدل لأنها غير واضحة وليس بها تحديد أو توثيق لهذه المفاهيم مثل فاقد الشعور .. عاهة العقل .. الجنون ..

 

      وقد أشار المؤلف في هذا الفصل إلى دور الطبيب النفسي في المحكمة ، وانه في الأساس دور استشاري لا يقوم عليه الحكم ، وتنقسم شهادة الطبيب النفسي إلى نوعين اعتمادا علي الخبرة والهدف من الشهادة، وقد وصف المؤلف الخطوات اللازمة للتقييم السليم من جهة الطبيب النفسي وصفاً جيداً وشاملاً وتطبيقي ، وجدير بالذكر هنا الإشارة إلى أرقام هامة جدا استخدمها المؤلف ليصف بها حجم المشكلة والصعوبات التي يقابلها الطبيب النفسي في هذه الحالات .. فيقول أن 80% ممن يرتكبون الجرائم ويتقدمون لطلب الدفاع الجنوني " Insanity Defence " في أمريكا يتم إدانتهم .. أي انه لا يقبل سوى 20% فقط من المتقدمين ، وان 40% ممن يرتكبون جرائم القتل يصابون بفقدان جزئي أو كلي للذاكرة عقب الحادث مما يزيد الأمر تعقيدا .

 

      ويتطرق المؤلف بعد ذلك في الفصل الرابع لموضوع لا يقل أهمية عما سبقه من موضوعات بل ويزيد بكونه من واقع الحياة الإكلينيكية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالقانون والأحكام التشريعية .. وهو سوء ممارسة واستخدام الطب النفسي ، وقد أعطى المؤلف أمثلة غاية في الأهمية كالعلاقة الجنسية بين المريض والطبيب ، وإهمال العلاج وعدم توافره للمريض، وكذلك حالات الادعاء والتمارض ، فمثلا لابد وان يكون الطبيب النفسي مؤهلاً من الناحية العلمية والعملية للتفريق بين حالات الادعاء والتمارض وحالات الهستيريا وحالات اضطرابات اختلاق المرض .. فهذا التفريق هام للغاية من الناحية القانونية والجنائية ، وعدم الدراية والقدرة علي هذا التفريق يعتبر مثالاً هاماً لسوء ممارسة الطب النفسي .

 

      ومن هذا يتضح أن حقوق المريض النفسي ما زالت مصدر جدل، وننتظر حلا يحسم الخلاف بينها ، ويقلل بل ويتعامل مع التداخل بين موقف الطب النفسي مع القواعد القانونية ومنظور الشريعة الإسلامية، و كان هذا مجال تركيز المؤلف في الفصل الخامس وإعطاؤه اسم"اعتبارات أخلاقية"، وقد تحدث المؤلف عن أمثلة كثيرة كالثقة والحق في السرية والامتياز وتعتبر هذه شروط العلاقة بين المريض النفسي والطبيب النفسي، وهي من أقوى واعمق العلاقات في مجال الطب النفسي مقارنة بتخصصات أخرى ، وكذلك أشار المؤلف إلى الدخول الإلزامي للمريض، ومشكلات الاستشفاء حيث أن الدخول بدون رغبة المريض يعتبر عقاباً اكثر منه علاج، ويسقط للمريض إحساسه بالحرية.

 

      إن هذا الفصل يحتوى على إشارة لموضوع غاية في الأهمية هو دور السياسة والإعلام في الاهتمام بالمريض النفسي ونظرة المجتمع إليه ، وكيف أننا نحن الأطباء النفسيين لنا دور مباشر وقوى في توجيه هذه المجالات التوجيه الصحيح والاستفادة قدر الإمكان من القوى المتاحة لهذه المجالات .

 

      ويحسب للمؤلف إشارته إلى أحكام الشريعة الإسلامية ومنظور الإسلام للمريض النفسي ، فإن الإسلام لا يشترط فقط العدل بل أيضا الإحسان والرحمة حتى يتأتي لهؤلاء المرضي وضعا ملائما ومعاملة بالمثل مع الأسوياء من غير المرضي ، وينص الإسلام بأن العقل هو التكليف والفهم والقدرة علي منع النفس عن فعل ما تهواه والتمييز بين الصواب والخطأ ، وبذلك يكون قد سبق العلم والنظريات الحديثة في تقييم المسئولية الجنائية للمريض النفسي ، وكذلك فإن النصوص الموجودة بالإسلام والتي تتعلق بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالأحكام الشرعية تساهم وتوضح إلى حد كبير في تقدير وفهم حقوق المريض النفسي ، ومن هذه النصوص مثلاً " لا ضرر ولا ضرار " ، والأمور بمقاصدها ، الخ .. ويكفل الإسلام لكل إنسان من الحقوق ما تتطلبه الحياة الكريمة بحكم الإنسانية ، ولا يشترط في أهلية أي شخص لاكتساب حقوقه أن يكون عاقلا أو بالغا .. أن الحق في العلاج من منظور الإسلام أمر وتكليف من الله سبحانه وتعالي في المحافظة علي النفس وعدم الإلقاء بها إلى التهلكة ، حيث يؤدى ترك العلاج إلى ذلك ، وقد أشار المؤلف أيلي أهمية التركيز علي الجانب الإيماني والعلاج النفسي الديني الذي يفيد في كثير من الحالات للتغلب علي الأعراض ، وركز المؤلف علي أهمية الكلمة الطيبة و أثرها العميق في النفس ودور الأطباء النفسيين المسلمين في الاستفادة من هذه الأساليب في العلاج النفسي.

 

      وعلى هذا فقد تبين أن الإسلام ليس فقط له السبق في افتراض وتشريع حقوق المريض النفسي بل واتفق في كثير من الأمور مع أحدث النظريات في الطب النفسي المعاصر ، ولكنه علي النقيض يختلف معه في بعض الأمور كاعتبار الشذوذ الجنسي واضطراب الشخصية والسلوك شئ مرضي بل يعتبره جزء من الاستسلام لهوى النفس لا يبرر الإعفاء من مسئولية ارتكاب المخالفات ، وكذلك لا يعرف أشباه المجانين أو إنصاف العقلاء .

 

      وختاما لابد من التعليق علي التنوع والثراء بالمراجع العربية والأجنبية التي أستند إليها المؤلف ، وتبقي كلمة شكر وتقدير لجهود المؤلف وتطرقه لهذا الموضوع الحيوي ، وقد شرفني قراءة هذا المرجع العظيم وكتابة مقدمة له وبالتوفيق إن شاء الله ،،،

 

q       ملخصــات  /  SUMMARY / RESUMES 

 

             This work aims at highlighting the rights of people with mental illness from different aspects and approaches. This study is rather a professional psychiatric review of rights of mentally Ill people in psychiatry, law and Islamic perspectives. High prevalence of psychiatric disorders allover the world is documented in WHO statistics. Mental illness is of special nature because of the stigma, negative attitudes of the public and untrue concepts and beliefs about mental patients.

 

                Types of mental disorders in the recent nosological disciplines and definitions of the main categories are mentioned in the introduction. Rights of mental patients include mainly right to treatment by modern therapeutic modalities and standard quality of care. Civil rights of mental patients include least restrictive alternatives, right to receive visitors, free communication with the outside world and privacy rights. Hospitalization and admissions are critically discussed in this study. The domain of  forensic psychiatry includes many subjects in relation to psychiatry and the law . The relationship of psychiatry and the law together with the concept of forensic psychiatry and mental competence are discussed.

 

                Certain practical problems related to rights of mental patients such as their concerns and issues of violence are highlighted from psychiatric point of view. Ethical considerations e.g. confidentiality and privilege, disclosure to safeguard others and the society are raised. Psychiatrist-patient relationship is discussed from the ethical point of view together with the problems of malpractice and claim against psychiatric professionals.

 

                The most important area of interest in this study is the review of Islamic perspective of rights of people with mental illness in relation to Islamic shariaa rules. Concepts of mind , insanity and justice are discussed in relation to Islamic point of view. The Islamic solution of ethical issues and legal problems have been put hundreds of years ago. The relation of Islamic rules to mental health and their influence on psychiatry in Islamic culture includes positive effects such as low incidence of suicide and alcoholism. Islamic shariaa views of legal responsibility and mental competence are reviewed in this study. In conclusion, some recommendations are put forward together with certain practical procedures for promotion of mental health in general and solving the problems related to rights of mental patients.

 

Document Code PB.0105

http://www.arabpsynet.com/Books/Sherb.B2 

ترميز المستند   PB.0105

 

Copyright ©2003  WebPsySoft ArabCompany, www.arabpsynet.com  (All Rights Reserved)