مجـــــــــلات 

 

الإنســان و التطــور

تصدرها جمعية الطب النفسي التطوري و العمل الجماعي

السنة السابعة العدد 25- يناير/ فبراير/ مارس 1986

www.mokattampsych.com

 

q       فهرس الموضوعات /  CONTENTS / SOMMAIRE 

 

§         الافتتاحية

§         لماذا الفصام ؟ [استمرار الحوار]

§         المخ و السلوك : في الصحة و المرض "حول مقال فاينبرج عن الفصام " / د. رفعت محفوظ

§         الفن الفطري / عصمت داوستاشي

§         السفر الملون : بوردتيه [شعر] / محمد بدوي

§         قرد [رؤية] / د. سيد حفظي

§         تجربتي القصصية [نقد]  : خواطر حول مقالة رئيس التحرير عن مجموعة " خريف الأزهار الحجرية " / د. ماهر شفيق فريد

§         وجه عصري [قصة] / أحمد زغلول الشيطي

§         اختراق فاشل [شعر]  ( مولانا – وحيدا – فوق القمة ) / عباس الصهبي

§         مثل .. بلا موال : المثل  ابعد عن الشر وقني له أو : ابعد عن الشر وغني له  / د. أحمد حربي

§         مقتطف و موقف : حول العلاج النفسي الآن : ما هي قيمة (ثمن) الطب النفسي بدون العلاج النفسي ? (م. افلين M. Aveline)

§         أحزان طائر الرخ [شعر] / أحمد زرزور

§         رهان [إذن هو الموت وحيدا] / وفاء خليل

§         الإيقاع في القصيدة الحديثة : دراسة تطبيقية على قصائد لأحمد زرزور  / حازم شحاتة

§         الصحوة نحو الموت [رؤية] / د. يسرية  أمين  سليم

§         قصائد البحر [شعر] : النشيد – 1 / عبد المنعم رمضان

§         تحورات [شعر] / د. عيد صالح

§         الناس و الطريق : الفصل السادس لماذا باريس؟ / يحيى الرخاوي

§         الخروج [في عطش السؤال و دهشة البحر] / اعتدال عثمان

§         عشرة [قصة قصيرة] / السيد زرد

§         المتهم [قصة] / فؤاد حجازي

§         حوار [1] ماذا يبقى...؟ بين كاتب و قارئ

§         حوار [2] عودة إلى شروط لعبة الإبداع

 

q       ملخصات  /  SUMMARY / RESUMES 

 

§         الافتتاحية

يناير 1980 – يناير 1986.

لتكن السنة السابعة، وليستمر الصدور بالقصور الذاتي والعجز المرحلي من التراجع، وليكن الاعتراف بأننا نتردد أكثر مما ينبغي ، ونأمل أكثر مما نستطيع، وننتظر أكثر مما يصلنا، ولكن يبدو أن كل هذا لم يزد ولم ينقص من دفعنا، كما لم يبلور لنا – بعد – شكلا خاصا تماما قادرا على النمو للتميز.

وإذ كان مثل هذا الاعتراف يعلن القصور، فإن اعترافا مواكبا بالشكر لا بد أن يوجه للقارئ الذي له الفضل كل الفضل في كل الإيجابيات التي بررت استمرارنا حتى تاريخه.

لكن المسألة – على الصعيد الوسع- ليست هكذا تماما، فثمة حركة حقيقية تتجه إلى أعلى ، وحتى الحركة العشوائية ، أو الحركات السفلى ، هي دفع مبدئي ، مثير أو منذر ، لا بد وأن تجعل " كل من يهمه الأمر " يتحرك بالمقابل.

ليكن أداؤنا خاصا ومرحليا، إلا أن ما حولنا يوحي بأننا لسنا نشازا تماما، وأن ما هو جاد، وما هو إبداعي، وما هو مغامر ، وما هو مثابر، موجود ويزداد في وطننا الأصغر ن مصر، وفي أهل "العربية". ( ...ولا أقول العرب) هذا ما بلغني فجأة وأنا أمر مرور التلميذ الشاكر المستبشر خلال العددين الخامس والسادس من فصلية ثقافية يقال لها "كلمات" ، تصدر عن أسرة الأدباء والكتاب في البحرين، ولولا استغاثة في داخل صفحاتها تطلب العون المادي لتجنب " التعثر والوأد" ، ولولا إعلانات غير مناسبة تخلت صفحاتها – لكان عثوري على هذا العمل الجاد من ضمن مبررات الإسراع بإيقاف " الإنسان والتطور"، مادام ثمة من هو أفضل وأقدر يقوم بالواجب – لكني ، ورغم البترول والخليج والإعلان والورق المصقول، - لا أطمئن لمصادر التمويل المرتبطة بنظم اجتماعية واقتصادية تسمح بالقدر الذي تظهر فيه " الكلمات" – مهما بلغ صدقها – كديكور للنظام، أو صمام أمن لمنع التغيير الحقيقي، لا أطمئن لهذه المصادر لأنها حتما سترفع يدها (قرشها) حين تتهدد كياناتها حقيقة وفعلا بتغيير جاد وجوهري ، ولكن هل نحن ( الإنسان والتطور) بعيدون عن مثل هذا الخطر ? نقول : نعم ، بالنسبة لمصادر التمويل الخارجية ، فليس لدينا إعلانات ولا نحن تحت رحمة تمويل خارجي، أما بالنسبة لاعتمادنا على فرد أو أفراد فالمصيبة أقرب والخطر أشد. فما العمل ? لست أدري...

 

§         لماذا الفصام ؟ [استمرار الحوار]

مدخل : كان علينا أن نتوقف قليلا أو كثيرا قبل الاستمرار في حوارنا حول السلوك في الصحة والمرض وعلاقته بالتركيب البيولوجي للمخ داخلين من مدخل الفصام                بوجه خاص، فما هو الفصام ? ولماذا ? .

ولقد تجنبا منذ بداية صدور هذه المجلة (ورغم أن الذي يصدرها هي جمعية للطب النفسي) أن ندخل في تفاصيل تعريفات وحدود لماهية مرض بذاته له اسم بذاته شائع أو غريب، ذلك لأن أزمة المرض والصحة كانت – ومازالت- بالنسبة لنا هي أزمة أكبر من تلك المسميات التي حبستها فيها تعريفات وشائعات، نعم وشائعات.

ومرض الفصام بالذات، قد شاعت لتعريفه شائعات جعلته لغز الألغاز ، ومازالت مجلة متخصصة فيه هي " نشرة الفصام" تنشر مقالا افتتاحيا في كل عدد تقريبا تناقش موضوع " ما هو الفصام" ، ولكن الشائعات في الصحف السيارة ، والمسلسلات التليفزيونية ، وعلى المقاهي، وبعض الجامعات تقول بحسم عجيب :

(أ‌)      أن الفصام هو "ازدواج" الشخصية، ويصل هذا التبسيط المخل إلى تصوير أن الذي تنتابه نزعات شريرة أحيانا، ويبدو طيبا جدا في أحيان أخرى، هو مزدوج الشخصية، أي أنه فصامي.. يا سلام. ويشير البعض من هذا المنطلق إلى أن وجهي "دكتور جيكل" و "مستر هايد" هما الصورة الرمزية لماهية الفصام.

(ب‌)  وشائعة أخرى تعتبر أن الفصام هو الجنون بلا تمييز، أي أنه اللفظ المرادف لكلمة  أكثر غموضا، أو أنه سلة مهملات نلقي فيها كل شذوذ شديد في السلوك، إذا لم نتمكن من وصفه بصفة أخرى.

(ج‌)     وشائعة ثالثة تؤكد أن الفصام هو "عته" بمعنى تدهور في القدرات العقلية ( لا رجعة فيه في وهم الكثيرين) – وترجع هذه الشائعة إلى بداية وصف الفصام في أواخر القرن الماضي "موريل" ثم "كريبلين" باعتباره  العته المبكر وهذه الشائعة ، رغم تكرار نفيها منذ "بلولير" ، ثم بنتائج العلاجات الأحدث وشفاء جمهرة من المرضى، رغم ذلك فهي مازالت راسخة في وجدان الناس، وبعض العلماء، والأطباء على حد سواء.

(د‌)     وشائعة رابعة تصور الفصام باعتبار أنه  " ..مرض يصيب المريض" مثل مرض التيفود أو تسوس العظام، وهذا الفهم يختزل ما هو موقف كينوني خطير (وهذه هي حقيقة الفصام) إلى إصابة " تلحق " بكيان قائم، وكأنها في الأصل خارجة عنه، وكأن الأمر ليس إعادة  تنظيم – أو قل : إعادة سوء تنظيم للكيان نفسه "منه فيه" إن صح التعبير.

(ه)   وشائعة خامسة تركز على الفصام من ناحية أسبابه بدلا من أن ينظر فيه "في ذاته"، فمرة هو نتاج فيروس ( مثل الأنفلونزا) ومرة  هو نتاج اضطراب كمائي محدد أو متعدد، وقد يتمادى الأمر حتى نظل نتكلم في ما الذي وراءه، وكأننا نعرفه (وهذه بعض المخاوف التي أوحت بها بعض قراءات المقال محل المناقشة : انظر بعد : )... 

 

§         المخ و السلوك : في الصحة و المرض "حول مقال فاينبرج عن الفصام " / د. رفعت محفوظ

مدخل :

أولا : ابتداء أود أن أؤكد أهمية هذا المقال، في هذه المرحلة من تطور " العلوم النفسية" بصفة عامة،  "والطب النفسي" بصفة خاصة. وقد وصف المقال، في التقديم له من رئيس التحرير، بأنه " رؤية شاملة تبدأ من منطلق بيولوجي " ، فلقد استخدم المقال لغة المخ ، أي ما يحدث داخل المخ من تغيرات ، في محاولة لتفسير بعض المظاهر السلوكية في الصحة والمرض (بالتحديد هنا مرض الفصام) .. وهذه اللغة في حد ذاتها ليست جديدة في مجال الطب النفسي ، ولكن الجديد فيها هو أبجديتها ، والتي تلزم لشرح نتائج ومعطيات الأبحاث المعملية الحديثة، ومحاولة الربط والتركيب في فروض عاملة، تثير البحث والتفكير للوصول إلى أبجديات أخرى كثيرة في معجم هذه اللغة القديمة، ألا وهي " لغة المخ " .

ثانيا : الملاحظات المتأنية للمظاهر السلوكية ، بمداها الواسع في المرحلة الهامة والثرية والحرجة معا، ألا وهي مرحلة المراهقة، تدعو للتساؤل دائما عما يحدث في "المخ البشري" من تغيرات.. وهذه الملاحظات تتسق مع ما ساقه " فاينبرج " من أن "المخ البشري يعاد تنظيمه جذريا خلال مرحلة المراهقة"...

 

§         الفن الفطري / عصمت داوستاشي

مقدمة : منذ أن كان لي شرف المساهمة في هذه المجلة التي أعتبرها رائدة في مجالها التحريري وذات خصوصيات طيبة تثري الحركة الثقافية وتقلب عليها أوجاعها .. ورغم الصمت الذي يحيق بها ويضيق بها رئيس تحريرها من وقت لآخر وكذلك المساهمين في تحريرها.. ورغم أني أزعم أن للمجلة حضورا قويا في وسط المثقفين والأدباء فإن طموحي في أن يواكب إخراجها الفني مثيلتها من حيث غلاف ملون (أوفست) وجمع تصويري وطباعة الرسوم على أفلام وليس على أكليشيهات تمشي على أربع أرجل الخ.. الخ مما يجعل عم سيد الذي يطبعها بروح المسئول الأول عنها يغضب مني غضبة كبرى (على وزن الصحوة الكبرى).

أقول أني مستعد أن أتراجع بكل طموحاتي من أجل استمرارها بهذا الشكل المتواضع الذي أصبح علامة مميزة لها ولكن هذا لا يغفر لي تقصيري تجاه طموحات أخرى لم أتمكن من تحقيقها في تحرير المادة الفنية من الرسوم المرافقة للموضوعات إلى تحرير كلمة عن الفنان المبدع الذي يقدمها وعن الرسوم أو اللوحات نفسها...

 

§         السفر الملون : بوردتيه [شعر] / محمد بدوي

بداية :

الليل حلفاء الجياع

صلابة العينين يدهمها الخريف

وبحر الصمت ينفض ريشه الصخري

تلك رقطاء البلادة تحتفي بالقبرات الهاجعات

ينام العاشق المرتد موبوءا برقصته

يسير الوقت جنديا خفيف الوزن والقلب

كان صوت شجيرة الأفق المندى بالهوى يخبو

نساء الموت يجتزن السلالم

حاملات ظلمة الأرماس والظل البغيض

كل شيء صار يكتب ليله

وصلابة العينين

والذكرى...

 

§         قرد [رؤية] / د. سيد حفظي

أن تكتب وتنفث وتعبر

أم تبصر وتحدد فتكتب وتساعد ?

أن تعترض وترفض

أم خوف من تصادم يؤجل ?

أن تثق وتخترق

أم طمع الاعتماد ?

اللوحة الأولى :

تكشف عن فخذيها، يفك أزرار سرواله،

فأرتعد وكأني أسقط.

ينهمر لبن ثديها، فينساب منه العهد،

وأقف وحدي في مهب الريح.

لن يقتنع أحد،  ، وحتما سأفقد صداقة.

اللوحة الثانية :

يطعنني في ظهري ، وأنادي بالدفاع عن النفس

يرتفع صوته معارضا، وأجدني وحدي

أصد عني تهمة، فأخسر تحية الصباح.

اللوحة الثالثة :

يبرز كفيه وبأثرهما عرق العمل، لكنه يختبئ خلف المقصد النبيل، ويعلن عن تلوث ونتن، يبيعني ابتسامته ويشتري خضوعي، عن طلبت نظافة وحلاوة، اعترض وظلمني وهجرني،

وكأني لا أحبه،

..........

 

§         تجربتي القصصية [نقد]  : خواطر حول مقالة رئيس التحرير عن مجموعة " خريف الأزهار الحجرية " / د. ماهر شفيق فريد

مدخل : موضوع هذه الخواطر مجموعتي القصصية " خريف الأزهار الحجرية " التي صدرت في سلسلة " كتاب المواهب " عم المركز القومي للفنون والآداب بالقاهرة في سبتمبر 1984 من مجلة "الإنسان والتطور" ، أن أقدم شكري لكل من كتب عن هذه المجموعة أو نوه بها.

" خريف الأزهار الحجرية " مجموعتي القصصية الأولى، والأرجح ـ أنها ستكون الأخيرة.. فقد مضت على كتابة آخر قصة منها – وهي قصة " اللابيرنت المظلم " – خمسة عشر سنة لم أكتب خلالها عملا إبداعيا واحدا لأني – ببساطة – من المؤمنين بقول الشاعر الألماني رلكه لشاعر شاب : لا تكتب إلا إذا شعرت أنك ستموت إن لم تفعل. وأنا لم أعد أشعر بهذه الرغبة العارمة اللاعجة المومضة في الكتابة منذ انطوت صفحة شبابي الباكر، وأوغلت في مرحلة منتصف العمر، وهي مرحلة غلب عليها ممارسة النشاط النقدي والاتجاه إلى الترجمة... 

 

§         وجه عصري [قصة] / أحمد زغلول الشيطي

مدخل : حبيبتي قالت إن وجهي يشبه فردة الحذاء ذات البوز، وان شاربي هو الرباط. أيد قولها أخاها سليمان، وخالي معاطي وخالتي نوسة وشريف ابن أختي ماجدة وسامية زميلتي في العمل وسيادة المدير وجمعة صديقي من ابتدائي، كذلك أيدت ماما قولها، وبابا أرسل من قبره رسالة مفادها أن وجهي يشبه فردة الحذاء الفرنساوي ذات البوز، وأضاف أنه يرسل تحياته إلى حبيبتي وإلى ماما أمنياته الخاصة، داعيا الله – عز وجل – أن يتم شفاءها، وأن يراها إلى جواره في القريب العاجل. سألت حبيبتي، عما إذا كان وجهي يسبب لها مشكلة، قالت أنها فكرت في الأمر بجدية، وأنها ترى أن حلاقة شاربي ستغير حال وجهي، إلى شكل مختلف ، وإلى الفضل طبعا ، وقالت ربما يشبه وجهي لحظتها ثمرة جزر مقلوبة ، ولأنني أحب حبيبتي ن حبي لماما وبابا وأختي وخالتي وخالي وأقاربي وزملائي، ولأنني أثق فيها، لأنها ذكية استطاعت أن تصبح معيدة في الاقتصاد المنزلي، ذهبت إلى الحلاق ، وطلبت منه أن يزيل شاربي من الوجود، اقترح أن بإمكانه تشذيبه بطريقة شديدة الطرافة، تجعل وجهي قريبا جدا من وجه المدعو همفري بوجارت، سألته عما إذا كان وجه همفري بوجارت يشبه فردة الحذاء الفرنساوي ذات البوز نظر إلى وجهي في المرآة، وبصق عليه بصفة كبيرة، ظلت تسيل حتى سقطت في الطبق، فيما كان يزيل شاربي من الوجود، بعصبية غير معهودة في هذا النوع من البشر، فعرفت أنني أخطأت في حقه، دائما سيادة المدير يقول أنني أخطئ دون أن أدري، لأن عقلي تائه في أشياء غامضة لا يعلمها إلا الله، لرأيت وجهي يتحول تدريجيا إلى ثمرة جزر مقلوبة... 

 

§         اختراق فاشل [شعر]  ( مولانا – وحيدا – فوق القمة ) / عباس الصهبي

شكرا.. يا مولاي.. وعذرا

شكرا.. عذرا

ما كان لصعلوك مثلي

 إلا أن :

يتأدب في حضرة مولاه

ويبارك حكمة مسعاه

لكنك أنت رضيت تصاحبني

فلماذا ?

عدت، إذن،

تغضب مني ?

ها أنت صحوت.. خرجت من القصر..

تفتش عما يبرئ سأمك

من بعد أن اجتهد العطارون

فزادوا ألمك

ها أنت تسير.. وحيدا

لا يتقدمك الحرس الشاكي

أو تسبق خدمتك

تدخل مذعورا بيت الحكمة

يلتفت إليك فلاسفة العصر المخبول

يرتجلون قصائد مدح

توقظ همك

تكمل رحلتك إلى المعبد

يستغفر كهنتك.. يصلون

لعل الوثن الأكبر..

يشفي سقمك... 

 

§         مثل .. بلا موال : المثل  ابعد عن الشر وقني له أو : ابعد عن الشر وغني له  / د. أحمد حربي

ثم يقول : أيبتعد المرء عن الشر ثم يقني له، بمعنى أن يجعل بينه وبين الشر قناة وحاجزا ? أم كما جاء في القاموس في مادة " قنأ " : قنأ فلانا أي قتله (القاموس المحيط).

أم يبتعد المرء عن الشر ثم يغني له، وهنا الطامة الكبرى : السلبية وتشجيع الظلم في آن.

ولعل مثلا كهذا يدعو للجبن الذي هو سوءة تماما مثل التهور، بل هو أشد سوءا من التهور.

ولعل أول من قال بهذا المثل حاكم عربي، لا هو إنسان قبل التكليف وحمل رسالة الرسالة والأمانة، ولا هو حيوان خلت حياته من هموم لم يعرفها... 

 

§         مقتطف و موقف : حول العلاج النفسي الآن : ما هي قيمة (ثمن) الطب النفسي بدون العلاج النفسي ? (م. افلين M. Aveline)

( مجلة اللانست The Lancet  الطبية البريطانية مجلد 11 صفحة 856 سنة 1984 – الموجز).

المقتطف :

" كان من المصادفات العجيبة – وفي خلال شهرين فقط- أن تظهر ثلاث مثالات افتتاحية في مجلات طبية رائدة تتفق جميعها على نقد العلاج النفسي، وقد عرضت هذه المقالات وجهة نظر تقول : أن العلاج النفسي يفتقر إلى الأساس العلمي، وأن فاعليته ليست أكثر من فاعلية عقار زائف Placebo ، باهظ التكاليف، وقد تراجع العلاج النفسي عما كان عليه من وفرة في مجال الممارسة الطبية الخاصة ( غير الحكومية) في الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد أدى ذلك إلى إثارة تساؤلات حول قيمة إدخال العلاج النفسي في الخدمات الصحية التأمينية ، حيث أنه لا يوجد ما يبرر تشريع ذلك، لا على مستوى نتائج التجربة، ولا على مستوى تحليل القيمة بالنسبة لما يدفع فيه من ثمن Cost-benifit-analysis.

والتساؤلات المطروحة الآن تشمل :

(1)    هل الأدلة المشيرة إلى (حقيقة) النفع هي واهية إلى هذه الدرجة ?.

(2)    ألا توجد دراسات منشورة يمكن أن نستقي منها المبادئ التي تتحكم في العلاج ?.

(3)    ما هي حقيقة العلاج النفسي بالنسبة للتأمين الصحي الوطني... 

 

§         أحزان طائر الرخ [شعر] / أحمد زرزور

الذين رشفوا دمي /

وهو يتلألأ في محاجر الرفاق

: لم يفلحوا في استكناه ما دار بخلد أمي

وهي تنفرط بأحشائي...

" ودت يوما

أن تتمدد قبلي فوق ربيع العشب

وأن تتنشف بالضياء البكر..."

.... والذين رشفوا دمي /

وهو يثرثر مبدئيا رأيه

في أشداق البشر الكأسين

: لم يتبينوا – عن قرب-

خنجرا حفريا يتوامض في قاع الكأس

خنجرا يتوامض في قاع الكأس

الأولى..

، ولذلك :

قدموا للحياة

ديناصورات عريضة المناكب

تفتقد الحد الأدنى من الوعي الأيكولوجي... 

 

§         رهان [إذن هو الموت وحيدا] / وفاء خليل

مدخل : أنا مهنتي / وظيفتي فنان. فنان ناجح والحمد لله والشكر لله. روحي وحياتي كلها تشكلت تقريبا من خلال قيمة النجاح في العمل الفني. أعيش نجاحي أكثر مما أفكر فيه. ونجاحي يستغرق كليتي ولا يترك لي إلا بقايا طاقة لنجاح جديد. أعمل، فالدين قرآنا وحديثا شريفا يحضان على العمل، والعلم يوجب العمل والضرورات المادية والروحية تقتضي العمل. أومن بحكمة الأب متى المسكين في رسائله الروحية حين يشرح كيف أن الله يظهر من خلال العمل، مؤكدا  بأنه يظهر لنا بكل وضوح أن الله والعمل حقيقة واحدة، فالعمل إما يكشف عن وجود الله فينا أو يكشف عن غيابه تماما. ومن هنا يظهر سر الصبر في العمل، بل سر الاحتمال للمصاعب الذي يسمى بالنجاح ، معلنا عن العنصر الإلهي الكامن فيه والذي يهدف في النهاية وبصورة شاملة وكلية إلى تجديد العالم من خلال العمل والشهادة للرب من وسط موات المادة وجمودها.

الحياة كلها عمل في عمل. والإجازة إجازة من عمل. وأنا أحترم العمل وأعشقه وأحترم بداهة النجاح فيه.

لي علاقات مع الناس الذين يعتمدون في معرفتهم بالعالم – ضمن ما يعتمدون- على تصورات، أو ينشئون بخصوصه بعض العقائد والأفكار ليملئوا فراغاته، أنا ملأتها بنجاحي.

............

............ 

§         الإيقاع في القصيدة الحديثة : دراسة تطبيقية على قصائد لأحمد زرزور  / حازم شحاتة

مدخل :

*  " وقد يعرض لمستعمل الخطابة شعرية، كما يعرض لمستعمل الشعر خطابية وإنما يعرض للشاعر أن يأتي بخطابية وهو لا يشعر إذا أخذ المعاني المعتادة والأقوال الصحيحة التي لا تخييل فيها ولا محاكاة ثم يركبها تركيبا موزونا ، وإنما يغتر بذلك البله ، وأما أهل البصيرة فلا يعدون ذلك شعرا، فإنه ليس يكفي للشعر  أن يكون موزونا.  (ابن سينا)

*  " فقوام الشعر وجوهره عند القدماء هو أن يكون قولا مؤلفا مما يحاكي الأمر وأن يكون مقسوما بأجزاء ينطق بها في أزمنة متساوية ، ثم سائر ما فيه، فليس ضروري في قوام جوهره ، وإنما هي أشياء يصير بها الشعر أفضل وأعظم هذين في قوام الشعر هو المحاكاة، وعلم الأشياء التي بها المحاكاة، وأصغرها الوزن" . (الفارابي)

*  " وهاهنا نوع آخر من الشعر وهي الأشعار التي هي في باب التصديق والإقناع أدخل منها في باب التخييل وهي أقرب إلى المقالات الخطابية منها إلى المحاكاة الشعرية (.....) وهو كثير في شعر أبي الطيب، مثل قوله :

ليس التكحل في العينين كالكحل          في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل "  (ابن رشد) 

 

 

§         الصحوة نحو الموت [رؤية] / د. يسرية  أمين  سليم

مدخل : في وقت لاحق، لا ندري متى ، بل وربما هو نفسه لا يدري متى، إذ نفسه تعرف توقيتا... وجسمه يعرف توقيتا ثانيا، والآخرون من حوله يحددون أو لا يكادون يحددون توقيتا ثالثا، ورابعا... ففي لحظة ما وحيدة في حدتها وحادة في تتابعاتها أشاح بنفسه وجسمه وروحه عن الحياة بما فيها وسار نحو قدره المحتوم كما يسير المتهم المحكوم عليه بالإعدام نحو غرفة الإعدام... وبدأ العد التنازلي .

الأطباء يقولون أنه ينزف ويرددون : هذه علامة خطيرة وهو يعلم أكثر مما يعلمون ولكنه لا يريد أن يصرح لا لنفسه ولا لغيره، ثم هو لا يريد أن يقاوم ، لقد خارت قواه غير المرئية، لقد فات الأوان... " أريد أن أعيش " ، ينطق بها لسانه، تتلاشى في الهواء كما يتبدد الدخان ، لقد فات الأوان بلا فائدة من المقاومة ... لقد قاوم من قبل كثيرا، لا فائدة، .. لا فائدة، إنها لا ترن في أذنه ، ولا ينطق بها لسانه، ولكن يتكلم بها نبض الحياة في جسمه، كل شيء توقف عن الدفاع حين اتخذ القائد قرار الاستسلام مع عدم الانسحاب ، جمدت الحياة في خارجه وفي داخله، ترى من يراه ? فهو نفسه لا يقوى أن يكشف الغطاء عما يحدث في داخله، فهو يختبئ بنفسه في نفسه، في نفس الكلمات التي لم تتغير لا في معناها ولا في شكلها ولكن التغيير عميق ودفين وجارف في قواه، فالقرار هو قرار الموت، قرار الموت دون ضجة، دون ثورة، دون صرخة ألم فالتصرفات المكتومة اغتيلت منذ زمن ولا أحد يمد يد المساعدة لا الآن ولا من قبل، فالسواعد تتلاطم في الهواء وكأن أصحابها يلعبون لعبة القطة العمياء فلا تصادف أذرعهم جسمه ولا يقابل جهدهم حركة نفسه، فالمسافة بينه وبينهم اختلفت مقاييسها فهي لا تخضع لا للعيان ولا للعرف، لا في زمانها ولا في مكانها، وهي ليست وليدة اللحظة، لحظة الانقلاب وإنما هذه المسافات امتدت وطالت وتعقدت عبر سنوات العمر منذ الميلاد إلى يوم الميعاد...

 

§         قصائد البحر [شعر] : النشيد – 1 / عبد المنعم رمضان

وكنا مبعدين

نطارد الغفر الأيائل

ثم نكسو جلدنا

بدم التعازي

نتقي بهوا من الصفصاف

كان يضمنا

والبحر

والآجر

كنا مبعدين وباردين

وكان للرب التعازيم

وللضباط مبنى الجيش

والإسفلت

والإسطبل

كانت بين أيديهم عطايا الجند

دسني في الطريق العام

وأكشفني

وأوقفني على قدميك

يا سرى

يا شارد

يا وطني...

 

§         تحورات [شعر] / د. عيد صالح

تقف على قمة هرم الأزمنة الأولى

أحزان شامخة أسطورية

ترفع راية أوجاعي وضياعي

في بحر الأيام الراسية بشطآن المجهول

ساحة قلبي مكتظة

ملأتها أعشاش العناكب...

تسقط فيها أعراس خفافيش

تتوهج دانات منفجرة

تتبعثر أشلاء طواغيت

وتوابيت

أعشق أغنية الموتى

أتدثر بالأكفان وبالألحان وبالدرر الملقاة بأرض القلب المسكون بجني ثار على أنظمة الدقات الفارغة من الحب المفتقد بجدران كهوف السحرة... 

 

§         الناس و الطريق : الفصل السادس لماذا باريس؟ / يحيى الرخاوي

§         الخروج [في عطش السؤال و دهشة البحر] / اعتدال عثمان

صوت أول

قال :

رأيت وما رأيت، إذ كنت أقف في عماء وغمر، فقلت لأسمى الأشياء.

قلت :

أكون بحرا، وسماء، وأرضا. فإذا بمتن الريح يحملني إلى الجهات الأربع . وإذا بي أتكاثر جبالا ووديانا وجزائر، وكان بي شيء من أطراف السماء محدق بالأرض والبحر كما الغمام، ينهمر لأبناء الحياة.

وكان بي نور وظلمة.

وصوت آخر

قال :

قصدت وما قصدت، فوجدت حلة ضوء لبستها وانطلقت في هواء السماء، سهما في قوس، وبي صدق أحوال المشتاقين في القصد، وصدق أحوال الساكنين في الوجد، وعطش كل قاصد، ودهشة كل واجد، وفي عطشي ودهشتي عرفت أنني قصدت لكنني ما عرفت.

فقلت :

هذا بحر، وتلك سماء، وهذه أرض فمن أكون ?

 

§         عشرة [قصة قصيرة] / السيد زرد

قرص الزهر وصاح : شيش بيش.

قلت لنفسي : يا ولد .. الأيام تكر، وأنت قد كبرت.. شعر الرأس تساقط، وما تبقى فقد لونه الأسود، أصبح بنيا كلون أسنانك التي سودها الدخان.. لعله لم يعد يظهر للناس – في هذا الزمان- حين يشيبون شعر أبيض.

أعلنها مبتهجا : يا دبش.

قلت لنفسي : يا ولد .. الأيام تكر والفصول تتعاقب، وأنت دائما " في النازل" ، قد جاوزت الخامسة والثلاثين، ولم يعد في العمر قدر ما فات.. فافعل شيئا.

قال بفتور : جهار دو...

 

§         المتهم [قصة] / فؤاد حجازي

بداية : حث محاميه على الإسراع . استقلا عربة، وجملا يمرقان في شوارع المدينة.

-    لا بد من الاهتداء إلى المكان الذي ستنعقد فيه المحاكمة بسرعة. وكان كاتب المحامي، قد استعرض في اليوم السابق ، كشوف القضايا التي ستنظر أمام المحاكم

المعروفة ولم يهتد إلى اسمه.

وحاول المحامي أرجاء البحث، حتى يصله إعلان بموعد ومكان المحاكمة، ولكنه لم يأبه له. وقال أنهم في المرات السابقة لم يرسلوا له . لذلك ينبغي اللحاق بالمحكمة، قبل انعقادها ، حتى لا يفاجأ بحكم جديد. وهو لا يريد التقصير في الحضور أمامها مرة أخرى.

مرا بجميع المباني ، المحتمل انعقاد المحكمة في أحدها، دون جدوى. ولما مط المحامي شفتيه، شبك يده بذراعه، ودفع به إلى الشوارع الضيقة، في الأحياء القديمة. أشرفا على باحة بين البيوت، بها جمهرة من الناس. وثمة آثار في وسطهم، تدل على أن حاويا، أنهى ألعابهن وانصرف منذ قليل.

-        لقد أجادوا التمويه، والأدهى من ذلك أن المحاكمة تمت وسط الناس فأي حجة بقيت لنا لندفع بها... 

 

§         حوار [1] ماذا يبقى...؟ بين كاتب و قارئ

الرخاوي : معذرة إذ لم أستأذنك، كلماتك هزتني حتى قاع القاع، إلا أن مديحك أحرجني، لكني بم أسمح أصلا لمقص نكرهه فيما نكره، أن يعبث في ألفاظك، فليغفر ربي لكلينا.

شكري : نثرت مدادك فوق الأوراق، ومضات من نور، ألقيت رسائلك على ورق الأشجار، وسطورك خطت كل الطرقات، صرخات من أعماق الأعماق، حملت الريح صدى أنفاسك.. كي تنثر فكرا لم يفهمه "العقلاء" ، ما أغبى العقلاء.

الرخاوي :

لا تنفخ- شكري- في إنسان عادي يحيا المأساة بوعي يأبى أن يستدرج دون بصيرة، فأنا لم أخط سوى بضع الخطوات على درب لم أتبين بعد معالمه، لا تحسب لأني أعرف غير ضرورة حث السير إلى كل المأمول، حتى لو لم يظهر في الأفق علامة، حتى لو لم يتردد في جنبات الوادي غير صدى وقع الخطوات المتفردة المنهكة الدائبة الحركة.

شكري : عفوا، تركوك وحيدا في محراب الصدق ووادي الحق، تركوك وحيدا في صدق الإحساس، تخرج بعض الهمسات من زفرات القلب مقطعة الأوصال.. تحكي للأجيال – رغم القول الموجز – آلاف الكلمات.

الرخاوي : يا ليت القول متاح، يا ليت القول متاح !! تنوي .. ، تبدأ.. ، تضطرم الثورات الكلمات بكل رموز القول المبدع، لكن عندك !! ، يأتي – من داخلك كذلك- من يقطع أوصال الألفاظ بسكين بارد، يتوهم بطش الأعلى.. أو يتصور فهما أكبر من قدرة قلمي، أو يستسخف مثلا عاميا لا يعجبه، أو يرشو السلطة، لكن ما يبقى يكفي يا شكري حتى لو قالوا "ألا نركعها" دون القول بأن الممنوع هو السكر البين في محراب الله... 

 

§         حوار [2] عودة إلى شروط لعبة الإبداع