مجـــــــــلات 

 

الإنســان و التطــور

تصدرها جمعية الطب النفسي التطوري و العمل الجماعي

السنة السابعة العدد السادس و العشرون - أبريل / مايو / يونيه 1986  

www.mokattampsych.com

 

q       فهرس الموضوعات /  CONTENTS / SOMMAIRE  

 

§         الافتتاحية

§         نظرية التحليل التفاعلاتي / نظرية لمناقشة

§         بحثا عن جبال المحال / اعتدال عثمان

§         قصيدتان قصيرتان / حلمي سالم

§         النبي (أربع قصائد) / رضا عطية

§         عن حنين آخر / عادل السيد عبد الحميد

§         قراءة عابرة في قراءتين عابرتين /  حازم شحاتة

§         سوناتا : الحب والضياع / عباس الصهبي

§         الناس والطريق : تداعيات الرحيل الخير...، ثم يوم "هناك" ويوم "هنا" / يحيى الرخاوي

§         فنون تشكيلية : الفطريون والبدائيون المزيفون / عصمت داوستاشي

§         قصة قصيرة : آخر الطابور / أحمد زغلول الشيطي

§         كتابة ما..: أمي... لو كنت تعملين / راوية حمودة

§         شعر : غرفة "صغيرة " في مكان ما من العالم / وليد منير

§         كتابة ما : ليالي / د. خالد عبد العلي

§         قصة : ضربة جزاء / عصام اللباد

§         ترحال / السيد زرد

§         حوار : حكاية حوار لم يتم...ودعوة متجددة

 

q       ملخصات  /  SUMMARY / RESUMES 

 

§         الافتتاحية

استهلال : يبدو أننا في حالة خاصة، تحتاج إلى تعبيرات خاصة، مما لا تستوعبها الأصناف الشائعة، فثمة "استسلام ثقافي" ، وثمة "خذل لا حضاري" هذا فضلا عن تعبيرات سبق ابتداعها حديثا ، ألسع وأغرب، مثل " الاسترخاء العسكري " "والتطبيع" وما شابه، وكل هذا لا بد وأن يسمح لتلك الطبقة من الشحم الفكري أن تتجمع فوق سطح وعينا المتخثر، فلا حركة رغم صوت الكركرة، ولا زرع رغم لون الخضرة ، ولا شيء رغم كل شيء، لكن ذلك ليس هو واقع الحال تماما وإلا..

غير أنه ربما يكون هو وجه الصورة على الأقل..

وبين الحين والحين ، يظهر على وجه هذا السطح فقاعة، أو نافورة مندفعة موقوتة، أو فوهة دوامة، ولا يستطيع الناظر من بعيد أن يتبين أن كل ذلك يدل على اختمار النتن، أم على الإيذان بغيض المياه، أم على احتمال تفجر الطاقة من المخلفات المتراكمة.

وقد حدث ذلك فعلا، حين حدث ما حدث

وفي محاولة النظر- من زاوية ما حدث- في دور كلمتنا هذه (مجلتنا المتواضعة) باعتبارها همسة ملحة، منذرة غالبا، واعدة أحيانا، مشيرة بسهم (ما) في اتجاه ما هو أبقى ، أقول في محاولة النظر على الأرضية الجديدة  لابد وأن ندرك استحالة إرسال أي رسالة بهذا الصوت الخافت وسط هدير صفارات الإنذار المتصاعدة وصلابة هذا الصمم المتزايد بما يعلو فوق كل إنذار... 

 

§         نظرية  التحليل التفاعلاتي / نظرية لمناقشة

مدخل : رأينا أن العلة المرجحة لاختيار هذه النظرية كموضوع لهذا المقال هي أن هذه النظرية غير مطروقة بدرجة كافية في مجتمعنا العلمي والعام في مجال علم النفس، وقد كانت مبررات الاختيار كما يلي :

أولا : شدة ارتباطها بنظرية التحليل النفسي، وخروجها من عباءتها مثل نظريات محدثة كثيرة .

ثانيا : حداثتها، وانتشارها وتعدد مجالات تطبيقها في مجتمعات أسبق، وخاصة في الولايات المتحدة في الستينات والسبعينات بشكل أكثر تحديدا.

ثالثا : بساطتها (الظاهرية) وما يترتب على ذلك من سهولة تطبيقها في مجال علم النفس التطبيقي الإكلينيكي وفي مجال العلاج النفسي الجمعي، وبعض مجالات الحياة العامة.

رابعا : آثارها على فهمنا للإنسان عامة ، ولفكرة التعدد الذواتي بشكل أكثر تخصيصا، وما قد يترتب على ذلك من تغيير في فهمنا للنمو البشري وللظاهرة البشرية ككل في السواء والمرض، وذلك من منطق تنظيمي تركيبي، وخاصة فيما يقابل ذلك من بعد بيولوجي... 

 

§         بحثا عن جبال المحال / اعتدال عثمان

مدخل : مرة ودميتي في صدري وقفنا على أسوار مدينة التصاوير والتهاويل، والمدينة بلا أسوار، والحرس يتناوبون الحراسة ولا يغفلون، غير أنا دخلنا ، وكنا لم نزل هناك على الأبواب العالية الصدئة.

لعبنا مع الريح، وتشابكنا في غصون الشجر، والعرق يبرق على وجهينا ويسري في عروق الحجر فيذوب محبة، ويترقرق بحنان أمي، ويضمنا معا، فندخل بين ذرتين، ونسمع همس الحنايا، ونضحك كثيرا، ونتحمم بالغمام، ولكن آخر النهار.. حين تزجرنا شعاعات الشفق... 

 

§         قصيدتان قصيرتان / حلمي سالم

مقتطف وموقف : انتحار أديب

المقتطف : من مقال : الشاعر أحمد العاصي : أضواء جديدة على مأساته... بقلم : رابح لطفي جمعة- الدوحة- العدد 123- مارس 1987 (ص 28-31).

ولكن شخصا اسمه رفعت عماد الدين الملواني أرسل إلى لطفي جمعة خطابا سنة 1930 زعم فيه أن العاصي أقدم على قتل نفسه بسبب اضطراب نفساني، ويزعم كاتب الخطاب أن أهم أسباب هذا الاضطراب هو النقص في الجسم.

(1)    وأظن – وظني يقارب العقيدة- أن أحمد العاصي ما اختار لموته إلا طريقة تخفي عن الأعين هذا النقص الجسماني... والعاصي لم يقدر أن ينشد الحب واللذة بسبب نقصه الجسماني، وكانت النتيجة أن استولت عليه فكرة الموت... وأذكر أنك دونت في أحد أبحاثك عن العاصي تضجره من علم التشريح عندما كان طالب طب، وعندي أن هذا التبرم جاء من اشمئزازه من جسمه... أحمد كان يعيش لوحده في القاهرة ، فماذا كان يمنعه من أن يتمتع بقوة شبابه ?

(2)    وكأن العاصي مسرورا مستبشرا قبل موته بقليل وهذا يدل على الاضطراب النفسجسماني... وهذا الاضطراب نتيجة لنقص جسماني... 

 

§         النبي (أربع قصائد) / رضا عطية

تعليق على قصيدة الشاعر عادل السيد عبد الحميد : حول قصيدة..عن حنين آخر

مدخل : نقد الشعر من أصعب المهام الأدبية، ومن أهمها، فمازالت الحركة الشعرية المسماة بالحداثة تفتقد بحق إلى ناقديها ، ولا نملك إلا قبولها من باب الشعور بالنقص أو الاحتماء بالاحتمال أو الاستيعاب الصامت – من يدري، أو سبها وشجبها واتهامها، ولو أن ثمة حركة نقدية واكبت ظهور هذا الشعر وتطوره، إذن لأعطى من ثماره ما حقق به ما وعد، ولكنه هكذا معرض إلى أن ينغلق على نفسه وذويه – إن فعل، أو أن يموت.

ويصعب نقد الشعر أكثر فأكثر حين يكون الناقد شاعرا، وينبغي أن يكون كذلك حتى لو لم يكتب شعرا، فالشعر لا يقرؤه إلا شاعر... 

 

§         عن حنين آخر / عادل السيد عبد الحميد

بداية : ماذا تملك من وجع القلب

يا صمتا تحمله طرقات الكلمات مشاعل ?

الضوء تبخر.. والعمر تبخر.. والآتي ليس يجيء

آه يا صحبة قلبي الميت

أهدرت العمر المنسوج بكفي

أبحث في أرجاء الكلمات الحيرى

عن عنف لقاء الأعين بين العشاق

عن صوت يصلح للصرخة

عن دفء يرجعني حيا

والآن أعود..

جوعان للجوع أنا....

آه يا صحبة قلبي الميت

آه يا أشعار القلب الميت

هل منكم من يمنحني جوعي ?... 

 

§         قراءة عابرة في قراءتين عابرتين /  حازم شحاتة

مدخل : تفضلت مجلة الإنسان والتطور علينا في العدد الرابع والعشرين بنشر قصيدة بالعامية للشاعرة كوثر مصطفى، وبذلك تصبح إحدى المجلات القلائل التي غامرت بنشر العامية – حسب رأي افتتاحية العدد –رغم أنني لا أدري ما وجه المغامرة  حتى الآن- ليس هذا فقط، وإنما قدمت قراءتين – عابرتين- جادتين لهذه القصيدة في باب ( النقد يواكب النشر) ). هذا الباب الذي يعلن عنوانه عن أشد الأزمات الثقافية في واقعنا - وهي أن النقد لا يواكب النشر دائما- من خلال احتفال الصياغة بالفعل (يواكب) الذي وازى بين "النقد" و "النشر" ، وهي موازاة لا نراها إلا في هذه المجلة التي تتطور يوما بعد يوم- وليس فصلا بعد فصل.

فهل من حقي أن أقدم قراءة نقدية لقراءتين نقديتين من باب أن النقد يواكب النقد أيضا  ? وسأحاول أن تكون هي الأخرى عابرة، على بعض ما جاء في هاتين القراءتين ولكنها في نفس الوقت سوف "تنكمش" في قضايا استقرا حتى ماتت... 

 

§         سوناتا : الحب والضياع / عباس الصهبي

بداية :

في عينيك سؤال

وبقلبي، لو تدرين، جواب سؤالك

لكني، في الزمن الحالك

لا أجرؤ أن أنطق كلمات الحب

أو أسمعك النبضات وكم تعتصر القلب

أو أطفئ في شفتيك لهيب سؤالك

ولذلك..

أعلنت الحرب عليك... 

 

§         الناس والطريق : تداعيات الرحيل الخير...، ثم يوم "هناك" ويوم "هنا" / يحيى الرخاوي

بداية : الأربعاء : 29 يناير 1986 – الساعة الخامسة وعشر دقائق :

استأذن صديقي، والد ابنتي رفيقتي رحلتنا هذه (مع الناس على الطريق)، استأذن أن يكمل رحلته وحده، بعد صراع وعناد وآلام ورؤى وحوار أغلبه صامت ، وكل هذا لا أستطيع – الآم- إهماله أو نسيانه أو إزاحته كما لا أجد عندي الشجاعة أو الأمانة لحكاية كل تفاصيله التي استغرقت أكثر من سبعة أشهر... جمعنا فيها – هو وأنا – خلاصة عمرنا قولا وتذكرة، ثم عهدا ورؤية.

فمنذ سافرت معه، ورجعنا كما سافرنا، وأعجز، ونحن نجتر أيامنا بهدوء شائك، هو : تعتصره الآلام، وأما : يخيفني العجز، حتى قرر... فذهب فوجدتني أعيش معه /فيه/ به، بتقمص يحتد فيه وعيي فيهزني حتى النخاع، وأنا أخطو بجواره مرتحلا إلى ما لم أحتسب، مختبرا – من جديد- ما كنت أتصور أني عرفته ظهرا لبطن، ألا وهو ما كنت أسميه –مثل الناس- "الموت" ، فإذا بي لا أعرف منه ، أو عنه إلا أقل القليل.

حين رحل صديقي، وما رحل ، وجدت نفسي أحاول أن أواصل بدونه، بعيدا عنه، بالرغم منه، لكني أكتشف أني أفتعل الأشياء افتعالا، وكأني أزيحه بعيدا بما لم أعتده معه، ولم يعتده مني، فأخذت أواجه اختبارا صعبا : فإما أن أتوقف قليلا أو كثيرا عن كتابة هذا العمل المنطلق، حتى ألملم نفسي، فأنسى أو أتناسى، وإما أن أغامر بنقل الفصول، فأقدم هنا "فصل" رحلتي مع صديقي هذا الذي وعدت أن تأتي قرب نهاية هذا العمل، انقلها إلى هذا الفصل، فما دام الأصل في هذه الكتابة هو حضوري مع القلم، لا حكايتي عن الحدث، فليقدني القلم حيث شاء، أفليست هي أنا : رحلة الداخل والخارج ? ... 

 

§         فنون تشكيلية : الفطريون والبدائيون المزيفون / عصمت داوستاشي

مدخل : في العدد السابق من "الإنسان والتطور" كتبت عن الفن الفطري، ونشرت رسوما للأديب نبيل نعوم، وتحدثت عن رسومه بصفته فنانا فطريا، ثم دعوت قراء هذه المجلة للمشاركة برسومهم لفتح طاقة الإبداع الحواري، ليس فقط بالكلمة ، ولكن بالتشكيل الخطي.

ونحمد الله أن الاستجابة كانت سريعة وطيبة.

فأولا : نستضيف في هذا العدد رسوم الزميل الفنان محمود الهندي المشرف الفني على مجلة القاهرة، التي نتمنى لها الاستمرار في الصدور أسبوعيا، دون محاولة تقليصها للصدور شهريا ، ثم إيقافها.

وثانيا : وصلت للمجلة رسوم للفنان الشاب "جرجس ممتاز (مواليد 1964) وأهم ما لفت انتباهي في بطاقة التقديم المرفقة بالرسوم والتي حررها الزميل الشاعر أحمد زرزور، أن الفنان الشاب جرجس يختلف معي في مسالة " الفن الفطري" ، ويرى أن الفن ليس مجرد محاولة لوضع بعض الرسوم أو الخطوط، ولكنه "وعي كامل" بالعملية الفنية، ويريدني أن أحكم على أعماله المرفقة ليس على أنها " فن فطري " ولكن باعتبارها أعمالا مجتهدة، تحاول تحقيق التميز الخاص.

ثم أجد السؤال الموجه لي : هل أرى ثمة ملامح أو توجهات " فطرية " في أعمال الفنان الشاب جرجس الذي يقول عن نفسه أنه يتعبد للفن، وأن علاقته بالكون علاقة روحية.

وثالثا : أخبرني الفنان الكبير حسن سليمان بأنه يختلف معي في ما أطلقته على رسوم نبيل نعوم من أنها رسوم لفنان فطري .. ففي رأيه أن نبيل نعوم مثقف ولا يمكنه بالتالي الإبداع الفطري ، لأن مثل هذا النوع من الإبداع هو ما يميز القبائل البدائية البعيدة عن سبل الحياة المعاصرة.

هذه الأمور الثلاثة جعلتني أعاود الكتابة ( بعد إذن أسرة تحرير المجلة) حول الفن الفطري الذي أصبح فجأة محل اتهام، كما تملص الفنانون من الانتماء إليه، وكأنه وصمة جاهلية، في حين أن الفطرية هي عماد الحياة وسر استمراريتها... 

 

§         قصة قصيرة : آخر الطابور / أحمد زغلول الشيطي

بداية : صحوت متأخرا . خرجت إلى السوق أشتري بعض المأكولات والسجائر. لم أجد صحنا. قالت بائعة الخضراوات "وجهك جميل" ، قلت "وجهك أجمل" . فكرت وأنا إمام الجامع القديم أن الشيخ قد أذن لصلاة الظهر منذ وقت طويل، كان مظهر السوق الرمادي موحيا بهذا، قلت إنني صرت كسولا ، وأنني بهذه الطريقة قد أرسب ، وأنا لا أملك ترف الرسوب خاصة بعد محنة زواج أخي.

شعرت بآلام البرد في ظهري وكتفي، النافذة تسرب هواء كفيلا بهدمي تماما. ضحكت لجرأتي مع بائعة الخضراوات، وقلت أنني لربما حكين ل (...) إذا التقيت به مساء. أعرف أنه سيحكي حكاية أخرى. وربما انتبه في النهاية إلى الحكاية الأصلية ، عندئذ يفجر نكته أكيد ستضحكني، وعندما لا نجد شيئا نقوله، سنفترق كالعادة دون تحية... 

 

§         كتابة ما..: أمي... لو كنت تعملين / راوية حمودة

طفلة فرحة... تطفو...

ماذا حدث لو أن في إمكاني أن أحتضنهم كلهم في لحظة واحدة ?

أن أتحرر من قيد هذه الأعضاء الصغيرة...

الدمعة الطيبة تطل في هذه اللحظة بالذات، كم أحبك ، كم أكرهك، كم أخافك... 

 

§         شعر : غرفة "صغيرة " في مكان ما من العالم / وليد منير

أجرت في قلبه غرفة.

ونقلت أثاثها...

مائدة، وشمعة، ومقعدا، ونصف مرآة بها شرخان عرضيان.

وكتبا ثلاثة..

في هذه الغرفة سافرت إلى جهات سبع

وشمت البحار، والسماء، ودخان الأرصفة

ورأت الملائكة

في أوبرات "فاجنر" العجوز يضحكون،

عانقت " بيتهوفن" البائس وهو يعزف الكمان... 

 

§         كتابة ما : ليالي / د. خالد عبد العلي

-        الليلة الأولى

أعيش على الغلاف السطحي جدا. هكذا منذ قديم الأزل. لكني مللت

أحسست أن القشرة ربما تكون أسهل الحلول وليس أفضلها.

جدار سميك تراكم من نفايات العصور البائدة يتربص بحذر خامل لأي محاولة.

أول مرة ابتسمت حين رأيت صناديق قمامة كبيرة خضراء اللون صنعت من الحديد الصلب.

في المرة التالية كدت أختنق بعد عبور جزء لا بأس به. هذه المنطقة غازاتها سامة تصيبني بالشلل. فكرت في العودة للقشرة، وجدت أنه أفضل ما يمكن عمله هذه اللحظة...

 

§         قصة : ضربة جزاء / عصام اللباد

بداية : في ظل أحد حوائط الملعب الضخم، بعيدا عن زئير حناجر المشجعين... وبعيدا عن حرارة شمس الظهيرة الشديدة الاصفرار المتعامدة على الرؤوس، تكوم الصبية الصغار على الأرضية الأسمنتية المحرقة بجلا ليبهم التي لا تستر عوراتهم الصغيرة الرخوة، والتي اختفت نقوشها وبهتت ألوانها تماما تحت طبقات سميكة من الزيوت، والأتربة، والترميمات المتعددة في أجزائها المختلفة.

كان يقف في مواجهتهم بجسده العريض الضخم، وشاربه الكثيف المبعثر.. المعلم مرسي، الذي قطب حاجبيه عن قصد في قسوة، كأنما يؤكد للصغار عنفه، ويذكرهم بوعيده، وأوامره.. 

 

§         ترحال / السيد زرد

عربة القطار تتأرجح، فأتأرجح أنا الآخر ، وإحساس شديد بالامتهان يسحقني.

القطار يسير نائحا ومسريا عن نفسه بإصدار أصوات شنيعة، لا تزيل عن القطار وحشته، لكنها تمنحني " بسخاء" إحساسا بالمرارة وتزيد من جفاف حلقي.

الإعياء يكاد يشل حواسي، فقط الريح التي تجتاح العربة هي التي تبقيني متيقظا.

أشعر بتعاطف تجاه قطار الليل الذي يقلني، أأسف لوحدته وهيكله البائس محطم المقاعد منزوع الأبواب والنوافذ.

ضعيفا منكودا كورقة نزعتها الريح من شجرتها وظلت تؤرجحها في الخلاء حتى ضلت طريقها، أحس بنفسي...

 

§         حوار : حكاية حوار لم يتم...ودعوة متجددة

مقدمة :

كتبنا في الافتتاحية الماضية عن الجاري ومن بين ذلك :

( 1 ) اقتحام الطائرة المصرية المخطوفة بإبداع مغامر لدرجة استشهاد مقاتلين مدنيين شرفاء، لكن الخوف كل الخوف أن نصبح وحدنا المسئولين عن محاربة الإرهاب بهذه الطريقة، ليختصوا هم "الأقوى والأنذل" بالتفاوض وادعاء الإنسانية (  2) الإشارة إلى قضية ومغزى ومصرع ومأتم سليمان خاطر.

فانبرى الزميل أحمد زرزور يرفض حكاية "الإبداع المغامر""، ويصفق لبطولة واستشهاد المرحوم سليمان خاطر.

فأعطى رئيس التحرير له مقالا عن " ضريبة الحضارة وضرورة الشهادة " كان قد أرسله للأهرام ولم ينشر رغم أنه كان تأييدا (في الظاهر على الأقل) لموقف الحكومة من اقتحام الطائرة لكن يبدو أن التأييد كان لأسباب مختلفة عن أسباب الحكومة، فلم ينشر، مثلما لم يذع حديث أجراه الكاتب بنفس المعنى مع قائد الطائرة هاني جلال والمخرج كمال الشيخ في القناة الثالثة، إذ يبدو أن الحكومة لا تحب التأييد لو جاء على موجة مختلفة لأسباب مختلفة والله أعلم...