|
|||
ملحق الإنسان والتطور العــدد الأول |
|
||
|
|||
q
فهرس
الموضوعات /
CONTENTS / SOMMAIRE |
|||
o
الافتتاحية : لماذا هذه النشرة ؟ o
عن الخطوط العامة لظاهرة الإدمان
: معلومات قديمة جديدة o
المعجم الخاص واللغة "التي
هي"( ليست هي!!) : ماذا يقولون وكيف نفهمهم o
ليست بالضرورة نصيحة، وإنما أملا في
إنارة : نعم..............ولكن o
جماعة المدمنين : العلاج الجمعي،
والألعاب العلاجية o
العرف
والقانون، ومدى ضرورة موافقة المدمن على العلاج o
أبحاث علمية / قراءة وتعليق (وأمل
في الطريق) o
كلمات وتوجيهات هادئة للأسرة :
إياكم والتجسس، والبداية ليست نهاية !! o
كلمات نوجهها للمتورط : إياك
إياك............مهما حدث |
|||
q
ملخصات
/
SUMMARY /
RESUMES |
|||
o
الافتتاحية : لماذا هذه
النشرة ؟ في إصدارها الجديد،
تعهّدت مجلة الإنسان والتطور.. أن تقدم خدمات عملية مباشرة باللغة الشائعة
البسيطة بقدر الإمكان، وتأكيدا لذلك، قررنا أن نصدر هذه النشرة التي نوجهها
مباشرة لأصحاب المصلحة من المتورطين الذين يعانون من هذه المحنة، ولذويهم، ومن
ثم للوطن عامّة. ونحن نعلن أننا
بإصدارنا هذه النشرة نحاول أن نحقق أغراضا متعددة، نعترف أنها أكبر طموحا من
قدراتنا، ولكننا نتقدم إليها آملين أن تكون حافرا من ناحية، وأن يشاركنا في
تحقيقها من يهمّه الأمر من الزملاء والمتورطين من ناحية أخرى. تفاقمت في وطننا
مؤخرا مشكلة الإدمان بشكل لم نتوقعه منذ ربع قرن تحديدا، فلا بد أن نعترف أن
الدراسات الانتشارية (الوبائية) التي تحدد إحصاءاتها حجم المشكلة لا يمكن
الاعتماد على نتائجها لظروف منهجية لا داعي لتفضيلها، فمثلا ظهر في التقرير المبدئي
لبحث يجري في وزارة الصحة أن نسبة المتعاطين من عينة ممثلة لا تزيد عن 6 في
الألف، منهم ما يقرب من النصف تعاطوا المواد مرة واحدة، وحوالي السدس لا يتعاطونها
إلا في المناسبات، هكذا تكاد تصل نسبة المتعاطين المنتظمين (المدمنين) إلى اثنين
في الألف، في أغلب المحافظات، فكيف نوفق بين هذه الأرقام (العلمية/الرسمية) وما
نشاهده حولنا من تزايد مضطرد للمشكلة حقيقة وفعلا، من واقع العيادات والمستشفيات
؟ وقد رأينا ونحن
نحاول الرد على هذا السؤال أن نكتفي في هذه النشرة، حاليا، وربما لسنوات ليست
قليلة، بالملاحظات والانطباعات التي تصلنا من خلال الممارسات الإكلينيكية، لأنها
أكثر تحديدا، وأصدق إعلاما، كما أنها الأهم في إطار المواجهة اللازمة للوقاية
والعلاج. ومن هذا المنطلق نؤكد
أن مشكلة الإدمان تتزايد، وهى تتزايد على مستويين : مستوى التجريب
والصدفة (غير المنتظم): وهو يشير إلى التورط العابر الذي يمارسه أكثر صغار السن،
والحرفيين وشلل الترفيه المؤقت، يمارسونه بشكل تجريبي وغير منتظم، وحجم هذا
المستوى كبير جدا رغم الأرقام التي تعلن ندرته، وهو ليس مستوى خطيرا تماما من
حيث آثاره المدمرة، ومشاكله الصحية والاجتماعية والأخلاقية، ثم إنه المستوى الذي
تتناوله أغلب الأبحاث الانتشارية التي تتعامل مع الظاهرة بشكل سطحي حين تجمع
الذين تعاطوا المواد - ولو مرة واحدة- إلى الذين اعتادوا عليها وأزمنوا تعاطيها
حتى لا يمكنهم الاستغناء عنها، وهذا كله يعطي المسئولين والناس أفكارا خاطئة
ومضللة. وهذا المستوى الأول، رغم قلة
ضرره في حدوده تلك، إلا أنه المصدر الخطير لكل رواد المستوى الثاني، وهو مستوى
الإدمان الحقيقي (المستوى المدمّر فعلا). المستوى المدمّر،
وهو مستوى التورط من ناحيتين، الأولى الاعتماد المنتظم الذي أصبح يهدد الفرد
والمجتمع نتيجة للإعاقة الصحية والاجتماعية والإنتاجية، والثانية نوع التعاطي
ومدى سمومية المواد المتعاطاة، وما يمكن أن يترتب عليها من مضاعفات تصل إلى حد
الموت. وهذا المستوى الأخير
هو الذي سوف يشغلنا أساسا في هذه النشرة، دون إهمال المستوى الأول، وخاصة فيما
يتعلق بالوقاية. إذن فالمشكلة
تتفاقم، والأساليب التي تواجهها متواضعة: فلا الجهات الحكومية قادرة وحدها على
الإحاطة بها والتعامل معها، ولا الجهود التطوعية والقطاع الخاص لهما من القدرات
والفرص ما يشير إلى إمكانية الاطمئنان إلى حجم مساهمتهما. لهذا وجدنا أن
الحاجة إلى الثقافة الإدمانية المنتظمة أصبحت ملحّة. ومن هنا جاءت فكرة هذه النشرة التي نتمنى أن تصدر كل شهرين بانتظام. o
لمن توجّه هذه النشرة ؟ سوف تحاول هذه
النشرة- إذن- أن تخاطب الفئات التالية دون استبعاد غيرها (ممن يهمهم الأمر): 1- المستهدف من المستوى الأول (المجرب والعشوائي وغير المنتظم)، 2- المدمن من المستوى الثاني (مستوى الاستغراق التدميري)، ويشمل ذلك كل
المراحل حتى الإزمان مرورا هكذا ب: (أ)
المعزض للتعاطي (ب) البادئ في الخبرة (ج)
المتورّط (د)
المستغرق (هـ)
الناقه حديثا (و)
المعرض للنكسة (ز)
الناقه تماما القادر على مساعدة الغير. 3- أسرة المستهدف والمدمن، التي تمثل عاملا أساسيا في الوقاية
والعلاج. 4- المعالجون، والمساعدون من المدربين والمؤهلين على المدى
القصير والطويل. 5 - رجال الدين 6- الأطباء الممارسون العامّون (الرعاية الأولية) غير المتخصصين في
الطب النفسي 7- المدرسون
والأخصائيون الاجتماعيون والنفسيون في المدارس والنوادي خاصة 8- رجال الإدارة
والقانون والبوليس المتعاملون مع المشكلة ومضاعفاتها. 9- رجال
الإعلام على كل المستويات. ونحن لا ندعي أنّنا سنغطي كل هذه المناطق بدرجة كافية، ولكن دعونا نحاول، وندعو من يهمه الأمر أن يساهم معنا بما تيسر له من علم وخبرة، دون استثناء المدمنين أنفسهم، بل لعلّهم يأتون في المقدمة في بعض المناطق الهامة. o
هذا العدد: يشمل
هذا العدد حوارا قديما حديثا مع رئيس التحرير، حاولنا أن نقدّم فيه الخطوط
العريضة للظاهرة من واقع الأسئلة التي دارت فيه بدلا من أن نطرح نحن الأسئلة
والقضايا التي تشغلنا. ثم
ننشر في هذا العدد نبذة طريفة عن اللغة الخاصة التي يستعملها المدمنون، كذلك ثمة
محاولة لتقمّص ما يدور بأذهان المدمنين وأهلهم والناس حول ظاهرة الإدمان، فنقرأ
ما يدور (نعم) ثم نستدرك معهم لمحاولة إكمال الصورة بصيغة " نعم .... ولكن.
"، ونأمل أننا نكمل بهذا الاستدراك محاولات تصحيح المفاهيم التي سوف يقوم
بها باب للتذكرة والتصحيح. حيث نعاود مناقشة فكرة: هل هن الضروري أن يوافق
المدمن على علاجه حتى ينجح ؟ ونقدم كذلك
فكرة مبدأ العلاج الجمعي في مقدمة محدودة أملين أن نقدم تفصيلات أكثر مستقبلا
جنبا إلى جنب مع النشاطات الجماعية الأخرى في المجتمع العلاجي. ونقرأ سويا
مقتطفات موجزة من الأبحاث العلمية المحلية والعالمية، نقرأها من وجهة نظر صاحب
المصلحة (المدمن)، والمسئول عن مساعدته، في محاولة نقد المنشور من هذه الأبحاث
لتحديد الفائدة، وأيضا في محاولة النظر فيما يمكن تطبيقه حقيقة وفعلا من هذه
النتائج، وعلى الرغم من جفاف بعض هذه الأبحاث عادة، إلا أننا سوف نحاول أن نعيد
صياغتها واختصارها بحيث ندرب القارئ معنا أن يعرف حجم ودلالة المعلومات التي
تتناول مساعيه. وأخيرا فقد
خصصنا صفحتين نخاطب من خلالهما الأسرة مزة، والمتورط مزة، وقد حاولنا ألا نضمن
فيهما نصائح فوقية خطابية، وإنما ترشيد هادئ. ولن تتم
الفائدة أو تستمر المحاولة إلا من خلال رسائل القراء، من الأهل، والمتورطين،
وكافة من يهمهم الأمر ونحن في انتظار إسهام هائل. ولا بد أن نعترف أننا أصدرنا هذا العدد الأول في عجالة من أمرنا خشية أن نتراجع كما فعلنا مرات سابقة، فليعتبره القارئ عددا تجريبيا، وليشاركنا في الوصول إلى الصورة الأفضل بنقدنا وتوجيهنا... o
عن الخطوط العامة لظاهرة الإدمان
: معلومات قديمة جديدة من قبيل التقدمة: كثرت
الأحاديث في الصحف السيارة عن مشكلة الإدمان بشكل يلفت النظر، ولسنا ندرى إلى أي
مدى نجحت هذه الأحاديث في أن توضح المسألة، وسوف نوالي في هذا الباب نشر
الأحاديث التي نرى أنها تصبح أكثر فائدة إذا قرأت في سياق هذه النشرة، وقد نقتطف
من حديث أحد الزملاء من غير هيئة تحرير هذه الدورية لنستفيد من بعض ما نتفق
عليه، ونناقش بعض ما نختلف حوله (انظر أيضا: بابي نعم.. ولكن، وباب: للتذكرة
والتصحيح).
o
حوار مع أ.د. يحيى
الرخاوي 1- من هو المدمن ؟! هناك تعريف طبّي أكاديمي
للإدمان، تكرر حتى فتر، يعرّف المدمن بأنه من اعتاد حتى اعتمد على مؤثر كيميائي،
طبيعي أو صناعي من خارج جسده، حتى أصبحت خلاياه لا تستغني عنه. إلا أننا لكي نتعرّف
على ظاهرة سلبية مثل إدمان المواد النفسية، علينا أن نذهب إلى جذورها الإنسانية،
ثم ننظر في تجلياتها السلبية والإيجابية على حد سواء، لذلك أفضل أن أشرح ابتداء
فكرة الإدمان كسلوك أشبه بالعادة المتأصلة، فالإنسان قد يضطر أن يمارس سلوكا ما،
وأن يعيده قهرا، حتى لو لم يقرر ذلك كل مزة، وهو أمر يبدأ من " العادة
" البسيطة ثم يتفاقم حتى يصبح أقرب إلى الوسواس. فإذا كانت هذه
العادة "سيئة".، واستعملت فيها "المواد" الدخيلة على الجسم،
وترتب عليها تغيّر مقحم على الوعي، ومن ثم إعاقة فانحراف، سمي ذلك باسم الإدمان
الشائع (كمشكلة مرضية أو اجتماعية.. إلخ). 2- متى يصح أن نصف
إنسانا ما بالإدمان ؟ ذكرت ذلك حالا،
وأعيده قائلا إن المدمن هو كل من: أ)
تعود تناول مادة ما، لها أثر على الجهاز العصبي، ويعجز عن التوقف عن
تناولها. ب) ثم ترتب على ذلك تغير في حالة الوعي،
وعادة ما يكون هذا التغير من نوع التعتيم، وأحيانا التهييج، أو الإبدال (إبدال
مستوى وعي بمستوى وعي آخر)، ج) ثم يترتب على هذا التغير والتعتيم إعاقة
عن ممارسة واجبات الحياة العادية، وخاصة عن الإنجاز في العمل، كما يترتب عليه
إفساد العلاقات الاجتماعية. د) إضافة إلى حدوث مضاعفات تؤثر على الصحة
الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية 3 - هل يقتصر الإدمان على المخدرات، الكحوليات،
المكيفات بأنواعها أم يمتد إلى التدخين، والطعام والشراب، وغيرها من بعض
السلوكيات المعتادة والشائعة ؟! إذا
أخذنا المفهوم الأصلي العام لفكرة الإدمان، فإنه يمتد إلى أنواع كثيرة من
السلوك، بل إن الإنسان قد يدمن الأفكار والمعتقدات، وبعض طرق البحث (العلمي!!!)
إذ يكررها بلا جدوى رغم رغبته في التخلص منها إلى ما هو أحسن، كذلك قد يدمن
البعض وسائل ترفيه معيّنة، أو خذ عندك إدمان العادات الاستهلاكية، فأنا لا
أستطيع أن أفصل الدعاية التي تهاجمنا ليل نهار لتروّج لما يسمّى مجتمع الرفاهية،
أو تسوّق ما تسميه بعض شركات الأدوية حبوب الطمأنينة والبهجة السحرية، لا أستطيع
أن أفصل هذا أو ذاك عن المصيبة التي نعيشها واسمها الإدمان، فكل منها يروّج لنوع
من سبل الاستهلاك، يضر أكثر مما ينفع، وهو يقوم بشلّ الإرادة وتخدير الوعي بشكل
أو بآخر، وإن اختلفت اللغة وتعاظم التبرير. 4 - إلى أي مدى تصدى الإعثم المصري- والعربي- لظاهرة الإدمان،
بالتوصيف والشرح والتحليل ووسائل الوقاية والعلاج، وصغيرها.. هل كان منصفا أم مبالغا أم صادقا
أم مزيفا للحقائق ؟! إلى المدى
المضحك المزعج المضلّل معا. أحيانا أشاهد في التليفزيون مقابلات مع مدمنين وأطباء
هي أقرب إلى المسرح الفكاهي السخيف، فأتساءل: على من نضحك بهذه البرامج المسطحة التي
تكاد لا تقنع طفلا ؟ وأحيانا أستمع للنصائح التي تقال في هذه البرامج وكأنها
توجيهات عبثية توجّه إلى مجموعة من ضعاف العقول، بل إن كثرة الترهيب والتهديد قد
تأتي بعكس النتيجة.
لقد كدت أشك أننا
نضر القضية بفرط النشر حولها بهذه الطريقة، ولولا أنني أعلم أن غيري سوف يفتي-
بلا تردد- بما أعتبر نفسي مسئولا عن سطحيته، وضرره لامتنعت عن الاستجابة
لتساؤلات الإعلام بما في ذلك الرد على هذا الحديث. 5 - ما هو تأثير المخدرات- تحديدا- على مخ الإنسان، على أجزاءه ومكوناته
وعمله ونشاطه ووظائفه، على الخلايا العصبية الأوردة الدموية العقل الباطن والواعي، والذاكرة،
والتفكير، ونثيرها من مكونات وأجزاء المخ، وعمله ووظيفته ؟! هو تأثير سيئ جدا جدا، على كل هذا. ولكن ماذا يفيد أن
نعدد ونشرح مثل هذا التأثير السيئ، فغير المدمن لا يهمّه هذا، وأهل المدمن
يعرفون الشر والأذى والضرر أكثر من أي طبيب، والمدمن (جدا) ليس "هنا"
من أصله، فلمن نكرر مثل هذا الترهيب، والتخويف ليل نهار ؟؟ إن الشطارة ليست في
تعداد الآثار السيئة وكأننا نسمّع ما يعرفه كل الناس، ولكن الواجب أن نصل إلى
داخل المتورط، أو من هو على وشك التورط، فنخاطبه بما يصل إليه، ويبقى معه.
والترهيب وحده لا يفيد، بل أحيانا يغري أكثر بالتحدي والتجربة...
o
المعجم الخاص واللغة "التي
هي"( ليست هي!!) : ماذا يقولون وكيف نفهمهم من قبيل التقدمة: في كتاب للزميل
الأستاذ الدكتور محمد غانم أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس، نشر معجما
طريفا عن اللغة الخاصة التي يستعملها المدمنون، وفى ممارستنا الخاصة لاحظنا نفس
الظاهرة، وسوف نحاول في كل عدد أن نورد بعض هذه اللغة، لا لنعلمها لمن لا
يعلمها، ولكن سوف نفعل ذلك بهدفين، الأول: أن يعرف الناس هذه اللغة
الخاصة فلا تعود مجرد "سيم " لجماعة الإدمان دون غيرهم يتبادلون
الحديث بها أمام الآخرين وهم " يقرطسونهم " والثاني: أن يعرف
المدمن أننا نحترمه، ونحاول أن نفهمه حتى وهو يخترع لغة تبعده عنا بشكل أو بآخر.
ونحن ندعو أصدقاءنا المدمنين والباحثين إلى الإسهام في هذا الباب إما بإضافة، أو
بنقد، أو بتصحيح، أو حتى باعتراض...
o
ليست بالضرورة نصيحة، وإنما
أملا في
إنارة : نعم..............ولكن من قبيل التقدمة: لغة
النصح والإرشاد قد تكون مفيدة للسليم تماما، وكذلك لمن يسعى إليها، وأيضا لمن
يثق في قائل النصيحة، وكذلك حين تكون مناسبة في سياق مفيد، أما هذا الفيض من
النصائح الخطابية المكررة، التي تأتي من سلطة فوقية، تقف على مسافة من المنصوح فإنها
قد تأتي بعكس ما يراد منها، لذلك سوف نحاول في هذا الباب أن نقدم الإرشادات في
شكل حوارات نأمل أن تكون مضيئة مساعدة بقدر الإمكان، لذلك عمدنا إلى تقديم الرأي
الذي نرى أنه صواب في صورة شبه حوارية، وهي ما يعرف بلعبة "نعم.. ولكن". شاب في الرابعة عشرة من عمره،
جرب السجائر، ولم تعجبه، وهو على وشك أن يبدأ تجربة أخرى لوح بها زميل أكبر
قليلا (في السادسة عشرة) ماذا نقول له ؟ (1) نعم. إن التجربة مغرية، وهي أمر وارد من حيث
المبدأ ولكن الإنسان الفرد يستحيل عليه أن يجرب
كل شيء حتى يتعرف عليه، أو حتى يدرك حقيقته، وإلا كان على الإنسان أن يكرر كل ما
سبقه إليه غيره، حتى لو كانت النتائج حاسمة ومؤكدة، فمثلا نحن نستعمل الكهرباء
بعد أن اكتشفت وثبتت فائدتها، ولا نجربها من أول وجديد كلما ركبنا "لمبة"،
في مصباح، وأيضا نحن نتجنب شرب الماء الملوث، ولا نجرب مدى ضرره كل مرة فقد ثبت
بتجارب غيرنا أنه ملوث وهكذا. إذن التجربة الذاتية جميلة ولكنها ليست
ضرورية، ولا هي دائما سليمة، ولا بد من الاستفادة من تجارب الآخرين. (2)
نعم إن من يذوق طعم التجربة بنفسه هو
أقدر على الحكم عليها وعلى ضررها. ولكن...
o
جماعة المدمنين : العلاج الجمعي،
والألعاب العلاجية من قبيل التقدمة: لا شك
أن الإدمان، على ما فيه من سلبية، هو ظاهرة جماعية بشكل أو بآخر، وفى ثقافة
المجتمع المصري، نجد أن ثمة مواد لا تؤخذ إلا في جماعة، مثل تدخين الحشيش في "الجوزة"
مثلا، لكن مواد أخرى تؤخذ في وحدة، وأحيانا في السر، مثل شم الهيروين أو حقنه،
لكن سواء أخذت المادة والمدمن منفرد، أم في جماعة، فإن السلوك الإدماني يجذب
أفراد هذه الفئة بعضهم إلى بعض، سواء رجع ذلك إلى تماثل في الصفات قبل التورط،
أم أرجع إلى طريقة الحصول على المواد، وأماكن التعاطي، والمشاركة في التجربة، أو
في المصيبة، أو فرص التجمع في مراكز العلاج، كل ذلك يخلق منهم جماعة خاصة.. بالضرورة. من هذا المنطلق، فإن معظم برامج
العلاج والتأهيل تتم في جماعة، ويقع العلاج الجمعي من بين أهم الوسائل التقليدية
لعلاج المدمنين. لذلك وجدنا أن من أهم ما يمكن أن
نقدمه في هذه النشرة هو توضيح بعض مفاهيم العلاج الجمعي، الذي يمكن أن يستفيد
منه المدمن بشكل أو بآخر وبداية لا بد أن نشير إلى أن
للعلاج الجمعي (أو الجماعي) دور خاص بين كل هذه النشاطات الجماعية، ولا يمكن
الحديث عن كل المميزات التي تميز
كل أنواع العلاج الجماعي كافة، لأنه مثل سائر العلاج النفسي يختلف باختلاف
المدرسة كما يختلف باختلاف خبرة المعالج، (المعالجين)، لكن هناك عوامل مشتركة في هذه العلاجات
نوجزها فيما يلي: (1) إنه علاج وليس مجرد جلسة سمر.. (2)
إنه يبدأ باتفاق محدد عن الهدف النهائي (مثلا: التوقف، وعدم العودة)، واتفاقات
مرحلية متجددة تحددها أهداف متوسطة (مثلا: الحضور بانتظام، التقليل من التدخين.، إلخ) (3)
إن المعالج فيه مسئول، ولكنه ليس هو الشافي، فالشفاء هو نتاج عملية مشتركة بينه
وبين المشاركين. (4)
إن العلاج يتبع مبدأ. "هنا والآن" بدرجة غالبة، ومع أن أنواع العلاج الجماعي تختلف في مدى الالتزام بهذا المبدأ، إلا أنها
جميعا، حتى التي تسترشد بمبدأ التحليل النفسي، تتبع هذا المبدأ "هنا والآن". (5)
إن الحوار يتم بين أفراد المجموعة عن طريق المواجهة أنا ↔
أنت.
وليس عن طريق الكلام بضمير الغائب "هو" "هي". "هم"،
ولا عن طريق التعميم (باستعمال ألفاظ الجنس أو الجمع) فلا تستخدم مثلا صيغ:
"الناس بتعتقد" بتقول الواحد لازم يعمل كذا كذا" أصل الإنسان بيحس..
إلخ (6)
إن ما يحدث أثناء العلاج الجمعي من كشف، وروية، وممارسة، وخبرات، لا يتمادى
المعالج في تفسيره أو تأويله بنظريات وكلام، ولكن المريض يستوعبه عادة بأقل قدر
من التأويل اللفظي الذي يشترك فيه أفراد المجموعة مع المعالج بدرجات مختلفة. (7) إنه توجد أساليب مختلفة من تقنيات
العلاج، مثل التمثيل النفسي (السيكودراما) والألعاب العلاجية، وهذه الأخيرة هي
خليط من السيكودراما المصغرة، وتأليف النص، والتدريب على تلقائية الطلاقة،
والكشف العشوائي لبعض المتناقضات الممكن تحمّلها...
o
العرف
والقانون، ومدى ضرورة موافقة المدمن على العلاج يقال: إن من يرغم
على علاج الإدمان لا يشفى بنفس الدرجة التي يشفى بها من يتطوع للعلاج ونقول : إن الإقبال
على العلاج، واختياره هو أمر مطلوب وجيد ومحبب. ولكن ما
كل إقبال هو إقبال وكذلك، فإن المبالغة في قيمة هذه الموافقة
الصريحة والكاملة، والحرص عليها، وتفضيلها عن وسائل الضغط الأخرى، من الأهل أو
القانون أو العلاقة الطبية، قد يترتب عليه تأخير فرصة العلاج تأخيرا يترتب عليه
بدوره إزمان الحال أو ضياع الفرصة. ويحاول القانون أخيرا
أن يخير المدمن (المتعاطي)- بشكل أو بآخر- إما أن يعالج وإما أن يعاقب، خصوصا
إذا كان الإدمان راجعا المزة تلو المرة، أو كان في الأمر مخالفة صريحة للقانون،
ويكون وقف تنفيذ العقاب مشروطا بالعلاج وتجديد نتائجه، وفى السعودية- مثلا- إذا
دخل أحد المدمنين للعلاج (مستشفيات الأمل ثلاث مرات) فإنه لا يدخل المرة الرابعة
إذا ضبط متعاطيا، أو اعترف بذلك، أو طلب العلاج، لا يدخل المستشفى، بل السجن
مباشرة دون إعطائه فرصة رابعة، ونحن لا نناقش هذا الأمر ومدى جدواه ومعناه هنا،
ولكننا ننبه إلى أن مسألة اختيار العلاج ليست دائما هي الأصل، حتى من وجهة نظر
القانون. وفى بعض البلاد
الأوربية، يكون الاختيار الثالث (غير السجن، والعلاج القهري) هو أن يمضى خدمة
إجبارية إضافية في الجيش، يتم فيها التأهيل ضمنا. ثم إن هناك جانبا
آخر لهذه القضية لا يقتصر على المدمن، بل قد يمتد إلى المرضى النفسيين أو
العقليين بدرجات مختلفة، وهو أنه في الوقت الذي يرفض فيه المدمن (أو المريض) علاجا
ظاهرا، يوجد كيان آخر داخله طيب ومقهور وجاهز للعلاج، وهذا الكيان الداخلي لا
يستطيع أن يعبّر عن نفسه مباشرة، رغم أن الطبيب قد يسمعه يستغيث في صمت، لكن في
حالة الإدمان، فإن هذا الكيان الداخلي للمدمن، وهو المستغيث في صمت، إنما يزداد
قهره ومنعه عن إعلان الاستغاثة أنه مشلول الإرادة ممنوع من الظهور نتيجة لقهره
بالمادة المخدرة...
o
أبحاث علمية / قراءة وتعليق (وأمل
في الطريق) من قبيل التقدمة: كثرت
الأبحاث في مجال الإدمان بشكل لافت للنظر، وهذا أمر متوقع بلا أدنى شك، ولسنا
هنا نبحث عن الدافع لإجرائها، ولا نتساءل عن مصدر تمويلها أو مبررات انتشارها،
فالإجابات بديهية، والظاهرة خطيرة، والمهتمون كثيرون، ونحن نبارك، ونأمل، ونحاول
أن نساهم من موقعنا المتواضع بأي جهد حقيقي، ونبدأ بأن نمسك ببعض ما يصلنا من
أبحاث نحاول أن نتمعن قراءتها حتى ننتقل بالبحث من أن يكون هدفه النشر، إلى أن
يكون هدفه الانتشار: "انتشار" نتائجه، بما يفيد، ولن يتم ذلك إلا
بقراءات نقدية، واقتراحات لترجمات عملية. ونأمل أن يتسع صدر كل
من نتناول بحثه بالقراءة والنقد، ليحاورنا ويهدينا إلى ما غاب عنا، وأن نشجع القارئ
غير المتخصص ليسهم معنا في النقد والاقتراحات . (1)
البحث
الأول : فكرتنا وهدفنا من عرضه: عرض دقة الأبحاث فى الخارج، ومساحة
الحرية، وأثر الوراثة، واختلاف العادات- خاصة عادات النساء- بيننا وبينهم.
" اسم البحث: استعمال الحشيش (الكانابس= القنب) وسوء
استعماله، والاعتماد عليه في عينة من التوائم الإناث
(المجلة الأمريكية للطب النفسي المجلد 155 العدد 8 أغسطس 1998
ص 1016-1022) ...
o
كلمات وتوجيهات هادئة للأسرة :
إياكم والتجسس، والبداية ليست نهاية !! من قبيل التقدمة: سوف
نحاول في كل عدد أن نقدم للأسرة كلمات بسيطة واضحة نرجو أن تستقبل بفهم طيب، لأننا
كما اتفقنا، نحاول أن نتجنب النصح الخطابي فنقدم هذه الكلمات مجرد توجيهات هشة،
وسوف نخاطب الأب (بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن الأم): (1) إذا شككت أن ابنك (أو ابنتك) يتعاطى شيئا
فالأفضل أن تقترب منه أكثر، وتسمح له أن يحادثك أكثر مما اعتدت من قبل. (2)
إذا زاد ابتعاده عنك، فلا تيأس، واعلم أنه يحتاجك أكثر، على الرغم من أنه يحاول
أن يبتعد أكثر. (3)
يمكن أن تستعين بالمنطق في تفسير سلوكه، أكثر من الاستعانة بالأساليب الحذقة (التي
تشبه الأساليب البوليسية)، مثلا: تلاحظ أنه لم يعد ينفق مصروفه كما اعتاد، أو
أنه يطلب نقودا كثيرة على غير عادته لمذكرات دراسية جديدة (ربما مما قد سبق
شراؤه). (4)
إذا زاد الشك، فلا تحاول أن تحصل على المعلومات من ورائه، إلا إذا جاءتك وحدها
من صديق له محب ومخلص، "وفى هذه الحال يستحسن أن تصارحه مباشرة". (5) لا تنزعج بشكل يعوق اقترابك، وخاصة في
البداية، لأن كثيرا من البدايات لا تكتمل (أنظر البحث الأول تلاحظ أن نسبة 70%
قد انخفضت إلى نسبة 7% أي أن الأغلبية لم تتماد في التعاطي)، (6)
ليس معنى هذا أن تهمل البدايات، ولكن إذا اكتشفت أنه بدأ السير فى هذا الطريق،
فعليك أن تشعر أن المسألة تحتاج منك (ومن أمه) إلى مزيد من الوقت والجهد. (7) إن الموقف التجسسي يفسد العلاقة مهما
كانت مبرراته، وهو موقف بوليسي أساسا، والمواجهة الطيبة مهما كانت مؤلمة، أو
جاعت نتيجتها فاشلة، فهي أفضل في النهاية. (8)
إن الإصرار على فحص الدم كوسيلة أولى للتيقن من التعاطي هو نوع من التجسس على
الدم، وهو تجسس قبيح على الشخص بشكل أو بآخر، ويستحسن ترك هذا القرار للطبيب
وعدم التهديد به طول الوقت. (9)
لا ينبغي أن تستعمل الذهاب إلى الطبيب باعتباره تهديدا، بل لتكن المجابهة
استشارة بالمعنى الحقيقي للاستشارة، ولا خاب من استشار، وإلى العدد القادم...
o
كلمات نوجهها للمتورط : إياك
إياك............مهما حدث من قبيل التقدمة: أصعب
الأمور أن نخاطب المتورط بالكلمات، ومع ذلك فنحن نأمل أن تصله كلماتنا هذه بما
تحمله من مشاعر وآمال، فلا يدركها كمجرد نصائح وإرشادات : (1)
إياك واليأس من العلاج منذ البداية: لا يوجد شيء اسمه. " لا فائدة "،
وحتى سعد زغلول، ثبت أنه لم يقل "مفيش فايدة"، وحتى لو قالها، فسوف
نثبت له العكس. (2)
إنما تتحقق الفائدة حين نعرف- أنت ونحن- أنه ليس أمامنا إلا أن نحققها. (3)
إياك وتصور أن " الإرادة " هي مجرد أن تعلن قرارك، أو أن تحسن نيتك. (4)
إياك أن تطمئن لإعنر قرار العلاج، فالإرادة سوف تكتشفها من خلال ممارسة واتباع
تعليمات العلاج، وليس من خلال وعودك لنفسك بالعلاج وحماسك فى التعهدات. (5) ليس معنى أنه لا يوجد ضمان لعدم النكسة،
أنه لا يوجد ضمان للشفاء، (6)
العلاج الحقيقي يبدأ بالتوقف عن التعاطي، وليس هو مجرد التوقف عن التعاطي. (7)
لا يوجد شيء اسمه "غسيل الدم"، فالدم ليس قميصا يتسخ فيحتاج "فمّا"
على الماشي، وإنما يبدأ العلاج بإزالة التسمم وإعطاء البدائل المؤقتة، ثم التوقف
عن هذا وذاك. (8) إن مزاعم العلاج السريع المفتخر ( بدون ألم بالبنج ) هي نوع من الاتجار بمخاوفك من أعراض الانسحاب، وأيضا هي استغلال لآمالك في سرعة التخلص من الورطة. لا تخدعك السرعة ولا الإعلانات، فالأمر جد وورطتك حقيقية، فكن يقظا، فنحن نحتاج نفسك الطويل وشرف وذكاء إنسانيتك طول الوقت...
|
|||
Document Code PJ0031 |
ترميز المستند PJ0031 |
||
Copyright ©2003 WebPsySoft ArabCompany,
www.arabpsynet.com (All Rights Reserved) |