Arabpsynet

Livres  / كتــب /  Books

شبكة العلوم النفسية العربية

 

مثــل و مــوال

قـراءات في النفـس الإنسانيـة

   أ. د. يحي الرخاوي

أستاذ الطب النفسي بالقصر العيني

E.mail : yehia_rakhawy@hotmail.com

 

q       فهــرس الموضوعــات /  CONTENTS / SOMMAIRE 

§       

§     مقدمة

§     الباب الأول

مثل..وموال / فصل في حاجة إلى كبير / فصل في احتمال ضل النذالة والخسة / فصل في الأخلاق بما يستأهل/ فصل في الجذب والصد في الصداقة والهجر / فصل في مواجهة الواقع ومعاني الصبر / فصل في لعبة العلاقات البشرية / فصل في قانون الواقع من الجبر والاختيار إلى الحسابات والتعلم / فصل في الهم والناس "مصريا" / فصل في الفروق الفردية والتناسب / فصل في التوقي الواعي / فصل في تفسير شعبي للغش الجماعي.

 

§     الباب الثاني

حواديت..أربع حواديت من توظيف العدوان / واكتشاف طبقات الذل والتكامل / الحدوتة الأولى/ الحدوتة الثانية / الحدوتة الثالثة.

 

§     الباب الثالث

إعادة قراءة في كتابات باكرة..في نفس الموضوع ومثله / الأرجوزة الأولى / الأرجوزة الثانية / الحيل النفسية في الأمثال العامية.

 

q       تقديــم الكتــاب / PREFACE

 

هذه محاولة لكي نتعرف على أنفسنا من خلال الوقوف أمام حكمة الناس المركزة في مثل سائر، أو في غناء تلقائي يردد موالا جميلا، ولا يمكن أن نزعم أن ما تقدمه هذه الدراسة يلتزم بأي قواعد أكاديمية لدراسة التراث الشعبي، أو أنه حكم دامغ يثبت هذا الجانب من طباع الناس دون ذاك، أو يصف سمات خاصة بشعبنا الذي أطلق هذا المثل أو غنى ذاك الموال، وإنما نحن نتصور أنه مجرد  مدخل إلى النفس، في عمقها الخاص حيث يصل وجود الأنفس والتحامها إلى منطقة المعرفة المشتركة، وهي التي أسميناها علما بالنفس، ليكمل ما هو علم النفس.

   فحين تلتحم الأنفس "هناك"، تنطلق الحكمة بلا مؤلف له اسم ولقب، ونصبح جميعا تلاميذ في مدرسة حدس الناس المباشر، ذلك الحدس الأقدر على أن يعرفنا " بعض ما هو نحن " بطريقة أكثر صدقا وأعمق غورا مما يفرض على وجداننا وحدسنا وفكرنا بإحصائيات جامدة باردة كقوالب الثلج الصغيرة، أو بلغة علمية ثقيلة الرائحة قد تجعلنا نتنفس الضباب لا الهواء، أو باحتكار علماء لشفرة المعرفة بوصاية صارمة معطلة.

 

q       مدخل لـ : فصل في الحاجة إلى "كبير"

  

     " اللي مالوش كبير...يشتريله كبير"

   علاقة الكبير بالصغير (وبالعكس) حكاية قديمة. قدم الوجود البشري، أو قدم وجود الحياة ذاتها، وإلى يومنا هذا ومعالم هذه العلاقة لم تتضح بالدرجة الكافية، ثم جاء ما يسمى بعلم النفس الحديث، فأسهم إسهامات لا بأس بها في تقنين الصراع بين الأجيال وتوصيفه، كذلك ظهرت إشاعات التربية الحديثة فسمحت بحركة أوسع، وحرية أخدع لمن هو صغير في مواجهة الكبير. وكعادتنا، وبسبب اضطرار أملته ظروف مرحلة تطورنا (تخلفنا) أخذنا نردد، ونقلد، ثم نتراجع. ثم، يبدو أننا نقف على السلم الآن، نرقص أو نترنح (سواء) ولكننا لا نصعد ولا نهبط ولا يرانا أحد..ولكن يتربص بنا مصيرنا والتاريخ، المهم، تعالوا نبحث ي أوراقنا القديمة والحديثة ثم ننظر أين نحن ؟ وكيف ؟ ثم ماذا ؟.

   يبدو أننا مازلنا ندرك حاجتنا الشديدة إلى الكبير بشكل ما، وأننا قبل وبعد الإغارة الغربية، كنا أقرب إلى "كونفوشيوس" منا إلى "لاوتسو"، وإلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام منا إلى ابن نوح، وهذا المثل يعلن عدة أساسيات يمكن أن ننظر فيها على الوجه التالي :

    أولا : أننا –صغار مهما كبرنا، وتعبير "اللي مالوش" يقتصر على الصغير، بل يمتد إلى كل من ليس له كبير (كبيرا هو في حد ذاته أو صغيرا) .

    ثانيا ، أن "حاجتنا" إلى الكبير هي "حاجة أصيلة" لا يمكن الاستغناء عنها، أو حتى الاستسلام للعجز عن إشباعها، وهذا وذاك وارد دائما، وخاصة لو افتقرنا إلى مصادر إشباعها.

    ثالثا : أن الكبير- إن لم يوجد طبيعيا أو تلقائيا- فإنه يمكن أن يصنع تصنيعا (أو يشتري شراء)، ليسد هذه الحاجة الأساسية.

    رابعا : أن ثمة تناقضا بين أن يكون الكبير مشترى، وبين أنه يقوم في نفس الوقت بدور الكبير القادر على تحمل الاعتماد وتوجيه المسار.

   والمثل بهذا التركيز، وبهذه الدقة، يذكرنا بأن معركتنا في سلسلة التطور ليست في التخلص من الحلقة السابقة (الوالد)، وإنما في الاعتماد عليها حتى تجاوزها دون الاستغناء عنها، أي بإعادة تنظيم القوة بحيث تأخذ مكانها المناسب في التركيب الجديد، فليس المطلوب هو أن يتحرر الابن من أبيه، وإنما المطلوب في النهاية هو أن يصر الابن- في الوقت المناسب – أن يكون قائد المسيرة "بأبيه" – وليس بالرغم منه، ولا تحت أمره، ولا بدونه- مكملا حلقات التطور المتداخلة إلى من يليه..هكذا.

    فإذا رجعنا إلى المثل وجدناه يعلن عن "الحاجة إلى الكبير"، دون تقديس له أو انسحاق تحته، بل هو يشير إلى تفوق واع، فالمشتري عادة هو تحت أمر وإذن الشاري لغرض ما، إذ لا يعقل –من حيث المبدأ- ن يكون ما أشتريه هو سيدي وقائدي حيث أن فعل الشراء نفسه يضعه في حجمه المتواضع، ولأن أشتري لي كبيرا أتوكأ عليه، وأستعمله في حواري ومساري، لهو أمر يحمل معنى أنى (الشاري) أنا القائد، وفي نفس الوقت أني أحتاج إلى شراء هذا الكبير وأنا قادر على ذلك، لماذا ؟ لأستمر به إلى ما هو بعدنا : هو وأنا، اللهم إلا إذا اضطرب المسار واهتزت القوانين، وطغى المشتري بعد أن تمكن (وهذا "وارد" جدا، تاريخا وفعلا).

    ثم يأتي موضوع "شراء الكبير" في الصداقة والعلاج النفسي وفي رحاب مشايخ الطرق، والشراء في المثل (وفي الحياة) لا يستلزم بالضرورة مقايضة مادية: مالا محددا، وأبسط وأعظم أنواع المقايظة يجري " بالاعتمادية المتبادلة "Interdependency ، يكون في الصداقة، فصديقي هو "كبيري" لأنه ناصحي ومستشاري وملجئي ورفيق طريقي، وأنا له كذلك، واحدة بواحدة، أو ثمة (صديق) ثالث يقوم لأي منا بدور الكبير هكذا، أي أن عقد "شراء صداقة"  قد لا يكون بين اثنين فحسب، بل بين مجموعة من الناس تتبادل الشراء دون علم أفرادها بطبيعة الصفقة وحسابات المكسب والخسارة، وشراء الصداقة يشمل شراء الكبير.

    ثم تغير الحال، وشك كل طرف في شركة الصداقة أنه الخاسر، وادعى المثاليون أن الصداقة تضحية بلا ثمن، وأحبط آخرون حين وجدوا أن الكبير الذي يعين هو أحوج إلى أن يعان.

 

Document Code PB.0125

http://www.arabpsynet.com/Books/Yahia.B5  

ترميز المستند   PB.0125

 

Copyright ©2003  WebPsySoft ArabCompany, www.arabpsynet.com  (All Rights Reserved)