- سيكولوجيــــــــــة
التطـــــــــــرف العقائـــــــــــــــدي-
سامــر جميـــل رضـــوان
كان لي شرف تكليفي من الزميل الدكتور جمال التركي بالإشراف على عدد التطرف،
وأحسست بالتحدي والمسؤولية الكبيرة، إلا أني كنت متفائلاً بدرجة كبيرة من
أن المهمة ستكون سهلة إلى حد ما كون التعصب والتطرف من الظواهر التي أصبحت
تكاد تكون متجذرة في بنية ذاتنا الاجتماعية وأن النفسانيين والاجتماعيين
والأطباء المهتمون سيسهمون كل من زاويته بإلقاء الضوء على ظاهرة من أخطر
الظواهر التي عرفتها البشرية عبر العصور و نظراً للجذور التاريخية
والنفسية والاجتماعية للتطرف المنتشرة في المجتمعات البشرية ومن بينها
مجتمعاتنا العربية، التي تعاني من وصمة التطرف وتسهم فيه بدرجات
تبعث على القلق.
رجوع إلى الفهرس
- التعصــــب
التحليــــــل النفســـــي لظاهــــــرة مرعبــــــة-
سامــر جميـــل رضـــوان
ملخص: زعزع
اعتداء 11 سبتمبر عالم 2001 الوهم المتمثل في أنه في عالم الغد
التقني-العقلاني سوف يصبح الحقد التعصبي في عالم الغد التقني-العقلاني
عاملاً محسوباً. فمن تفاعل ذهنية متطرفة و أسلحة التدمير الشامل انبثقت
سيناريوهات تهديد غير متوقعة. و تبدو اليوم المعالجة الجذرية لجوهر الفكر
التعصبي أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. و هذه المقالة تسعى إلى إلقاء النظر
حول جوهر و محتوى التعصب وتوضيح الدوافع اللاشعورية الكامنة خلف القناعات
المتطرفة. وفي الجزء الثاني سوف نقوم بتطوير نظرية تخلقية عن النمو
التدريجي لاحتمالية التطرف في أطوار المراحل الحياتية، و كيف يمكنها تحت
ظروف تاريخية و تاريخ حياتية محددة أن تتصلب إلى اتجاه تعصب.
رجوع إلى الفهرس
-
الملامـــــح السيكولوجيــــــة للكــــــــــره والاختـــــــــلاف-
صالــــــح بريـــــــك
لماذا
يبدو الكره أكثر تغلغلاً في العلاقات الإنسانية؟ تكمن الإجابة على هذا
السؤال، على الأرجح، في الاختلاف.
يبدو أن الناس لا يتحملون الاختلاف فيما بينهم، لذا تجدهم أكثر تفاعلاً مع
أولئك الذين يقاسموهم مواقفهم وتوجهاتهم المعرفية والاجتماعية
والدينية...الخ. من جهة أخرى، تراهم بحكم المصلحة، وأحياناً الضرورة، في
بحث مستمر عن تفاصيل تزيد من المسافة والفروق بينهم، ليعودوا من جديد،
وبحكم المصلحة والضرورة أيضاً، إلى بذل ما يستطيعون من أجل تجاوزها، وكأنهم
في حالة توتر اجتماعي تحمل في طياتها التناقض والاختلاف، وبنفس الوقت الحل
والانفراج.
دون شك يتحول الاختلاف إلى تربة خصبة للكره والعدوان عندما يسعى الفرد
(الجماعة) سعياً محموماً إلى إقصاء كل فرد (جماعة) لا يتناغم مع منظوره
للحياة وطبيعة العادات والتقاليد والقيم والقناعات التي يؤمن بها.
بالطبع، ترتبط أساليب حياتنا ورغباتنا وطموحاتنا بأعراف المجتمع الذي نعيش
فيه ومتطلباته. وبالتالي، فرغم ما قد نمتلكه من إمكانات وقدرات وطاقات،
يبقى الانتماء الاجتماعي مسألة جوهرية بالنسبة لكل واحد منا. لذا، قد نواجه
الآخر سواء كان من نفس الجماعة إذا خرج عن المألوف في جماعة "النحن" أو
"كفر" بهذا الانتماء (يمكن أن نكون أكثر عنفاً حياله) أو، وهو الأرجح،
الآخر المختلف الذي ينتمي أو يشكل جماعة "الهم".
لا يمكن لأحد أن يوقف عملية قولبة الأفكار وتنميطها حيال الفرد أو الجماعة
(عائلية، اثنية، دينية وغيرها). من المعروف أن الأفكار النمطية هامة جداً
في تكيفنا مع ذواتنا ومع المحيطين بنا، لكنها قد تكون أحد أهم الممهدات
للكره. فمثل هذه الأفكار أو القوالب الذهنية الجامدة تمثل آلية "عملية"
لعزو "الخير" و"الشر". لقد اعتاد الناس على إسباغ صفات، ميزات، أفعال، نيات
على بعضهم البعض انطلاقاً من القوالب الذهنية أو الأفكار النمطية التي تشكل
جزءاً أساسياً من منظومتهم المعرفية-الاجتماعية.
لقد أضحى مفهوم الاختلاف
Diversity
كثير التداول في العقدين الأخيرين ضمن سياق الحديث عن العيش المشترك
والتسامح مع الآخر المختلف (Granbard, 1997). فالناس مختلفون بالفطرة، وهذا
الاختلاف يمثل بالمطلق إبداعاً حقيقياً للطبيعة. إذا تجردنا من التقييمات
النفسية-الاجتماعية والثقافية، وقاربنا الاختلاف من منظور فني بحت سنرى
بوضوح كم هو جميل وممتع للعين والأذن والذوق ولكل نوافذ الإنسان إلى العالم
الآخر. فالقبح يكمن في الرتابة والروتين والنمطية، لكنها حقيقة لا تزال
بعيدة عن وعي الإنسان النفسي-الاجتماعي، خاصة في ظل ارتباط الحاجة إلى
الانتماء والأمن بالحاجة لحفظ البقاء التي تفوق أهمية كل القيم الفنية
والجمالية.
وعندما نتحدث عن اختلافات فردية أو جماعية لا بد من الانتباه إلى أنها
مقادير نسبية، وبأنها لا تباعد فقط، بل يمكن أن تقارب وتضيف إلى حياة الناس
خبرات سارة لم يعهدوها من قبل. لكن، يمكن القول بأن التعامل مع الاختلاف،
غالباً ما "ينمط" كحاجز غير نفوذ في وجه التواصل الإنساني البناء، وبهذا
المعنى، يشكل قاعدة يمكن أن تبنى عليها كل أشكال التنميط الذهني المتحيز
والحقد والكره والانتقام.
من جهة أخرى، تعد الاختلافات بين الناس من العوامل الميسرة: 1) لتجنب
محاولات التقريب بين الجماعات؛ 2) للسعي نحو الفردانية؛ 3) لحفظ قيمة أنا
الشخص وهويته الاجتماعية. إن امتلاكنا لشيء ما لا يمكن للآخرين الحصول عليه
يشعرنا بالتفوق والأهمية – جوهر الاختلاف بيننا وبينهم، الأمر الذي يثير،
غالباً، مشاعر الحسد والكره لديهم، وبالتالي طموحهم لتقليص أو القضاء
(عملياً) على أسباب هذا الاختلاف. وتجدر الإشارة إلى أن مصادر الاختلاف
متنوعة جداً (صفات وراثية، خصائص شخصية، سمات اجتماعية وثقافية...)،
وتنوعها هذا يدلل على صيرورة حياتية تتصل عضوياً بجوهر العلاقات الإنسانية
وطبيعتها.
بكل الأحوال، نحاول هنا التركيز على تلك الاختلافات المستترة في الوعي
الجمعي كمصدر للنزاع الجماعي والنفور أو الكره "الغبي" للآخر المختلف
دينياً أو عرقياً أو قومياً...الخ على قاعدة التباين في البناء المعرفي
والمنظور الحياتي والقيمي
(Льобон,
1993, с. 62).
وفي سياق علم النفس الفارق الذي يدرس الفروق في الفرد وبين الأفراد
والجماعات يمكن القول بأن هذه الاختلافات مرتبطة وليست مصاحبة لمشاعر
الكره، لكن درجة الارتباط هذه تعد عاملاً حاسماً في العلاقات بين الأفراد
أو الجماعات، وهي (أي درجة الارتباط) تتوقف على:
§ حدودها
الواقعية، وعلى الحالة الاجتماعية التي تزيد شدة الاختلاف أو تضعفها؛
§ دور
هذه الاختلافات أو الفروق في تشكيل المكانة الفردية والجماعية؛
§ المسافة
الاجتماعية بين الأفراد أو الجماعات التي تتأسس على اختلافات بيولوجية،
طبقية، اثنية، دينية، أيديولوجية.
إن الاختلافات التي تعزز القهر والتحقير والتدمير وإيقاع الأذى والعنف
ومحاولة إقصاء الآخر مجبولة دائماً بالكره. وبهذا المعنى، يعتبر الكره
وظيفة للاختلاف ونموذجاً معرفياً للعنف (الانتقام)، وبالأصل يعد الأخير من
بين أعراض أو تمظهرات البارانويا والسادية. ولعل مراجعة سريعة للتاريخ
البشري ستكشف عن حقيقة غير مريحة على الإطلاق تتلخص في أن الناس دائماً
ينقسمون (لأسباب وعوامل لانهائية) إلى تكتلات جماعية ثم جماعات ثم
فئات...الخ، وغالباً ما تكون المنافسة أو النزعة للتملك والحاجة إلى
الإحساس بالقوة والتميز قاعدة هذا الانقسام. وعادة ما يتم تبرير هذه
الانقسام على أساس سبب أو دافع واحد – أن يكرهوا بعضهم بعضاً يعني أن يتسبب
كل منهم للآخر بالأذى والضرر، وبالتالي يشير الانقسام في هذه الحالة إلى
التنافر والمواجهة وتكتسي معه الاختلافات معاني الكره والنزعة للصدام
والصراع.
يهدف البحث النفسي، من حيث جوهره، إلى تحديد ملامح ظاهرة نفسية ما
وتبايناتها الفردية والاجتماعية. وعبر أي اختبار للشخصية يتم تجميع الأفراد
ضمن فئات حسب السمات المشتركة فيما بينهم، وبالمقابل يسعى القائمون على
تطبيق الاختبارات النفسية ووسائل القياس الجماعية للكشف عن الفروق الفردية
في ظاهرة ما...هذا هو المدخل الذي ينفذ منه علم النفس التجريبي الذي أسس له
فونت عام 1879
(Minton,
Schneider, 1980).
وتجدر الإشارة هنا إلى أن ما يهمنا في هذه المسألة هي الاختلافات بين
الجماعات وعلاقتها بالكره، لذا لن نتوقف عند الدراسات التي انصبت في إطار
الفروق الفردية إلا من باب ارتباطها بالإشكالية العامة للموضوع.
رجوع إلى الفهرس
- سيكولوجيـــــــــــة
المتطــــــــــــــرف الانتحـــــــــــاري-
عبـــد الودود خربـــوش
تمهيد:
شهد
المغرب خلال السنوات القليلة الماضية تزايد حدة أعمال العنف المرتبطة
بالتطرف الديني، لعل أبرزها تفجيرات 16 مايو 2003 بالدار البيضاء كبرى
المدن المغربية. التي ذهب ضحيتها أزيد من خمسة وأربعين شخصا فيما فاق عدد
الجرحى المئة جريح، وهي العمليات التفجيرية التي استهدفت أماكن تواجد
الأجانب بمركز المدينة، نفذها أربعة عشرة انتحاريا لقي أثني عشرة منهم
حتفهم بعد تفجيرهم لأنفسهم، بينما نجا اثنان بعد تراجعهما عن فكرة التفجير
نتيجة أسباب تستدعي حقيقة البحث المعمق، ومن بينها ما صرح به أحدهما من أن
معاينته لما حل برفاقه الذين صاروا أشلاء متناثرة هي ما أثناه عن تفجير
نفسه. هذه التفجيرات التي آذنت بتحول كبير في مسار الحركات المتطرفة تمثل
أساسا في أسلوبها ووسائل تنفيذها وحجم ضحاياها،
أسالت مدادا كثيرا وأثارت نقاشا طويلا لا يزال يلقي بظلاله على
المشهد السياسي والديني والاجتماعي حتى اليوم، خاصة بعد فرار تسعة من
المحكومين على خلفيتها من السجن خلال الفترة الأخيرة وحلول ذكراها الخامسة.
غير
أن ذلك لم يمنعنا من معاودة النبش في ملفاتها من خلال اعتماد مقاربة
سيكولوجية صرفة لتفسير بعض حيثيات الظاهرة انطلاقا من تقديم تفسير المدارس
النفسية المختلفة للظاهرة، والبحث في الخصائص العامة لشخصية المتطرف
الانتحاري، مع الإشارة إلى أننا سوف نركز على المتطرف المنفذ (الانتحاري)
فقط، فيما نستثني باقي فئات المتطرفين (المنظر والمخطط و الممول...). وإن
كنا نعتقد جازمين أن مثل هكذا تحليلات تستدعي الدراسة والبحث المباشرين مع
عينة من جميع فئات المتطرفين، اعتمادا على تقنيات ومناهج البحث العملي
الرصين، غير أن عدم توفر ذلك في المدى المنظور والحصار الذي تفرضه السلطات
الأمنية على ملفات القضية، يجعلنا نكتفي بالبحث في ما رشح من معلومات
ومعطيات عن ملفات منفذي تلك الأحداث.
وإذا كان السؤال الجوهري الذي يتبادر إلى الذهن هو عن ماهية الدوافع
الرئيسية لأولئك الانتحاريين ؟ فإن الجواب البديهي الذي ننطلق منه هو أن
هذه الظاهرة المتعددة الأوجه والأشكال يقف ورائها أكثر من دافع واحد.
ولضرورة موضوعية قررنا ألا نتطرق في تناولنا هذا لتلك الدوافع العالمية
(المتغيرات الدولية، الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين: تاريخ حافل
بالأمجاد وحاضر يعج بالانكسارات والهزائم، فشل التجارب القومية والوطنية،
اليمينية و اليسارية...)، و لن نتطرق أيضا للعوامل السياسية (القمع و
الاستبداد السياسي، غياب الحريات وحقوق الإنسان...)، و لا عن الدوافع
الاقتصادية (الأزمة، الفقر، البطالة...)، و لا عن الاجتماعية أيضا (التفكك
الأسري، ظهور أحزمة الفقر ومدن الصفيح..). فذلك ما سبق وأن تناولته العديد
من الدراسات والكتابات بإسهاب كبير.
بل ما سنتناوله هو المحددات والخصائص الشخصية للانتحاريين من خلال التطرق
أولا إلى العديد من الخصائص المشتركة بين منفذي تفجيرات 16 مايو بمدينة
الدار البيضاء، - التي من المؤكد أنهم يتشاركون فيها مع منفذي هجمات
انتحارية في العديد من البلدان العربية والإسلامية الأخرى حسب العديد من
الدراسات والتحليلات- يحدونا هدف واحد هو التوصل إلى صورة مركبة لشخصية
الانتحاريين بالاستناد إلى
تحديد وتحليل الخصائص المشتركة.
قبل ذلك سنتوقف عند تفسير مختلف المقاربات السيكولوجية لظاهرة التطرف:
رجوع إلى الفهرس
- التطــرف
العقائـدي و الارهـــاب ... مدخــــل منظـــور نفســــي-
قاســم حسيـــن صالـــح
إشكالية
مصطلح:
شاع بين
الناس مصطلح (( إرهاب )) ليعني الأعمال التي تستهدف قتل المدنيين أو
إلحاق الأذى بهم . والواقع أن مفردة أو مصطلح (إرهاب) ترجمة غير موفقة
لمفردة ( Terror ) الإنجليزية . ذلك أن جذر مفردة ( ارهاب ) هو ( رهب) بفتح
الراء والباء وكسر الهاء،ويعني (خاف ) . ويقال في الأمثال : ( رهبوت خير
من حمروت ). أي لأن ترهب، بضم التاء وفتح الهاء، خير من أن ترحم، بضم
التاء وفتح الحاء . و ( أرهبه ) و ( استرهبه ) تعني أخافه . وبهذا المعنى
ترد في القرآن الكريم في سورة الأنفال : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة
ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين لا تعلمونهم الله
يعلمهم – من الآية رقم - 60) .
وعلى وفق ذلك فأن مفردة (ارهاب) تحمل دلالة أو معنى إيجابيا . فالتفسير
النفسي لها يعني أن الذي يهمّ بالعدوان على جماعة معينة يحجم عن تنفيذ
عدوانه اذا رأى ما عليه الطرف المقابل من قوة، فيخاف على نفسه وجماعته
خشية أن يلحق بهم الدمار أو الأذى، وكأنه ( تكنيك ) أو أسلوب للوقاية من
شرّ محتمل .
هذا يعني أن الارهاب، لغة، يقصد به ( إخافة ) الطرف الآخر في النزاع أو
الصراع، ولا يعني فعل إيقاع الأذى به . بمعنى آخر أن الارهاب أقرب إلى (الانذار)
الذي يسبق الفعل ليحذر الخصم من أنه اذا شن عدوانا فأن ما سيصيبه من آذى
ودمار أكثر مما يوقعه هو في الطرف الآخر . وواضح أن هذا لا ينطبق على ما
جرى ويجري في العراق من الأعمال التي وصفت بالإرهاب . ونرى أن الأقرب
لوصفها، لغة، هو مفردة (( إرعاب ))، من الرعب الذي يتضمن أيضا ترويع الناس
وإشاعة الذعر بينهم .
لكن اللغة العربية متخمة بالأخطاء الشائعة . ويبدو أن الخطأ الشائع أسهل
في التخاطب بين الناس - لكثرة تداوله – من المفردة الصحيحة لغة . وعليه قد
يصعب تداول( إرعاب ) بدلا من ( ارهاب )، لا سيما بعد أن اكتسب مصطلح إرهاب
معنى جديدا هو : إيقاع الأذى بآخر أو آخرين ليسوا طرفا في النزاع . ومع
ذلك فأن ( الإرعاب ) أصح لغة من ( الإرهاب ) في وصف الحالة موضوع البحث .
رجوع إلى الفهرس
- وعــــى
المجتمــــع والإرهــــاب: (فــــراغ جاهــــز للتفجــــر) -
يحيـــــى الرخــــــاوي
لكى يقتل إنسان شاب إنسانا آخرا لا يعرفه أصلا، لابد
أن تتوفر ثلاثة شروط على الأقل (ربما فى طبقة أعمق من
مستويات وعيه)، أولا: أن يعتبر أن ضحيته ليست من نوعه
(النوع البشرى "الخاص!") ثانيا: أن يكون القتيل شخصيا
(أو بما يمثله)، مهدِّدا لوجود هذا الصبى القاتل (هو أو
من يمثله) ثالثا: ألا تكون أمام هذا الصبى (أو
الصبية) وسيلة أخرى للتعبير عن رعبه من الهلاك من جهة،
وحرصه على الحفاظ على بقائه (أو بقاء نوعه الخاص) من
جهة أخرى.
فى دراسات العدوان عند الإنسان (بما فى ذلك الحروب
الحديثة تحت أى عنوان) تعجب الدارسون مما تميز به عدوان
البشر على بعضهم البعض دون سائر الأحياء، ذلك لان النوع
البشرى هو النوع الوحيد الذى يقتل بنى جنسه لأسباب غير بقائية
أو غير تطورية يستوى فى ذلك السيد دبليو بوش وهو يفخر
بفاعلية قنابله الذكية، أو بؤساء شبابنا وهم يفجرون
أنفسهم فى الأزهر أو السيدة عائشة أو من أعلى كوبرى 6
أكتوبر. لا نريد أن نعمم القضية حتى لا تضيع ملامحها
أو نتخلى عن مسؤوليتنا؟ دعونا نتساءل: كيف وفرنا لهؤلاء
الصبية هذه الشروط الثلاثة حتى حدث ما حدث وما سوف
يحدث؟
فى محاولة التقليل من الفزع من الأحداث الإخيرة، وفى نفس
الوقت الاعتذار عنها، وربما تبريرها ارتفعت الأصوات تحجم
آثارها وتقلل من دلالة الذى جري، وهى تصف الحادثة بأنها:
فردية، عائلية عشوائية، هذه الصفات الثلاثة هى هى التى
تنبه إلى خطورة دلالة ما حدث، لأنها تؤكد كيف أنها
النتاج "الطبيعى" لمناخ عام أفرزها، برغم أنها لم تصل فى
تواترها وتكرارها إلى ما يسمى الظاهرة. إن جذور ما نسميه
التطرف فالإرهاب تمتد أساسا إلى بداية التعصب الذى يفصل
فئة بذاتها عن جموع البشر وهى (هذه الفئة أو الفرقة)
موهومة بالتميز أو التفوق أو التفرد، ناهيك عن احتكار
الحقيقة، فالجنة، مرورا بالوصاية على رحمة الله سبحانه
وتعالى.
رجوع إلى الفهرس
- التطـــرف
و الإنحـــراف . . . مقاربـــة
نفسيــــة
واجتماعيــة-
بوفولـــــة بوخميـــــس
إختلف التفكير في الانحراف لإختلاف تخصص و مشارب المنظرين له و قد حاول
الباحث في هذا الفصل التطرق إلى ثلاث أنواع من النظريات المفسرة للانحراف
رجوع إلى الفهرس
- الجــــــذور
النفسيـــــة لجرائـــــم الإبــــــادة الجماعيـــــة-
صـــــــلاح كَرميـــــان
شهدت
البشرية على مرّ التاريخ
غزوات وحروب وصراعات دموية بين قوى متصارعة و بين إمبراطوريات كانت تسعى كل
منها الى التوسع وإخضاع الشعوب والممالك الى دائرة نفوذها. إكتسحت جيوش
أسكندر الكبير كل البلدان والأمصار الممتدة مابين ماسادونيا (مقدونيا)
والهند وكانت تفني وتهلك كل من يواجهها أو يعرقل مسيرها. وغزت حشود
جنكيزخان و تيمورلنك وهولاكو معظم بلدان آسيا وهم يقتلون وينهبون و يحرقون
ويعيثون في الأرض دماراً وخرابا. وفي أوروبا المسيحية وتحت ظل الكنيسة،
أبيدت الملايين من سكان أمريكا الأصليين من قبل الإسبان عقب إكتشاف
كريستوفر كولومبس للقارة الجديدة، ثم أعقبهم الإنكليز في إكمال مهمة
الإبادة بكل الوسائل، حتى وصل الأمر الى الفتك بهم بنشر وباء الجدري بينهم.
واتبعت القوى الإستعمارية نفس السياسات اللاإنسانية ضد السكان الأصليين في
المكسيك وبقية دول أمريكا اللاتينية وكندا وأستراليا. واثناء المد
الإستعماري الأوربي، أخضعت شعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بأقسى
أنواع العنف والقسوة لسيطرة القوى الاستعمارية، التي تنافست فيما بينها
لنهب الثروات الطبيعية. وراحت الملايين من البشر ضحايا تلك الغزوات والحروب
التي كانت تشعلها نزوات وميول وأطماع الأباطرة والملوك والحكام وقادة
الجيوش. وارتكبت جرائم شنيعة ومجازر جماعية استهدفت بعضها الإبادة الكاملة
لمجموعات أثنية أو طوائف دينية أو مذهبية.
وشهد مطلع القرن العشرين إبادة المليون ونصف المليون من الأرمن على أيدي
الأتراك العثمانيين. وفي المانيا قامت النازية الهتلرية للفترة بين
1938-1945 بمذابح الهولوكوست
Holocaust ضد اليهود والسلاف والشيوعيون والغجر والمثليين جنسياً
Homosexuals والأسرى الروس، راحت ضحيتها ستة ملايين إنسان. وفي سنة
1932-1933 قام ستالين بإبادة سبعة ملايين من الأوكرانيين بتجويعهم حتى
الموت. ورغم صدور ميثاق الامم المتحدة لعام 1948 الذي هدف الى منع تكرار
تلك الجرائم ضد الإنسان، لكن جرائم بشعة ارتكبت في النصف الثاني من القرن
الماضي من قبل الخمير الحمر إستهدفت الإبادة الجماعية للسكان في كمبوديا.
وقام النظام الدكتاتوري في العراق بمذابح الأنفال مستهدفاً إبادة الكورد في
كوردستان. وفي أفريقيا جرت مذابح جماعية من قبل مقاتلي الهوتو ضد السكان من
قبائل التوتسي في رواندا. ولاتزال إرتكاب المذابح الجماعية مستمرة لحد هذا
اليوم في إقليم دارفور من قبل قوات الجنجويد المدعومة من الحكومة السودانية.
على ضوء ماورد في الإستعراض السريع، وحسبما عرّفه رافائيل ليمكين
(1900-1959)
Raphael
Lemkin فأن الابادة الجماعية Genocide هي: "ممارسة قديمة في تطورِها الحديث،
وتتضمن إجراءات طويلة الأمد تهدف الى تدمير المقومات الأساسية لحياة
مجموعات قومية، ويحدد المفهوم محاولات التدمير لمجموعات بأكملها".
من المسلم به أنه ليس بإمكان فرد متسلط أو مجموعة متنفذة معينة من الأفراد
قتل الملايين أو حتى المئات من البشر، وتدمير المدن والقرى كاملة، دون
إشراك أعداد كبيرة من الناس وتوريطهم في تنفيذ الأوامر والقيام بإرتكاب
جرائم القتل أو الإبادة الجماعية دون وعي أو إدراك منهم حول ما تم التخطيط
له من قبل أصحاب النفوذ والسلطة الذين تلقى الأوامر منهم. فلا "نيرون" أو "الحجاج"
أو "تيمورلنك" أو "هولاكو" في العصور الماضية، ولا الزعيم النازي "هتلر" أو
الفاشي "موسوليني" أو الطاغية "صدام حسن" أو الرئيس الصربي "ميلوسوفيج" أو
الزعيم الكمبودي "بولبوت" أو رئيس حكومة رواندا "هابري
مانا" في العصر الحديث، نفذوا جرائمهم الكبرى بأنفسهم أو من قبل أفراد
حاشيتهم أو ممن حولهم من رجالات السلطة.
وعند التمعن في الأسباب التي تقف وراء إرتكاب تلك الجرائم والتي تختلف
طبيعة كل واحدة منها عن الأخرى طبقاً للعصر الذي حدثت فيه والظروف السياسية
والإجتماعية القائمة وقت حدوثها وطبيعة الأنظمة واللاعبين الكبار الذين
قاموا بتنفيذها، يتضح إن هناك بجانب العوامل السياسية والإجتماعية
والإقتصادية، مجموعة عوامل وأبعاد سيكولوجية لعبت أدوراً رئيسة في حدوثها،
وتُعدّ كعوامل مشتركة في إرتكاب جميع جرائم الإبادة الجماعية عبر العصور
وفي كل المجتمعات والثقافات. وسنحاول هنا تسليط الضوء على الجوانب الاساسية
منها.
رجوع إلى الفهرس
- البنيــة
النفسيــــة للفاشيــــة و الشخصيـــــة التسلطيـــــة-
أحمـــد مصطفـــى جابــر
في تحليل صار يعتبر كلاسيكياً للفاشية انطلق أدورنو الإيطالي في مقياسه
الشهير(1) من فرضية مفادها أن الاعتقادات الاجتماعية
والاقتصادية والسياسية تشكل نمطا واسعا متماسكا يعبر عن نزعات عميقة في
الشخصية، وفسروا البناء الشخصي لأصحاب الشخصية التسلطية من خلال ضعف
(الأنا) التي تتوق إلى بناء قيمي سليم مما يدفع لتعويض ذلك بالبحث عن مصادر
خارجية يستندون إليها في خلق بناء قيمي شكلي خاص بهم، وان كان في حقيقة
الأمر لا يعبر عن قدرة ذاتية حقيقية متميزة. وهكذا بإمكاننا تلخيص سمات
الشخصية التسلطية عند أدورنو وزملائه: بالتقليدية والالتزام بقيم الطبقة
الوسطى المحافظة والقبول غير النقدي بالسلطات ورفض ومعاقبة الخارجين على
القيم التقليدية ومعارضة التفكير التأملي والتمسك بالمزاجية والنمطية
وإسقاط الدوافع الانفعالية واللا شعورية على الخارج والافتتان بالقوة
واحتقار العلم والتركيز المفرط على القضايا الجنسية (2).
رجوع إلى الفهرس
- ملامــــــــــــح
سيكولوجيـــــــــــــة التعصـــــــــــــــب-
قاســم حسيـــن صالـــح
ما
سنتطرق اليه ليس بحثاُ اكتملت مقوماته العلمية، إنما هو أقرب الى مقالة أو
ورقة تحمل أفكاراً قد تفضي، بعد مناقشتها واغنائها، الى مشروع انساني أو
برنامج عمل وطني يؤسس لثقافة جديدة تنعكس في سلوك مهذب يعتمد الحوار وسيلة
للتعامل في تسوية الخلافات وحل النزاعات، والحد من التعصب الذي كان السبب
في معاناة مئات الملايين من الناس، وقتل عشرات الملايين غيرهم من البشر.
رجوع إلى الفهرس
-
المنظــور النفســي و الاجتماعــي للعنـــف السياســي و الدينـــي-
علي إسماعيـل عبـد الرحمن
مقدمة:
العنف
هو سلوك قصدي يستهدف إلحاق الضرر بالشخص أو الممتلكات، ويعتبر العنف
السياسي هو أشهر أنواع العنف، وهو عنف يوجه نحو جماعة معينة ( طائفة )، ولا
يقتصر علي رموز الجماعة أو الممثلين الرسميين لها، بل يستهدف أيضاً جمهور
الجماعة أيضا.
والعنف
السياسي يتسم بالعلانية لأنه في نظر من يقوم به أنه شرف كبير يستحق
التباهي، كما يتوقف الحكم علي مرتكبه سلبا أو إيجابا ( إرهاب ، استشهاد )
علي خلفية الشخص الثقافية والاجتماعية مما يجعل الحكم علي نفس السلوك
بحكمين متضادين.
العنف
السياسي لا تحركه المصالح المادية المباشرة، بل تحركه محاولة تحسين أوضاع
الجماعة المنتمي إليها الفرد أو الصالح العام للمجتمع ككل.
العنف
السياسي لا تحركه الدوافع الفردية نحو شخص ما ( الثأر ) بل نحو أفكار هذا
الشخص وما يمثله كرمز لجماعة معينة.
ويعتبر
العنف السياسي الديني ( الموجه من طائفة دينية إلي أخري ) هو الأعلى ضجيجا
في عالم اليوم ، وما حدث في الإسكندرية هو صورة من صور العنف السياسي
الموجه من جماعة دينية إلي أخري ، وهو صراع طائفي من المستوي الثاني الذي
يتميز بتنوع أطرافه واتساع مجاله عن الصراع الفردي ( المستوي الأول ) وإن
كان أقل تعقيدا من الصراع الدولي ( المستوي الثالث ).
وقد سبب
هذا الصراع الكامن حدوث أزمة ( تحول مفاجئ عن السلوك المعتاد ، مما ترتب
عليه نشوء تهديد مباشر لقيم أو المصالح الجوهرية لأحد أطراف النزاع) قام
بها مجموعة من الأفراد العاديون الذين لم يكونوا ضمن تنظيم سياسي أو ديني ،
حيث اندفعوا للمشاركة في الأزمة إثر شرارة سلوكية صغيرة ، وهي تسرب معلومة
منقوصة وهو ما يطلق عليه ( الإشاعة ).
ولكي
تتكون الإشاعة لابد من توافر جزأين أساسيين ، أولهما أن يكون محتواها ديني
أو جنسي ، وثانيهما أن يكون جزء كبير من المحتوي غامض أو مجهول حتي يتيح
للأفراد المشاركين في نقلها إلي إضافة جزء كبير من معتقداتهم أو خيالاتهم.
رجوع إلى الفهرس
- التشــــــــدد
العقائــــــدي و الوســــــــواس القهـــــــري-
كلثـــــوم بلميهــــوب
سنعرض
في هذا المقال دراسة حالة فتاة عانت من اضطراب الوسواس القهري والذي تبين
بعد العلاج النفسي الذي خضعت له أن السبب يرجع إلى اعتقاداتها المتشددة
فيما يخص الدين .
وقبل
عرض الحالة نبدأ بتعريف هذا الاضطراب وكيفية تشخيصه و طرق علاجه.
رجوع إلى الفهرس
Cognitive concepts applied to extremist ideology: A Suggested
theoretical framework and practical implications -
نعمان
غرايبة،يوسف خوري
Extremism is a universal social illness; which is likely to have plagued
human society since its inception. While in recent years the focus in
the Western media and certain academic circles has been on its
resurgence in Arab and/or Moslem societies, historical and contemporary
evidence reveals that extremism transcends cultural, religious or ethnic
particularities. In this article, we argue that common psychological
processes are at play in the formation of extreme attitudes and beliefs
in individuals, whether the context is religious, racial, ethnic,
national, regional, tribal, etc. Trying to understand the common
psychological and mental framework of an extremist are seldom attempted
for fear of being perceived as "justifying" his (or–less likely–her)
actions or even condoning his cause. We attempt to explore the cognitive
psychological makeup of a prototypical, archetypal or stereotypical
extremist and examine the issue of early learning, through education or
indoctrination, in the formation of radical views. We use the discourse
of current public figures known for their radical rhetoric to exemplify
the errors of logic (cognitive distortions) that accompany most if not
all forms of prejudices from racism to religious intolerance. We also
discuss the possibility of later modification, through natural and
interventional processes, of extremist ideology and behavior.
رجوع إلى الفهرس
|