مجـــــــــلات 

 

الإنســان و التطــور

تصدرها جمعية الطب النفسي التطوري و العمل الجماعي

السنة السابعة العدد الثامن و العشرون أكتوبر / نوفمبر / ديسمبر 1986

www.mokattampsych.com

 

q       فهرس الموضوعات /  CONTENTS / SOMMAIRE 

 

§         الافتتاحية ..

§         علم نفس الأنا (دراسة) / د. رفعت رفعت محفوظ

§         القطار / عصام اللباد

§         الهبوط إلى صحراء التتار / إعتدال عثمان

§         المحدود واللامتناهي : قراءة في موقفي الصعود في ...والهبوط إلى.../ وليد منير

§         قراءة بعد القراءة في ذات الخبرة / سيد حفظي

§         الناس والطريق : الطريق إلى الناس / السفينة : أدرياتيكا – البحر : الأبيض، الزمن 10/8/1986

§         رؤيا / السيد زرد

§         مثل وموال : قانون الواقع من الجبر والاختيار إلى الحسابات والتعلم

§         النوري / هالة نمر

§         وتريات تشكيلية / عصمت داوستاشي

§         مقتطف وموقف :

§         أعاصير / أحمد إسماعيل

§         اللغة والفصام  : مقدمة / د. هناء سليمان

§         إفلاسات الزمن الواضح / محمد يحي الرخاوي

§         حوار : شجاعة خطرة ..أم عمق مسطح ? / يحيى الرخاوي و صلاح الدين محسن

 

q       ملخصات  /  SUMMARY / RESUMES 

 

§         الافتتاحية ..

يصدر هذا العدد من المجلة، ونحن في حيرة، إذ نجد أنفسنا نعمل بدون رئيس التحرير بعد ابتعاده المؤقت، الاختياري/ الاختباري/ الطوعي/ التطوعي، (انظر ما قبل الافتتاحية ، والافتتاحية في العدد الماضي)، فندرك خائفين ، ومعاندين، كم المسئولية اللازمة للاستمرار والتحدي...

...................

نراجع أنفسنا في هذا العدد، فنتذكر أننا مجلة "علمية" ثقافية، فيعود الجزء العلمي ليأخذ مكانا جديرا به على صفحات العدد، فيقدم لنا الدكتور رفعت محفوظ بلغته الدقيقة دراسة عن "علم نفس الأنا" ، ملقيا الضوء على جوانب غير معروفة في نظرية التحليل النفسي، تلك الجوانب التي اتسعت بعد رحيل المؤسس فرويد، لتقدم رؤية شاملة للنفس الإنسانية استحقت أن تسمى بعلم نفس جديد، وتقدم الدكتورة هناء سليمان مدخلا لموضوع طالما اهتمت به المجلة ، وهو اضطرابات اللغة في الفصام، ونأمل أن يستمر الجزء العلمي في التوسع لنقل الأمانة إلى القارئ، ومازلنا آملين في مشاركته.

..................

ولا يعني هذا انحسار المد الأدبي على صفحات المجلة، فما زالت الأديبة اعتدال عثمان تخص المجلة بإنتاجها المتميز، ويتحاور معها الشاعر وليد منير، فالكتابة النقدية عن مثل هذه الأعمال لا تملك – في رأينا- إلا أن نتوقف عندها ونتحاور معها، ويلتقط د. سيد حفظي الخيط هذا ويقدم قراءة بعد القراءة لنفس العمل. ومازال الباب مفتوحا.

..................

كما يحوي هذا العدد الحلقة الأخيرة من "الناس والطريق" للدكتور يحيى الرخاوي، وبذلك ينتهي العمل الذي تتبعه القارئ عبر أعداد سابقة ، هذا العمل الذي ينتمي إلى نوع خاص من الأدب، لا يقف عند أدب الرحلات ووصف الأماكن والأحداث، بل يغوص إلى أعماق الخبرة الشخصية ليستخلص منها القلق العام، في محاولة التواصل مع الذات والآخر، داخل وخارج الوطن والمكان..

§         علم نفس الأنا (دراسة) / د. رفعت رفعت محفوظ

مقدمة : في عدد سابق من "الإنسان والتطور" تم عرض الخطوط العامة والرئيسية لنظرية " التحليل التفاعلاتي" لاريك بيرن، وفي عدد لاحق له تلقت المجلة بعض التعليقات على هذه النظرية، والتي تمثل الإطار المفهومي المنظم لما يمكن أن يسمى نظرية "حالات الأنا" . وفي مقابل هذه النظرية، توجد نظرية أخرى سابقة عليها من حيث الصياغة النظرية ، وهي ما تسمى نظرية الأنا ، والتي نشأت وتطورت في إطار نظرية التحليل النفسي.

وموضوع هذا المقال هو "نظرية الأنا" والتي اصطلح على تسميتها '"علم نفس الأنا" ، وسوف نناقش خلاله المفاهيم الخاصة  بهذه النظرية، وذلك عن طريق عرض موجز للتطور التاريخي لعلم النفس الأنا، ثم الإشارة إلى الإسهامات الهامة لبعض رواده ، مسبوقة بتناول الانتقادات الأساسية التي وجهت إلى نظرية الأنا الفرويدية، ثم شرح مختصر لما يسمى وظائف الأنا، وسوف أشير إلى النظرية الثانية (حالات الأنا) وذلك من مدخل عرض الاكتشافات الهامة لبول فيدرن.. المؤسس الحقيقي لها وأخيرا سنعرض الصعوبات والمأزق ... مع تصور عن كيفية التغلب على كل ذلك...

 

 

§         القطار / عصام اللباد

البداية : جلس عبد الصبور ، كعادته تماما منذ سنوات طويلة، متربعا في نفس المكان بجسده الضخم وقد انحسر جلبابه المتسخ عن قدمين غطت جلدهما السميك طبقة من طين جاف وقش مطحون وتراب ناعم.

كان مستندا برأسه الثقيل، وظهر رقبته الموحل ، وكتفيه إلى عارضة السور الحديدي المعوج ، الذي يفصل طين البلدة ودورها الرمادية عن طريق القطار حيث تنطلق – فوق قطع ضخمة من الخشب الصلد أحجار البازلت السوداء المفتتة – قضبان القطار الحديدية قوية، متوازية ، تلمع تحت ضوء الشمس الصفراء حتى آخر المدى البعيد حيث تبدو الأشجار هناك صغيرة.

منذ سنوات طويلة جدا، لا أذكر عددها ، وعبد الصبور يلقي بنفسه في تلك البقعة، لا يتكلم، ولا يتحرك ، ولا يفعل شيئا.

في نفس المكان ينعقد السوق، ينعقد وينفض ، يأتي ناس ويذهب ناس ، وفوق المكان تتحرك الشمس، تنتقل من الشرق ، تتعامد، ثم تغرب، وتغلق أبواب الدور فتضاء المصابيح، وتنفتح أبواب الدور، وعبد الصبور في بقعته.

وأيضا لم يتخط السور المنخفض أبدا...

 

 

§         الهبوط إلى صحراء التتار / إعتدال عثمان

بداية : وقفت على شعرة الصمت بين الصدى والصوت، وكنت قد تخطيت الرطب واليابس، والمر والحارق، والدنيا من حولي سوق بضاعة زاهية. ولما لم أستطع بيعا ولا شراء طويت العمر الكاسد في حبة القلب، وقلت أيهم وجهي شطر الصحارى.

وفي عمق الصحارى عصرت نبيذ القلب وصنعت خبز المحبة وناولته إياك، وحين مددت أي يدا، انتصب بيني وبينك غول نصفه أنثى ونصفه ذكر. ثدي الأنثى لا يدر، وسيف الذكر صدى لا يقطع، وبطنه مليء بنفايات البشر. وأنا أعصر الضرع فلا يلين. وأهز السيف فينالني غبار الصدا وعين الغول تطق بالشرر، والشرر لا يحرق، ولا تكف العين عن قدح اللهب. ويده الرخوة تتحرك في كل اتجاه، وجوفه ينفث عفنا لا يطاق. والصحراء هي الصحراء على امتداد البصر. والغول يطلب رأسي، ورأسي معلقة بخيط كشعاع ضوء خبا...

 

 

§         المحدود واللامتناهي : قراءة في موقفي الصعود في ...والهبوط إلى.../ وليد منير

استهلال : العزلة عن تفتح الذات بالرغبة والفعل والكلام نتيجة لقهر الخارج، وانكماش الداخل في مقابل الضغط الأليم الحاوي هي الميسم الذي يسم التجربة الوجودية الحادة في كتابة "اعتدال عثمان".

العزلة هنا انقسام على الذات في حركيتها. وقف لمدها المشبوب، وردع لتوقها العارم إلى التنامي والإشباع والزخم، تمرد على تمردها المكبوت، وإهدار لإمكانياتها الأولى في الإشعاع والجذب والانجذاب. إجهاض لشوقها المتوجس أن تبقى وتنتشر في الجهات الأربع دون أن تحدها أسوار "منيعة" أو تفت في عضدها آلة عنف.

العزلة هنا "واد لشهوات بعدد نجوم السماء" و " صمت يمتد كالشعرة بين الصدى والصوت" و " انفطار من أجل القاصي البعيد كنجمة الصبح " ، والعابر في صحراء الوحدة  لم يزل " غريب الدار كثير الصحاب "، ملتاع وغارق في ليل سرمدي يتجسد فيه العجز والخوف غولا رخوا شائها " نصفه ذكر ونصفه أنثى "، ليس له أن يعرف الطريق ولو نلمس العلامة، وكل شيء يشي أن النجاة سراب ما دامت " الصحراء هي الصحراء بدءا من هنا إلى هناك" وما دامت " الرمال نار تهجم وتأتي على نبيذ القلب وخبزه المهرق المباح ".

إذن، لا يبقى لتلك الذات سوى القناع، سوى ترميز الرغبة ، سوى اللغة.

اللغة رحم.

واللغة حلم.

واللغة التياع...

 

 

§         قراءة بعد القراءة في ذات الخبرة / سيد حفظي

المقدمة : أولا أود أن أشير إلى أنني لم أستطع منع نفسي من محاولة البحث عن خط يصل بين القصيدتين في كل مرة حاولت فيها أن أقرأهما، وهذا بالرغم من أنني لا أعلم هل الكاتبة وضعتهما هكذا متصلتين متتاليتين أم أنهما عملان منفصلات. ثانيا : أريد أيضا أن أوضح أن قراري بصياغة رؤيتي في كلمات مكتوبة كان لإحساس ملح، فاجأني، بعد قراءتي لقراءة الأخ  الناقد وليد منير النقدية. وتكرر هذا الإحساس لدي كلما حاولت إعادة القراءة ولو على فترات متباعدة أو في ظروف مختلفة، هذا الإحساس هو أنه بقدر ما يمكن لأن يعتبر نقد أي عمل أدبي في حد ذاته إبداعيا، إلا أنه بنفس هذا القدر يمكن أن يكون سجنا قالبا إطارا يقيد ويحد من ثراء النص الأصلي...

 

 

§         الناس والطريق : الطريق إلى الناس / السفينة : أدرياتيكا – البحر : الأبيض، الزمن 10/8/1986

يشاء السميع العليم أن أسجل بقية هذه المعايشة، وأنا "أعبر" من جديد، حواجز الذات، والبحر، والناس، والرواسي، الرواسي : من الجبال والهموم والجشع، فهذا الفصل أكتبه في نفس السفينة ادرياتيكا، على نفس المقعد، ولكن بتوجه آخر ، وتكشف آخر، أما التوجه فهو إلى " تثبيت" بعض ما كان واختباره، ثم الإضافة أو تعديله.

وقبل ذلك وبعد ذلك، فإني قفزت إلى هذه الرحلة الجديدة دون سابق إعداد، وفي محاولة جاهدة أن أنتهز فرصة مأزق دفعت إليه نفسي، حتى أضطر إلى أن أقدم على قرار "ما" ، ذلك القرار الذي ظل مؤجلا مؤجلا، واعدا مؤملا، ثم هو لا يأتي أبدا، فقلت : "أقفز" ، ثم لا بد من قرار يمكنني من النجاة ، فكانت هذه الرحلة الجديدة ، بهذا الهدف الجديد، أما " التكشف"، فهو أني حسبت أني بتكرار نفس الرحلة سوف أتأكد أن الأمور قد تغيرت، وقد وجدت ذلك منذ البداية، فأنا لست أنا الذي ذهب في المرة الأولى، يلقي بنفسه حيث لا يدري، فيدري ما أراد مما لم يعرف أنه أراده...

 

 

§         رؤيا / السيد زرد

البداية : القدم في الحذاء... الحذاء فوق الصندوق، في مواجهة صدري.. قلبي كان في صدري .. يوقد من شجرة حاقدة ملعونة، تتدلى ثمارها الفجة على لساني، فأنطلق : " تمسح يا بيه" ..وها أنا أمسح ..تنتقل الفرشاة بخفة من يمناي إلى يسراي فتزيل كل ذرات التراب العالقة بالحذاء، وتلقي ببضعة قروش في جيبي.

كقط جائع، أدور في شوارع المدينة.. أتمسح في أقدام السادة وأشباه السادة وكل ابن كلب يلبس حذاء... ندور في شوارع المدينة – الصندوق وأنا-  متساندين.. جئتك بقلبي الدامي قلبا من خشب أحمله على جنبي، ألقيه مبتذلا على الطرقات.

ها أنا أهيم حاملا حزني الرباني، مفتشا عن أشلاء الإله ومرددا نبوءتي : " تسمح يا بيه "...

 

 

§         مثل وموال : قانون الواقع من الجبر والاختيار إلى الحسابات والتعلم

عتبت عالوقت قال لي الوقت : إيه مالك

عمال بتبكي من الأيام، إيه مالك

اللي جرالك يكون في الأصل إهمالك

عتبت الوقت قال لي الوقت : وأنا مالي

أنا كل ما أعطيك تفضي الجيب، وأنا مالي

اعمل لنفسك "قانون" وبطل إهمالك

بأرض الواقع، كما ننبه هنا – رغم الشائع- أن المثل العامي (كالموال) يقوم – من بعد معين- "بشد أذن " البني آدم منا حتى لا يمضي حياته نعيا، قدريا، معتمدا، يشد أذنه ليذكره أنه "عيب عليه هكذا"...

 

 

§         النوري / هالة نمر

البداية : في الطريق إلى السوق القديم، في بلدة تغازل ساحل الشرق.. أخذتنا دروب إلى سحيق الزمن والرؤية، إلى أرض تنتشل أطراف ثوبها العتيق في عالم يضل الرجوع... وفي ترحالنا... ساعين إلى وصال البشر، باحثين فيما بيننا وبينهم.. عن قلوبنا وقلوبهم.. آمنين في طرقات تفيض حكاياتها من جعابنا، وتصحبنا عبر الحوائط الصفراء الكالحة إلى حيث تثمر الحلوق...

.. قفز من شقوق أرض الزقاق العتيق طفل بدا كباقي أطفال الحارة.. المشدوهين لوجودنا الذي لم يفهموه كثيرا.. الرامقين عدسات آلات التصوير وهي تلتقط غربتنا وحيرتنا.. بدا طفل الشقوق من عمر يقرب أعمارهم.. وتكاثر الأطفال.. تاهت ملامحهم ... وما تزال الحواري الدودية تنز أطفالها بلهفة، وما تزال ..الأفواه تقضم القمر...

...بدا طفل الشقوق كباقي أطفال الحارة، طرح زمن الآه والحسرة، يكومهم الترحال في سلال خشنة.. يتزاحمون ...ينهرسون...تهترئ أياديهم الصغيرة ..تتفقأ عيونهم.. تتسع أفواههم.. تلوكهم العلة...، ويكبرون في السلال..، عكازات محنية...

بدا النوري الصغير جائعا جوع رفقته إلى عزوتهم الضائعة في السجلات الحكومية.. فيسألون عن بطاقات هويتهم ويذهبون.. شاردين يحملون ألعابهم القديمة ويرددون الحكايات القديمة ويرتمون في العيون الطيبة...

 

 

§         وتريات تشكيلية / عصمت داوستاشي

هذا هو عنوان معرضي الخاص السابع في التصوير والرسم بالقاهرة، وقد استعرت هذا العنوان من الكاتبة الإسلامية صافيناز كاظم، ومن ثلاثيتها الوترية استلهمت الرسوم الملونة لاثني عشر لوحة تصوفية ان كان لي الحق في أن أصنفها هكذا، فقد بدأتها في رمضان 1405ه-1985م وأنهيتها في رمضان الماضي 1406 ه- 1986 م. وهي مجموعة لوحات تحويلية بالنسبة لمساري التشكيلي الذي وضعت نفسي فيه منذ أن أقمت أول معرض لي في التصوير والرسم عام 1962 ولي من العمر تسعة عشر عاما وقبل التحاقي بالفنون الجميلة. لقد أقمت بالإسكندرية عشرة معارض خاصة بالقاهرة سبعة معارض بعد أن هاجرت العرض بمدينتي التي تحولت لقرية كبيرة بعد أن كانت عاصمة عظيمة...

 

 

§         مقتطف وموقف 

مدخل :

المقتطف : " فلما شرح أعراض " المناخوليا " قال : ونحن لا نبالي من حيث نتعلم الطب أن ذلك يقع عن الجن أو لا يقع بعد أن نقول : أنه إن كان يقع من الجن فيقع بأن يحيل المزاج إلى السوداء فيكون سببه القريب السوداء، ثم ليكن سبب تلك السوداء جنا أو غير جن ...".

من أقوال الشيخ الرئيس ابن سينا. مقتطف من كتاب العقائدية في سلسلة اقرأ (46) دار المعارف 1986.

الموقف :

نبدأ النظر والمراجعة : فنكتشف ابتداء أن البحث عن السبب، والاختلاف حوله، والتوقف عن المبادرة حتى نتيقن من حقيقته، أن كل ذلك هو من مظاهر ترجيحنا لما يسمى الحتمية السببية التي تقول بأن النتائج هي النهاية المحتمة لأسباب لها حدثت في الماضي ، وفي مجال الأمراض النفسية خاصة يطيب للناس أن يسألوا عن " طبيعة السبب" بدرجة تسبق وتغلب تساؤلهم عن- وانتباههم إلى "وسيلة الخلاص" وأعتقد أن هذا إنما يرجع –عندنا الآن- إلى سببين : الأول : هو ما شاع من فهم مسطح لفكر فرويد (التحليل النفسي) عن حكاية العقد النفسية، وضرورة حلها حتى يتحقق الشفاء، والمعنى الشائع عند العامة عن حكاية العقد النفسية ، وضرورة حلها حتى يتحقق الشفاء، والمعنى الشائع عند العامة عن حكاية العقد النفسية هذه أنها " إصابة " حدثت في الماضي ، ليس للشخص يد فيها، وأنه أصيب من جرائها بالألم والعجز، فلم يتخلص من آثارها في حينها، فتوقف عندها، ثم أخذ يتصرف بعد ذلك بناء عليها، رغم اختفائها ظاهريا يتصرف تصرفا لا "يحلها" ولا يتخلص منها ولا من آثارها، وبعض آثار ذلك كله هو "المرض النفسي" وبناء عليه، فحتى يتحقق العلاج "فلا بد" أن تحل هذه العقدة، أما السبب الثاني : الذي يفسر وقوفنا عند محاولة معرفة السبب، لا الاتجاه "حسما" إلى الخلاص، هو ميلنا العام إلى "التبرير"، وإلقاء اللوم على الآخرين والزمن والأيام، فالعثور على سبب – في الماضي عادة : يريح الجميع، ويجعل المريض بمرض "براحته" وقد يجعل الأهل يمصمصون شفاههم بتراخ، وأخيرا فإنه يشغل الطبيب عن مسئولية إيجابية نحو الحفز والنقد جنبا إلى جنب مع المريض...

 

 

§         أعاصير / أحمد إسماعيل

§         اللغة والفصام  : مقدمة / د. هناء سليمان

مدخل : تلعب اضطرابات اللغة دورا هاما في تشخيص الفصام منذ زمن كربلين وبلويلر- الرواد الأوائل في وصف هذا المرض- أما باعتبارها اضطرابا في عمليات التفكير (وفقا لمفهوم بلويلر) ، أو اضطرابا في الكلام (وفق لنموذج كربلين). وظل الاهتمام بهذه الظاهرة مقصورا على الوصف، أما محاولات تفسيرها فلم تتقدم كثيرا نظرا لغياب الأدوات المنهجية الملائمة من ناحية، ولضآلة المعرفة بعمليات التفكير لدى الشخص العادي، والتي يمكن مقارنتها بعمليات التفكير لدى الفصامي من ناحية أخرى. إلا أن ظهور فرعين جديدين للمعرفة في الستينات أديا إلى تغير النظرة للغة عموما ولاضطرابها على وجه الخصوص، وهذان الفرعان هما "فعلته المعلومات" و "علم النفي اللغوي" ومنذ أواخر الستينات تراكمت الأبحاث في الظاهرة التي أصبحت تعرف "باللغة الفصامية" ، واصبح لدينا من النتائج المتعارضة والتي مازلت بحاجة إلى دراسة إكلينيكية ونظرية جادة قبل الوصول إلى نتائج نهائية في هذا المجال. وسوف نعرض هنا بعض الفروض النظرية المتعلقة بهذه الظاهرة ومحاولات تفسيرها. وقبل ذلك سنحاول توضيح بعض الفروق بين ظواهر تتعرض للخلط دائما وهي التفكير واللغة والكلام...

 

 

§         إفلاسات الزمن الواضح / محمد يحي الرخاوي

§         حوار : شجاعة خطرة ..أم عمق مسطح ? / يحيى الرخاوي و صلاح الدين محسن

استهلال :

صلاح الدين : طالعتنا إحدى المجلات الإسلامية بإعلان انعقاد مؤتمر الفقه الإسلامي.... وبأنه في مقدمة المواضيع التي سيناقشها موضوع...الإسلام دين لكل زمان ولكل مكان.. وها نحن نعكس نظرتنا.. في هذا الكتيب، علنا نبين علاقة الإسلام بالزمان والمكان.

الرخاوي : أهلا يا سيدي المفكر الجريء، وأستسمحك ابتداء أن أحاور بعض ما جاء في الكتيب الذي أهديتني إياه باسم "الزمان والمكان" والذي صدرته بإهداء للمفكر الفرنسي روجيه جارودي (لست أدري لماذا)، والذي نقدت فيه بكل شجاعة بعض بديهيات يفخر بها المسلمون ويكررونها بشكل يدعو للألم والشفقة معا، ومع ذلك فإني أختلف معك اختلافا شديدا، فهل يا ترى تتحمل الاختلاف.

صلاح الدين : رأينا ضرورة إعادة إلقاء نظرة متأنية نحو الأركان الخمس لعقيدتنا الإسلامية و...

الرخاوي : شكرا، ولكني أحذرك أن تخلط بين ما بنى الإسلام عليه، وبين الإسلام ذاته ، فالأركان الخمس لعقيدتنا ليست هي الإسلام ، وإنما هي دعائم الإسلام، أو ما يبنى عليه الإسلام ، أما الإسلام ، فهو الفطرة ، هو الدين الذي هو عند الله ، أي دين ظل يرعى الفطرة ويفجرها في تناغمها مع فطرة الكون الكبر، فما قولك في الركن الأول.

صلاح الدين : الشهادة هي إقرار ، واعتراف يقدم في البداية من قبل الراغب في الإسلام لزوم قبول إسلامه واعتناقه للدين.

الرخاوي : لا أظن أن هذا صواب تماما يا سيدي، فنحن لسنا في محكمة تحتاج إلى إقرار، وقبول، ولزوم.. وإنما أنا أقرأ الشهادة بمعنى الرؤية، والبصيرة، والحدس النقي، وكونها تبدأ بنطق اللسان ، فهذا ما يعرفه الناس ليتعارفوا عليه، أما أن تشهد وتشاهد فتتيقن وتكابد ن فهذا هو اهتداؤك إلى الفطرة، إلى الإسلام ، والشهادة بهذا المعنى بديهية : تجب ما قبلها فتحدد كل ما بعدها إذ ماذا بعد أن تشهد : إلا أن تفعل، إن كنت أمينا مع رؤيتك / شهادتك...