مجـــــــــلات |
|||
|
|||
الإنســان و
التطــور تصدرها جمعية الطب النفسي التطوري و العمل الجماعي
السنة الرابعة العدد 15- يوليو / أغسطس / سبتمبر 1983 |
|
||
|
|||
q
فهرس الموضوعات
/
CONTENTS / SOMMAIRE
|
|||
§
الإبداع و ذاتية العلم / د. مجدي عرفة §
من التراث : عن الحب .. و
الملكية .. و التشيء
§
اغتراب الذات
.. الديناميات و العلاج / د. هناء سليمان §
ذبذبات الصوت
/ محمد محمود عثمان §
أبي / عباس الصهبي §
أقوال صاحب
القلب الأخضر / محمد عبد المطلب §
لزومية الصمت
/ عبد المنعم مطاوع §
شكة في إبهامه /
محمد فتحي عبد الفتاح §
خابور الجسر / عبد الحميد الكاشف |
|||
q
ملخصات
/
SUMMARY / RESUMES |
|||
§
الافتتاحية 1- خطاب
مفتوح.. عملية
ثقافية أم ثقافية علمية ? مجلتنا هذه مدخل : أثار
هذا السؤال زميلنا د. مجدي عرفة وهو يتصفح العدد السابق، وقد كاد يخلو من المادة
النفسية المتخصصة، وثار نقاش كالمعتاد عجزنا معه عن تحديد الهوية بشكل قاطع،
وغلبت الآراء أن نظل كما نحن "علمية ثقافية"، حتى يتأكد لنا غير ذلك،
إذ نتميز بما يميزنا. والاجتهاد
المبدئي الذي صدرنا به، وأملنا فيه، كان يريد أن يوظف "الخاص" في خدمة
"العلم" (العلوم النفسية في خدمة التحريك الثقافي)، إلا أن الممارسة
أرشدتنا إلى أن الخاص يثريه العام، ويقومه كذلك ، ومن هنا غلبت الجرعة الثقافية
على المعلومات المتخصصة، حتى أصبح يثريه العام ، ويقومه كذلك، ومن هنا غلبت
الجرعة الثقافية على المعلومات المتخصصة ، حتى أصبح اهتمامنا " بالخبرات
المباشرة لكل عقل بشري قادر على المعايشة فالتعبير فالصياغة " هو الأصل،
وكل ما عدا ذلك يصب
فيه. وقد
حذرنا الناقد الأمين " علاء الديب" منذ صدور العدد الأول من أن نأمل
أكثر مما نستطيع، أو أن نعد بما لا يمكن الوفاء به، واحترمنا صدق ما قال دون أن
نتراجع، ورجوناه – ومثله – أن يواصل الحوار معنا، يوجهنا ويتحملنا، (لكنا مازلنا
ننتظر دون إشارة أخرى)... §
الإبداع و ذاتية العلم / د. مجدي عرفة ملخص : "
إذا اعتبرنا العلم مجموعة كاملة من المعارف كان أكثر إنجازات البشرية موضوعية، و
لكن إذا اعتبرناه مشروعا مستمرا فهو ذاتي و سيكولوجي مشروط، كأي مشروع إنساني
آخر". ذاتية
العلم …؟ .. لأول وهلة يبدو هذا التعبير غريبا و متناقضا و قد يثير الدهشة أو
الرفض أو حتى الغضب لدى بعض الناس، و لكننا إذا انتقلنا بالنقاش إلى العمق
المناسب فإن الأمور قد تأخذ شكلا آخر. نحن مطالبون هنا بأن نخطو داخل منطقة
الابستمولوجيا [فلسفة العلم أو المعرفة] لكي نناقش قضية شائكة هي قضية الذاتية و
الموضوعية في المعرفة العلمية و الإبداع العلمي. القضية
عموما ليست جديدة.. ولكنها من نوع القضايا الشديدة التعقيد والمتعددة الجوانب
التي لا يتوقف حولها النقاش ولا
تنقطع احتمالات الإضافات الجديدة التي قد تضيء جوانب متزايدة وتغذي باستمرار الأمل
في أن نصل بشأنها إلى رؤية واضحة وشاملة بدرجة كافية. ما أحاول
أن أقدمه هنا أثاره مقال غير عادي للكاتب الفرنسي بيير تويليير وهو أصلا أستاذ
في الفلسفة يهتم بصفة خاصة بمشاكل فلسفة العلم أو المعرفة. والمقال بعنوان :
" العلم والذاتية في حالة اينشتاين " وهو عبارة عن مناقشة ثرية
"للمنشأ الذاتي" لأفكار النظرية النسبية تعتمد في المقام الأول على
رؤية وآراء أينشتاين نفسه في هذا الشأن، ولعل ما سأقدمه هنا لن يعدو أن يكون من
إعادة القراءة والمناقشة لآراء ورؤى اينشتاين كما قدمها هذا المقال... §
من التراث : عن الحب .. و
الملكية .. و التشيء
مدخل : يقول نصيب : أهيم بدعد ما حييت وإن مت
أوكل بدعد من يهيم بها بع
قال المبرد : فلم تجد الرواة، ولا من يفهم جواهر
الكلام، له مذهبا حسنا، وقد ذكر عبد الملك ذلك لجلسائه.. فكل عابه، فقال عبد
الملك : فلو كان إليكم كيف كنتم قائلين?
فقال رجل منهم : كنت أقول : أهيم بدعد ما
حييت وإن مت فوا حزنا من ذا يهيم
بها بعدي
فقال عبد الملك : ما قلت والله أسوأ مما قال. فقيل له : فكيف كنت
قائلا في ذلك يا أمير المؤمنين ?. فقال : كنت أقول : أهيم بدعد ما حييت وإن مت
فلا صلحت دعد لذي خلة بعدي فقالوا أنت والله أشعر الثلاثة يا أمير
المؤمنين. انتهى الخبر ، صح، أم غير ذلك. أي حب هذا ?
وأي نقد محدود ? " نصيب" يعلن حاجته إلى دعد ما ظل حيا، ثم هو يعلن
رعايته لها بعد موته، بل يكاد يعلن أنه يعرفها حتى ليعرف من هو جدير بها، وكأنها
بضاعة نفيسة، أو أثر غال ،
يحرص صاحبه ألا يقترب منه إلا من هو أهل له، بحيث يضعه حيث كان هو (نصيب)
يضعه، وهو بذلك يطمئن إلى مصيرها بعده، بل إلى تحديد من يهيم بها إذ يقدرها قدرها، وهو في كل ذلك يعلن نوعا من الحب والرؤية فيهما من
الحاجة والسماح معا ما فيهما من صدق وإعزاز، لكنه يعلن أيضا تشييئه لدعد، وكأنها
مجرد امتلاك، مجرد شيء، يحتاج إلى
وصاية، ليس فقط في حياته، بل بعد موته، وهذا هو القبح المنفر ، لكنه قبح مقبول
لو ذهبنا إلى ما بعده مما ذكرنا...
§
اغتراب الذات .. الديناميات و العلاج / د. هناء سليمان ملخص : يتناول
هذا المقال ظاهرة الاغتراب من جانبها الاجتماعي و الفردي، و رغم أن المدخل يعلن
حجم الظاهرة في شكل المرض النفسي المعاصر، فإن المقال يطرح المشكلة العصرية في
شكلها المتحدي، و يشير في تواضع إلى الخطوط العامة للعلاج النفسي للظاهرة على
المستوى الفردي أساسا. 1- الاغتراب
: المعنى أصبح
العلاج بالتحليل النفسي في العقد الماضي أكثر صعوبة منه في أي وقت مضى، لأن عددا
أكبر من المرضى أصبح يعاني من درجات متزايدة من الانشقاق الداخلي والانسحاب
العاطفي. فقبل ذلك في عصر الهستيريا، ثم في عصر الأمراض النفسجسمية، كان القلق والصراع
يعبران عن نفسيهما في شكل أعراض جسمية. ثم جاء عصر " الاغتراب " الذي
نعيشه الآن فأصبحت الصفة المميزة الغالبة على مريض اليوم هي اغترابه عن ذاته.
ولا أشير هنا إلى المثل المتطرف فحسب : ذلك الفصامي الذي يسير على قدمين حيث
يتمكن برغم (وربما بسبب) قوقعته الميكانيكية الآلية من البقاء والتكيف – على نحو
يثير الدهشة- في مجتمعنا المعاصر الميكانيكي والآلي هو أيضا، ولكنني أعني أيضا
الغالبية العظمى من العصابيين حيث يكشف اغترابهم عن نفسه – باستخدام وصف كارن
هورني – في "انعزال العصابي عن مشاعره هو ، ورغباته ، ومعتقداته، وطاقاته،
إنه –أي الاغتراب- فقد العصابي للشعور بأنه القوة النشطة المحددة (بكسر الدال
الأولى) في حياته. إنه فقد الشعور بنفسه ككل عضوي...اغتراب عن الذات الحقة
". وللاغتراب
جانبان أحدهما اجتماعي والآخر فردي يمكن أن نجدها في المعنى الأصلي للكلمة. لقد
أكد هيجل –ومن بعده ماركس- على مفهوم الاغتراب من جانبه الاجتماعي. أما من
الجانب الفردي – الاغتراب عن الذات – فقد استخدم مفهوم الاغتراب في القرن الماضي
، ومازال يستخدم في بعض البلاد حتى الآن للدلالة على المرض العقلي في "
ذاته "... §
ذبذبات الصوت / محمد محمود عثمان بداية : -
أهلا.. أهلا.. تفضل -
.... -
معذرة الصالة طويلة لكن التحف والمناظر الخلابة على
جانبيها لن تشعرك بملل.. اشتريتها أخيرا بعد..تذكرت.. أظن سيادتك حضرت قبل ذلك.. -
.... -
آه.. هناك الكثير من مناظر الوجوه الحذرة المذعورة ..الفزعة..المستنجدة بأحجام
مختلفة في جميع الحجرات..عظيم أمن مثلي تحب التأمل دون الكلام. -
.... -
ها قد وصلنا إلى الانتريه .. سيادتك تأخذ سخن أم بارد..
لا شيء ..سيجار. -
.... -
آسف أنا أدخن من شهر.. بعد إذنك أشعل واحدة. بدون شك
تعجبك في محله ..آسف.. الموضوع الذي من أجله أرسلت في طلبك هو الذي يصيبني بتوتر
الأعصاب . لا شيء سواه يجعلني لا أستغني عن الدخان...
§
المربع / عصمت داوستاشي مدخل : المسطح
معدني صلب.. أخذ لمعانه المشع تحت عيني يتسرب وأنا أتابع رؤية أبعاده ..لينطفئ
رماديا حتى يختفي في سواد الجهات الأربع .. فالمسطح دون أدنى شك مربع كبير
لانهائي.. أو على الأقل ليس في مقدوري تحديد أبعاده.. فعيني ترصد ما يمكنها
رؤيته فقط.. بضع مئات من الأمتار ثم تتلاشى الرؤية في ضباب مظلم يحيد بأطراف هذا
المربع القائم في فراغ رهيب والسائح ببطء كوني في اللامكان واللازمان. والمدهش
في المر شيئان.. الشيء الأول أن الجاذبية من حيث وجودها.. بمعنى وجودها المتعارف
عليه.. لها أيضا أبعاد أخرى .. عرفت ذلك من تأملي لكل الناس المتراشقين حولي هنا
وهناك إلى ما لانهاية الرؤية فوق سطح المربع المعدني الصلب.. فلكل فرد منهم
جاذبيته الخاصة التي تختلف في زاويتها عن قوة جاذبية الآخرين.. بل إن هناك من لا
جاذبية لديهم تشدهم إلى شيء ما.. لو توفر لهم لكان هو الشيء الوحيد الراسخ في
حياتهم الكئيبة فوق هذا السطح المربع المعدني الصلب.. ولعل من حسن حظي أن جاءت
الجاذبية التي تشدني لأسفل من ذلك النوع المتعارف عليه.. إلا أن هذه الجاذبية
اللعينة تجعلني أعاني معاناة شديدة في أن أواصل التشبث فوق هذا السطح المربع
المعدني الأملس يدفعني خوف غريزي من الوقوع إلى الأسفل... §
أبي / عباس الصهبي §
أقوال صاحب القلب الأخضر / محمد عبد المطلب بداية : 1- قال : إنني
وحيد في هذا العالم. 2- وقال : لأنني
رجل له عقل وقلب ينبضان نبضات كثيرة، يرحلان بعيدا بعيدا، لكن العقل يعود إلى
هؤلاء الناس الذين يجلسون في المقاهي ببساطة ويجلس بينهم، ويجري القلب إلى تلك
البيوت الداكنة ذات الملامح
المتآكلة فيحتضنها. 3- وقال : قلت
لسميرة انتظريني سنوات قليلة لنركب قطارا واحدا لكن سميرة هزت كتفيها وهرعت إلى
قطار آخر به رجل آخر وسارت في طريق آخر... §
لزومية الصمت / عبد المنعم مطاوع بداية : في الليل بكيت صباي.. كان نعشه الرمادي يتهادى على طريق طويل. جسر بجانب البحر الغامض. وشواهد السواعد الشصية تتعلق في تشبث بغطاء
نعشي كان الحزن يرين على زهرات الطين وعلى أشواك الطيارة.. وعلى أوراق الزوارق- وعند حافة الأفق الدامي. كانت الشمس مختنقة.. ورتقات المغيب ترقش السماء بندف من الريبة
والإنكار.. §
شكة في إبهامه / محمد فتحي عبد الفتاح بداية : اقتحمه
المشهد رغم المحاولات الكثيرة في تفاديه. ككابوس داهمته صورتها. طلت الرأس في
البداية. بعدها اندفع الصدر فالوسط. تمدد الجسد العاري. الفخذان الأبيضان
مفتوحان. عريهما يكشف الاستدارة الآسرة عند بطنيهما. وهو . لماذا هو هكذا ? جثة معرضة . لماذا رغم إجهاد العمل في صهد الفرن، طوال اليوم، ورغم
انتهاء أصوات ما بعد التمام، والهدوء الذي لف السجن ?
لماذا لا يستطيع أن يغمض عينيه ?
لماذا الجسد العاري، وطوال الأيام الأخيرة، يصر،ـ هكذا بلا استئذان ، كطوفان .
كسيل. كانهيار. يصر على مداهمته ?
لماذا يلح اليوم بالذات ? أليعذبه ? الآن باكر هو
موعد زيارتها ? ألأنها ستأتي ? آه لو يستطيع أن يخبرها، أو يأمرها، ألا تحضر معها شيئا. وأن
تمنع عن الاشتراك في هذه اللعبة.. لو أمكنه حتى أن يرجوها، والأمر كذلك، ألا
تحضر هذه المرة، وإن كان هناك بد، ألا تحضر. نعم وأبدا... §
بعد الحفل /
عادل مصطفى " دائما يصل بعد الحفل ودائما أصافحه
على السلم صاخبا مندفعا ليملأ الخواء المنادي ". بداية : ليل يتمطى على ظهور الأشياء وسكون يتيح للمسموع أن يفصح حتى الغموض وللمرئي أن يصدق حتى الاختفاء لقد ثقل الصمت فتحرش الكامن وتظلم المحتجز وقعقعت خطوات السر.. وصلصلت حلقات المكيدة. - - -
يلزمني جيد الليل لزوم
الخباء ببعذراء والبخور للكاهن
والقهرللعبد - - - يروعني شخص الليل يروعني أنه واحد متلون يرفو منديله المهترئ المطبوع بأوجاع الدهور ورغوة الأسف ونزيف التوسلات ... ... ... §
خابور الجسر / عبد الحميد الكاشف بداية : الناس.. بالغت في الوصف ? جائز. التزموا الدقة ? احتمال. تمسكوا بالحرفية ? الله وحده أعلم.. إذ بعد ما تخرج الكلمات.. عندما تصبح في حلوق
الآخرين، لا يصبح لنا عليها سلطان.. إنما يتحكم فيها الهواء الذي يحملها. المهم.. أن هذا الهواء نقل إلى جيلنا المفتون
بعضا من حواديت هذا الرجل.. حمل إلى الآذان ما يجعلنا نعجب ونعشق ونتباهى..
وبلغة جيلنا المبهور نصفق ونهتف ونصبح.. ما يجعلنا نشوح بكلتا اليدين.. ويركب
البعض منا أكتاف البعض.. ففي هوجة الحماس المجنون يلتمس البعض للبعض الآخر كل
أعذار التهور.. بل ويضيفون للرصيد ألف مبرر ومبرر.. ومن زمن الآباء إلى الجدود، وحتى أجداد
الجدود، والأبواق العطشى لدوي
الهتاف لا تكف عن الزعيق والشوشرة.. الأبواق في تزايد.. إذن فالشوشرة كذلك في
تزايد.. ولم لا والناس كل يوم في تزايد ?... §
دراسة عن الأفيال : أ- الحب و القضية و الموت و الحساب / محمد فتحي عبد الفتاح
مدخل : كثيرا ما يقال أن
العمل الأدبي أو الفني العظيم ينطوي على أعماق وطبقات وشرائح وتكوينات تجعله
شبيها بأعماق الأرض الجيولوجية وآفاق الكون اللانهائية، كلما مضينا فيه أبعد
حصلنا على ما يزدنا ثراء وخصبا ومتعة وجودية.. ومن يغوص
في "الأفيال" يدهش دهشة بالغة من ثراء هذا العمل، وهل الحديث عن بعضه
مضمونه يلقي الضوء على ما نقصده.. هل
"الأفيال " عمل عن الموت والحساب لقد اختار فتحي غانم – بعيدا مؤقتا عن الحيل الفنية-
أن يروي لنا حياة بطله يوسف منصور من خلال " حسابه" بعد أن أفلس وفقد
الامتداد.. وذلك بترجمة وضع البطل إلى شيء شبيه بالموت الحقيقي . فالرواية تبدأ
بيوسف وقد استيقظ على ألم حاد يمزق أمعاءه.. ترنح بعده " متهالكا إلى
الحمام الملحق بالحجرة، وهناك أصابه دوار ... وتهاوى على البلاط"(8) مات
بمعنى من المعاني، لكن الأمر لم
ينته عند هذا الحد، فقد " سمع طرقات على الباب.. ولا يذكر أنه فتح هو
الباب، أو صاح بالطارق أن يدخل.. كل ما يذكره الرجلان يدخلان عليه" (ص8)... ب
- الموت
.. الحلم .. الرؤيا / يحيى الرخاوي (
القبر / الرحم ) بداية
: 1- عمل شديد
التكثيف .. كثير التداخل مفرط في الاستطراد، يكاد يتحدى قارئه لدرجة الإغاضة ، ويهدده
لدرجة الرفض، ويعريه وهو يسحبه
بأسلوب ظاهر السطحية إلى أغوار لم تخطر على باله، ثم يتركه في نفس الصحراء
الترابية مع أمل غامض في "تبديل ما" ، يكاد من فرط الإنهاك يبدو بديلا
غائما مثاليا بشكل أو بآخر. هذا هو
انطباع أول قراءة سريعة ، لأول وهلة. 2-
وللوهلة الثانية : هذه هي سكة الذي " يذهب بلا عودة" (اللي يروح ما
يرجعش)، ومن قديم وأنا أحتار باحثا عن الفرق الحقيقي بين سكة الندامة، وسكة الذي
يذهب بلا عودة، وحين كنت أسمع – طفلا – حدوتة الشاطر حسن، وأمامه السكك الثلاث :
( السلامة، والندامة، واللي يروح ما يرجعش).. كنت أشعر أن السكة الثالثة هي
أغمضها وأخطرها جميعا، حيث كان يبلغني أن الندامة الحقيقية تلحق من تورط في السير
في هذا الدرب ذي الاتجاه الواحد، وحين درست بعد ذلك مواقف النمو ومحطاته من
منطلق نظريات العلاقة بالموضوع (بالآخر) ، وعرفت أن ثمة جذبا إلى الرحم هو الذي
يفسر الموقف الشيزويدي (المنسحب)، وأن ثمة ندما على القتل الخيالي لمصدر الحب
(الأم) هو الذي يمثل الموقف الاكتئابي (النادم) أيقنت أن الحدوتة القديمة كانت
تشير إلى مثل هذا بشكل أو بآخر، ثم تأتي أفيال فتحي غانم لتذكرني بحيرتي الطفلية
، لأعود أخلط بين
"سكة الندامة" وسكة اللاعودة، ولا أتبين – في الرواية – سكة السلامة
إلا قليلا، فطوال الرواية الأسطورة يندم يوسف منصور على ما كان قبل الرحلة، ثم
يعود فيكاد يندم على ما كان قبل الرحلة ذاتها، وهو يحاول العودة لإصلاح ما فسد،
ما أفسده هو وما أفسده الدهر جميعا،ندامة ندامة ندامة، لكنه يتمادى في سكة
اللاعودة ، أليس معي الحق أن أخلط
بينهما صغيرا .. ثم..كبيرا... |
|||