مجـــــــــلات 
 

 

الثقافـة النفسيـة المتخصصــة

تصدر عن مركز الدراسات النفسية و النفسية-الجسدية

العدد السابع و الأربعون – المجلد الثاني عشر – تموز / يوليو 2001

www.psyinterdisc.com

كامل العدد

http://www.arabpsynet.com/Journals/ICP/ICP47.pdf

https://drive.google.com/file/d/1-8lSXFUfaVq9bqzfvf_kJRmjUvbeEWLV/view?usp=drivesdk  

 

الافتتاحية

http://arabpsynet.com/paper/conspapierdetail.asp?reference=8939

q       فهرس الموضوعات /  CONTENTS / SOMMAIRE 

 

q      عزيزي القارئ

q      قضية حيوية / الكوارث العربية و الماضي المستمر

q      علم النفس حول العالم

q      مقابلة العدد / لقاء مع الدكتور جمال التركي  [النص الكامل /Full text ]

q      مكتبة الثقافة النفسية

§         علم الصحة النفسية / أ. د. غريب عبد الفتاح غريب [مكتبة الانجلو 1999]

§         لمحات من علم النفس – صورة الحاضر و جذور الماضي / أ. د. قدري حفني [مكتبة الأسرة – مشروع ثقافي – مصر]

§         - العلاج اللادوائي لارتفاع الضغط الدموي الأساسي / أ. د. محمد حمدي الحجار [دار النفائس – بيروت]

 

q      الندوات و المؤتمرات

§         العلوم الإنسانية في خدمة الأمن الاجتماعي حلقة نقاشية في الكويت بمشاركة عربية واسعة / د. لطفي الشربيني

§         المؤتمر العربي الإقليمي حول إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم النظامي

 

q      محور العدد : سيكولوجية العلاقات الأسرية

§         العلاج النفسي الأسري و تياراته / محمد أحمد النابلسي

§         لقاء مع مؤسس العلاج الأسري / المنظومي هيللينغر

§         العلاج الأسري المنظومي / سيمون و ريتسر ت رضوان

§         التفكك الأسري و آثاره النفسية / معن قاسم و مشاركوه

§         الرعاية الأسرية للمسنين في الإمارات / فيصل الزراد

 

q       ملخصات  /  SUMMARY / RESUMES 

 

§         عزيزي القارئ

مقدمة : مع تدفق سيول المعلوماتية و انعدام العدالة في توزيع المعلومات يزداد ارتباك العاملين العرب في مجال الإنسانيات و يتكرس ضعفهم في مواجهة المستجدات. في وقت يجرؤ فيه الإناسيون الأجانب على اختبار إمكانيات نهاية العلم و نهاية الانثروبولوجيا [فوكوياما في مراجعته لنهاية التاريخ] حتى تبدو المسافة بيننا و بين اللحاق بالعلوم مسافة نكاد نظن باستحالة عبورها. فيكون الإحباط النتيجة الطبيعية لهذه الوضعية.

في هذا المجال كان لمركز الدراسات النفسية و لمجلته هذه محاولات عديدة و متكررة لتعويض هذا الإحباط و الالتفاف عليه عبر جملة مشاريع يهمنا أن نذكر منها "الدليل النفسي العربي" الذي حوله زميلنا جمال التركي [تونس] إلى موقع على الإنترنت في محاولة جادة للاستفادة من الشبكة في تسهيل التواصل بين الاختصاصيين. فكان من الطبيعي أن نخصه بمقابلة هذا العدد لشرح مشروعه الطموح. كما اقترح المركز معجم مصطلحات الطب النفسي و السيكوسوماتي و علم النفس تاركا أمر مناقشتها و الاستفادة منها للقراء و للزملاء المهتمين. لكن طموحات المركز تجلت أفضل تجلي في محاور مؤتمراته الثلاث حيث لا ينفك الزملاء العرب عن مطالبتنا بإحياء تقليد عقد مؤتمر المركز على عامين. لكن الصرخات المطروحة لم تجد لها أصداء مشجعة. من الدعوة إلى القراءة الراهنة لتراثنا الطبي إلى الأدوية النفسية الشعبية الفاعلة مرورا بالالتزام بحاجات المجتمع و خصوصياته وصولا إلى دعم جهاز المناعة الواقي للنظم  الرمزية لمجتمعنا.. الخ من الدعوات التي لم تنجح في خلق تيارات فاعلة حولها. فحاولنا التعويض باعتماد مبدأ المحاور في إعداد المجلة. و اخترنا عنوان "سيكولوجية العلاقات الأسرية" محورا لهذا العدد. حيث العائلة العربية اليوم تواجه ضغوطات غير مسبوقة وتواجه إشكاليات لم تكن مطروحة. و مع ذلك تؤكد دراسة الزميل الزراد على استمرار العائلة العربية في احتضان مسنيها و تخصيصهم برعايتها. كما تشير دراسة الزميل قاسم إلى حساسية الأسرة العربية أمام حالات التفكك و التمزق بما يعكس إصرارها على التواد و التماسك. و هاهو العالم العربي قدري حفني يعرض لمشواره المبدع في الاختصاص عبر كتاب يعرضه هذا العدد. كما يلامس الزميل عبد الفتاح دويدار مشكلة عربية شائكة هي غياب الدراسات لكارثية العربية و ضرورة إرساء استراتيجية عربية لمواجهة الكوارث القادمة. و في باب المؤتمرات عرض لمؤتمرات الاتحاد العربي للعلوم النفسية و لمؤتمرات الخدمات النفسية و دورها في الأمن الخليجي و المؤتمر القومي الإقليمي لذوي الحاجات الخاصة المنعقد في بيروت خلال شهر مايو الماضي. و هذه المؤتمرات هي الأمل في تحريك المياه الراكدة في الإنسانيات العربية. و بانتظار إطلاعك على مؤتمر اتحاد الأطباء النفسيين العرب المنعقد في تونس نستودعك الله عزيزي القارئ و إلى اللقاء في العدد القادم.

رجوع إلى الفهرس

 

§         قضية حيوية : الكوارث العربية و الماضي المستمر / أ. د. عبد الفتاح دويدار أستاذ علم النفس في جامعتي الإسكندرية و الإمارات

مقدمة : لسنا في وارد استعراض الأسباب المؤدية إلى ما آلت له أحوال أمتنا العربية حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم. فحسبنا أن تقتصر مراجعتنا لحال الأمة إلى بداية القرن المنصرم. إذ قاتل العرب في حربين عالميتين إلى جانب المنتصرين دون أن ينظر هؤلاء إلى التضحيات العربية المساندة لهم أو يفكروا في مكافأتها. و بما أن هاتين الحربين هما مقررتا الواقع العربي القائم راهنا فإن من حقنا اعتبار الكوارث العربية المتلاحقة نتيجة لهما و لجحود المنتصرين فيهما فكوارث الصراع العربي الإسرائيلي تطال كامل الحياة العربية و تستمر بشكل لا يوحي بنهاية قريبة لها. تليها كوارث الحدود الغائمة المتخلفة عن إعادة رسم خارطة العالم عبر هاتين الحربين و المشاكل الحدودية العربية تتوزع ما بين الحدود داخل القطرية و الحدود بين الدول العربية و من ثم بينها و بين جيرانها. و بعيدا عن التورط في النقاش السياسي لهذه الأزمات فإن النصيحة السيكولوجية هي العمل على حل هذه الأزمات و تلافي الصراعات التي قد تنجم أو تتجدد بسببها على أن اهتمامنا هنا يتركز على الضحايا العرب للكوارث الاصطناعية الناجمة في معظمها عن الأزمات الحدودية دون إهمال للكوارث الطبيعية التي تعرضنا لها خلال القرن الماضي …

رجوع إلى الفهرس

 

§         علم النفس حول العالم : جوائز المؤتمر العربي للعلوم النفسية / إعداد رمزية نعمان، نشأت صبوح، سناء شطح

مقدمة : حول مشاركة المرأة العربية في التنمية و تعظيمها في الألفية الثالثة و مستقبل الطفل المصري … و من خلال متابعة المؤتمر الدولي السنوي السابع عشر لعلم النفس بجامعة 6 أكتوبر الذي استمر لمدة ثلاثة أيام شارك فيه نخبة من أساتذة علم النفس و المختصين و الباحثين من جميع الجامعات المصرية و العربية و قد قدم فيه 23 بحثا حول أهمية دور المرأة في التنمية و التطور حتى تصبح أكثر قدرة على المساهمة الفعالة في تنمية مجتمعها …

رجوع إلى الفهرس

 

§         مكتبة الثقافة النفسية

o         علم الصحة النفسية / أ. د. غريب عبد الفتاح غريب [مكتبة الانجلو 1999]

مقدمة : كان من المعتقد في السابق أن علم الصحة النفسية هو أحد المجالات الذي يقتصر الاهتمام به على كليات التربية، إلا أنه في نهايات القرن العشرين و بدايات القرن الحادي و العشرين ظهر اتجاه قوي لدى علماء النفس يدعو إلى الاهتمام بالجوانب الإيجابية لعلم النفس Positive Psychology، و الذي يعني التركيز على الجوانب الإيجابية في الإنسان و  المسارعة بتنميتها، و وقايته من الجوانب السلبية قبل أن تتحول إلى ظواهر مرضية تستعصي أحيانا على العلاج، و لعل أكبر و أحدث دليل على ذلك تخصيص مجلة الأخصائي النفسي الأميركي  American Psychologist عددا كاملا للاتجاه الإيجابي في علم النفس وهو العدد 1 المجلد 55، و الصادر في يناير 2000، و من هنا اتسع الاهتمام بعلم الصحة النفسية، و أصبح غير قاصر على علماء النفس العاملين في مجال التربية، و صار بؤرة اهتمام جميع علماء النفس ...

رجوع إلى الفهرس

 

o         لمحات من علم النفس – صورة الحاضر و جذور الماضي / أ. د. قدري حفني [مكتبة الأسرة – مشروع ثقافي – مصر]

مقدمة : الدكتور قدري حفني من العلماء العرب الذين تركوا بصماتهم على الاختصاص. فالعلوم النفسية تواجه في مجتمعنا العربي مأزقا لا يزال يؤثر في إمكانات تطورها و الإفادة منها. و هذا المأزق هو مأزق إثبات الفاعلية الإجرائية لهذه العلوم. و بمعنى آخر فإن الجمهور و السلطة و السياسات التعليمية لا يمكنها قبول علوم و جهود علمية غير ممكنة التثمير و الاستغلال في الواقع العملي المستجيب لحاجات الفرد و المجتمع. و لقد كانت لأعمال الدكتور حفني فاعليتها البالغة في هذا المجال. فهو كان البادئ أي إدخال علم النفس السياسي إلى المكتبة العربية حيث حملت أطروحته الأكاديمية عنوان "دراسة في الشخصية الإسرائيلية – الاشكينازيم" وهو موضوع تابعه حفني حتى نهايته فبات مرجعا في المجال و رائدا لدراسات الفرع في الوطن العربي. حيث قدم الكثير من الدراسات الموجهة لسبل التعاطي مع الإسرائيليين و فهمهم ...

رجوع إلى الفهرس

 

o         العلاج اللادوائي لارتفاع الضغط الدموي الأساسي / أ. د. محمد حمدي الحجار [دار النفائس – بيروت]

مقدمة : في كتابه الجديد المعنون "العلاج اللادوائي لارتفاع الضغط الدموي الأساسي" يطرق الدكتور محمد حمدي الحجار موضوعا عزيزا على قلبي و مؤثرا في مسيرتي العلمية. فهذا الموضوع بعينه هو الذي جذبني من الطب العضوي إلى السيكوسوماتيك و منه إلى الطب النفسي. و كان من الطبيعي أن استقبل الكتاب بالحشرية و الفضول و رغبة المراجعة الطاغية في مثل هذه الحالات فقد كان الموضوع هو عنوان رسالتي لنيل شهادة الدكتوراه في الطب البشري لعام 1984. و لعل السؤال الأول الذي قفز إلى ذهني لمجرد اطلاعي على العنوان هو " ترى ما هي التغيرات و التطورات التي دخلت على الموضوع منذ ذلك التاريخ و حتى اليوم؟"

في حينه كان الجديد هو ما أعلن في مؤتمر مونت سولت [1981] الذي كان شعاره "السيكوسوماتيك و أمراض القلب و الشرايين" حيث خرج المؤتمرون بجملة نتائج بقيت مقررة في المجال لعقود لاحقة. فما هو الجديد الذي يحمله إلينا كتاب الدكتور الحجار؟ ...

رجوع إلى الفهرس

 

§         الندوات و المؤتمرات

o         العلوم الإنسانية في خدمة الأمن الاجتماعي حلقة نقاشية في الكويت بمشاركة عربية واسعة / د. لطفي الشربيني

مقدمة : بعض مصطلحات العلوم الإنسانية يبدو غير قابل للتعريف إلا أنه يستمد استمراريته من الحاجة الفعلية و العملية لمدلولاته التي تختلف باختلاف سبل و ظروف تطبيق مبدأ المصطلح من مجتمع لآخر و من ثقافة لأخرى.

و مفهوم الأمن الاجتماعي هو أحد أعقد هذه المصطلحات و أصعبها. و لعل الفهم الأبسط لهذا المصطلح هو العمل على رصد و مراقبة متغيرات الأمن الاجتماعي عبر تحري مستوى مشاعر الأمان لدى أفراد مجتمع ما. هذه المشاعر التي تتدنى إلى حدودها الدنيا في المجتمعات المتعرضة للكوارث و المهددة بها سوار كانت هذه الكوارث طبيعية أو اصطناعية واقعية أم متخيلة. فاضطرابات الأمن الاجتماعي على أنواعها تؤدي إلى انخفاض مشاعر أمنها الاجتماعي. و بالنظر إلى الارتفاع المتفاقم للأهمية الاستراتيجية و السياحية لنفط الخليج العربي فقد كان من الطبيعي أن تترافق اللحظة الخليجية السياسية – الاقتصادية الراهنة مع انخفاض مشاعر الأمن الاجتماعي خصوصا مع تنامي تهديدات صراع المصالح في المنطقة. فإذا ما قرنا هذه اللحظة مع اللحظة العربية – الإسلامية لوجدنا أن أمن الخليج هو قضية عربية – إسلامية شاملة كون  الخليج يمثل البعد الاستراتيجي – الاقتصادي للعالمين العربي و الإسلامي في الوقت الراهن. لذلك كانت الحاجة ملحة من أجل تأمين المجتمع الخليجي و عليه رأينا بوادر الحلول النهائية للنزاعات الخليجية – الحدودية بين أعضاء دول مجلس التعاون. و كذلك قمة البحرين لهذه الدول و القرارات الاستراتيجية الصادر عنها ...

رجوع إلى الفهرس

 

o         المؤتمر العربي الإقليمي حول إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم النظامي

مقدمة : اختتم المؤتمر الإقليمي حول إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم النظامي و الذي شارك فيه ممثلي 18 دولة عربية و وكالات دولية عديدة، و المؤسسات المختصة اللبنانية بالإضافة إلى مراقبين من دول بريطانيا و السويد و إيران و الولايات المتحدة. و ذلك برعاية منظمة اليونسكو و المنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة و اتحاد غوث الأطفال في بريطانيا و السويد.

و كان المؤتمر قد افتتح برعاية وزير التربية و التعليم العالي عبد الرحيم مراد ممثلا بمدير عام وزارة التربية الدكتور مطانيوس الحلبي، و استمر أربعة أيام أقيمت خلاله مختلف الورشات و المناقشات و توصل المجتمعون للتوصيات التالية ...

رجوع إلى الفهرس

 

§         سيكولوجية العلاقات الأسرية / جماعة من الباحثين

مقدمة : تحت هذا العنوان اختارت الثقافة النفسية المتخصصة أن تناقش ملفا من أعقد الملفات المطروحة على الأخصائيين النفسيين اليوم. إذ ما يجري عليه الحديث اليوم من أمراض العصر ينعكس على العائلات بما يمكن تسميته بأمراض العصر العائلية. و من هذه الأمراض ما ناقشته مجلة نيوزويك الأميركية في عدد لها صادر في أبريل 2001 تضمن إحصائية تبين تنامي ميل الشباب الأميركيين للسكنى بعيدا عن أسرهم إضافة إلى ما هو معروف في أوساط الاختصاص عن الأزمات التي تعاني منها أسر الطبقة المتوسطة بما يدفعها للانغلاق. و تأتي ثورة الاتصالات لتزيد في هذا الانغلاق بطرحها البدائل عن الاتصال الإنساني الحي و المباشر و غير ذلك من الصعوبات التي تواجهها الأسرة المعاصرة و هذا يستتبع السؤال أين نحن الأخصائيون العرب من هذه المشاكل متابعة و رصدا و دراسة و حلولا؟.

إننا لم نعد نجد أي حرج في الإعلان عن انخفاض فعاليتنا الوظيفية كأخصائيين و معه عجزنا عن تفعيل الاختصاص و تسخيره لخدمة الأولويات التي يحتاجها الفرد في مجتمعاتنا و لعل من أسباب ذلك إصرارنا على نقل المواضيع عن دول متحضرة تختلف أزماتها عن مشاكلنا المعاشة. ففي حين تجتاح العنوسة مجتمعاتنا محددة للنسل عن طريق الفقر و الانفصال الاجتماعي نجد من ينادي بتحرير المرأة و مساعدتها على نيل حقوقها. أو ليست الأمومة أولى هذه الحقوق؟. إننا نؤيد بهذا الصدد العالم الإنجليزي جون بوولبي و ننتمي إلى مدرسته القائلة بإعطاء المرأة حقوقها الحقيقية أولا وهي الأمومة و مركزية الدور التربوي و الأسري. فمن العبث أن تكسب المرأة عندنا معركة الحقوق الأجنبية لتجد نفسها خارج أنوثتها و أمومتها و دورها الأسري المحوري. و ما يؤسفنا حقا هو عدم تمكن هذا الملف من طرح و مناقشة هذه الإشكاليات الحادة لذلك انتخبنا من الدراسات المعروضة لهذا الملف تلك الأقرب إلى مساعدة المتخصص على رصد الوقائع و الأزمات الأسرية على أمل أن يتاح لنا في وقت لاحق مناقشة المواضيع المفصلية و الأهم بالنسبة إلى واقع أسرتنا العربية و علاقات أفرادها و جهاز قيمتها و الضغوطات التي يتعرض لها عبر شيزوفرانيا ناجمة عن الإنترنت والفضائيات في مواجهة مستوى ثقافي و تربوي متدني.

نعلم أن الأسرة العربية تحتفظ بأسرارها و ترفض مناقشة مشاكلها في إطار علاجي. كما نعلم تهربها من  تحمل أية إشارة إلى احتمال كونها مساهمة في إصابة أحد أفرادها بالاضطراب النفسي. لكننا نعلم بالمقابل أن لهذه الأسرة مشاكل و أزمات معلنة يمكنها أن تكون مدخلا اختصاصيا لبحث شؤونها و شجونها و الاطلاع على معاناتها و الصعوبات التي تواجهها و من هنا نطلق الدعوة لعقد مؤتمر عربي بعنوان "الأسرة العربية في الألف الثالث" و ذلك ليس  تيمنا بالموضة أو بالشعار و إنما استشعارا بمعاناة نمط التربية العربي من قصور لم يعد جائزا السكوت عنه  إذا ما أردنا الحفاظ على خصوصية هذه العائلة و استمرارية نظمها الرمزية.

رجوع إلى الفهرس

 

o         العلاج النفسي الأسري و تياراته / أ. د. محمد أحمد النابلسي

مقدمة : يولد الطفل ناقص النمو و يعتمد على أمه في تأمين استمرارية حياته فيكون اعتماديا على أمه التي تكون رابطته مع الحياة و مع البيئة المحيطة به. ثم تنتقل هذه الاعتمادية إلى المحيط الأسري و إلى البدلاء بحيث تختلف أشكال الاعتمادية و تتطور دون أن تختفي أو تزول. إذ تنتقل إلى المجتمع الواسع في مرحلة النضج. حيث إحدى تعريفات الإنسان أنه حيوان اجتماعي. فإذا ما نظرنا للاضطراب النفسي وجدنا أثر البيئة  في هذا الاضطراب إلا أن أثر البيئة هذا يتضاعف في حالة الطفل لأنه أكثر اعتمادية من البالغ. فلو نحن راجعنا ظواهر الاضطرابات النفسية عند الطفل لرأينا أن الفشل المدرسي و اكتئاب الطفل و غيرته و انخفاض شهيته كلها ظواهر تشير إلى خلل الاتصال داخل الأسرة وهو ما نسميه باضطرابات التواصل الأسري. لذلك كان من الطبيعي أن يسعى المعالجون إلى إصلاح الخلل المحتمل في هذا الجهاز في سياق سعيهم لعلاج اضطرابات الطفل.

و نظرا لانتشار هذا التيار العلاجي، المتوجه للأسرة كوحدة علاجية، و فعاليته رأينا أن نقدم في هذه المقالة لمحة عن العلاج الأسري بتياراته المختلفة.

الخلاصة : على الرغم من التغيرات التي طالت هيكلية الأسرة فإنها لا تزال محتفظة بدورها الوظيفي كنواة لمختلف الخلايا الاجتماعية. و بغض النظر عن تطور وسائل الاتصال و الانفتاح على العالم الخارجي فإن الثوابت الوظيفية لدور الأسرة لا تزال على حالها. وهي غير قابلة لمساس أقله على المستوى المنظور. إذ تبقى الشحنات النرجسية الصادرة عن الأم باتجاه وليدها هي المقررة لمدى قدرته على استيعاب العالم الخارجي عبر استيعابه لموقع جسده في هذا العالم. كذلك تبقى رؤية الأسرة لعالم ما بعد الموت مسيطرة على لا شعور أفرادها. و تقترن هذه السيطرة بسيطرة سلسلة من الأساطير العائلية البحتة. فإذا ما أردنا الحديث عن التغيير اللاحق بالأجهزة الأسرية فإننا نتكلم عن صعوبة استمرار الأسرة بلعب هذه الأدوار التقليدية في أجواء معيقة لهذه الأدوار. و بعيدا عن الدخول في جدل الحقوق و الحداثة نرد قارءنا إلى العالم النفساني جون بوولبي الذي يؤكد على حاجة الأسرة لدور أمومي مركزي و مدعم للسلطة الوالدية. حيث تعرضت آراء وولبي لانتقادات عنيفة في الستينيات لكنها عادت لتسود ابتداء من الثمانينيات. حين أدرك الغرب هشاشة الجيل المربي على طريقة سبوك [التربية الحديثة].

 

لقاء مع بيرت هيللنجر مؤسس العلاج الأسري المنظومي / ترجمة د. س جميل رضوان – حوار ماريانا كرول و أورسولا نوب

مقدمة :

سؤال : يقوم عملك على المعرفة بأنه يمكن لأحداث محددة في الأسرة خلال أجيال أن تؤثر في حياة الناس. و من أجل تقصي هذه العملية الدينامية، فإنك تعمل بطريقة "تنسيق أو ترتيب الأسرة" و الطريقة و المبدأ معروفان منذ زمن بعيد في العلاج الأسري. و مع ذلك فقد حظيت من خلال أسلوبك الجديد في العلاج الأسري النسقي أو المنظومي بالكثير من الاهتمام. فما الجديد من المبدأ الذي ينبت عليه طريقتك في العلاج؟

هيللنجر : أدركت وجود أحداث معينة في الأسرة تقود إلى "التماهي" [أو التوحد] مع شخص سابق. هذا الشخص ما كان مستبعدا و غير موجود على الإطلاق في شعور \لك الذي تماهى معه. و استنتجت من ذلك الإنسان يمكنه من خلال طريقة ترتيب الأسرة أن يرى من هو الشخص الذي يتماهى معه، و كيف يكنه أن يحل هذا التماهي بسرعة و في إطار ترتيب الأسرة أيضا.

سؤال : الواقع أنك تتوصل دائما إلى حلول سريعة جدا، أحيانا خلال عشر دقائق أو على أقصى تقدير خلال عشرين دقيقة؟

هيللنجر : إن الذي يسهم في هذه السرعة، و الشيء الجديد في هذا المبدأ بالفعل هو ما يلي : لقد اكتشفت أن الأحداث الخارجية فقط هي المهمة. فما يهمني على سبيل المثال هو هل توفي أحد أفراد الأسرة مبكرا،  هل نبذ أحدهم، هل كان هناك رجل سابق أو طفل مهمل؟ إن هذا هو المهم فقط، فأنا لا أحتاج إلى وصف للأشخاص، و لا أمارس تشخيصا مرهقا عن طريق تذكير المريض بما نسيه و استدعائه للمنسيات ...

رجوع إلى الفهرس

 

o         العلاج الأسري المنظومي / د. فرتس سيمون – د.أرنولد ريتسر – ترجمة د. سامر جميل رضوان

مقدمة : لم يحظ معالج نفسي في السنوات الأخيرة في محيط الناطقين بالألمانية في عمله باهتمام كبير مثلما حظي بيرت هيللنجر و على الرغم من أنه هو نفسه لا يعمل مع الأسرة، فإنه كان محط اهتمام المعالجين الأسريين بشكل خاص و آثار الخلافات و الخصومات حوله. فقد حدث تجاهه استقطاب إلى "اتباع متحمسين" و "خصوم أشداء".

و من الطبيعي أن يعوق هذا الاستقطاب المناقشة الموضوعية و العادلة، لأن المرض معرض باستمرار لخطر أن يحسب في صف أحد هذين "الحزبين". و مع ذلك نريد أن نحاول، إذ أن ظاهرة هيللنجر في رأينا – و نحن لا نقصده بالذات كشخص، و إنما نقصد منهجه و ردود أفعال المعالجين و الزملاء – ذات أهمية كبيرة و دلالة خاصة بالنسبة لحقل العلاج النفسي.

إن إحدى الصعوبات التي تواجهنا عند مناقشة العلاج النفسي بصورة عامة هي أن أغلب الأوصاف لما يقوم به أو يحجم عنه المعالجون أو المعالجات، و المعالجون "المرضى" أو المعالجات، مختلط مع تفسيرات هذه الظواهر الموصوفة و تقييماتها. و هناك صعوبة أخرى تتمثل في
أن المعالجة النفسية تمس دائما مجالات و منظومات مختلفة : المتعالج الفرد، شريكه في الحياة، أو أسرته، المسرح النفسي العام، المجتمع ... الخ ... و خلط هذه المجالات أقرب إلى أن يكون القاعدة من أن يشكل استثناء. و هذا ينطبق أيضا على المناقشات الدائرة ول هيللنجر.

و من هنا سنسعى، قدر الإمكان، إلى إبقاء الأوصاف و التفسيرات و التقييمات و كذلك المستويات المختلفة للمنظومة منفصلة عن بعضها  البعض. و لنبدأ بما يقوم به "أو بصياغة أفضل بما يرتبه" هيللنجر و "زبائنه" و معالجوه مع بعضهم بعضا.

رجوع إلى الفهرس

 

o         التفكك الأسري و آثاره النفسية و الاجتماعية / إعداد فريق الباحثين النفسيين مركز البحوث و التكنولوجيا – جامعة عدن

مقدمة :إن الزواج من الناحية الاجتماعية نظام اجتماعي معروف أساسا بعلاقة رجل بامرأة، علاقة يعترف بها القانون و يقرها العرف و التقاليد. في وضعنا الراهن أصبحت الحياة اليومية مليئة بالتوترات من كل صنف و تزايدت الانفعالات تجاه الظروف الاجتماعية و الاقتصادية و متطلبات الحياة لذلك لابد أن يأخذ الزواج في حسبانه الناحية الاقتصادية و النفسية بالإضافة إلى تنظيمه لعلاقة الجنس بين المرأة و الرجل الذي يشكل بداية لتكوين خلية اقتصادية قوامها إمكانات مادية للزوجين و أيضا مجال للرضا العاطفي و لاستقرار النفسي. و من الملاحظ أن التطور الذي يطرأ على بنيات المجتمعات العربية المعاصرة و بالأخص على قاعدتها الاقتصادية يتحقق بوتائر سريعة، و إن الأوضاع التعليمية و النفسية و المعنوية لقطاع واسع من الجماهير العربية يتطور و لكن ببطء شديد. و يؤدي هذا التفاوت في التطور إلى عدم التكيف و عدم توافق الجماعات سلوكيا و قيميا مع التغيرات الطارئة على القاعدة المادية للمجتمع مما يجعلها عاجزة عن الانتقال إلى  ممارسة أنماط حياة جديدة. و من هذا المنطلق تلجأ عوضا عن ذلك إلى الاعتماد على الأسس القديمة نفسها لعلاقتها، و تستنبط منها أشكال جديدة للتكيف الاجتماعي النسبي. و كون الأسرة تعتبر من أهم العوامل الاجتماعية التي تسهم في تكويني شخصية أبنائها و لها الدور الأكبر في التأثير بالتجارب المؤلمة و الخبرات الصادمة كالطلاق أو الموت. و أما تماسك الأسرة و وجود الوالدين لهما دور كبير على حياة الأبناء و لكل منهما دوره، و السعادة الزوجية تؤدي إلى تماسك الأسرة و تخلق جوا يساعد على النمو النفسي السليم للأبناء و تكامل شخصيتهم، و أن التعاسة الزوجية و الخلافات و الصراعات التي تؤدي إلى الطلاق قد تؤثر على كيان الأسرة و على التوازن العاطفي و تنعكس ذلك بطريقة مباشرة على الأطفال في أسلوب معاملتهم و تربيتهم فيؤدي إلى اضطرابهم فضلا عن فقدهم الجو النفسي المناسب الذي ينمون فيه و بذلك تضطرب وظيفة رئيسية من الوظائف الأسرية [د. راوية شوقي 1997].

و في خاتمة مقدمتنا هذه لا يسعنا إلا أن نتقدم بجزيل الشكر للأستاذ الدكتور صالح علي باصرة رئيس جامعة عدن على دعمه و تشجيعه و رعايته لفريق الباحثين النفسانيين و تذليل الصعاب ماديا و معنويا لإنجاز هذه الدراسة.

رجوع إلى الفهرس

 

o         الرعاية الأسرية للمسنين في دولة الإمارات [دراسة نفسية-اجتماعية-ميدانية على عينة من أسر المسنين في الإمارات] / أ. د. ف. م. خير الزراد

مقدمة : قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها رقم 33 تشكيل جمعية عالمية للشيخوخة (Aging) [أو للكبر] و ذلك لمناقشة قضايا هذه المرحلة من العمر التي يمر بها الإنسان، و التي هي عبارة عن حالة أو مجموعة من التغيرات الجسمية، و الاجتماعية، و النفسية، و العقلية، و لاقتصادية ... التي تطرأ على الإنسان و دون أن يكون للإنسان القدرة على المفر من ذلك، لقد تم تشكيل هذه الجمعية عام 1982 بهدف تأمين الضمان الصحي، و الاجتماعي و الاقتصادي للمسنين عملا بقرار الأمم المتحدة رقم 33/52/ لعام 1978، و دعت هذه الجمعية كافة المؤسسات المعنية بالشيخوخة و المسنين في العالم إلى العمل على تطوير أبحاث علم الشيخوخة (Gerontology) و بيولوجيا الشيخوخة (The biological aging)، و علم نفس الشيخوخة (Gerontological psychology)، و طب نفس الشيخوخة (Geriatric psychiatry)، و علم الشيخوخة الاجتماعي (Social gerontology)، و غير ذلك من مجالات تهتم بشؤون الشيخوخة و المسنين و ذلك بهدف جعل الإنسان يعيش في حالة من الصحة الجسمية و الاجتماعية و النفسية و الاقتصادية ... لفترة أطول مما هو حادث الآن، و كذلك السعي لإطالة حيوية الإنسان و عمره، و التهيؤ لدخول مرحلة الشيخوخة، بأقل قدر ممكن من الفقدان لطاقات الإنسان، و بأقل قدر ممكن من المعاناة لسوى التكيف، فالشيخوخة المصحوبة بالصحة الجيدة، و بالأمن الاجتماعي و الاقتصادي، و النفسي لن تختلف كثيرا عن أي مرحلة أخرى من مراحل العمر المتقدمة، إلا أن كثيرا من الناس لا يتطلعون في حاضرهم إلى ذلك اليوم الذي سوف يدخل بهم إلى عالم المسنين، و من هنا كانت أهمية الرعاية، و الإرشاد، و التوعية للمسنين، و في هذا الصدد يصبح للدور الذي تلعبه الخدمات الطبية المختلفة من وقائية و علاجية و تأهيلية الأثر الكبير في تجنب الإنسان لمضاعفات الشيخوخة و مشكلاتها ... و من المعلوم لدينا بأن مدى عمر الإنسان قد ازداد عن السابق و ذلك بفضل الرعاية الصحية و النفسية و الاجتماعية للمسنين، كما أن الدراسات حول الشيخوخة قد تطورت و تعدت في وقتنا الحاضر حدود أمراض الشيخوخة إلى التدخل في الآليات التي تؤثر في تغيرات الشيخوخة.. و في ضوء ذلك و بفضل القيم و العادات و التقاليد العربية و الإسلامية المتوارثة جيلا عن جيل، و المتأصلة في وجدان أفراد المجتمع، و المستمدة من مبادئ و أحكام الدين الإسلامي و تعاليمه السمحاء.. فإن المجتمع العربي و الإسلامي لم يواجه مشكلة حادة أو مشكلة تذكر في مجاله رعاية المسنين كتلك التي واجهتها بحدة المجتمعات الغربية و الصناعية الأخرى.

رجوع إلى الفهرس

 

§         عروض موجزة :

o        الطب النفسي المبسط / ويليس و ماركس – ترجمة طارق الحبيب [جامعة الملك سعود – الرياض]

o        نحو استراتيجية عربية لمواجهة الكوارث / دويدار و الصديق [مركز الدراسات النفسية – م.د.ن.]

o        فوائد نفسية / حسان المالح [الدار الشامية – بيروت]

o        مقدمة في الإرشاد النفسي /  بشير الرشيدي و راشد السهل [مكتبة الفلاح – الكويت]

o        مجلة الطفولة العربية / جماعة من الباحثين [الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية]

o        سيكولوجيا القهر و الإبداع / ماجد موريس إبراهيم [دار الفارابي – بيروت]

o        الاكتئاب – الأسباب و العلاج / طارق بن علي الحبيب [صدى التقوى]

o        التربية النفسية في حياة الأسرة المسلمة / طارق بن علي الحبيب [صدى التقوى]

o        المريض النفسي بين الأطباء و الرقاة / طارق بن علي الحبيب [صدى التقوى]

 

 

q       النص الكامل / FULL TEXT / TEXTE ENTIER

لقاء مع الدكتور جمال التركي

حوار حول

" المعلوماتية، المصطلح العربي، طبنفس المرأة و التحليلجنسي"

 

q      لكل حديث بداية و اسمح لي أن تكون بداية حوارنا أن تعّرف بشخصيتك؟

     §    يصعب عن المرء أن يعرّف بنفسه ولكنّي أكتفي بالقول بأنّي أخصائي في الطب النفسي خرّيج الجامعة التونسية، مقيم سابقا بمستشفيات باريس، أعمل حاليا استشاري بالممارسة الحرة منذ 1987، مجالات اهتماماتي تتعلق أساسا بـ:

- المعلوماتية و تطبيقاتها في الطبنفسي و العلوم النفسية.

- تعريب مصطلحات العلوم النفسية من خلال العمل على إصدار المعجم المعلوماتي للعلوم النفسية .

- الصحة النفسية للمرأة و الإهتمام بالعلاقة بين الهرمونات الجنسية و الاضطرابات الوجدانية

- العلوم الجنسية و التحليلجنسي

     §     عضو عديد الجمعيات النفسية و الطبنفسية المحلية و العربية و العالمية أهمّها لجنة المعلوماتية بالجمعية العالمية للطب النفسي، لجنة الصحّة النفسية للمرأة بالجمعية العالمية للطب النفسي، المعهد الدولي للتحليل الجنسي، الجمعية التونسية للطب النفسي، الجمعية التونسية للمعلوماتية الطبية وأخيرا حصل لي شرف الانتماء إلى عضوية الاتحاد العربي لعلم النفس.

 

q      نلاحظ اهتمامكم بالمعلوماتية وتطبيقاتها في ميادين العلوم النفسية، ما هي دواعي هذا الإهتمام ؟

           §          إنّ اهتماماتي بالمعلوماتية تعود إلى أننا نعيش عصرا تميز بثورة الإلكترونيات، انفجار المعلومات، ثورة الاتصالات المعلوماتية والوسائط المتعددة ،إننّا مقبلون على زمن ستصبح مصطلحات مثل : كمية المعلومات، المنزل الذكي، المقهى الإلكتروني، الكتب الدينامية، تشخيص الأمراض آليا،  الفهم الآلي للنصوص، توليد الكلام آليا، الشبكات الأعصابية، طرق المعلومات السريعة، مكتب بلا ورق، مجتمع بلا نقدية، التلفزيون الشخصي ...هي المصطلحات المتداولة فيه . ومن هذا المنطلق فإنّ امتلاكنا لأدوات العصر و التحكم  فيها أعتبره ضروريا بالنسبة لنا و إلا سنكون حتما على هامش العصر و لن نكون شاهدين عليه و فاعلين فيه إلا إذا تمكنا من التفاعل مع أدواته . إنّنا بتخلفنا عن  اللحاق بثورة المعلوماتية نكون قد حكمنا على أنفسنا  أن  نبقي في دائرة الظل، و إن كنا قد ورثنا تأخرا علميا و تقنيا  مهولا حتّم علينا ألا نكون منتجين لهذا الأدوات وصانعين لهذه الثورة [مقارنة بالعالم الأوروأمريكي]  فلا أقل من امتلاكها و التحكم فيها و فهم أسرارها للاستفادة القصوى من خدماتها، لرفع التحديات التي نواجهها و تطوير واقعنا العلمي و العملي . فالمعلوماتية  التي تعد إحدى الأدوات الرهيبة لهذا العصر قد أحدثت ثورة حقيقية في التعامل مع المعلومة و معالجتها و الذي لم يدرك بعد حقيقة هذه الثورة و أبعادها و ما ستحدثه مستقبلا من تغييرات جذرية في حياتنا و ما يمكن أن تقدمه من خدمات لن يمكنه بأية حال من الأحوال أن يكون فاعلا في عصره، إننا نعيش زمنا أصبحت الأمية فيه ليست جهل القراءة و الكتابة إنّما هي أمّية المعلوماتية المتمثلة في جهل أبجدية التعامل مع الكمبيوتر و أدواته وجهل التصفح على شبكة الإنترنت خاصة و نحن على أعتاب الألفية الثالثة .

 

q      هل يبدوا لكم أنّ معرفة حدّ أدنى من الثقافة المعلوماتية ضرورة للطبيب و الأخصائي النفسي العربي؟

           §          لاشك في ذلك ، إن امتلاك ناصية المعلوماتية بالنسبة للمهتم بالعلوم النفسية في العالم العربي تعد أكثر من ضرورة و لا عذر لنا في تخلفنا عن اللحاق بثورة المعلوماتية إن أردنا أن ندمغ بصمتنا في هذا العصر. ولست مبالغا عندما أذهب إلى ما ذهب إليه أحد أبرز منظري المعلوماتية في العالم العربي الدكتور "نبيل علي " عندما يعلن أنّ ثورة المعلوماتية و الإنفوميديا ستحدث تغيرات شديدة العمق لم يشهدها المجتمع الإنساني من قبل و ذلك سواء على مستوى الذهنية أو السلوك وإنّي أتوقع أنّنا مقبلون على مشاكل نفسية واجتماعية و سياسية لم  نعهدها من قبل ذلك أن  مجتمع المعلومات يطرح قيما و مفاهيم و أساليب جديدة  و يفرض على أفراده تحديات قاسية معيدا النظر في المسلمات ، منذرا بصراعات جديدة، و مثيرا قضايا فلسفية وحضارية تتعلق بالإنسان. إنّ أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل هو أن نصنعه و أن نستبق مشاكله لإيجاد الحلول المناسبة لها قبل حدوثها.

 

q      ماذا يمكن أن تقدم المعلوماتية إلى المهتمين بالعلوم النفسية في الوطن العربي؟

           §          إن خدماتها أكثر من أن تحصى وإني أكتفي بذكر البعض منها : تيسير القيام بالأبحاث العلمية و معالجة البيانات - الاستفادة من خدمات الشبكة العالمية "الإنترنت" بمتابعة آخر ما يجدّ في حقل العلوم النفسية إضافة إلى سهولة الحصول على مصادر المعلومات ملغيا بذلك حاجز المسافات و البعد ( متابعة  المؤتمرات عن بعد - التعلم عن بعد )، الاستفادة من خدمات البريد الإلكتروني في التعامل و التواصل بين الأخصائيين خاصة أن أهمية المعلومة تكمن في زمن  تلقيها  فالتعامل مع المعلومة في الزمن الحقيقي يعطي لها قيمة مضاعفة ، استعمال الملف الطبنفسي و العلمنفسي الكمبيوتري مع ما يوفره من إيجابيات التعامل ،  إجراء الاختبارات النفسية بواسطة الكمبيوتر مع ما توفّره  المعالجة الكمبيوترية من توفير للوقت و دقة في النتائج.

 

q      ألا تعدّ شبكة الإنترنت أبرز أدوات العولمة بمختلف أبعادها لبسط الهيمنة الأمريكية على العالم ؟

           §          إن فضاء الإنترنت فضاء مستقل عن الحدود الحيوسياسة و للجميع حق التواجد فيه و إن غيابنا عن التواجد الفكري و العلمي و الثقافي كأمّة لها كيانها و خصائصها و مقوماتها و غياب غيرنا من الأمم [التي لا تنتمي إلى العالم الأورأمريكي] عن التواجد في هذه الشبكة هو الذي يجعلها بحق أداة للعولمة و لهيمنة الثقافة الأمريكية بمختلف أبعادها السياسية، الاقتصادية و النفسية. و إنّي أخشى أن تكون الشّبكة العالمية ميدان لغطرسة و بجاحة القوة الأمريكية.

 

q      كيف ترى توظيف الشبكة العالمية في العالم العربي؟

           §          حسب دراسة أجرتها مجلة "إنترنت العالم العربي" خلال شهر فبراير 2000 يقدر عدد مستخدمي إنترنت في العالم العربي إلى 1.9 مليون شخص [أي ما يقارب 0,7%] و يتوقع أن يرتفع العدد إلى 12 مليون شخص مع نهاية عام 2002 . و هذا في حد ذاته مؤشر إيجابي و لكن  هذه الدراسة تضيف أن 30%  من هؤلاء  [أي ما يقارب 600 ألف شخص] لا يستخدمون الشبكة العالمية في البحث العلمي و لا في التقصّي المعرفي و لا كوسيلة إعلامية  إنّما يستخدمونها في الدردشة. قد يكون هذا سوء استعمال، لكنّه في نظري في حاجة إلى دراسة تحليلية نفسية تكشف خبايا هذا السلوك. أليس هذا تعبيرا عن المكبوت مرورا من "الجنسي" إلى "السياسي". أليست الدردشة الحميمية الافتراضية تنفيسا لرغبات مقموعة نعجز عن الإفصاح عنها في عالم الواقع، إنها مجرد فرضيات  قد تكون في حاجة إلى مزيد الدرس و التمحيص.

 

q      هل تعتبر أنّنا أدركنا في العالم العربي أهمية المعلومة ؟

     §    للأسف يبدو لي أننا لم ندرك بعد أهمية المعلومة في هذا العصر و الدليل على هذا غياب الاستثمار في صناعة البرمجيات العربية و غياب مراكز أبحاث عربية تهتم بتقنية المعلومات ، إننا في العالم العربي نعاني من فقر معلوماتي في حين بدأ العالم الأوروأمريكي يعاني من أعراض تخمة المعلومات المتمثلة في "تناذر الإعياء بالمعلومات" الذي يؤدي إلى الإجهاد و التوتّر والشّرود  مع شلل القدرات التحليلية.

 

q      بإصداركم مؤخرا  القرص المدمج  "السي دي" التقييمي الثاني للمعجم المعلوماتي للعلوم النفسية تكونون قد اقتحمتم ميدان النشر الإلكتروني ، لماذا هذا الإصدار الإلكتروني ؟

           §          إن النشر اللاّورقي أو الإلكتروني أو الرقمي أصبح حقيقة واقعة اليوم وهو يتطور بشكل ملفت نظرا لأنّه يقدم لك نصاً حياً، تفاعليا على شاشة الحاسوب، تستطيع تكبيره وتنسيقه ونسخه وقصه، واستخدامه بالطريقة التي تناسبك، وهذه الإمكانية من شأنها أن تحول القراءة الإلكترونية إلى متعة و نظرا أيضا  لسعة التخزين الهائلة التي يمكن أن يحتويها القرص المدمج ، فقد يحتوي قرص واحد من نوع الـ "سي دي"  معلومات أكثر من تلك التي تحويها 330 ألف ورقة أمّا أقراص " الـ "دي في دي" فلها قدرة هائلة على التخزين قد تصل إلى وضع مكتبة بأكملها في قرص واحد لا يتجاوز قطره 12 سم و لا يتعدى وزنه 15 غراما ، إن تفاعلية النصوص و سعة التخزين الهائلة كانت الأسباب الرئيسية التي دفعتني للإصدار الإلكتروني حيث قدرت عدد الصفحات الورقية للمعجم أكثر من 3000 صفحة وكان هذا في حدّ ذاته عائقا أمام النشر الورقي .

 

q      ما هي الإضافات التي يقدمها المعجم الإلكتروني  مقارنة بالمعجم الورقي .

           §          إن إصداري للمعجم المعلوماتي الإلكتروني يأتي مكملا للمعاجم الورقية التي أصدرها أساتذتنا الأجلاّء وهو يتميّز عن المعجم الورقي باستعماله الكمبيوتري فبعد تنصيب الـ"سي دي" على القرص الصلب يكون بالإمكان البحث عن ترجمة أي مصطلح بمجرد النقر على أيقونة المعجم و كتابة الكلمة المراد ترجمتها في الخانة المناسبة سواء بالعربية أو الفرنسية أو الإنكليزية. كما يتميّز أيضا عن المعجم الورقي بإصدارات المراجعة و الترقية التي تعدّ عملية يسيرة  مقارنة بالإصدار الورقي، خاصة و أن ترجمة عديد المصطلحات العربية لم يحسم أمرها بعد، لذا تجدني أضع جميع مرادفات ترجمة المصطلح عند عرضه للمرّة الأولى لأخلص عند تكراره إلى مصطلح واحد يكو ن قابلا للمراجعة في إصدارات لاحقة و ذلك حسب تقييم و ملاحظات أهل الاختصاص من اللغويين و الأطباء و علماء النفس. إنّي أعتبر المعجم بمثابة الكائن الحي يتطوّر بتطوّر الأزمنة فالإصدار الإلكتروني يسمح بإصدارات المراجعة و إصدارات الترقية كل فترة زمنية معيّنة. لقد انتهى و ولّى زمن المعاجم الثابتة التي تدوم أكثر من خمسين سنة. إنّ المعاجم سواء كانت علمية أو لغوية في حاجة إلى مراجعة دورية تختفي فيها مصطلحات و تظهر و تنقّح أخرى ، إنّ تطور نسق اللغة و المصطلح  في تواز مع نسق تطور العلوم أصبح ضرورة يفرضها إيقاع العصر.

 

q      ما هو مستقبل النشر الورقي في عصر ثورة الوسائط المعلوماتية ؟

           §          إنّه مرشح حتما للتراجع خاصة بعد أن بدأ يفقد دوره كوسيط أساسي لنقل المعلومة و لكن هذا التراجع لن يؤدّي حتما إلى تلاشي دور النشر الورقي فمهما تنوّعت و تطوّرت أدوات النشر مازال الإنسان في حاجة إلى الكتاب الورقي و المجلة الورقية و الصحيفة الورقية. إنّنا مقبلون على ثورة حقيقية في عالم النشر سميّت بـ "ثورة الوسائط المعلوماتية" أو "ثورة الأنفوميديا" سيحكم فيها النشر الإلكتروني أو الرقمي  قبضته على جلّ وسائل النشر في الألفية الثالثة و ستصبح الكتب الإلكترونية هي البدائل الافتراضية للكتب التقليدية الورقية .

.

q      يدخل إصدار المعجم المعلوماتي للعلوم النفسية في إطار محاولة تعريب العلوم النفسية هل تعتبر اللغة العربية مواكبة للتطورات العلمية التي نشهدها؟

           §          قطعا لا، و ما ذلك إلا تقصيرا من أهلها و ليس في اللّغة في حد ذاتها، فاللّغة العربية قادرة حتما على توليد المصطلحات العلمية و يبدو لي أنه قد ولّى زمن كان الواحد منا يبذل فيه الجهد للإقناع بأهمية تدريس العلوم النفسية باللغة العربية خاصة و نحن نرى شعوب العالم المتقدم تهتم بلغاتها القومية و تقيم معاهد البحوث المتخصصة و مجامع اللّغة والأكاديميات لدراسة علاقة هذه اللّغات بتكنولوجيا المعلومات و يعملون على استغلال إمكانيات الكمبيوتر في تطوير التنظير اللّغوي و مراجعة المعاجم و كشف النقاب عن بنيتها الدّاخلية. إن تطوير اللغة العربية إلى لغة تستوعب العلوم الحديثة يساهم بقسط كبير في بناء النّحن و في رد الاعتبار إلى الذات، وهو أفضل لبناء الذهنية و تحليل الدافع. و اسمح لي أن أذكّر أنّ اللّغة العربية التي تصنّف في المرتبة السادسة بين لغات العالم مازال أهلها لا يستعملونها في مؤتمراتهم العلمية و لعل القطيعة العلمية الموجودة بين أخصائيّي المغرب العربي و المشرق العربي تعود إلى أنّ جل أبحاث و دراسات المغاربيين بالفرنسية في حين أن الإنكليزية هي لغة أبحاث زملائنا في المشرق العربي الأمر الذي يحول دون متابعة المحاضرات الإنكليزية بالنسبة لأخصائيي المغرب العربي و المحاضرات للفرنسية بالنسبة لأخضأئيي المشرق  و إني أدعو إلى العمل على تحقيق " ترجمة فورية" سواء من الإنكليزية إلى العربية أو من الفرنسية إلى العربية في جميع مؤتمراتنا العلمية حتى يتحقّق التواصل العلمي بيننا و آمل من اتحاد الأطباء النفسانيين العرب أن يعمل على تحقيق هذا  حتى تعم الفائدة على الجميع.

 

q      يقودنا هذا الحديث إلى التعرّض إلى فوضى الترجمة و تعدّد المصطلحات.

           §          هذا صحيح ومرد ذلك إلى أننا نمر حاليا بمرحلة انتقالية سيقع تجاوزها حتما. فاللّغة العربية لم تعرف تطوير المصطلح العلمي إلا في القرن الأخير، و جل المصطلحات النّفسية الحديثة هي من وضع أخصّائيين و أطباء متحمّسين للّغة العربية فجاء المصطلح أحيانا مناسبا و أحيانا مربكا في حاجة إلى مزيد الدقّة و التقصّي و لا بد من رفع الشّكر إلى كل الذين يكتبون بالعربية لأن هؤلاء يساهمون في إثراء اللّغة. إنّ ضرورة تطوير معاجمنا اللغوية و التصدّي لمعضلة المصطلح العلمي أمر لا جدال فيه ، لقد آن الأوان لإرساء قواعد مؤِسّسات علمية عربية تعمل على تحديث التنظير اللغوي بعد ركود استمر قرونا طويلة وعلى تطوير أساليب تعليم و تعلم العربية بالوسائط التفاعلية الحديثة، و إحداث نظم ترجمة آلية. إنّ هذا لهو السبيل الوحيد إن أردنا أن تلاحق اللغة العربية التطور العلمي و التقني و الفكري.

 

q      لعلّ المشكلة الخلافية الأساسية حول المصطلح تتمثل في أن فريقا من الباحثين ينادون بترجمته إلى العربية في حين يكتفي فريق آخر  بتعريبه فما هو موقفك ؟

           §          يبدو لي أن اللّغة العربية ثرية بمشتقّاتها وترادفاتها وهي قادرة على إيجاد ترجمة مناسبة لكل مصطلح علمي و لكني لا أرفض تعريب المصطلح  في مرحلة أولى إذا لم نهتدي إلى ترجمة مناسبة له، كما أني أرشح ضم الكلمات إلى بعضها عند ترجمة المصطلح  ولا أقبل ترجمة كلمة واحدة إلى كلمتين أو ثلاث و لعلّي أتّفق مع الأستاذ الدكتور "علي زيعور"  الذي كان من أوائل الذين نادوا بمبدأ ضم الكلمات إلى بعضها عند ترجمة المصطلح العلمي كأن نقول مثلا: طبنفسي – علمنفس – علاجنفسي – تحليلجنسي - تحليلنفسي – نفستربوي – نفسدي – نفستماعي  … إنّ هذا أفضل للمختص في العلوم النفسية و الحامل هموما لغوية ناجمة عن تحديات حضارية و وجودية و معرفية.

 

q      بدأتم مؤخّرا في التّأسيس لمشروع "الصفحة العربية للعلوم النفسية" على شبكة الإنترنت، ما هي دواعي هذا المشروع؟

     §    أوّلا يأتي هذا المشروع لسدّ فراغ كبير على شبكة الإنترنت فيما يخص ميادين العلوم النفسية في العالم العربي، ثانيا يهدف إلى خلق ديناميكية للتّواصل و التّعارف بين الأخصّائيين و الأطباء في العالم العربي، هذا التعارف الذي يتجاوز حدود التعاون العلمي إلى التعارف الإنساني الرحب. إن كل واحد منا في حاجة إلى أن يواكب الأبحاث و المستجدات النفسية في العالم العربي و سأسعى من خلال عديد الوصلات البينية للصفحة أن يكون هذا الموقع مرآة عاكسة لحالة الاختصاص في الوطن العربي و من أهمّها. صفحة الأطباء و الأخصائيين النفسانيين، صفحة الجمعيات النفسية العربية، صفحة المجلات و الدوريات العربية النفسية، صفحة المكتبة النفسية العربية، صفحة أقسام علمنفس و الطبنفسي بالجامعات العربية، صفحة بنك الأبحاث النفسية الأكاديمية و الجامعية، صفحة المؤتمرات النفسية العربية العالمية، صفحة المعجم الشّبكي للعلوم النفسية، صفحة الطالب العربي في العلوم النفسية، صفحة مراكز الاستشفاء الطبنفسية العربية، صفحة مراكز الأبحاث النفسية العربية، صفحة دليل المريض النفسي العربي، صفحة الوظائف النفسية العربية، صفحة النشر الإلكتروني النفسي العربي إضافة إلى صفحة المعجم الشبكي للعلوم النفسية، صفحة الثقافة المعلوماتية، صفحة الرّوائز و الاختبارات النفسية العربية و صفحة الاستشارة النفسية.

 

q      كيف تقيّمون الاستجابة لهذا المشروع ؟

           §          رغم أنّ نسبة استجابة جميع الأطراف التي اتصلت بها سواء من أطباء أو أخصائيين أو جمعيات أو مجلات أو دور نشر أو جامعات  لم تتجاوز العشر بالمائة إلاّ أني أعتبرها كبداية رغم أنها تعكس واقعا عربيا في حاجة إلى قراءة متأنية تكون أوّل استنتاجاته البديهية أننا مازلنا لم نع بعد أهمّية الثّورة المعلوماتية وثورة الإنفوميديا وما يمكن أن تقدّمه لنا من خدمات... ولكني  سأعمل على إطلاق الموقع على الشبكة بما تجمّع لدي من معلومات على أن يقع إثراء الصفحة تباعا في المستقبل . إنها بداية تأسيس لعمل يتطلب مساهمة عديد الأطراف وأهم هذه الأطراف الأطباء و الأخصائيون النفسانيون العرب و الدّعوة تبقى مفتوحة لجميع هؤلاء لمشاركتي هذا العمل و المساهمة فيه بإرسال سيرتهم العلمية و قائمة أبحاثهم العلمية مع ملخّصاتها و الكلمات المفاتيح الخاصّة بها حتى يتيسّر إنجاز قاعدة بيانات تضم جميع الأبحاث العربية في حقل الطب النفسي و العلوم النفسية.

 

q      يبدو أن الإستجابة الأوّلية لمشروعكم على الشبكة العالمية  ليست مشجّعة، فهل تعتزمون مواصلة إنجاز هذا العمل؟

           §          ربّما يكون الأمر كذلك، و لكنّي مقر العزم على مواصلة إنجاز هذا المشروع العلمي المعلوماتي و قد تجدون معنى لهذا  الإصرار في مقولة لإحدى صحف المعلوماتية تدعو فيها أن يكون شعار هذا القرن "أنت على الشبكة إذن أنت موجود". إن تواجدنا كأطباء و أخصائيين نهتم بالصحّة النفسية لما يقارب 250 مليون شخص على الشبكة العالمية أعتبره ضرورة حياتية للتعبير عن خصوصيتنا ، للتحاور، لتبادل الّرأي و التّجارب و الخبرة العلمية. و هذا أمر لا جدال فيه ، و إني أرحّب بكل من شاركني هذا العمل و سأظل أسعى إلى إقناع من يتيسّر لي الاتصال بهم سواء من خلال المؤتمرات أو المجلات الطبنفسية و العلمنفسية أو اللقاءات الخاصّة بأهمّية المساهمة في التعريف بإنتاجهم العلمي من خلال هذه الصّفحة حتى تكون نافذة على واقع الصحة النفسية و البحث العلمي في العالم العربي.

 

q      بحكم اتصالكم بعديد دور النشر العربية للتعريف بالإصدارات النفسية العربية على شبكة الإنترنت كيف يبدوا لكم واقع النشر العربي بصفة عامة و النفسي بصفة خاصة ؟

           §          إن حركة النشر و الترجمة هي  في أدنى درجاتها في العالم العربي و ليس ذلك مقارنة بالعالم الأوروأمريكي  إنما مقارنة بدول لا تفوقنا تقدما علميا و صناعيا مثل تركيا و اليونان، حيث أن مصر  تترجم مائة كتاب في العام مقابل 25 ألف كتاب يترجمها اليونانيون و 18 ألف كتاب يترجمها الأتراك. أمّا مقارنة باليابانيين فإننا نترجم كتابا واحدا مقابل ألف وسبع مائة كتاب. إنّ هذه الأرقام و إن كانت تبدوا مفزعة إلا أنّها تعكس تردّي واقع النشر في الوطن العربي و على سبيل المثال أذكر أنّي قد وجهت أكثر من 150 رسالة إلى عديد دور النشر العربية طلبت منهم  التعريف بإنتاجهم العلمي في حقل العلوم النفسية و قد استجاب عدد قليل لهذه الدعوة و قلّة هي الدور التي لها إصدارات نفسية قيّمة باستثناء البعض منها مثل دار النهضة  العربية بلبنان ، دار طلاس بسورية و دار المعارف بمصر . إنّ تردّي  واقع النشر النفسي في العالم العربي يعكس حقيقة أنّنا شعب لا يقرأ. فالقراءة مازالت عندنا من اهتمامات النخبة أما الكتابة فهي من اهتمامات صفوة النخبة. فهل نحن شعب يعاني من رهاب القراءة و الكتابة ؟

 

q      نلاحظ في السنوات الأخيرة اهتماما خاصا بالصحّة النّفسية للمرأة ما هي دواعي هذا الاهتمام ؟

           §          إن الاهتمام بطبنفس المرأة بصفة منفصلة عن طبنفس الرجل ضرورة أملتها نتائج الأبحاث الحديثة  سواء منها الوبائية أو البيولوجية أو السريرية  أو العلاجية ، حيث تبيّن العلاقة الوثيقة بين الهرمونات الأنثوية والاضطرابات الوجدانية (خاصة بين الأستروجين والسيروتونين ) وقد لوحظ ارتفاعا واضحا في نسبة الاضطرابات المزاجية عند المرأة مقارنة بالرجل .

 

q      هل هذه الملاحظات مدعّمة بدراسات علمية ؟

           §          نعم و اسمح أن أقدّم بعض الأرقام كان قد تم عرضها في المؤتمر العالمي الأوّل للصحّة النفسية للمرأة [ برلين : 27 – 31/03/2001]  وهي خير دليل على هذا ، من ذلك تقدّر نسبة الإصابة بالاكتئاب الجسيم عند المرأة تقدر  بـ 22 % وهي عند الرجل لا تتجاوز 13 %  ، نسبة الديستيميا تساوي 9 % عند المرأة و 5 % عند الرجل، الاضطرابات الوجدانية الفصلية 6 % عند المرأة و لا تتعدى 1% عند الرجل. هذا إضافة إلى تفرّد المرأة  باضطرابات وجدانية خاصّة بها بحكم تكوينها البيولوجي كاضطراب خلل الوجدان السابق للحيض، و اكتئاب ما بعد الولادة.

           §          أما على مستوى العلاج الدوائي فقد خلصت الأبحاث أن اكتئاب المرأة أكثر استجابة للمثبطات الانتقائية لاستعادة  السيروتونين SSRI  مقارنة بالرجل الذي يعدّ أكثر استجابة لمضادات الكآبة التقليدية ثلاثية الحلقات  . هذا إضافة إلى الدراسات العلمنفسية التي تؤكّد على خصوصية البنية النفسية للمرأة مقارنة بالرجل.

 

q      هل تعتبر أنّه قد حدث في الماضي تقصير على مستوي العناية بالصحة النفسية للمرأة ؟

           §          لا أقول بهذا  الرأي لأنّي أعتبر أنّ الدراسات الطبنفسية المتعلقة سواء بالصحة النفسية للمرأة أو الرجل إنّما هي حديثة العهد و تعود إلى بداية القرن الماضي، إنما يمكن اعتبار أنّ المرأة كانت على هامش الرجل فهي قد عانت من التهميش  ردحا من الزمن و أذكر في هذا السياق أن التناذر السابق للحيض بما في ذلك اضطراب خلل الوجدان السابق للحيض (بصفة خاصة)  لم يقع الاعتراف به كتصنيف مرضي مستقل بذاته إلا في السنوات الأخيرة في حين كان يعتبر حالة نفسية شبه عادية تكون عليها المرأة قبل الحيض و في أقصي الحالات مجرد أعراض هستيرية  … و ما أحوجنا في عالمنا العربي إلى دراسات ميدانية تهم صحة المرأة النّفسية لإبراز الخصائص النفسمرضية للمرأة العربية و التصدي لعلاجها بوضع البرامج و الخطط العلاجية اللاّزمة لها. إن الاهتمام بالصحّة النّفسية للمرأة يدخل في إطار الاعتراف بخصوصيتها وما لتكوينها البيولوجي و الهرموني  من انعكاس على صحّتها النفسية  حتى يتمكّن الطبنفسي من تقديم خدمات أفضل لها.

 

q      يعدّ التّحليلجنسي أحد محاور اهتمامك ، ما هو التّحليلجنسي و ما هي الأسس النظرية التي يعتمد عليها؟

           §          التحليلجنسي طريقة علاجية خاصة بالاضطرابات الجنسية أسّسها" كلود كريبولت" يعتمد على فرضيتين أساسيتين :

- الفرضية الأولي :ضرورة إدراج اضطرابات الوظيفة الشبقية في إطار منظومة التاريخ الجنسي للفرد. ذلك أنه في عديد الحالات يتعذّر علاج خلل الوظيفة الجنسية بصفة دائمة إذا تم التغافل عن المعاني اللاشعورية الكامنة خلفها.

- الفرضية الثانية : اعتبار الذكورية مكوّنا ثانويا للأنوثية  تتحقّق من خلال تراجع تطوّر المكوّنات الأنثوية (التي نحملها جميعا) بالتّوازي  مع نشوء و تطور العدوانية القضيبية

           §          يمكنني تقديم التحليلجنسي  على أنّه مقاربة علاجية نوعية،  خاصة بالاضطرابات الجنسية تعمل على استكشاف الصراعات الجنسية اللاشعورية في مرحلة أولى لإلغائها في مرحلة ثانية بالاعتماد على إصلاح الاضطراب الجنسي على مستوى المتخيّل أوّلا ثم على مستوى الواقع ثانيا.

 

q      ماذا يميّز التحليلجنسي مقارنة بالنظرية السلوكية لعلاج خلل الوظيفة الجنسية ؟

           §          إن اختزال الاضطرابات الجنسية سواء في أخطاء التعلّم أو التشوّه المعرفي أو ردّه إلى تفاعلات واعية كما تعرضه النظرية السلوكية أعتبره طرحا منقوصا، و إن كنت أعترف أنّ بعض الاضطرابات الجنسية يمكن معالجتها بمجرد إعادة التأهيل أو بإيجاد الإشراط المناسب، و لكن بالنسبة للاضطرابات الأشد عمقا فإني لا أعتقد أنه بالإمكان التغلّب عليها بصورة دائمة و نهائية بالتغاضي على المعاني و القوى اللاشعورية الكامنة وراءها. و من هنا فإن التحليلجنسي باستكشافه للقوى اللاواعية الكامنة وراء العرض الجنسي يعمل على التصدي للإضطراب الجنسي على مستوى المخيّلة في مرحلة علاجية أولى ثم على مستوى الواقع  في مرحلة علاجية ثانية .

 

q      كيف يمكن التصدي لأعراض خلل الوظيفة الجنسية دون الأخذ بالاعتبار الشخصية ككل ، خاصة و أنّ الاضطرابات الجنسية تدخل في إطار منظومة شخصية متكاملة ؟

           §          لعلّي لا أعتقد في الطرح التقليدي الذي يختزل الاضطراب الجنسي في مجرد عرض لحالة نفسمرضية و الذي يعتبر أن لا قيمة لعلاج العرض الجنسي بمفرده  دون التوجه إلى "العصاب القاعدي" الذي يكمن العرض الجنسي  وراءه،  حيث قد يتمكّن المعالج في العديد من الحالات  من تخفيف بعض مظاهر خلل الوظيفة الجنسية دون التمكّن من اقتلاع العرض الجنسي و من هنا فإنّه يبدو لي أنّه من المنطقي تفسير الجنسي بالجنسي و إدراج أعراض خلل الوظيفة الجنسية ضمن إطار " التاريخ الجنسي للفرد" و "الصراعات اللاشعورية" التي أفرزته و في أقصى الحالات يمكن اعتبار الخلل الجنسي واجهة تكمن خلفها "اضطرابات جنسية عميقة" تتجاوز العرض في حد ذاته كاعتبار اضطراب عوز الانتصاب عند الرجل عرض ضمن إطار اضطراب جنسوي Trouble de la genralité أو ضمن إطار خلل بيجنسي Dysphorie  intersexuelle . تبعا لهذا  فمن المشروع افتراض أن للاضطرابات الجنسية لها مسارها الخاص و ليست حتما مجرد عارض نفسمرضي ضمن مجموعة أعراض اضطرابات ذهانية أو عصابية [و إن كانت أحيانا كذلك] و ينبغي العمل على معالجة هذه الأعراض سريريا بصفتها النوعية.

 

q      من الناحية العملية كيف يتم العلاج بالتحليلجنسي؟

           §          يدخل العلاج بالتحليلجنسي في إطار العلاجنفسي حيث يتم من خلال عديد الجلسات التحليلية المركّزة على نوعية العرض الجنسي، يعمل المعالج في مرحلة أولى إلى استكشاف الصراعات اللاشعورية الكامنة وراء العرض و القلق الناتج عنه وتسمّى هذه المسيرة العلاجية الأولى  بمرحلة التوضيح و في مرحلة ثانية يكون العمل العلاجي مركزا على إلغاء العرض الجنسي و القلق المصاحب له من خلال التصدّي له و إصلاحه على مستوى المخيّلة الجنسية أوّلا ثم على مستوى الواقع في مرحلة ثانية. من هنا فإننا نلاحظ أن العلاج بالتحليلجنسي  يعتمد على ثلاث مراحل أساسية ألا وهي : التوضيح، الاستبصار ثم العمل التقويمي أو الإصلاحي على مستوى المخيّلة و على مستوى الواقع .  إنّ العلاج بالتحليلجنسي طريقة علاجية متوسّطة المدى [من 25 إلى 125 جلسة ] تقود خلالها المعالج لاستكشاف أسباب و معاني اضطرابه الجنسي و تعينه بصفة تصاعدية على تجاوز القلق النفسي التابع لها.

           §          إن المقاربة التحليلية التي  تعمل لاستكشاف الدوافع اللاشعورية للاضطرابات الجنسية تعدّ ضرورية و لكنها ليست كافية لوحدها إنّما ينبغي التوصّل إلى تحقيق تجربة إصلاحية [تقويمية] في عالم الواقع مرورا بالمتخيّل و الهوامي حيث يتم  في مرحلة أولى استكشاف الصّراعات اللاشعورية و القلق النفسي التابع له و في مرحلة ثانية السعي إلى إلغاءه بالعمل بصفة مباشرة على مستوى المتخيل للوصول إلى السيطرة والتحكم في  السلوك المرضي على مستوى الواقع  .

 

q      ما مدى قابلية البيئة العربية لعلاج الاضطرابات الجنسية بالتحليلجنسي ؟

           §          إن تقييم أهمية أي مقاربة علاجية تكمن في درجة فعاليتها في استئصال المرض أو في خفض أعراضه و ما يمكن قوله في هذا الصدد هو أن النتائج العلاجية للتحليلجنسي تعدّ مشجّعة حيث نجح في علاج عديد الحالات و منها حالات أحقق فيها العلاج السلوكي، و يبدو لي  أن صعوبة ممارسة العلاج بالتحليلجنسي في الوطن العربي لا تعود إلى عدم نجاعة هذه الطريقة العلاجية بقدر ما تعود إلى طبيعة الموضوع " الجنسي " الذي مازال الحديث فيه يعد من باب المحرّمات و الممنوعات سواء على مستوى الجنس المتخيّل أو الصورة الذهنية الهوامية  أو على مستوى الواقع ، لكن التطور السريع الذي يشهده العالم العربي على مستوى تغير الذهنيات و العقليات يرشّح أن يأخذ التحليلجنسي  مكانته في علاج الاضطرابات الجنسية كأيّة وسيلة علاجية أخرى أثبتت فعاليتها.

 

q      ما هي الأسس النظرية التي تعتمد عليها نظرية التحليلجنسي؟

           §          تفترض نظرية التحليلجنسي وجود أنثوية أوّلية Protoféminité  مشتركة بين الجنسين و أن الذّكورية « La masculinité »  لا تعدو أن تكون مكوّنا ثانويا Construction secondaire محدثا بتراجع نسق تطوّر المكونات الأنثوية القاعدية من ناحية  و بروز تنام العدوانية القضيبية من ناحية أخرى، لقد نتج عن هذه الصيرورة اللامتواصلة لنسق المسار التطوري للذكورية هشاشة " الهوية الذكورية " و كما يبدوا فإنّ هذا الطرح  يتعارض هذا مع النظرية الفرويدية التي تعتبر الأنثوية مكوّنا ثانويا Elaboration secondaire  نتاج  حداد فقد القضيب  Deuil du manque du phallus .

 

q      في ختام هذا اللقاء ، هل لكم من كلمة أخيرة؟

أشكر لكم حضرة الأخ العزيز و الأستاذ المحترم دعوتي لهذا الحوار و إني لمقدر مجهوداتكم و أعمالكم لإرساء دعائم مدرسة عربية للعلوم النفسية، و آمل توثيق التعاون العلمي معكم لرفع التحدّيات التي تواجهنا و لحرث الواقع العربي بالدراسات و الأبحاث الميدانية حتى نساهم معا في رفع مستوى اللّياقة النّفسية للمواطن العربي . إنّ هذا هو قدرنا إذا أردنا الخروج من دائرة التقوقع والإنغلاق على الذات  كي نصبح أمّة معتبرة بين الأمم  فالذات المتقوقعة و المنغلقة على نفسها الرافضة للآخر تحت ستار التمسّك بالأصالة قابلة للانهيار لحظة المواجهة في حين أن الذات الواعية ، المدركة لحقيقة الصراعات التي نعيشها ( العولمة وأبعادها)  قادرة على إحداث التغيير الإيجابي و النقلة الحضارية قادرة على التصدي لمحاولات الاستيلاب و التغريب. إنّنا لن نكون شاهدين على عصرنا ما لم نكن فاعلين فيه.

ملاحظة :  أجرى الحوار أ. د. محمد أحمد النابلسي على هامش المؤتمر العربي التاسع للعلوم النفسية القاهرة – جانفي 2001

رجوع إلى الفهرس