مجـــــــــلات | |||
|
|||
مجلة الطب النفسي الإسلامي
تصدرها الجمعية العالمية الإسلامية
للصحة النفسية
السنة السادسة
عشرة -
العدد
67 –
يوليو
2001 |
|
||
|
|||
q
فهرس الموضوعات
/
CONTENTS / SOMMAIRE
|
|||
§
الشخصية اليهودية والاختراق
الفيروسي
§
الآثار النفسية للمبادئ الإسلامية
§
الجوانب النفسية والانفعالية وراء الشراهة في تناول الطعام
§
الأمراض النفسية في الألفية الجديدة
§
اضطراب النوم والأفكار غير الطبيعية أهم أعراض الاكتئاب
النفسي |
|||
q
ملخصات
/
SUMMARY / RESUMES
|
|||
-
الشخصية اليهودية والاختراق الفيروسي /
د. محمد المهدي - استشاري الطب النفسي
من الحقائق المعروفة في علم
الأحياء أن الفيروس كائن دقيق جدا لا يرى ألا بميكروسكوب خاص نظرا لصغر حجمه
والفيروس لا يستطيع الحياة بذاته وإنما يظل كامنا وكأنه جسم صغير غير حي حتى إذا
استطاع ان يخترق جدار خلية حية فانه ينشط ويتوجه مباشرة الى نواة هذه الخلية
فيخترقها ويغير برنامج التشغيل فيها فتنتج موادا بروتينية تلائم حياة الفروس لكي
ينمو ويتكاثر – وبما ان نواة الخلية هي مركز الحياة فيها فان بقية أجزاء الخلية
تضعف وتضمر لحساب حياة الفيروس الدخيل .. وإذا استمر هذا الوضع فان الخلية ربما
تموت بالكامل ولكن بعد ان يكون الفيروس قد استغل إمكانياتها ومخزونها لتكاثره..
والاحتمال الثاني هو ان تفيق الخلية وتنتبه الى هذا الكائن الدخيل وتبدأ في
محاصرته ومقاومته وتسترد عافيتها مرة أخرى... وقد انتقل هذا المفهوم من علم
الحياة الى علم الكمبيوتر حيث استخدم لفظ" الفروس" للدلالة على برامج
متخفية تتسلل الى أقراص الكمبيوتر فتمسح برامج وتضيف برامج أخرى دخيلة فيضطرب
النظام لحساب البرامج الدخيلة.
ولو أردنا تطبيق هذا المفهوم في علم الاجتماع
فسوف نجد النموذج اليهودي اقرب مثال لهذا الاختراق الفيروسي فاليهود في كل مراحل
التاريخ وفي كل المجتمعات كانوا يعيشون أقلية في مناطق معزولة ولا يذوبون أبدا
في أي مجتمع، ولكنهم يتحينون الفرص حتى إذا وجدوا ثغرة أو نقطة ضعف تسللوا منها
الى مراكز التأثير الاجتماعي ( السياسة، الأعلام، المال، الجنس الخ ) وبدءوا في
تغيير البرنامج الاجتماعي لصالحهم وبذلك يسخرون كل الإمكانات والطاقات لصالح
بقائهم ونموهم وازدهارهم، وبالطبع يتم ذلك على حساب الجسد الاجتماعي الذي تم
اختراقه. ويستمر هذا الوضع الى أن تنفذ إمكانات هذا الجسد الاجتماعي أو يتحلل
فيتركه الفروس اليهودي ويبحث عن جسد آخر يخترقه ويبرمجه ويسخره . وربما يسال
سائل : ولماذا يسمح الجسد الاجتماعي بهذا الاختراق الفيروسي اليهودي إذا كان ليس
في صالحه ؟ والجواب : ان هذا الآمر ليس سهلا فاكتشاف الفيروس وهو يخترق الخلية
الاجتماعية يتم بشكل دقيق لا ينتبه أليه الكثير، وهو يقنع أجزاء الخلية المخترقة
بأنه جاء لمصلحتهم، وإذا لم يفلح في ذلك يستخدم سياسة العصا والجزرة فإما أن
تستسلم للجزرة ( وهي وهمية) وإما ان تضرب بالعصا الغليظة). وقد حدث في بعض فترات
التاريخ ان البنيان الاجتماعي انتبه لهذا الاختراق الفيروسي اليهودي وكان هذا
البنيان الاجتماعي في حالة من الصحة والمناعة بحيث استطاع ان يحاصر هذا الفيروس
ويلفظه وأقرب مثال لذلك اليهود في يثرب فقد كانوا يخترقون قبائل الأوس والخزرج
ويسخرون إمكاناتهم لصالح اليهود ويستخدمون المال والسلاح والجنس في سبيل تحقيق
ذلك. وإذا استعصى عليهم الأمر أثاروا الفتن وأشعلوا الحروب وحركوا الضغائن، وهم
في كل الأحوال مستفيدون. وعندما بدأ المجتمع المسلم يتكون في المدينة بعد هجرة
الرسول صلى الله عليه وسلم وبدأت القيم الإسلامية تحدد ملامح هذا المجتمع
المتماسك لم يكن لليهود (بأخلاقياتهم الفروسية) قدرة على اختراقه فتمت بعض
المعاهدات بين المجتمع المسلم الفتى وبين جماعات اليهود لتنظيم العلاقة بينهما
طبقا للواقع الجديد، ولكن طبائع اليهود (التي لم ولن تتغير) لم تتحمل ذلك
فحاولوا الغدر والاختراق والدس الى أن تم طرد بنو قينقاع، ولم يعتبر الآخرون
فاستمروا في نفس الطريق حتى طرد النضير، ولم يعتبر الآخرون حتى كان الغدر الكبير
من بني قريظة وحدث لهم ما حدث بعد غزوة الخندق ونالوا جزاءهم الذي يستحقون، وبهذا
استطاع المجتمع المسلم أن يلفظهم بعدما تأكد استحالة التعايش معهم نظرا لصفاتهم
الفروسية الاختراقية الانتهازية العدوانية ...
-
فن الحوار - سفير/ فتحي مرعي
ومن هذه الأمور التي أريد أن أتحدث إليكم فيها
فن الحوار .. الحوار له قواعد وأصول منها : ألا يحتكر شخص واحد الحديث في جلسة
تضم عددا من الأصدقاء أو المعارف، بل ينبغي كل مشترك في الجلسة أن يترك فرصة
للآخرين للمشاركة في الحديث والتعقيب على أراء من سبقوه .. وألا أصبحت الجلسة
مملة ..لا خير فيها ولا ظائل وراءها .. لأن الذي يستأثر بالحديث طوال الوقت لا
يحترم الأطراف الأخرى ويتعدى على حقوقهم المساوية لحقه. ويفترض أنه ليس لديهم ما
يضيفونه الى ما يقول (!!) وأنهم أقل منه علما ودراية وخيرة بالحياة أو يظن أنه
أعلى منهم قدرا، وأنه ينبغي عليهم فقط أن يصغوا اليه بكل الاهتمام !! وقد يكون
ما يقوله هذا "الفصيح" كلاما فارغا من حيث الشكل والمضمون !! وتصبح
الجلسة عقيمة يتململ فيها من يتململ أو يصيبه النعاس .. أو يستأذن للخروج وينفض
السامر( الذي لم يكن سامرا أبدا ) والكل – فيما عدا محتكر الحديث يشعر بالضيق
والإحباط.. كذلك من آداب التحاور الا يقاطع أحد الجالسين المتحدث قبل ان يكمل
كلامه (بشرط ألا يكون المتحدث قد أسهب وأطال وأمل سامعيه) وأن يبدأ كلام المتحدث
اللاحق من حيث انتهي المتحدث السابق حتى يستوفي الموضوع حقه من التحاور .. أما
أن يتناول كل متحدث موضوعا أخر غير الموضوع الذي كان يجري تناوله فهنا لا يكون
الحديث حوارا .. بل جملة هنا وجملة هناك، في مواضيع شتى ليس بينها رابط.. فنتحدث
في كل شيء ولا نتحاور في أي شيء !!وللأسف هذا هو ما يحدث في معظم لقاءات الناس
.. فلا يخرج منهم أحد بشيئي يستأهل الجلوس ساعات لأن أحدا لم يترك لأحد فرصة
إكمال حديثه .. مع أن أي لقاء بين اثنين أو أكثر من الناس يمكن أن تكون له فائدة
لكل أطراف اللقاء .. فكل واحد لديه خبرة ودراية بموضوع معين .. ولو تم الحوار
على أصوله، لخرج كل واحد من اللقاء بحصيلة جيدة تضيف الى خبراته جديدا بأمور
الحياة على نوعها ... ولكن لم اخترت فن الحديث ؟ والإجابة : لكي تكون حياتنا
هادفة وليس مجرد قضاء أوقات معا، لا نخرج منها بطائل .. إذ ينبغي أن نضع في
اعتبار اتا دائما أن الحياة قصيرة وأوقاتنا محسوبة علينا، فإذا قضيناها عبثا
فأننا نضيع أعمارنا هباء .. ولقاءات الأصدقاء ينبغي ان تكون في إطار المتعة
الذهنية التي تجعل من هذه اللقاءات فرصة لاكتساب المعرفة وتبادل الرأي في أمور
حياتنا في جو يتخلله المرح والدعابة.. عندئذ تؤدي هذه اللقاءات الغرض منها، ولا
تؤدي عكس المطلوب وهو إهدار الوقت والجهد بغير طائل.
لو تعلمنا أن نحيا حياة منتجة هادفة - في الجد وفي
الترويح عن النفس سواء بسواء . لأفلحنا في أن نعطي أمور الدنيا حقها .. بأن نعرف
قوانينها ونتقنها ونحترمها .. ونعطي الآخرة حقها (وليس أقل من حقها) ونحتفظ
بالميزان الذي أوصانا به ربنا في كتابه العزيز وهو أن نسخر إمكاناتنا للآخرة وفي
نفس الوقت نأخذ نصيبنا من الدنيا ( وأبتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس
نصيبك من الدنيا ) القصص
77).
-
الآثار النفسية للمبادئ الإسلامية / د.
عبد الرحمن محمد العيسوي - أستاذ علم النفس – كلية الآداب
1.
مبدأ عدم الإسراف والتقتير:
يقول الله تعالي " والذين إذا أنفقوا لم
يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما" (67 سورة الفرقان) .. الإسلام يدعونا دائما
للتوسط والاعتدال بين الإسراف الزائد وبين البخل والتقتير الزائد وكلاهما رذيلة.
وكما قال أرسطو الفضيلة وسط بين طرفين كلاهما رذيلة: إفراط وتفريط فالإسراف يقود
للهلاك والإفلاس وعدم الاحتراس ضد مصائب الدهر وغوائله والتقتير يقود للشعور
بالحرمان والحقد والحسد والكراهية ولذلك فان الوسطية من المبادئ الإسلامية
التربوية الجيدة لقوله " وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين
" سورة الأعراف (31).
والدعوة
للتوسط دعوة عامة في الأنفاق وفي الآكل والشرب واللبس وفي كافة جوانب الاستهلاك
فالإسلام يرشد سلوك المسلم الاستهلاكي ويدفعه الى حد الكفاية فقط أي يأكل الحد
الضروري فقط وفيما عدا ذلك يتصدق به في شكل الزكاة الواجبة عليه وغيرها. فالمسلم
ليس مسئولا عن نفسه وحسب وإنما عن فقراء بني جلدته أيضا تدعيما للتكامل والتكافل
والتضامن الاجتماعي.
يقول تعالى " أقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق
(2) أقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان ما لم
يعلم (5). سورة العلق.
ويدعونا إسلامنا الحنيف الى القراءة والاطلاع
والبحث والتنقيب والدرس والتفقه في الدين واكتساب العلم ونشره. فالإسلام دعوة
مستنيرة تقوم على أساس تشجيع العلم والعلماء وتكريمهم واحترامهم وتقديرهم وعلى
نشر العلم النافع، العلم الخير الذي يستخدم في وجوه السلم وأغراضه (إنما يخشى
الله من عباده العلماء ان الله عزيز غفور "(28) سورة فاطر.
وينزل الإسلام العلماء منزلة رفيعة فهم أكثر
الناس خشية لله تعالى بسبب علمهم واستنارة عقولهم وتفقههم في الدين ولذلك
فالإسلام دعوة للعلم وللعقل والتأمل والتبصر والتفكير والتدبر والفهم والاستيعاب
في مخلوقات الله وخيراته ونصائحه وفضله على الإنسان وعلى العالم ولا يوجد تعارض
بين العلم والدين في الإسلام بل أن الإسلام يشجع على اكتسابه فحسب وإنما يوجب
على من يتعلم أن يعلم غيره وأن ينشر فورا العلم بين ربوع الأمة الإسلامية وليس
غريبا أذن أن يخلق الإسلام أرقى حضارة عرفتها الإنسانية قاطبة. وفي تكريم
العلماء والعلم يقول الهدى القرآني الخالد:
" قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا
يعلمون انم يتذكر أولوا الألباب) (9) سورة الزمر.
فالعلم فضيلة قدرها الإسلام ودعا أليها ولم يخش
الإسلام من العلم والعلماء على دعوته بل دعا الى العلم وأحرز علماء الإسلام في
العصور الوسطى أكبر المنجزات العلمية في الفلسفة وفي الطب والكيمياء والرياضيات
والفلك وشتى العلوم المعروفة على أيامهم ولذلك قامت نهضة علمية إسلامية نقل عنها
الغرب حضارته. " فإذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين".
سورة آل عمران ...
-
الجوانب النفسية والانفعالية وراء
الشراهة في تناول الطعام / أ.د. فاطمة موسى - أستاذ الطب النفسي - جامعة القاهرة
يتميز مرض الشراهة في تناول الطعام بحدوث نوبات
متكررة من تناول الطعام بكميات كبيرة في مدة زمنية قصيرة لا تتجاوز الساعتين مع
عدم القدرة على التحكم في هذا السلوك أو إيقافه إراديا وغالبا ما تنتهي هذه
النوبات بوعكة في البطن يعقبها الشعور بالذنب والاشمئزاز لهذا السلوك مع حدوث
نوبات مضادة لتعويض هذا السلوك مثل نوبات القي المستحث ذاتيا أو استعمال
الملينات أو مدرات البول ومثل نوبات الصوم عن الطعام أو التمرينات البدنية
الشاقة لمنع حدوث زيادة في الوزن حيث أن مرضى الشراهة في تناول الطعام غالبا ما
يظهرون اهتماما مبالغا فيه بالوزن والشكل العام.
ويعتقد أن نسبة وجود مرض الشراهة في تناول
الطعام بين النساء والرجال من
9 الى 1 حيث أن
90 % من المصابين بهذا
المرض من النساء. ويبدأ هذا المرض في الظهور بين النساء في سن تتراوح من الخامسة
عشرة الى الثامنة عشرة وبين الرجال في سن تتراوح بين الثامنة عشرة الى السادسة
والعشرين من العمر.
وينتشر هذا المرض بين أفراد الطبقات
الاجتماعية المرتفعة وفي البيض اكثر من الملونين وفي المجتمعات الغربية اكثر من
المجتمعات الشرقية.
هذا ويصاحب مرض الشراهة في تناول الطعام كثيرا من
الاضطرابات النفسية مثل اضطرابات المزاج والقلق بأنواعه وسوء استعمال العقاقير
واضطرابات الشخصية ومن أهم الاضطرابات النفسية المصاحبة التي تسبق الشراهة في
تناول الطعام فقدان الشهية العصبي وفي هذا المرض يصاب المريض بنوبات من القي عقب
تناول الطعام وانخفاض في الوزن وانقطاع الطمث عند النساء وهبوط في الحالة العامة
أحيانا يحدث هذا المرض وهو فقدان الشهية العصبي عقب الإصابة بالشراهة في تناول
الطعام ويكون ذلك ناتج عن اضطراب في صورة الجسم في المخ ففي حالة الشراهة يكون
الإحساس بالنحافة الشديدة أما في حالة فقدان الشهية العصبي فتكون صور الجسم هي
الحجم الكبير أو الإحساس بالسمنة ومن أهم الاضطرابات النفسية المصاحبة هو
الاعتماد على المواد المخدرة أو إدمان المواد المخدرة وكذلك بعض المرضى كانوا
يعانون من انخفاض في نسبة الذكاء الى درجة التخلف العقلي ومرض الفصام والإصابة
في الغير متزوجين اكثر منها في المتزوجين وقد يرجع ذلك الى عدم وجود السفر والجو
الأسرى الذي يكون بمثابة العلاج النفسي والتنفيس النفسي ...
-
أزمة الإنسان المعاصر / د. إبراهيم محمد
المغازي - قسم علم النفس – كلية التربية
- ببور سعيد – جامعة قناة السويس
هناك بعض التسميات اتفق العلماء عليها لبعض
العصور، فمثلا القرن السابع عشر سمى بعصر النور والقرن الثامن عشر سمي بعصر
العقل، والقرن التاسع عشر سمى بعصر التقدم والقرن العشرين سمى بعصر القلق، فلماذا
أطلقت هذه التسمية على القرن العشرين بأنه عصر القلق ؟؟
وذلك لأن الإنسان افتقد فيه الأمن والطمأنينة ..
وتعددت المصادر التي تهدد أمنه وهدوءه وراحة باله بالرغم من التقدم المادي الذي حققه،
والاكتشافات العلمية الباهرة في هذا القرن، حيث أصبحت لدى هذا الإنسان أجهزة
وأدوات تمكنه من الحياة الاجتماعية المرفهة، ولكن لا تمكنه من الحياة السعيدة
الهادئة.
وصدق الله العظيم إذ يقول في سورة طه " ومن
أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى (124) قال رب لم حشرتني
أعمى وقد كنت بصيرا (125) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (126) فالإنسان قد قطع
شوطا في سبيل فهم الطبيعة المحيطة به وأصبح الإنسان سيدا للطبيعة، رغم أنه ليس أقوى
الكائنات الحية وقد تمكن هذا الإنسان بفضل استخدام عقله وتفكيره ان يصل الى
معرفة الكثير من القوانين التي تمكنه التحكم في حركة العالم الطبيعي ونفس هذا
الإنسان لم يستطع ان يكتشف القوانين التي تحكم عالمه الخاص أي "عالمه
النفسي" الداخلي وحياته النفسية فهو صحيح تقدم طبيعيا ولكنه لم يتقدم نفسيا
فقويت عضلاته وقوي جسمه ولكن لم تقوى أخلاقه بل ضعفت، ولذا أصبحت تسمى بقضية
أزمة الإنسان المعاصر وتتلخص هذه القضية في أن الإنسان تقدم ماديا وفنيا ولم
يتقدم نفسيا وخلقيا.
وأصبح هذا الإنسان يعاني من صراع نفسي شديد، وأدى
هذا الصراع الى عجزه عن فهم نفسه، وعن التنبه لهذه الطاقة العدوانية الكامنة في
أعماقه النفسية والتي تعتبر السبب في وجود العدوات بين الأفراد داخل المجتمع، والحروب
بين الدول والمجتمعات.
-
الأمراض النفسية في الألفية الجديدة / د.
لطفي الشربينى - استشاري الطب النفسي
هل يعيش العالم في الألفية الجديدة عصرا من
الصحة النفسية وراحة البال ؟ أم يستمر تزايد انتشار الأمراض النفسية لتصيب
الجميع ؟ سؤال نطرحه ونحاول الإجابة عليه من خلال قراءتي في ملفات الطب النفسي
والأرقام والإحصائيات التي وردت في تقارير دوائر الصحة العالمية حول الاضطرابات
النفسية في العالم .. وهنا في هذا الموضوع نلقى نظرة على المشكلات النفسية في
القرن الماضي لنتعرف على اتجاهات الصحة النفسية مع دخول العالم الى الألفية
الثالثة.
الإنسان والمرض النفسي :
وقد بدأت في وقت مبكر مع بداية التاريخ محاولات الإنسان
لفهم وتفسير الأمراض التي يعاني منها وتؤثر على حالته الصحية والنفسية. وفي
أوراق البردي التي تركها قدماء المصريين وصف لبعض الحالات النفسية وأساليب
علاجها وكذلك فقد وضع " ابقراط" الذي لقب بأبي الطب قواعد تصنيف
الأمراض النفسية وأكد ان النفس والجسد بتأثر كل منهما بالآخر، كما غير المفاهيم
السائدة حول اعتبار بعض الأمراض النفسية والعصبية مثل الصرع لها قدسية خاصة على
اعتبار ان لها علاقة بالأرواح والقوى الخفية، وكانت هذه هي المحاولات الأولى
لفهم الأمراض النفسية وتحديدها حتى يتم علاجها بالوسائل المتاحة في هذه العصور
مثل استخدام بعض الأعشاب وحمامات المياه والموسيقي والترويح والارشاد بواسطة
رجال الدين والحكماء.
تطورات جديدة في الطب النفسي :
ولعل أهم ما حدث من تطور في الطب النفسي على مدى
القرن العشرين هو إزالة الغموض الذي ظل يحيط بالأمراض النفسية لوقت طويل ،وكشف
أسبابها بما يساعد على وضع أساليب العلاج، وكان الفضل في ذلك الى الاختراعات
التي ساعدت الأطباء على اكتشاف تركيب المخ والجهاز العصبي وفهم كيمياء النفسية
فالجهاز العصبي يتكون من بلايين الخلايا العصبية تتواجد في مجموعات داخل الرأس
وتقوم كل منها بوظيفة محددة، ويتم الاتصال والتفاهم والتنسيق فيما بينها عن طريق
إشارات كهربائية وكيميائية ومواد يطلق عليها الموصلات العصبية وأدى فهم كيمياء
المخ الى التوصل الى أسباب الأمراض النفسية التي غالبا ما يصاحبها تغيير في
مستوى هذه المواد الطبيعية في مراكز المخ، وعند استخدام أدوية تعيد الاتزان
الطبيعي لهذه المواد فان الأعراض المرضية للاكتئاب والفصام والوسواس القهري
تتحسن بصورة ملحوظة.
ومن التطورات الجديدة التي أسفرت عنها الأبحاث
في الطب النفسي هو إمكانية إخضاع مرضى الاكتئاب والفصام والوسواس القهري الى بعض
الفحوص والتحاليل المعملية للتأكد من تشخيص الحالة وتحديد شدتها أسباب وجذور
الأمراض النفسية تمثل أملا في السيطرة على انتشارها والحد منها عن طريق الوعي
الصحي لدى قطاعات كبيرة من الناس باستخدام وسائل الأعلام والتوعية التي تصل الى
كل مكان ...
-
اضطراب النوم والأفكار غير الطبيعية أهم
أعراض الاكتئاب النفسي / د. عادل الشعشاعي
ينتشر الاكتئاب النفسي في أي مجتمع بمعدلات تصل
الى 2% من مجموع السكان
وبترجمة بسيطة لهذا الرقم نجد أن تعداد مدينة مثل الإسكندرية بها
4 ملايين نسمة تضم
80 ألف مصاب بالمرض
وطبقا لإحصائيات الصحة العالمية في عام
1990، يأتي الاكتئاب في المرتبة الرابعة ضمن
عشرة أمراض تسبب فقد القدرة على التكييف والعمل والمتوقع في عام
2020
أن يحتل المرض
المرتبة الثانية يعد جلطات القلب كمسبب لعدم القدرة على التكييف والعمل.
وهناك معايير كثيرة- كما يقول الدكتور عادل
الشعشاعي أستاذ ورئيس قسم الأمراض النفسية والعصبية بطب الإسكندرية – تفصل مرض
الاكتئاب النفسي عن الحالة المزاجية الناتجة عن الإحباط أو المرور بأوقات عصيبة،
حيث يشعلا الإنسان في كليهما بحالة اكتئاب، غير أن الاكتئاب يكون مصحوبا بأعراض
مرضية أخرى مثل اضطراب النوم مع تغيير واضح للحالة المزاجية في الصباح عنها في
المساء مع فقد الشهية للطعام ونقص وزن الجسم ووجود بعض الأفكار غير الطبيعية
كالإحساس بالذنب تجاه أحداث سابقة وعدم القدرة على التركيز بالاستيعاب مع وجود
أعراض جسمانية أخرى كثيرة كالصداع وصعوبة التنفس والإمساك واضطراب الحالة
الجنسية وقد يتساءل البعض طالما ان هذا المرض محدد المعالم لماذا لا يذهب المريض
مباشرة للطبيب النفسي طالبا للعلاج. الا ان الإجابة تكمن ببساطة في الارتباط
الأمراض النفسية ومجال الطب النفسي عامة بالوصمة، حيث ينظر المجتمع لأي مريض على
أنه غير طبيعي وكذلك المعلومات المنقوصة لعامة الناس عن مجال الطب النفسي
المفاهيم الخاطئة التي ترتبط بالمريض النفسي من خلال الأفلام السينمائية
والمسلسلات ويؤكد الدكتور الشعشاعي أن الاكتئاب النفسي من أخطر الأمراض حيث يؤدي
الى انتحار نسبة كبيرة من المرضى كما أنه يعوقهم عن أداء أعمالهم أو القيام
بوظائفهم الطبيعية ...
-
صراخ الأمهات في البيوت / د. احمد فوزي
توفيق - أستاذ بكلية طب عين شمس
ظاهرة جديدة تسللت الى
حياتنا وبيوتنا وأصبحت مرضا خطيرا بل وباء مزعجا ينتشر : النار في الهشيم، الظاهرة
الصراخ المستمر للزوجة " الأم" طوال اليوم حتى لا يكاد يخلو منه بيت
أو تنجو منه أسرة لديها أطفال في المراحل التعليمية المختلفة. يا سادة اسمحوا لي
أن أدق ناقوس الخطر ..
ففي معظم بيوتنا الآن وبسبب الأعباء
المتزايدة على الأم بسبب العمل وصعوبة الحياة وسرعة إيقاعها ومشاكلها الاجتماعية
والاقتصادية والضغوط النفسية المتزايدة، وربما أيضا بسبب طموحاـ المرآة التي
تصطدم غالبا بصخرة الواقع المر والمعاكس، بالإضافة الى مسئولية الأم في مساعدة
أطفالها في تحصيل وفهم ,استيعاب دروسهم ودس المعلومات في رؤوسهم بعد ان فقدت
المدرسة دورها، الأمر الذي جعل الأم في موقف صعب لا تحسد عليه خاصة في أيام
الامتحانات وهي على البواب، فكيف لها بعد يوم عمل شاق وطويل ومعاناة في العمل
وفي الشارع في رحلتي الذهاب والعودة، وربما بسبب القهر الذي تشعر به من الرجال
تجاهها خارج المنزل، وأحيانا داخله، كيف لها بعد كل ذلك أن تقوم بدورها في تربية
وتنشئة أطفالها وتقويم سلوكياتهم وإصلاح "المعوج" منها أمام طوفان من
التأثيرات السلبية تحيط بهم من كل جانب في زمن القنوات المفتوحة والدش والإنترنت
والموبايل والإعلانات الاستفزازية ؟؟ وكيف لها بعد ان تعود الى بيتها مرهقة
ومنهكة وغالبا محبطة ان تدرس الدروس والمعلومات والإرشادات والتوجيهات في عقول
أبنائها في برشامة مركزة يصعب عليهم غالبا ابتلاعها ! وهنا ظهر المرض ومعه
الكثير من الأمراض المختلفة، وكثرت الضحايا وامتلأت عيادات الأطباء بأمهات
معذبات تجمعهن غالبا ظروف متشابهة وهي انشغال الأب بعمله أو سفره للخارج، واعتقاده
الخاطئ ان دوره يقتصر على توفير الأموال لأسرته واعتماده الكامل على الزوجة في
التربية والتنشئة ومساعدة الأطفال في تحصيل دروسهم .. الأمر الذي شكل عبئا كبيرا
على الزوجية وضغطا مستمرا على أعصابها .... |
|||