أيهما أصلح للأمة الكفاح العقلي أمْ المسلح؟!!
منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى اليوم والأمة بجميع
أطيافها وفصائلها غارقة في الكفاح المسلح , الذي أوردها الخسائر
والإنتكاسات والإنكسارات والإندحارات , حتى وصلت إلى حالة مروعة خلاصتها
أنها لا تستطيع الحفاظ على سلامة أوطانها , وهي لا تزال منشغلة بالكفاح
المسلح , وبشراء الأسلحة التي تقاتل بها أبناءها , وتدمر ديارها.
ومضت الأجيال مضللة بأن الوطنية بندقية , والشرف أن تموت في
سبيل ما يراه المتسلطون على مصير الناس , فالحروب تلد حروبا , والصراعات
تنجب صراعات , والويلات في مسيرة الإنشطارات الأميبية المتواكبة , ولا من
أحدٍ يستفيق ويرى بعيون العقل والبصيرة , ويحاول الخروج من دوامة الهلاك
والإهلاك المتعاظمة.
الرجوع للفهرس
وعيتها بقلبي!!
لكل خلية ذاكرة وإدراك يتناسب مع طبيعتها ودورها في البدن ,
والذاكرة السائدة دماغية , وهي محدودة وقد تتعرض للتلف عندما تفقد خلاياها
تواصلاتها أو كينونتها المادية الحيوية الفاعلة في الدماغ.
والمخلوق أيا كان نوعه وطبيعته يمتلك آليات تذكرية قائمة في
خلاياه , فلكل خلية أرشيفها وذاكرتها الخاصة بها.
والخلايا القلبية ربما هي الأقوى والأيقظ من بين خلايا
البدن الحي , ولهذا فأن الإشارة إلى القلب وردت وتكررت في العديد من كتب
ومواعظ الأولين والآخرين الوضعية والسماوية.
الرجوع للفهرس
أجوبة جاهزة وأمة عاجزة!!
الأجوبة الجاهزة حاضرة في الوعي الجمعي للأمة , فحالما تطرح
سؤالا يأتيك الجواب المكرر المتعارف عليه عبر الأجيال , وكأن مَن أجاب قبل
عقود أو قرون كلامه فصل الختام ولا يجوز بعد جوابه أن يُعاد السؤال.
مما يعني أن العقل معطل وممنوع من العمل والتفاعل المعاصر
بحيثياته ومقتضياته المتطورة المتراكمة اللازمة لضناعة الحياة الأفضل
والأقدر.
الرجوع للفهرس
"يريدُ" الظاهرة المغفولة!!
وعينا الجمعي لا يتوافق مع صيغة الفعل المضارع في الطرح
والتفاعل والإدراك , ويميل بقوة واضحة إلى صيغة الفعل الماضي , التي تتمحن
فيها الأجيال وتنسحق في دوامتها العاتية المتواثبة.
ولهذا أغفل المفكرون والمثقفون والفلاسفة ظاهرة حضارية
يقظوية , زعزعت أركان الوعي في مجتمعاتنا لفترة ومرت مثل ومضة , إنها ظاهرة
" يريدُ".
فلأول مرة منذ قرون تمكنت الجماهير أن تردد بقوة وثقة كلمة
" يريدُ" , فانطلقت الحناجر تهتف بها عند مطلع العقد الثاني من القرن
الحادي والعشرين , وترددت في ربوع المنطقة هتافات " الشعبُ يريدُ".
وكان لهذا النداء الحضاري الإستنهاضي أثره المرعب على
القِوى التي ترى أن لا سواها يريد.
الرجوع للفهرس
الأدمغة المدرّعة!!
الدماغ كون عضوي داخل جمجمة صلدة تحتاج إلى قوة لتحطيمها , لكن حقيقة
الجمجمة أنها ذات أخاديد وخطوط إرتباط مع أجزائها وفي بعض عظامها هواء ,
والأدمغة التي تكون جمجمتها صلدة حقا ومغايرة لمواصفات الجمجمة الطبيعية ,
تكون قاصرة وغير قادرة على التفاعل الحيوي مع الحياة
وبمعنى
آخر أن طبيعة الجمجمة وصلادتها وسمكها وتجاويفها ذات تأثيرات متباينة على
وظائف الدماغ , وقدرات إمتلاك العقل المتفاعل المتواصل مع بناء الأفكار
وفضاءات الخيال الإبداعي
الرجوع للفهرس
موت قبل موت!!
يبدو أن الموت يتحقق نفسيا أولا وبدنيا ثانيا , فلا بد من
الموت النفسي المسبق لكي يتحقق الموت البدني , فحالما يموت المخلوق نفسيا
فأن موته البدني أو الجسمي سيتحقق حتما حتى ولو كان في تمام صحته وعافيته
البدنية.
والذين ينتحرون يموتون نفسيا أولا ويعبّرون عن هذا الموت
بالإنقضاض على وجودهم المادي أو الجسماني.
ويمكن تقدير مدى إقتراب الشخص من الإنتحار الحتمي من معرفة
نسبة موته النفسي.
ومن علامات الموت النفسي أن البشر يكون فارغا من نسغ الحياة
وطعمها وقيمتها ومعانيها , وكأنه أفرغ شحنات الحياة في التراب , وما عاد
إلا موجودا ماديا خاويا.
الرجوع للفهرس
مداد الانفعال وسوء المقال!!
نقرأ الكثير من الكتابات المكتوبة بمداد الإنفعال الشديد ,
الذي أنتجته الأحداث والتجارب والمعاناة الشخصية الصعبة , فصنعت العقل
الفردي وربما الجمعي ليكون عبدا لها , ومُسَخرا لتأكيد مواقفها وردود
أفعالها المستعرة دوما.
فلا يمكنها قبول الرفض أو المحاجة أو تحكيم العقل والتروي ,
والنظر إلى الأمور بمنظار الواقع والمصلحة العامة , وتحقيق الإرادة الوطنية
ذات المردودات الإيجابية على المواطنين.
فمن العسير عندنا , أن ينتقل الشخص المولود من رحم المأساة
الفردية والجماعية , إلى التفكير المجرد من قيود الإنفعال وسطوة المشاعر
الملتهبة , التي تعصف في أركان عقله وفضاء خياله , لأنه قد أصبح رهينة في
كهوفها ومتاهاتها الظلماء.
الرجوع للفهرس
البنية التحتية النفسية!!
الواقع العربي يمتلك بنية تحتية نفسية ضعيفة , شأنها كأي
البنى التحتية الأخرى الواهنة , مما يتسبب بوقوع المجتمع في مطبات تدميرية
وإهلاكية ذات نتائج وخيمة.
فما يعتمل في الكيان النفسي العربي يشمل الشعور بالدونية
والتبعية والهزيمة والإنكسار , والإندحار والإنتكاس والتعود على الخيبات
والتداعيات , وفقدان التفاعل مع الحاضر ونكران المستقبل , والتقهقر بإتجاه
الماضيات , والتوهم بأن الدين هو الحل , إنطلاقا من الشعور الوخيم بالذنب.
وهذه الحالات وأخواتها تعني أن البنية النفسية التحتية ذات
سلبية عالية , وتساهم في تنمية متواليات القهر والتظلم والتشكي , والتوهم
بأن العلة في الآخر وليس في الوعي الجمعي , والتفاعل القائم ما بين المواطن
وذاته وبينه وبين المواطنين من حوله.
الرجوع للفهرس
المفكرون يدمرون!!
الواقع العربي ومنذ بدايات القرن العشرين وحتى اليوم يزدحم
بالمفكرين الذين أسهموا وبقوة في تدميره من أقصاه إلى أقصاه , فهم يبررون
ويسوّغون ومعتقلون في زنزانة لماذا , ولا يتجرؤون على النظر إلى فضاءات
كيفَ , بل يخشون الإقتراب منها , وبهاذا فهم " المأسنون" (من آسن)
و"المُرسّخون" من (رسخ) , و"المثبطون" من (ثبط).
فطروحاتهم وبلا إستثناء تدور في فلك الدين والتأريخ ولا
يمكنهم الخروج من قبضتهما , ويكررون ذات الطروحات وبمفردات وتعبيرات متجددة
, وينتقدون ويحللون ولا يقدمون حلولا.
يقولون أن الأمة بحاجة إلى أربعة قرون أو أكثر لكي تخرج من
عصرها المظلم كما حصل في أوربا , بل أن البعض يرى أن الزمن سيزداد لأن
الدنيا تتقدم وهي تتخبط في متاهات الدين والتأريخ , وآخرون ينسفون وجود
الأمة ويعتبرونها منقرضة أو آيلة للفناء , وطروحات أخرى تدور في ذات المحور
والمدار.
الرجوع للفهرس
أفكار المفكرين والجهل الحصين!!
الموضوعات التي إنشغل بها المفكرون والفلاسفة العرب على مر
العصور , مكرورة ولا تمت للواقع بصلة حيوية ومؤثرة.
إنها موضوعات في غاية النخبوية والخصوصية , ولا يمكن للبشر المتعلم أن
يتفاعل معها فكيف بعامة البشر.
الرجوع للفهرس
أفكار المكان ومقتضيات الزمان!!
لكل مكان أفكاره , ولكل زمان موجباته , ولا يمكن للأمكنة
والأزمنة أن تتطابق , ولا يجوز فرض حالة مكانية وزمانية على غيرها , فمثلما
لا يمكن عبور النهر مرتين , لا يمكن التواجد في المكان والزمان مرتين ,
بمعنى أن يكون المكان ثابتا وكذلك الزمان.
وسبب ذلك أن الأرض تدور ولا تعرف التوقف عن الحركة ولو
للحظة واحدة , مما يعني أن التغيير ديدن الوجود فوق التراب , وأن التغيير
منهج الحياة , فلا حالة تبقى على حالها , ولا يمكن الجزم بالثبات لأنه
يتنافى وإرادة الدوران التي تتحكم بالموجودات الأرضية.
الرجوع للفهرس
البشر النرجسي!!
النرجسية: حب النفس , وقد تكون إضطرابا بالشخصية فتتميز
بالغرور والأنانية , والتعالي والشعور بالأهمية والجشع.
وصاحبها يرى بأنه هو الأفضل والأقوى والأجمل والأرقى من
غيره , ولديه قدرات نجاح وذكاء , ولا يوجد أحد فوقه , ويضع نفسه في مواقف
صعبة لاقِبل له بها ويضخم كثيرا جدا من إنجازاته.
ويريد إحتراما وتقديرا متميزا ومدحا وإطرءً , فكل ما يقوم
به عظيم وفريد.
ويرى أنه دائما في المقدمة والقمة , فهو مخلوق خاص بحاجة
لتفاعل خاص لإيمانه بإمتلاك قدرات خاصة , ويعامل الناس بإستعلاء وإحتقار
وإنكار , فلا قيمة لأحد غيره.
الرجوع للفهرس
الأنا الفاعلة فينا!!
الأنا هي الصورة الذاتية والطاقة الفعلية , التي تحرك آليات
السلوك القائمة في الأعماق البشرية.
ويمكن تشبيهها بالمحرك الذي يحرك السيارة والطائرة والقطار
, وغيرها من وسائط الإنتقال المبتكرة.
وقد تكون الأنا (أربعة سلندر) أو ستة أو ثمانية أو أقل أو
أكثر , وذلك يعتمد على الظروف التربوية والبيئية والوراثية , والثقافة
المختمرة في وعي ولا وعي الأجيال , والمتدفقة في قنوات الصيرورة الذاتية
للإنسان.
ولكل فرد نوع من (الأنا) , ولكل أمة ومجتمع (أنا).
والمجتمعات القوية تبني (الأنا) القوية , بواسطة ما تقدمه
من إنجازات تعزيزية , وآليات تقوية وإسناد وتدعيم لعناصر ومفردات (الأنا).
الرجوع للفهرس
الهوية الغائبة والتطرف المستقيد!!
البشرية تواجه معضلة تطرفية متفاقمة وتحاول أن تجد لها حلا , ويجتهد
المفكرون والفلاسفة في دراستها وفهمها ومواجهتها
فالبعض يرى أن لا بد من إصلاح الخطاب الديني , والآخر يجد أن العلمانية
هي الحل , وغيرهم يرى أن يضرب بقبضة من حديد , وآخرون يسطرون قائمة
طويلة من الأسباب والحلول , وجميعها ما
أفلحت بالتصدي الحقيقي للتطرف بأنواعه , وإنما تزايد وتعقد وتنامت
نشاطاته وكثرت مواجهاته الدام التي أقلقت البشرية.
وفي القرن العشرين عاشت العديد من المجتمعات حالات تطرفية مرعبة , وفي
المجتمع العربي أول بوادر التطرف برزت في زمن عثمان بن عفان , وبلغت
ذروتها في معركة صفين , عندما إنطلقت حركة الخوارج.
الرجوع للفهرس
التيار المعرفي المجهول!!
السائد
والمهيمن
في الواقع العربي هو التيار الأصولي بمسمياته وتفرعاته وتجمعاته وأحزابه
وفرقه وجماعاته , ولا يوجد في الأمة تيار معرفي ثقافي تنويري فاعل في مسيرة
الأجيال , ولهذا فأن الأمة تعيش في أزمات , وصراعات خسرانية فادحة المآلات.
الرجوع للفهرس
البيئة العقلية العربية الغائبة!!
المقصود بالبيئة العقلية توفر الظروف المساهمة في رعاية الإبداعات العقلية
الحرة بأنواعها ومنحها الفرصة للتفاعل والعطاء الأصيل.
هذه البيئة الصالحة للإبداع والإبتكار والإختراع والإنتاج المتجدد لا وجود
لها في معظم الدول العربية , وهي السبب الأساسي في هجرة العقول وترعرعها في
المجتمعات التي توفر لها البيئة الصالحة للنماء.
فالمجتمعات المتقدمة كافة حققت تقدمها وإنجازاتها المعاصرة بتوفيرها البيئة
العقلية الصالحة لعقول مواطنيها, وللعقول الوافدة إليها وفيها طاقات وقدرات
الإبداع , كما هو الحال في الدول الكبرى المهيمنة على مصير الدنيا, والتي
فيها عقول من كافة المجتمعات البشرية متفاعلة وعاملة في بيئة حاضنة
ومؤهِّلة لقدراتها, وما فيها من طاقات خلق وإبتكار وإختراع.
الرجوع للفهرس
الفناء والإفناء!!
"كلّ مَن عليها فان..."
تلك حقيقة أزلية لا غبار عليها وهي تمثل قانونا أرضيا بل
كونيا مطلقا , لكنها لا تعني أن تجتهد الموجودات بإفناء بعضها , وإنما هي
تعبير إدراكي جوهري فيه طاقات فلسفية غير محدودة , وهي كذلك تعبير معرفي
وسلوكي يحثّ على السعي الجاد المتواصل للعطاء , فالمخلوق وُجد ليعطي ويسكب
ما فيه من طاقات صيرورات وإبتداءات بموجبها وُهب الحياة , فكلٌّ ميسّر لما
خُلق , بمعنى أن فيه رسالة حياة عليه أن يؤديها بالعطاء المتفق وما يختزنه
من الإرادات التي تريد التبرعم والنماء.
وكل موجود يفنى , لأنه متكوّن من عناصر لها طاقاتها
وأعمارها التفاعلية , التي تفقد قدرتها على التواصل والتآصر عند بلوغها ,
مما يدفع بعودة ما أنتجته من مركبات وكينونات حيوية وجمادية إلى أبجديات
عناصرها الأولية , لتُعاد المسيرة بتفاعلات وقدرات تكوينة متجددة.
الرجوع للفهرس
هل أن النفس البشرية أصولية الميول؟!!
الأصولية تبدو وكأنها حاجة نفسية فاعلة في الأعماق البشرية
, ولهذا ينجذب إليها خلق كثير , ويعبرون عن أسسها ومنطلقاتها بإندفاعية
مروعة.
فلا يمكن تفسير السلوك الأصولي على أنه بسبب الخطاب الأصولي
وحسب , فليس كل خطاب له مريدوه وأتباعه , إن لم تكن هناك إستعدادات كامنة
في النفس تؤهل المتلقي للإنتماء والتعبير بكل ما فيه عما يراه ويسمعه.
فالإنتماء الأصولي نفسي عاطفي إنفعالي إندفاعي آني وشديد
التمكن والإمتلاك , مما يعني أن الأصولي سيكون صلبا ومندفعا نحو هدفه
كالإطلاقة , فلا يرى ولا يسمع ولا يلتفت إلى أية جهة , وإنما يكون متوجها
بقوة نحو الهدف أيا كان , ما دام يترجم أصوليته وتمسكه بما وعاه وتأجج في
وعيه النفسي.
الرجوع للفهرس
السلوك الأصولي!!
الأصولية واحدة محليا وإقليميا وكوكبيا , ولا فرق بينها في
جميع الديانات والمعتقدات , وتمتاز بالتزمت والإيمان بإمتلاك الحقيقة
المطلقة , والتمسك بالحرفية النصية , وسهولة تكفير الآخر الذي لا يتفق
معها.
فهناك أصوليات في الإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية
والهندوسية , وكافة الديانات الأخرى التي ينتمي إليها البشر.
وكل منها يعتبر نفسه صاحب الحقيقة المطلقة وغيره لا , ودينه
الدين الأصلح والأصدق وغيره لا , فالأديان كافة كل منها لا يعترف إلا بنفسه
وينكر وجود الدين الآخر , ومن الصعب أن تجد من يرى أن الدين الآخر يمكن
تسميته بدين , وإنما إنحراف وخروج عن أسس وضوابط ما يؤمن به ويعتقده.
فالأصوليون يكفرون بعضهم البعص , بمعنى نكران وجودهم وعدم
الأخذ برأيهم والنظر في دينهم.
وكل أصولي يخترع تعميما وحكما مسبقا على الدين الآخر الذي
هو أيضا يخترع رأيا مسبقا ضده.
فالمجتمع البشري في حقيقته عبارة عن كينونات أصولية منتشرة
في أرجائه , وكل منها يكفر الآخر , ويسعى للإنقضاض عليه.
الرجوع للفهرس
التجفيف الذاتي !!
الذات البشرية يمكن تجفيفها وتحويلها إلى عصف مأكول , أو
إلى حطب منخور , يسهل كسره وسحقه وإحراقه في سعيرات الوجوم والهموم.
والحياة إرادة , ومَن يريد عليه إستحضار طاقات إرادته ورسم
معالم الطريق الذي يوصله إلى غاياته , وفي كل مخلوق صوت رسالة , ونداء
كينونة تريدها لوحة الحياة , وتنتظرها مسيرتها التي عليه أن يضخ ما يحويه
فيها , لكي تتطور ويكون ويتواصل في تفاعله الخلاق.
فالمخلوقات كافة وبلا إستثناء تأتي محملة برسائلها التي
عليها أن تترجمها وترحل , ولا يوجد مخلوق بلا رسالة تعبيرية عن طاقة كامنة
فيه أسهمت في تكونه وولادته وسعيه فوق التراب.
الرجوع للفهرس
التبعية وليدة الخوف من المسؤولية!!
المخلوقات تميل للتبعية لكي تتخلى عن المسؤولية , والبشر
فيه رغبة كامنة للتبعية لأن الخوف من المسؤولية يهيمن عليه خصوصا عندما
يتعلق الأمر بالغيبية , ولهذا تجده ينصاع لمن يراه يمثل الدين الذي يعتقده
أو ينتمي إليه , فيعطل عقله ويمضي خلف الذي يمثل الدين.
وهذا السلوك أزلي الإمتداد ومتواصل بين البشر ولن ينتهي ,
فحالما يواجه البشر تساؤلات حول الحياة والموت , يميل إلى أن يكون تابعا
لشخص ما أو قوة معينة يرمي عليه أو عليها المسؤولية , ويحرر نفسه من
النتائج المترتبة على سلوكه وما يقوم به.
ويعرف هذه الحالة المتاجرون بالدين فيوظفونها بمهارات
متراكمة ويستثمرون فيها أعظم الإستثمار , فيتحول البشر في عرفهم إلى بضاعة
تدر أرباحا خيالية , لأنه قد وهبهم مصيره وأذعن لإرادتهم ونفذ تعاليمهم
ومضى في الطريق الذي يرسمون.
الرجوع للفهرس
معضلة المفكر العربي!!
المفكرون العرب وبلا إستثناء يقضون على أنفسهم بالإنحشار في
الدين والتأريخ , وهذا سلوك متكرر منذ أن دعى الخليفة المأمون إلى ترجمة
الكتب اليونانية وربما قبل ذلك وحتى اليوم.
فمنذ ذلك التأريخ والمفكرون العرب منشغلون بالفلسفة
اليونانية , وإستنزفوا طاقاتهم وجهودهم في متاهاتها ودروبها ورموزها , التي
أدت إلى ما أدت إليه من الإستحالات التصورية والإدراكية والتأويلية ,
فأوجعت المسيرة العربية ودفعت بها إلى التشظي والإضطراب والتصارعات
المروعة.
وقد تساقط العديد من جهابذة الفكر بسبب إقتراباتهم من النص
الديني بمنظار فلسفي وتأويلي , والبحث في الباطن النصي وعدم القبول بظاهره
وحسب.
الرجوع للفهرس
إنبثاق الأمة بإرادة قطز!!
سقوط بغداد على يد المغول بقيادة هولاكو لا تزال لغزا محيرا
, لأن الدولة العباسية كانت قوية عدة وعددا , ولم تكن ضعيفة ماديا وعسكريا
كما يُشاع ويُدّعى , فهي دولة ذات خبرات طويلة متوارثة متراكمة وقادة أشداء
محنكين وذوي قدرات عسكرية فذة , ولم تكن الدولة سهلة على المعتدين , ولا
بغداد بيسيرة السقوط والدخول والإحتراق.
لكن المشكلة أن الخليفة العباسي لم يكن صاحب إرادة بحجم
الدولة والمسؤولية الملقاة على عاتقه , فتخاذل وتهاون وتكاسل , وما إحتاط
ولا عزم ولا تحدى ولا إستبسل , وإنما توهم الصلح والسلام وتجنيب البلاد
والعباد الحرب , وكان قد إرتكب خطيئة مروعة وإتخذ قرارا إنتحاريا , فحصل
الذي حصل , رغم كل ما يُقال ويأتي به المبررون والمحللون والمعللون.
الرجوع للفهرس
الدين والتأريخ براء مما تدّعون!!
القول بأن تأخر المجتمعات العربية سببه الدين والتأريخ فيه
إجحاف وتضليل وخداع وتمرير لأجندات خفية وكبيرة.
فالواقع العربي ومنذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم يدور في
دائرة مفرغة عنوانها الدين والتأريخ , وقد كتب المفكرون العرب مئات الكتب
وآلاف المقالات حول هذا الموضوع ولم يقدموا شيئا ولم يساهموا في حل المشكلة
, وذلك لعدم وجود مشكلة!!
مشكلة الدين والتأريخ متصورة ومن بنات أضغاث الأحلام
والأوهام والهذيانات والإنحرافات الفكرية , فالدين والتأريخ موجودان في
كافة المجتمعات , ولهما ما لهما وما عليهما من تفاعلات وتداعيات , والعرب
ليسوا الأمة الوحيدة التي لديها دين وتأريخ , ومشاكل هذين الموضوعين معروفة
منذ الأزل , ولا تختلف المجتمعات بسلوكها تجاههما , فهما متواصلان مع
المجتمعات البشرية إلى الأبد.
الرجوع للفهرس
الإعلام النفسي!!
التوعية النفسية بحاجة لإعلام نفسي ناشط ومتفاعل مع الناس لكي يتحقق هدف
إنتشار الثقافة النفسية لضرورتها الحضارية المعاصرة , وهذا يستدعي إستنفار
الطاقات النفسية بممثليها الإختصاصيين للمشاركة الجريئة في وسائل الإعلام
المسموعة والمقروءة والمرئية.
ولا
بد من إستحداث برامج تلفازية إسبوعية , وإلقاء المحاضرات في المدارس
والمعاهد والكليات , والكتابة بأعمدة نفسية في الصحف والمجلات وعبر وسائل
التواصل الإجتماعي المتنوعة , وإقامة المهرجانات والمؤتمرات النفسية
الشعبية التي تحقق إستنهاضا للوعي وتفتحا للأذهان.
الرجوع للفهرس
دروس من ثورة تونس الخضراء!!
الثورة التونسية عفوية ذات طاقات جماهيرية تحررت من ضغط
الإستبداد وتعاظمت قدراتها بعد أن إنتصرت حركتها في إزاحة السدود , وهذا
حدث عربي غير مسبوق , قد يتعرض لتحديات كبيرة وغير متوقعة , ولربما هناك
مَن يسعى إلى إفتراسه ومعاقبة الشعب, لكي يعرف العرب بأنهم لا يمكنهم أن
يعبّروا عن إرادتهم , وأن هذه الإرادة مرهونة ومقيدة بالمصالح ولا يمكنها
أن تفعل ما تريد.
ولهذا فأن الباب سيبقى مفتوحا على جميع التوقعات , لكننا
يجب أن ننظر ونقرأ ونفعل بعين العصر وعقيدة الأمل والتفاؤل والسعي الحقيقي
نحو الأفضل.
الرجوع للفهرس
إبن رشد عدونا!!
سألني زميلي وهو من المهتمين بتأريخ العلوم والفكر قائلا:
هل تعرف إبن رشد؟!!
قلت: وكيف لا أعرفه وقد كنت أعمل في مستشفى تحمل إسمه , وما
علمتني شيئا عنه , لكني إطلعت على حياته وإنجازاته!!
قال: أ تعلم أن مؤلفاته مترجمة لللاتينية والعبرية , وهناك
إتجاهات فكرية فلسفية تنسب إليه في الحالتين؟
قلت: أعلم أن كتبه قد ترجمت لهاتين اللغتين في بداية القرن
الثالث عشر في ألمانيا وانتشرت في فرنسا وإيطاليا.