مجـــــــــلات 
 

الإنســان و التطــور

تصدرها جمعية الطب النفسي التطوري و العمل الجماعي

السنة الرابعة عشر العدد السادس و الخمسون أكتوبر 1993

www.mokattampsych.com

 

q       فهرس الموضوعات /  CONTENTS / SOMMAIRE 

 

§         الافتتاحية

§         الأسطورة..والجنون..والتطور / ا.د. رفعت محفوظ

§         ذئاب / محمد المخزنجي

§         حالات وأحوال : ورق مصقول وورق شفّاف / د. أحمد ضبيع

§         قصائد / علاء خالد

§         رؤيا / طارق النعمان

§         علاقة / إيمان مرسال

§         تطور الهوية الجنسية : رؤية من منظور الصحة والمرض / د. أسامة عرفه

§         في رحاب مولانا النفري : موقف القرب / ضرورة البعد-نخلقه زيفا-لتستمر الحركة

§         رباعيات / حسن صابر

§         تذكرة / محمد يحي الرخاوي

§         تعديل طفيف في حجرة قارئ عجوز / يوسف السعيد رخا

§         اليأس والجنس والانتحار / قراءة في رواية ألبرتومورافيا "1934" : في ندوة ثقافية : آثار نقدية، علقت بوعيي / إيهاب الخراط

§         مقتطف وموقف : حول حرية الرأي واللجان والجامعة

§         حوار أو كنظام الحوار

§         الناس والطريق (الجزء الثاني) : الفصل الأول بعد الأخير بعشر سنوات : مسافر رغم أنفه : إفاقة لم تتأخر

§         الموسوعة النفسية : حرف السين : السببية والأسباب في المرض النفسي : الجزء الأول

§         ثبت بالأعداد التي صدرت بطريقة "تحت الطلب"، والتي مازالت متاحة لمن يطلبها كما أشارت الافتتاحية

 

q       ملخصات  /  SUMMARY / RESUMES 

 

§         الافتتاحية

...ثم ها نحن أولاء نسقط بوعينا يقظين –مرة أخرى- بين أيدي الناس بعد فترة كمون نشط ( انظر نهاية الافتتاحية ) فيجدنا القارئ مرة أخرى في "الإنسان والتطور" مع باعة الصحف – إن صلح التوزيع- فيشترينا أو يقلّبنا إذ نعود للنمط العادي في الصدور، بأمل غير عادي في الاستمرار.

1-     كمون أم عدم ?

ولنا ولكم نتساءل : ماذا أفدنا من هذا الكمون الاضطراري / الاختياري ?

وهل بعده يمكن أن تصدر الإنسان والتطور كما هي ?

فلو نعم ? ففيم كان الكمون وإعادة ترتيب الأوراق ?

أم أن ما حدث أثناء هذا الإصدار الخاص المحدود لا بد وأن يضطرنا إلى توجه آخر وأسلوب آخر ? قد يتغير الأسلوب والشكل، ولكن هل يمكن أن يتغير الهدف ?

ولكن ما الهدف ?

لقد حددنا ذلك في العدد الأول الصادر في يناير 1980

فهل حدث بعد أربعة عشر عاما ما يدعو للمراجعة ?  مراجعة الهدف ?

يمكن القول أن شيئا لم يتغير فيما يتعلق بالتوجه العام، فالهدف هو الهدف : ألا نفقد الأمل، وألا نركن إلى فكر جاهز، وأن نتيح مساحة ما لما ليس كذلك، وأن نؤكد على حقنا في هوية مستقلة عن كل من الماضي والمستورد، نؤكد على هوية متكاملة تنطلق جنبا إلى جنب مع المحاولات الموازية جذريا في كل العالم التحتي.

إذن فالهدف هو الهدف : أن نعي التهديد بالانقراض ف..نقول "لا" للانقراض والضمور، نقولها بما نفعل، ونكون، وتصدر "الإنسان والتطور" تعلن وتساهم في ذلك.

أما عن الوسيلة، فماذا كانت الوسيلة قبلا ? وهل تحددت طوال تسع سنين من الصدور العام المنتظم ?  ثم خلال أربع سنوات من الصدور الخاص الكامن والواعد المتاح ? ثم حالا بشكل متحدّ ? مستكشف هكذا ?

لا أظن أن الإجابة بالإيجاب، بمعنى أن وسيلتنا لم تتحدد، وعلى ذلك فمجرد الظهور العام العادي من جديد هو استمرار في عملية البحث عن وسيلة، مع العلانية.

ومازلنا نذكر حب وتحذير ورفض الأديب الناقد الذكي علاء الديب بعد العدد الأول حين قال لنا ما موجزه : " ما هذا كله ? واحدة واحدة ، ليس كذلك "

فقلنا له شكرا : نعم..ولكن ....".

وقبل أن نعاود الإلحاح والتكرار دعونا ننظر حولنا ، مواطنين عاديين يتمنون أن يشاركوا بما أوتوا من وعي وأمل وفعل وإبداع ، ننظر لنرى ونرصد ونقر، ونعترف، ثم نمضي أو ننطلق...

 

§         الأسطورة..والجنون..والتطور / ا.د. رفعت محفوظ

مدخل : في أحد سياقات التواصل في العلاج في العلاج النفسي الفردي، أعطيت صديقي الذي أعالجه مقالا قصيرا عن : "الأسطورة" ، آملا أن أتعلم مما قد يثيره هذا المقال في داخله، فإذا بقرائته النشطة الواعية – التي أحسب أنه من خلالها قد أعاد قراءة نفسه –تثمر أفكارا حية، وتوقظ عندي بعض التساؤلات المرتبطة بجوانب متعددة لموضوع الأسطورة. وسوف أسوق إبتداء الفكرة الرئيسية التي داهمت صديقنا فجأة –على حد تعبيره- بعد أن فرغ من قراءته المقال... تقول الفكرة :

" إن الأسطورة هي تعبير الجنون من نفسه بطريقة غير مرفوضة من العقل، وخالدة كخلوده – أي الجنون -...

ثم أثناء حواري معه خطرت لي هذه الفكرة :

" الأسطورة تعبر عن المراحل التطورية للجنس البشري Phylogeny

" أي أنها تسجل بلغتها الخاصة المقنّعة، سلسلة عمليات البسط Unfolding  المتعددة التي من خلالها ، وتحقق واقعيا الإمكانية التطورية الكامنة في الجنس البشري... 

 

§         ذئاب / محمد المخزنجي

مدخل : قد يكون حلما فظيعا له قوة حضور الواقع، أو واقعا غريبا كالحلم، هذا ما لم أحسمه، ولعلي لن أحسمه أبدا، لهذا أحاول تحسس حكايتي هذه من جديد لعلي أتبين فيها حدودا فاصلة، خاصة وأن ذلك الانطباع النهائي مازال يؤرقني، ولعله يؤرق كثيرين إذا ما نقلت إليهم ما بلغني منذ عرفت بنبأ هجوم الذئاب على القرية.

لقد هزتني الدهشة أكثر من أي أحد لا يعرف حجم الأوهام الرائجة بين الناس عن هذه المخلوقات الحكيمة والزاهدة والمتوحدة إلى درجة الشاعرية، والتي يسمونها بريبة : الذئاب. ذلك لأنني أعرف كم هي نائية بتعفف، وأصيلة التماسك داخل قبائلها، أمومة لحد إنكار الذات أمام الصغار، وتأكل من غنائم معارك نظيفة حقيقية، تخطط لها بإحكام، وتفقد فيها الفرائس وعيها مع أول إطباقة للفكوك فلا تتالّم ، ثم هي –أي الذئاب- لا تقرب الجيف حتى لو اضطرها الجوع إلى أن تعشب، وإن كانت الشائخة منها يمكن أن تهاجم بلا سبب وهذا يجعلني أكثر استغرابا...

 

§         حالات وأحوال : ورق مصقول وورق شفّاف / د. أحمد ضبيع

مدخل :

1-     المريض ..شاب في الواحدة والثلاثين من عمره..وليكن الاسم محمد-مثلا- ..يسكن على تخوم "المنصورة" ..بعد أن تزوج منذ ثلاثة أعوام ..يكاد راتبه ومساعدات أهله أن يكفيا احتياجاته بالكاد، ولأن عمله ومسكن أهله متجاورين فهو يزور أهله بشكل شبه يومي بل ولا يزال ينتمي عاطفيا لبيئته الأولى.

وهو الابن الثاني من أربعة ..ثلاثة ذكور والصغرى فتاة ..لأب مهيض شكال..قوي البنية والشكيمة..يعتمد عليه..ولكنه مثير للتوتر في المنزل. وأم موازنة في المنزل ...حكيمة ..رقيقة. متزوج من جارة حسنة النية حتى حدود السذاجة..بسيطة..تلقائية..لا أهل لها تقريبا..

2-     اللقاء الأول..جيئ به، رغم حزنه الآسر – فشكيا.." مفيش نوم..ماليش نفس أعمل حاجة" وتطوع أخوه ليكمل .." محمد باختصار بيشك في مراته..كمان بطل يروح الشغل..بيفكر على طول في الموت وحاول الانتحار مرة من ست شهور " وكفى.

3-     الحدوتة ..كانت الأمور على ما يرام حتى عام ونصف وعلى وجه التحديد يوم وفاة والده حيث أبلغه زميل جار أن زوجته تخونه.. وقد تبين فيما بعد أن نص حديث صديقه لم يكن ليشير إلى هذا المعنى بالتحديد وهنا كانت الطامة الكبرى..فلم ينته حزنه على والده إلا ليبدأ حزنا جديدا موصولا بالأول على حاله.. حزن ملون بشك وخجل فلم ينم بشكل هادئ  منذ ذلك الحين ولم تنتظم حياته أو ينتظم عمله... وكانت الزوجة على وشك ولادة طفله الثاني والذي حامت حوله شكوك كثيرة في ذهن مريضنا حول صحة بنوته..وضعت طفلها بعد أسبوع من وفاة والد المريض، إلا أن مريضنا لم ير طفله ولم يعد لمنزله خلال فترة مرضه، عام ونصف.. تحت ضغوط كبيرة مرة لثلاثة أشهر ومرة لمدة أسبوع، وسويعات آخر لقضاء بعض الاحتياجات الضرورية، ولم تكن فترات عودته لمنزله خالية من نفس المزاج والشكوك إن لم تكن أكثر إثارة للمرض.. وفي نهاية العام ونصف كانت الزوجة قد حملت للمرة الثالثة مما فجر الشكوك خاصة وأن المريض –في تصوّره- لم يزر بيته كثيرا بما يسمح بحمل جديد.. 

 

§         قصائد / علاء خالد

بداية :

عندما استقبل ديوانا جديدا

من صديق

لا أدقق كثيرا

في جماليات الألم

وإنما أحاول أن أتوقف

عند الكلمات التي تفسر إلا

في ضوء الشرايين

الكلمات المدفونة بدقة

كي لا ينقذه أحد

وأيضا ليخفي عن جسده

الساعة التي أنتظرها كثيرا

أمام الموسى

يحرضه على أن يتطاولن على أن ينحني أمام دمه

ولكنه لا يمد يده

إيمانا منه

بأن يوما ما سيأتي

وسيلين فيه الحديد... 

 

§         رؤيا / طارق النعمان

بداية : الجميع محتشدون : من أعرفهم، ومن لا أعرفهم، من يحبونني ويعشقونني، ومن يبغضونني، أمي، أبي، حبيبتي صوفي، آمال، ابتهال، هالة،عماد، طارق، محمد، سعيد، البحراوي، سليمان، أحمد، وجوه ورؤوس متداخلة أعرف كثيرا منهم ولا أعرف كثيرين، والجميع محتشدون، انزعجت من احتشادهم، وليس ثمة مبرر. ليس ثمة مبرر لذهول بعضهم، إنني بخير، ولكن ما على الوجوه من تجهم واكفهرار نقل إلى ذلك الإحساس فورا، شعرت أنهم ليشوا بخير، وأن الأمر أكبر من مسألة موتى، ثمة أمر آخر جلل ? حاولت أن أسأل لم أجد ردا، انشغلت للحظات بأمر بدا لي غريبان إن ثمة أمواتا واقفون وفي مقدمتهم أبي ?  ولكن حضور أولئك الأموات زادني تأكدا وإحساسا بأن الأمر خطير جدا، أخطر مما كنت أتصور، أشار أحد الواقفين –حدقت فيه بشدة لكني لم أتعرف عليه- إلى ضرورة تغسيلي وتكفيني في أسرع وقت ممكن، زام أحد الواقفين وكانت في يده مسبحة، هه، نعم كرامة الميت دفنه... 

 

§         علاقة / إيمان مرسال

بداية :

لم يكن في درجه الخاص

غير صور الأشعة التي تحدد

مكان الخلل في رئتي

كان أيضا يحتفظ لي

بأقلام رصاص تفاءلت بها في امتحانات الدولة

وبشهادتي الجامعية

ولم تكن عيناه المرهونتان لخطوتي

ولا الأمان الذي يوهمني به كافيا

سوى لأن أتذكره كرائحة حميمة عطنة

ربما كان يكره بناطيلي الصيفية

والشعر الخالي من الموسيقى

ولكني ضبطه أكثر من مرة

ينتشي في ضجة أصدقائي

ويذوب مع الدخان الذي يتركونه خلفهم... 

 

§         تطور الهوية الجنسية : رؤية من منظور الصحة والمرض / د. أسامة عرفه

ما سأقدمه فيما يلي هو عرض لبعض جوانب من عدد من الحالات تم اختيارها بذاتها لقناعتي أنها تصلح لبناء نسق افتراضي عن تصور لمسار نمو التركيب والتوجه الجنسي.

الحالة الأولى : (من تاريخ الطب النفسي / التحليل النفسي) : من مذكرات شريبر :

في فترة الحضانة لنوبة مرضه الثانية حلم مرتين أو ثلاث مرات بأن اضطرابه العصبي قد عاوده وقد أشقاه ذلك في الحلم بقدر ما أسعده عند اليقظة إذ تبين أن الأمر لم يكن غير حلم. هذا أنه ذات صباح بينما كان في حالة بين النوم واليقظة خطرت له فكرة "بأنه في نهاية الأمر لا بد أن يكون جد جديد في الواقع أن يكون امرأة تعاني فعل الجماع"..بعدها بفترة يصف لنا خلال فترة مرضه ضمن ما وصفه :

" كان يعتقد أنه منوط برسالة لتخليص العالم وليعيد إليه الفردوس المفقود ولكن ذلك ما كان ليستطيع أن يتحقق ما لم يتحول أولا من رجل إلى امرأة".

وأسبغت على بدنه طابعا أنثويا إن كان كثيرا أو قليلا وبصفة خاصة أسبغت على جلده نعومة مميزة للجنس المؤنث فإذا ما ضغط بأصابعه ضغطا هينا على أي جزء من بدنه فإنه يستشعر هذه الأعصاب تحت سطح الجلد كنسيج من الخيوط أو الحبال الدقيقة، وهي توجد بصفة خاصة في منطقة الصدر في المكان الذي يستقر فيه الثديان عند المرأة...

 

§         في رحاب مولانا النفري : موقف القرب / ضرورة البعد-نخلقه زيفا-لتستمر الحركة

مدخل :

 أوقفني في القرب وقال لي، ما من شيء أبعد من شيء ، ولا من شيء أقرب من شيء إلا على حكم إثباتي له في القرب والبعد.

حين تختفي المساحات ويتدوّر الزمن، وتصبح كل نقطة هي القرب البعد، لا بل تختفي النقط في كل الوجود، لا تعود حاجة لمساحة أو مسافة، ولماذا نريد أن نجسد من هو قبل وبعد التجسيد، السعي : هو الطريق الوحيد إليه كدحا.

فكيف نسعى يا مولانا في غير مسافة ? وكيف نقترب من قرب ليس له ما هو أقرب منه ? فنبتعد ونحن نقترب ? هل هي الدائرة يا مولانا دائرة ?

لكنها الدائرة مغلقة. والطريق ليس كذلك لأنه فتحا مبينا.

وما حكم الإثبات ? أهي اللغة الرمز العاجزة والضرورية ?

وهل هي-كذلك- يمكنها أن تصف ما لا يوصف، فلماذا اللغة أصلا إذا كانت عاجزة ? مشوهة ، بل معطلة ، بل ساجنة ?

وكيف استطعت يا مولانا أن تقولها هكذا ?  ولماذا قلتها مادام من لا يعرف يعرف، ومن يعرف فهو لا يحتاجها ?

بل إنه لا بد يحتاجك أنت هكذا، يحتاجك ائتناسا ليسعى.

وقال لي : البعد تعرفه بالقرب، والقرب تعرفه بالوجود، وأنا الذي لا يرومه القرب، ولا ينتمي إليه الوجود.

ولماذا أعرفه أصلا ? "لماذا" وليس "كيف" ?...

 

§         رباعيات / حسن صابر

1-     مرصوصة ع الجبل البيوت والناس

دورية الشمس لما اتغير الحراس

طلعوا العيال المحرومين م الغنا

متلخبطين العقل والإحساس

2-     ورق ملون في الحارات متعلق

والجوع مغرب في الحارات ومشرق

مرصوصة ع الجبل البيوت والناس

وكتيبة الإعدام رصاصها محلق...

 

§         تذكرة / محمد يحي الرخاوي

حين يمتلئ الحماس، وتتشكل أشلاؤه، وتبدأ الأفكار في التزاحم المشبع بالحركة، ويبدأ الحلم في التنفس، برحابة وشبه انتظام، ويرسم النظر رؤاه ومشروعه، وأتنقل بينهم سعيدا بي، حينئذ، أسعى في البحث عمن يرغب في الطيران معي.

امتلأنا بالاختلاف والمحبة، واتفقنا على أن نسعى إلى مزيد من البلورة، في اتجاه فعالية مسؤولة، حتى ولو كنا صغارا. اعترضنا كثيرا جدا، ورأينا أن الجاري لا يمكن أن يستمر هكذا. كنت أشدهم حماسا، ولم يكونا مثلي بهذا التشاؤم، أراد أن نكون ، وأردت أن أثور ، لقد كنت أفشلهم هناك، وكانا مؤمنين بالمسار، وكنت كافرا بكل شيئ، إلا أنا، والله القديم، والنهضة الكبرى.

لم تسعفنا طرقات المعهد في اتخاذ موقف ممكن، فلجأنا إلى موعد تنظيمي لوضع خطة العمل القادم، وأردت أن أستغل الموقف لإلزامهما، فاتفقت على تسجيل اللقاء صوتيا وإعداده ونشره، عساه يكون بداية توجه واقعي على أوسع نطاق، ولأكبر دائرة...

 

§         تعديل طفيف في حجرة قارئ عجوز / يوسف السعيد رخا

أبي رجل عجوز. أحيل إلى المعاش منذ سنين. أنا لا أذكر متى بالضبط، إذ كنت صغيرا جدا أيامها، ولكني أعرف من زمان أنه على المعاش. أبي طيب. كان يلعب معي دوما، ولم يضربني أبدا – حتى وأنا صغير ، ورغم أنه كان يخاف عليّ أكثر من اللازم –ومازال- ورغم أن ذلك يضيق صدري..أنا أحب أبي. أحب الجلوس معه في صباح أيام الجمعة والسبت الشتوية، نجلس على الأرض إلى الشباك ، ويغسلنا شعاع الشمس. أبي طيب. ولكنه –على ما يبدو- لم يكن يدري كيف يعامل الأطفال. كان يخاف علي. لم يكن يسمح لي بأن أغامر ، والمغامرة ضرورية. ربما لم يكن يدرك ذلك –وربما أدركه، ولكنه لم يسمح لي بالمغامرة على أي حال. ولكني لم أستسلم. فجأة وجدني أتحرك –وقد أرادني أن أستكين- وجدني أتحرك وأروح وأجيء، بل أغامر رغم أنف أبي العزيز، ويبدو أن ذلك صدمه.. 

 

§         اليأس والجنس والانتحار / قراءة في رواية ألبرتومورافيا "1934" : في ندوة ثقافية : آثار نقدية، علقت بوعيي / إيهاب الخراط

ناقشت الندوة الشهرية لجمعية الطب النفسي التطوري هذا العمل في شهر يوليو 1989، وليست هذه القراءة تقريرا عن هذه المناقشة ولا هي تلخيص لما دار فيها، بل ربما كانت بعض ما بقي في وعيي مما أثاره هذا الكتاب الجذاب –الخفيف المفزع- العميق في آن، وما أثاره التقديم الجيد للدكتور رائع رفعت والأستاذ يوسف عزب ، وما تلاه من حوار.

السهل الممتنع :

بطل الرواية الذي يتكلم بصيغة الراوي أيضا (لوسيو الكاتب الإيطالي الشاب) يطارد في مغامرة عاطفية في مصيف كابري الجميل الزوجة الألمانية الشابة الجميلة (بيت) لرجل ألماني نازي متقدم في السن (موللر) في صيف عام 1934، ومن خلال هذا الثلاثي التقليدي (الزوج، الزوجة، والعشيق) نرى علاقات غير تقليدية إطلاقا (وإن كنت أشعر أنها أكثر واقعية من قصص الغرام المعتادة) ونرى الكر والفر العاطفيين يتمان من خلال مواضيع غير تقليدية مثل اليأس والفلسفة والسياسة. والعشيقان لا يتبادلان الزهور ورسائل الغرام لكن نظرات صامتة ورسائل فلسفية مكتوبة مثل زرادشت نيتشه، أو سوداوية رومانسية كرسائل كلايست الأخيرة" ومع ذلك فكل هذه الأمور الثقيلة لا تفسد سرعة إيقاع ولا إثارة المطاردة شبه البوليسية... 

 

§         مقتطف وموقف : حول حرية الرأي واللجان والجامعة

المقتطف : رأي موجز لأستاذنا محمود محمد شاكر ( في قضية أخذت أكثر من حقها – رغم خطورة دلالتها ).

يقول أستاذنا في مجلة أدب ونقد :

" تقرير لجان الترقيات سرية في جامعات العالم كله، ولا يجوز إفشاؤها تحت أي ظرف، ولو كان هذا الظرف هو كوننا نعيش "عصر الشفافية وتداول المعلومات" كما يقال. إننا لو سمحنا بنشر التقارير في حالة واحدة، لتفشي الأمر وأصبح شائعا في كل جامعات مصر، وسيصبح الأمر مسخرة . من يريد أن يرفض قرارا فليتظلم داخل الجامعة أو فليرفع قضية.. إنما يلجأ إلى السخافة المسماة خطأ بالصحافة فلا وألف لا. إن حوادث عدم الترقي لأي سبب من الأسباب تحدث كل يوم فلماذا الضجة ولماذا تسريب المذكرات ?  لقد بلغت د. نصر أبو زيد برأيي، وآخرين. ثم إن هناك خطأ في الربط بين قضية نصر أبو زيد وقضية طه حسين، فالأخير كان له كتاب منشور وكان يدرس ما فيه بالجامعة أما د. نصر فيدرس غير ما يكتب. ما يكتبه هو حر فيه. لقد أصبحت الأمور كلعب العيال بعد أن فعلها طه حسين.

كان طه حسين بلا ضمير، وكان يتستر تحت لافتة حرية الرأي والتعبير، وليس التقدم وليد حرية الرأي إنما هو وليد أسباب أخرى، يجب أن نتعلم أصول الأشياء، بدلا عن المشي في الركاب

فأثار في بعضنا هذا الرأي  ما أثار ...فكانت ثلاثة مواقف :...

 

§         حوار أو كنظام الحوار

بداية : بعض الذي حدث أثناء فترة الصدور الكامن لهذه المجلة، أن أحد الزملاء رأى أن يواصل حوارا مع من اعتاد أن يديره هنا –رئيس التحرير- ولم يكن هناك ربط مباشر بين باب الحوار الذي كان يجري هنا، بدءا بالصديق الكريم محمد جاد الرب، منتهيا بالسماحي ووفاء خليل ومحمد شعلان وآخربن، وكانت وجهة نظر زيد، أن هذه الجمعية وهذا العقل المصري، ينبغي أن يكون "في المتناول" في شكل آخر أبسط وأكثر مباشرة، غير الندوة الثقافية التي تعقد شهريا بانتظام منذ 1980، وغير الندوة العلمية التي تعقد بانتظام شهريا منذ 1989، وغير جلسات العلاج الجمعي، وغير الشائع عن ما هو "صالون ثقافي" –مجرد عقول مصرية، شابة أعلنها ( بالتعريف الأشمل لما هو شاب)، قليلة العدد، ملتهبة الوعي، وباب مفتوح ، وحركة دائبة مع وحول عقل مجرّب، لا يكف عن المحاولة بأكثر من أسلوب.

قلنا : ليكن

وما المانع ?

وبدأنا نجتمع كل يوم أحد ، ساعتين بعد الظهر، كنا ثلاثة ، فأربعة فثلاثة فخمسة، فستة فثلاثة، وهكذا. ولم نتوقف أبدا ، أسبوعيا منذ حوالي ثماني أشهر، ولعل كثيرا من الفضل في عودة هذه المجلة للصدور العلني يرجع إلى هذه اللقاءات المنتظمة.

فلما رحنا نعد هذا العدد العادي من المجلة ، وافتقدنا باب الحوار، قلنا نوجز ما كان في هذه اللقاءات في شكل حوار متخيّل، على أن الأسماء الواردة غير حقيقية إلا اسم من تفضل فخلط الخيال بالذاكرة وأسهم في هذه المحاولة. وهما اثنان فقط حيث لم يسعفنا الوقت لنعرض هذا الخيال على بقية المحاورين ليتخيلوا أو يردوا أو يصححوا –لكن الفرصة قائمة في الأعداد القادمة لمن شاء منهم أو من غيرهم.

وإليكم ما لم يكن حرفيا، لكنه كان :...

 

§         الناس والطريق (الجزء الثاني) : الفصل الأول بعد الأخير بعشر سنوات : مسافر رغم أنفه : إفاقة لم تتأخر

بداية : الاثنين 21/6/1993

سفر ليس كالسفر...

كان لا بد أن أعود...-ولو بالقوة الجبرية- وأنا أستعد لاستقبال ما تبقى...بعد أربعة شهور وعشرة أيام، أوهم نفسي دائما أنني فرح ببلوغ هذه السن : ستين عاما، لماذا ? أحاول أن أجمع أوراقي فأتورط فيما لا أريد، وما لا أحب ن وما لم أعمل له حسابا، في الأعوام الثلاثة الخيرة حدثت أشياء كثيرة أغلبها سخيف لا يقال، وأقلها وقفة لم تثمر، ثم ماذا ? يقولها شاب يستعد لأشياء كثيرة ، آنية، ومجهولة، أما حين تصدر من شيخ مثلي فالأمر قد يشير إلى ما يسمونه باسم من الأسماء السخيفة التي شوهوا بها مشاعر الناس : قال "اكتئاب"  هل هذا يصح ? أعظم الألم وأشرف المراجعة  تسمونها لا أدري ماذا يا خلق الله، ومع ذلك قبل هذه السفرة قال الشيخ : ثم ماذا ? قال لماذا ? لماذا أسافر الآن هكذا ? لماذا أوافق ? أدّعي أني سأقبل لكي أكتب الكتاب الذي لا أريد أن أكتبه، لأناس أن يقرؤوه ، الكتاب الذي لن أتقاضى عليه أجرا من قادرين كلفوني به، لا يهمهم إن كانوا سوف يدفعون أو لن يدفعوا –كتاب في الأمراض النفسية والعياذ بالله، قال ماذا، قال لأن فلانا أصدر كتابا سخيفا لم يقرأه هو، جمع فيه أجزاء معلومات كثيرة ، ووضعها بجوار بعضها مرصوصة مشتتة، توحي بجهد منهكين مأجورين مجهولين مختلفين، وأنا لا أذكر أيا من هذا إلا لأعلن أنني شوهت هذا السفر بالانشغال بهذا الكتاب الذي شعرت أنني ملزم بكتابته لطلبتي أساسا لأنسخ به ما لا يصح أن يجثم على وعيهم دون مبرّر ، بالله عليكم هل هذا اسمه كلام ? أسافر إلى سويسرا مرغما ثم أكمل إلى باريس مختارا لأكتب كتابا مكرها عليه، سجين حجرة ليست أهدأ ولا أجمل من أي حجرة في أي مكان في مصر ? وما أكثر حجراتي وأماكني الجميلة، لكن يبدو أن ضباب الشك وجفاف الوحدة قد حالا بين نقاء الحس ونبض الجمال...

 

§         الموسوعة النفسية : حرف السين : السببية والأسباب في المرض النفسي : الجزء الأول

مقدمة : مازالت إشكالة السبب والسببية عامة أبعد من متناول الوعي البشري، ولكي نفهم طبيعة السببية في المرض النفسي لا بد وأن نبدأ من جوهر المسألة ألا وهي تغيّر مفهوم السببية وتطوره بحسب المعطيات الأعمق والأحدث لطبيعة العلاقات المعرفية والطبيعية. لهذا قدّرنا أن نقدّم جهد الموسوعة في هذه القضية في جزءين :

الأول : وهو ما يرد في هذا العدد من مناقشة عموميات القضية وتأثير ذلك على الخطوط العريضة التي تحكم طبيعة أسباب الأمراض النفسية وتصنيفاتها العامة مع التركيز على المهمل منه (مثل الأسباب الدوامية أو المبقية).

والثاني : (وهو ما أجّلناه للعدد القادم) هو الجزء التفصيلي الخاص بتطبيق هذه المفاهيم المبدئية وغيرها في مجال الأمراض النفسية ، خاصة، وهو جزء يستلزم ابتداء إعادة النظر في تصنيف هذه الأمراض نظرا للاختلاف الجوهري بين فئاتها الأساسية بما يجعل تطبيق نفس مفهوم السببية على الفئات المختلفة نوعيا من أهم مصادر الخلط والخطأ...

 

§         ثبت بالأعداد التي صدرت بطريقة "تحت الطلب"، والتي مازالت متاحة لمن يطلبها كما أشارت الافتتاحية

المجلد العاشر العدد (41) يناير 1990 / عدد خاص : قراءة في الوعي المصري :النفس الإنسانية من الأمثال العامية : حواديت وأراجيز

المجلد العاشر العدد (43) إبريل 1990 / عدد خاص : قراءة في نجيب محفوظ

المجلد العاشر العدد (43-44) يوليو- أكتوبر 1990 / عدد خاص  : الأدب نافذة على النفس

المجلد الحادي عشر العدد (45) يناير 1991 / عدد خاص : قراءة نفسية في ديستويفسكي –2- الأبله- المقامر – الأخوة كارامازوف

المجلد الحادي عشر العدد (46) إبريل 1991 / عدد خاص : حالات نفسية- 2- الأخوة الأربعة

المجلد الثاني عشر العدد (48) أكتوبر 1991/ عدد خاص : حالات نفسية-1- صديقان وصديقان– هند في مفترق الطرق- اكتئاب أم تفجّر وعي- حالة بينية- فينومينولوجيا الاكتئاب.

المجلد الثالث عشر العدد (49) يناير 1992 / ماهية الوجدان – الوحدة والتعدد في الكيان النفسي – ذئب- ضلال

المجلد الثالث عشر العدد (50)  إبريل  1992 / نظرية في الإبداع (1) الإيقاع الحيوي ونبض الإبداع – جدلية الإبداع

المجلد الثالث عشر العدد (51) يوليو 1992 / نظرية في الإبداع (2) العنوان والإبداع – الحرية والإبداع

المجلد الثالث عشر العدد (52) أكتوبر 1992 / في المنهج : المنهج في العلوم النفسية والنقد – الفينومينولوجيا 1، الفينومينولوجيا 2.

المجلد الرابع عشر العدد (53)  يناير 1993 / عدد خاص : المفهوم التطوري لعلاج المرض النفسي (1)

المجلد الرابع عشر العدد (54) أبريل 1993 / المفهوم التطوري لعلاج المرض النفسي (2)

المجلد الرابع عشر العدد (55) يوليو 1993 / حوارات حول التدين والتفكير والفلسفة...