-
نحو تكامل
العلوم الاجتماعية والعلوم الشرعية
إذا ذكر علم النفس حاليا -باعتباره من العلوم
الاجتماعية الحديثة- فأول ما يتبادر إلى الذهن عند كثير من المثقفين
المسلمين وخاصة من غير المتخصصين في علم النفس هو "فرويد" ثم تتداعى
المعاني بأن "فرويد" هذا يهودي وأنه ملحد بالله وأنه كتب كتبا ضد
الدين. أما إذا ذكر علم الاجتماع فأول ما يتبادر إلى الذهن اسم دوركايم
وماركس، وأنهما يهوديان وأنهما ملحدان وأنهما ضد الدين، وغير ذلك من
التداعيات…
إن هذه العلاقة بين بعض فروع العلوم الاجتماعية والدين
المرتسمة بصفة شعورية وأحيانا بصفة لاشعورية في أعماق وأذهان بعض
المثقفين والمفكرين المسلمين هي الخلفية التي تجعل بعض هؤلاء المثقفين
والمفكرين وبعض علماء الدين المسلمين يتخذون موقفا سلبيا وقد يكون
عدائيا نحو العلوم الاجتماعية وخاصة نحو علم النفس وعلم الاجتماع. وهذا
الموقف السلبي ليس إلا رد فعل عاطفي غالبا ما يتسم بالتعميم والتبسيط.
وفي الواقع، فإن عدداً لا بأس به من النفسانيين
والاجتماعيين ملحدون فعلا وقد اتخذوا من الدين هدفا لنقدهم وسخريتهم،
بل ورفضهم لكل ماله صلة بالدين سواء كانت مؤسسات أم معارف ثم إن بعضهم
عمم موقفه السلبي هذا نحو الدين سواء من حيث أصله أم من حيث وظيفته
ودوره في المجتمع.
ولكن هذا الواقع الذي فرضته هيمنة العلمانية في الغرب
وغيره في مختلف مجالات الحياة وخاصة في مجال المعرفة، لا ينبغي أن
يرغمنا لنعمِّم حكمنا بالإلحاد ورفض الدين ومحاربته على النفسانيين
والاجتماعيين جميعا وعلى كل العلوم الاجتماعية، بل إن هذا الواقع ـ في
رأيي ـ لا ينبغي أن يدفعنا لكيلا نميز بين العلوم الاجتماعية كعلوم ذات
مواضيع ومناهج من جهة، والعلماء الاجتماعيين كأشخاص لهم ميولهم
ومعتقداتهم وأيديولوجياتهم بل ولهم رغباتهم ونزواتهم من جهة أخرى.
وعليه، فإن هدف هذه الدراسة هو طرح قضية العلاقة بين
العلوم الاجتماعية والعلوم الشرعية باعتبارها ذات صلة بالدين كموضوع
للنقاش في إطار الفكر الإسلامي في إطار مراعاة التغيرات الفكرية التي
حدثت في الغرب وفي العالم الإسلامي نفسه عبر التاريخ وخاصة فيما يتعلق
بتطور العلوم ومحاولات انفصالها عن الفلسفة والدين إلى جانب التغيرات
الفكرية التي حدثت منذ القرن التاسع عشر وتبلورت في القرن العشرين
بخصوص المكانة التي تتمتع بها العلوم الاجتماعية ودورها في المجتمع
وخاصة في الغرب.
ولدراسة هذه العلاقة فقد ارتأيت أن أطرح السؤال الآتي:
ـ ما هي العلاقة بين العلوم الاجتماعية والعلوم
الشرعية؟ وهل يمكن أن تتكامل هذه العلوم في إطار الفكر الإسلامي؟
الرجوع للفهرس
-
عوائق الإبداع لدى طلبة الجامعات العربية: دراسة إقليمية
تعاني الجامعات العربية بصفة عامة مشكلات كثيرة
انعكس تأثيرها سلبا على نوعية التعليم ومخرجاته فيها. ورغم الإسهام
الإيجابي لهذه المؤسسات في عملية التنمية والتطوير في العالم العربي
إلا أن هذا الإسهام يبقى دون طموح المجتمعات العربية وتوقعاتها العالية
منها. ومن المعروف أن من أهم وظائف الجامعات هي التدريس والبحث العلمي
وخدمة المجتمع. ولكن معظم الجامعات العربية تركز أساسا على التدريس
لدرجة أنه أصبح يحتل مركز الصدارة فيها، ونتيجة لذلك وللأعداد الكبيرة
للطلبة التي تشكل نسبة مرتفعة جدا مقارنة بعدد الأساتذة في
الجامعات، فالأستاذ الجامعي يقضي معظم وقته في التدريس والإعداد له،
ولا يتوفر لديه الوقت الكافي للقراءة والبحث العلمي لإنتاج معرفة جديدة
ولتحفيز الإبداع عند الطلبة.
ويعد البحث العلمي في معظم الجامعات العربية أكاديميا
بحتا. ومن أهم دوافعه الحصول على الترقية، ويلي ذلك الكسب المادي
لتحسين الراتب الشهري الذي غالبا ما يكون منخفضا، ويأتي في الأخير
البحث العلمي التطبيقي الذي قد تطلبه مؤسسة أو هيئة حكومية أو خاصة
لإنجاز مشروع أو بحث ما. ولا نجد إلا نسبة ضئيلة جداً من الأساتذة
الذين لديهم الرغبة في الاستزادة من المعرفة العلمية بواسطة البحث
العلمي. ويظهر هذا الواقع الصلة الضعيفة جداً أو المفقودة بين البحث
العلمي في الجامعات ومتطلبات التنمية في المجالات المختلفة بالبلدان
العربية. وفي هذا إغفال تام للدور الذي يمكن أن تؤديه الجامعات
بمرافقها ومؤسساتها البحثية وعناصرها البشرية المؤهلة في دفع مسيرة
التقدم في الوطن العربي.
ومن الملاحظ أن البحث العلمي في الجامعات العربية منعزل
تماماً عن المؤسسات الإنتاجية الحكومية والأهلية (القطاع الخاص)، مما
أدى إلى حرمان الباحث الجامعي من الدعم المادي الذي كان من الممكن
أن تقدمه هذه المؤسسات؛ وبذلك فإن الباحث يعتمد على ما يخصص للبحث
العلمي في موازنات جامعته وهو ضئيل جداً خاصة إذا ما
قورن بما هو مخصص لنفس الغرض في جامعات الدول المتقدمة
أو حتى في بعض الدول النامية.
الرجوع للفهرس
-
لماذا التفكير
الإبداعي والتفكير النقدي معا؟
ملخص:يعتبر الاهتمام بتطوير أساليب التفكير المختلفة وتنمية الذكاء من
أولويات الأنظمة التربوية في المجتمعات ذات الرؤية المستقبلية. ولذا،
كان الاهتمام بالذكاء وقياسه وتطويره، وبأساليب التفكير المختلفة من
أهم مواضيع علم النفس والتربية خاصة في العصر الحديث.
ومن أهم البحوث الحديثة في هذا المجال الدراسات المتعلقة بعلم النفس
العصبي وخاصة تلك التي تدرس القدرات الفكرية العليا في الدماغ مثل
اتخاذ القرارات، التفكير النقدي والإبداع. ومن أمثلة هذه الدراسات تلك
التي أجريت حول التقسيم الرباعي للدماغ الذي طوره هيرمان (1986) بناء
على بحوث اسبيري الذي نال جائزة نوبل في وظائف الدماغ الأيمن والدماغ
الأيسر سنة 1981.
تستعرض هذه الدراسة المختصرة أهم مهارات التفكير النقدي والتفكير
الإبداعي، والعلاقة بين هذين النوعين من التفكير، وتؤكد أهمية الجمع
بين تطوير التفكير النقدي وتطوير التفكير الإبداعي، والعمل على تحقيق
تكاملهما في مراحل التعليم المختلفة وخاصة في مرحلة التعليم الجامعي
سواء كان ذلك في الأنشطة الصفية أم اللاصفية.
الرجوع للفهرس
-
الواسطة
والفساد في إدارة الأعمال: دراسة إقليمية
تعتبر "الواسطة" سلوكا اجتماعيا شائعا في البلدان
العربية كأسلوب من أساليب التأثير الاجتماعي، والحصول على النفوذ
واستعماله في مختلف المجالات. ونظرا لاستعمال "الواسطة" في أغلب
الأحيان بطرق فيها تجاوزات قانونية وأخلاقية فإن ذلك قد يؤدي إلى تصنيف
ممارسة بعض أنماط "الواسطة" على الأقل في خانة ممارسة "الفساد" الإداري
والمالي. فهل توجد علاقة بين "الواسطة" و تقبل "الفساد" المالي
والإداري من طرف الأفراد في إدارة الأموال والأعمال في البلدان
العربية؟ وما هي المتغيرات الشخصية والديمغرافية التي تؤثر في هذه
العلاقة؟
يعرف الفساد بأنه "استخدام السلطة المخولة مؤسسيا في
تحقيق منافع خاصة خارج
النطاق الذي رسمت له" (مجموعة باحثين، 2010). وقد أكدت
مجموعة من الباحثين العرب سنة 2010 أنه يمكن رصد وقياس الفساد نظريا من
خلال طريقتين:
1- الأقيسة الموضوعية وتقوم على المؤشرات التي تعكس ما
تم كشفه وليس ما حدث فعلا وميزتها أنها تقدم بيانات يمكن إخضاعها
للتحليل والخروج منها باستنتاجات؛ وذلك مثل إحصاءات عمل أجهزة الرقابة
ومؤشرات أجهزة النيابة/الادعاء، معدلات الإدانة القضائية واسترداد
مدفوعات الفساد والثروات غير المشروعة.
2- الأقيسة الإدراكية التي تحاول رصد الانطباعات عن
الفساد من خلال مقاييس للرأي العام مثل الأقيسة التي تصدرها المؤسسات
الدولية المهتمة بالموضوع، والمؤسسات الوطنية المعنية بالفساد
والشفافية.
الرجوع للفهرس