مشكل العنف المدرسي في المغرب-المجلة
الإلكترونية لشبكة العلوم النفسية - العدد 27-28 – صيف و خريف
2010
بالتأكيد أن العنف المدرسي يشكل ظاهرة كونية كانت وما
تزال تحظى باهتمام الباحثين والمربين والآباء وأصحاب القرار. فمثلما هو
عليه الأمر في أغلب الدول والأنظمة التربوية العالمية، فإن هذه الظاهرة
لا تمثل شيئا جديدا في المغرب، حيث جميعنا تقريبا لاحظنا وعايشنا خلال
فترات من مسارنا الدراسي ومشوارنا المهني أحداث شغب وحالات عنف. لهذا
فالجديد هو أن هذه الظاهرة اكتسبت عندنا بعض الشهرة خلال العقدين
الأخيرين وذلك لاعتبارات عديدة أهمها:
* إقرار بعض الجهات مثل الوزارة الوصية ووسائل الإعلام
والهيئات الحزبية بتفاقم ظاهرة العنف في كثير من مؤسساتنا التعليمية مع
تطورها في الزمان وانتشارها في المكان.
* إصرار بعض وسائل الإعلام والهيئات السياسية على تضخيم
وتهويل بعض أحداث العنف المحدودة والمعزولة، الأمر الذي أصبح يثير
مخاوف وقلق الجميع.
* اتساع وتطور قاعدة التمدرس وبالخصوص تلك التي تنفتح
على التعليم الإعدادي والثانوي وكل ما تتخبط فيه مؤسسات هذا التعليم من
ظروف ومشاكل صعبة تفضي في غالب الأحيان إلى كثير من مظاهر الفشل والشغب
والعنف.
* اعتماد نوع من الخطاب السطحي حول العنف المدرسي والذي
عادة ما تغذيه العناصر السياقية المرتبطة بالمشاكل الاجتماعية
والصعوبات التربوية للأحياء الهامشية. فالعنف بمنظور هذا الخطاب الذي
تروج له كثير من وسائل الإعلام والهيئات السياسية في المغرب يمثل
الوليد الشرعي لمشاكل وصعوبات هذه الأحياء.
* ترجيح كفة منطق التهويل على كفة منطق الاحتكام إلى البحث العلمي
بخصوص ظاهرة العنف المدرسي عندنا. فكثيرا ما تستعمل بعض الوقائع
والأحداث المعزولة كقرائن لإطلاق أحكام قاسية في حق مؤسساتنا التعليمية
مثل النعت بالفشل والرعب والعنف والضياع.
والحقيقة أن المسألة ليست بالخطورة التي تحاول أن
تسوقها بها بعض الجهات الإعلامية والحزبية لأن مثل تلك الوقائع
والأحداث العنيفة المحدودة كانت موجودة في مدارسنا وستستمر بدرجة
معينة. لهذا فالتعامل الجيد مع ظاهرة العنف المدرسي لا يكمن في منطق
التهويل لأحداث معزولة ولا في منطق الإقرار بأحكام ذاتية انطباعية بناء
على استمارات سطحية واستطلاعات عشوائية لآراء بعض المدرسين والتلاميذ،
بل يتحدد أساسا في الاحتكام بواقع هذه الظاهرة ومآلها إلى منطق البحث
العلمي الحقيقي الذي يقربنا من وصفها وتفسيرها والتدخل لعلاجها.
فببساطة تامة إن الأمر يتحدد في الرصد الميداني للاعتداءات الصغيرة
كالاستهزاء والشتم والخصام والسرقة والضرب التي يجب أخذها بجدية حينما
تتكرر وتستمر تجاه بعض التلاميذ والأساتذة نظرا لانتمائهم الاجتماعي أو
لونهم أو لغتهم أو لباسهم...(
Peignard،
1998). ففي هذا الإطار يمكن لمشاعر الإحباط والدونية ولأحاسيس فقد
الثقة والأمن أن تتكون لتعبر عن نفسها كردود أفعال عنيفة مثل الانتحار
والقتل.
إذن، حيث إن غايتنا في هذه الدراسة تتحدد في مقاربة
إشكالية العنف المدرسي في المغرب، فإن اهتمامنا سينصب بالأساس على نوع
من الاستنطاق الدقيق لطبيعة هذه الظاهرة ومقوماتها ومظاهرها المختلفة
وذلك من خلال التفصيل في النقاط الخمس التالية:
- مفهوم العنف ومدلوله
- حجم العنف وأبعاده
- أسباب العنف وانعكاساته
- نماذج تفسير العنف
- الوقاية والعلاج
الرجوع للفهرس
مقومات سيكولوجية الطفل-المجلة
الإلكترونية لشبكة العلوم النفسية - العدد 27-28 – صيف و خريف
2010
نقصد بهذه المقومات مجمل الخصائص والسمات التي أصبحت تنفرد بها
سيكولوجية الطفل ذات التوجه المعرفي والتي ندعو في هذا الدليل إلى
اعتمادها كإطار مرجعي أساسي لبيداغوجيا التعليم الأولي المأمولة عندنا
في المغرب. وهي بالأساس ست خصائص:
1.
الفردانيـــــــــــــة والفــــــــــــرادة
لقد أضحت سيكولوجية الطفل سيكولوجيا قائمة الذات يستحيل اختزالها في نموذج
الراشد أو الحيوان أو في بعد واحد (فطري، نفسي، اجتماعي، معرفي...).
فقد وَلَّى عهد الاختزال منذ أن اتضح بالملموس أن الطفولة مرحلة نمائية
تمتد من الميلاد إلى سن الرابعة عشرة، بحيث يختلف مداها الزمني ومكان
ممارسة أنشطتها المتنوعة عن كل من الراشد والحيوان. وهي بهذا المعنى
تشكل ظاهرة سيكولوجية فريدة ومتميزة، يحكمها سياق زمني محدد وإطار
موضعي معين. فهي ذات سيكولوجية مفردة ومرنة، تتعلم وتفكر وتواجه
المشاكل وتحلها منذ سن مبكر في إطار سياقات محددة تؤطرها علاقات
التفاعل المختلفة. إنها ليست لا بالذات السيكولوجية الراشدة ولا بالذات
الإبستيمية الكونية، بل هي بالتحديد ذَاتٌ لها من الاستعدادات والطاقات
والكفاءات والاستراتيجيات ما يؤهلها لأن تشكل ظاهرة سيكولوجية قائمة
الذات، تتميز بالفردانية والفرادة وتستحق كامل العناية على مستوى البحث
والتقصي وكل الرعاية على مستوى التنشئة والتربية والتعليم.
الرجوع للفهرس
خصائص سيكولوجية الإكتساب-
المجلة الإلكترونية لشبكة العلوم النفسية - العدد 27-28 – صيف و
خريف 2010
على عكس السيكولوجيات السابقة التي كانت تختزل الاكتساب إما في التعلم
كسيرورة خارجيةexogène Processus ترتبط بمحيط الفرد وظروفه الاجتماعية
(السلوكية بصفة خاصة)، وإما في النمو كسيرورة داخليةendogène processus
ترتبط بذات الفرد وإمكانياته البيوسيكولوجية (بياجي وتشومسكي ثم
فيجوتسكي إلى حد ما)، فإن السيكولوجيا المعاصرة ذات التوجه المعرفي ترى
في النمو والتعلم السيرورتين اللتين تتكاملان وتتوحدان في إطار ما يسمى
بسيكولوجيا الاكتساب. وإذا كان يقصد بسيرورة الاكتساب أشكال التغيرات
وصيغ التحولات التي يخضع لها النشاط الذهني للمتعلم عبر عمليتي النمو
والتعلم، وبنتيجة الاكتساب حصيلة المعارف الناجمة عن سيرورة الاكتساب
في حد ذاتها، فإن إحدى الكيفيات الأساسية لتوضيح طبيعة هذه السيرورة
تتلخص في التركيز على الخصائص الثلاث التالية (أحرشاو؛ الزاهير، 2000:
20-23):
الرجوع للفهرس
المجتمع
المدني العربي ورهنات التنمية المستدامة-
المجلة الإلكترونية لشبكة العلوم النفسية - العدد 27-28 – صيف و
خريف 2010
تمهيد:
الراجح أن بناء المواطن المدني المتحضر، المتشبث بالثوابت الوطنية
والقيم الحضارية المنفتحة، المعتز بهويته وانتمائه، المدرك لحقوقه
وواجباته، أضحى يمثل أحد الرهانات التنموية المطروحة بقوة وإلحاح على
معظم المجتمعات المعاصرة. فبعد أن كان تحقيق هذا الرهان متوقفا بالأساس
على مؤسسات الأسرة والمدرسة والإعلام والقطاعات الحكومية الوصية، أصبح
اليوم يعتمد على جمعيات المجتمع المدني، بحيث صار دور هذه الأخيرة
حاسما وأساسيا في تنمية السلوك المدني وترسيخ أساليب ممارسته كثقافة
يومية تحكمها قيم الديمقراطية الحقيقية والمواطنة الفعلية.
إذن إذا كان دور المجتمع المدني في تحقيق بعض مظاهر التنمية المستدامة،
أضحى من الأمور البديهية لدى أغلب المجتمعات المتقدمة ذات التقاليد
الديمقراطية العريقة والإمكانيات المادية الهائلة، فالأكيد أن هذا
الدور يمثل بالنسبة لنا نحن العرب مطلبا استعجاليا وضروريا وذلك
لاعتبارات عديدة أهمها:
* تجذّر ثقافة العمل الجماعي التطوعي القائم على التكافل والتضامن
والتشارك في تاريخنا العربي المشترك. فرغم اتجاهه نحو الاندثار في
المدن العربية، إلا أن هذا الإرث الثقافي ما يزال يحظى بالممارسة
المنتظمة في الأرياف والقرى وفي بعض المناسبات والمواسم (الحرث
والحصاد، الأفراح والأعراس، الحج...)، ( المبادرة الوطنية للتنمية
البشرية، 2007)، وفي ملتقيات شيوخ وأعيان القبائل والعشائر، وفي دروس
وخطب فقهاء الدين وأئمة المساجد ثم في ممارسات وخدمات نقابات الأشراف
والطرق الصوفية ومساهمات التنظيمات المهنية والحرفية والتجارية.
* التحديات العالمية الكبرى التي أصبحت تفرض نفسها على الساحة العربية،
وفي مقدمتها ثقافة العولمة بمتغيراتها وتداعياتها السلبية والإيجابية،
برهاناتها وإكراهاتها الحاضرة والمستقبلية، ومجتمع الإعلام والمعرفة
بمقوماته التكنلوجية ومستلزماته التنموية، ثم ثقافة التطرف والإرهاب
بمعتقداتها الأصولية وسلوكياتها التدميرية.
الرجوع للفهرس
التقويم السيكولوجي للكفاءات-
المجلة الإلكترونية لشبكة العلوم النفسية - العدد 29-30 شتاء
&
ربيع 2011
لا جدال في أن موضوع تقويم الكفاءات وتدبيرها أصبح يحظى بموقع متميز
ضمن انشغالات المجتمعات المعاصرة وسياقاتها السوسيواقتصادية والثقافية
المطبوعة بقوة المعرفة وكثافة الابتكار وسرعة التطور وحدة المنافسة.
فهذا واقع يعبر عنه بوضوح الاهتمام المطرد الذي يوليه لهذا الموضوع
أغلب الفاعلين والمهتمين بالموارد البشرية. وهو اهتمام يتميز بتركيز
واضح على قدرات تعلم الأشخاص في سياق تتطور فيه المعارف المدرسية
وتتغير فيه الأدوار المهنية بسرعة كبيرة.
ورغم صعوبة الإقرار حتى الآن بتعريف شامل وموحد للكفاءة Compétence
والتقويم Evaluation كمفهومين مركزيين في هذه الدراسة، نظرا لما
يكتنفهما من لبس وغموض على المستوى النظري ومن تعقد وتعدد على المستوى
التطبيقي ومن تباين وتنوع على مستوى المحددات والغايات، رغم كل ذلك
يمكن إفرادهما بتعريفين تقريبيين على النحو التالي:
فبخصوص الكفاءة، يمكن إجمالها في مجموع القدرات والمعارف والمهارات
التي تشكل البنية الأساسية للسيرورات المعرفية. فهي تمثل مستوى الوعي
ودرجة المهارة التي بواسطتها يستطيع الفرد إيجاد الحلول المناسبة لأغلب
المشاكل التي يواجهها في مختلف المواقف والسياقات. إنها عبارة عن نظام
مندمج من القدرات والمعارف والمهارات التي تسمح بالأداء الجيد والفعل
الناجح في مواجهة المشاكل والصعوبات وفي التكيف مع مختلف المواقف
والوضعيات مهما كانت طبيعة السياق.
الرجوع للفهرس
نحو سيكولوجيا للإنسان
الثائر الحر -
المجلة الإلكترونية لشبكة العلوم النفسية - العدد 29-30 شتاء
&
ربيع 2011
لا
مناص من التقدم للدكتور سمير رضوان بالشكر الجزيل على وجهة نظره بخصوص
المساهمة المقتضبة التي سبق وأن أفردتها للأحداث المكثفة والتطورات
السريعة التي تعرفها بعض الأقطار العربية الشقيقة. وعملا بأخلاقيات
التواصل البناء وبمقومات النقاش الهادف، أرى ضرورة التعليق على بعض
دوائر الغموض ومعالم الاستشكال التي جاءت غريبة الذوق وعسيرة الهضم
وكبيرة المجازفة فيما تفضل به زميلنا، وذلك من خلال التنبيه إلى أن
الفكرة التي ذهبت إلى الدفاع عنها في تلك المساهمة هي أن "بعض الحكام
الطغاة الذين عمل بعض الزملاء على وصفهم بالمجانين والمرضى النفسيين،
هم في الواقع أشخاص أسوياء عاديين لم يثبت طوال عقود وسنوات حكمهم أن
وسمهم أي طبيب نفسي ولا أي كان بالحمق والجنون والمرض. وعليه فلا يجب
أن نساعدهم على الإفلات من القصاص والعقاب باسم الجنون والمرض النفسي.
ومن هنا جاء تحذيري الكبير من استعمال السيكولوجيا بفروعها المتنوعة
كمخرج لهذا الإفلات...".
الرجوع للفهرس
التربية والثقافة أية
علاقة وأية وظيفة -المجلة
الإلكترونية لشبكة العلوم النفسية - العدد 31 – صيف 2011
لا جدال في أن
وظيفة المؤسسة التعليمية في نقل الثقافة وحفظها كانت وما تزال تمثل
إحدى الإشكاليات التربوية الخصبة والحرجة في نفس الوقت لكونها ترتبط من
جهة بعمق محتوى العملية البيداغوجية، ومن جهة أخرى بجوهر هوية المدرسين
والمتمدرسين. فإذا كان نجاح أي فعل بيداغوجي في نقل الثقافة وحفظها
يتوقف بالأساس على مستوى رضا المدرسين على ما يدرسونه، وعلى اعتراف
المتمدرسين بقيمة ما يُدَرَّسُ لهم، فإن التشكيك في القيمة الثقافية
لمضامين هذا الفعل عادة ما يمثل المبرر الواقعي لردود الفعل الغاضبة
سواء لدى المدرسين أو لدى المتمدرسين.
والحقيقة أن
مصوغات هذا التشكيك غالبا ما تتكاثر وتتضاعف في سياق الاضطرابات
والمظاهرات التي تخيم من حين لآخر على أنظمة التعليم ومؤسساته الثقافية
لتشكل النواة الصلبة لما ينعت بأزمة التربية. وهي الأزمة التي تكون
بدورها الفرصة المواتية لإجراء الإصلاحات المتتالية وإدخال التعديلات
المتوالية على برامج ومضامين هذه الأنظمة إلى حد يصعب معه التكهن
بالشيء الذي يستحق فعلا أن يُدَرَّس باسم نقل الثقافة وصيانتها.
فبالاحتكام إلى مختلف التجارب الإصلاحية التي عرفتها المنظومة
التعليمية خلال العقود الأربعة الأخيرة، يلاحظ أن هواجس الأداتية
L’instrumentalisme والإجرائية L’opérationnisme وخطابات التكيف
والنَّفْعية الآنية هي السائدة في كل مكان، في حين أن مسألة الأبعاد
والرهانات الثقافية لهذه المنظومة تبدو إما محاصرة وإما مهملة تماما.
وهكذا ففي الوقت الذي تشكل فيه الثقافة المسألة التي لا يمكن للفعل
البيداغوجي أن يتخلى عنها لأنها هي التي تكون المبرر الفعلي لوجوده
وممارسته على أرض الواقع، فإن هذا الفعل يجد نفسه أمام حالة من
التناقض، قوامها استحالة تجرُّده من مسألة الثقافة وفي الآن نفسه
اكتفاؤه وإبقاؤه على جانبها الأداتي- الإجرائي بخصوص التدريس. وعلى هذا
الأساس تتوالد الأسئلة وتتناسل الاستفهامات حول المدلول الثقافي
الحقيقي لهذا الفعل في ظل التحديات البيداغوجية والإكراهات الثقافية
التي أضحت تواجهها منظومة التربية والتكوين عامة (أحرشاو، 2003).
يتلخص الهدف
المركزي لهذه المقالة في مقاربة إشكالية علاقة التربية بالثقافة
ومظاهرها الدلالية والوظيفية من خلال التركيز على الفاعل التربوي
(المدرس) كوسيط بيداغوجي لنقل الثقافة/الثقافات للمتمدرسين. فالسؤال
الجوهري الذي يغذي هذا المقال يتحدد في بيان كيف يجب الحديث اليوم عن
منظومة تعليمية تشكل في آن واحد تجربة إنسانية وخطابا بيداغوجيا ثم
ممارسة ثقافية؟ وهو السؤال الذي سنعمل على تقديم عناصر الإجابة الممكنة
عن مضامينه من خلال التفصيل في النقطتين التاليتين:
الرجوع للفهرس