Arabpsynet

Points de Vue  /  Points of View

شبكة العلوم النفسية العربية

 

إرث الاستشـراق بـاق بعـد رحيـل إدوارد سعيـد

1935- 2003

د. جيمــي بشــاي

مدير مستشفى المحاربين القدماء – بنلسلفانيا - الولايات المتحدة

الثقافــــة النفسيــــة المتخصصـــة – لبنــــان ( الإصدار الإلكتروني )

 

    كان من حسن حظي أن تعرفت صيف 1935 وأنا في السادسة والعشرين من العمر على شاب وسيم يصغرني تسع سنوات اسمه إدوارد سعيد.

    واليوم 25-9-2003 رحل عنا هذا العملاق الأديب والفيلسوف الذي لم يكتف بالبرج العاجي كأستاذ ومتفرغ للنقد الأدبي بجامعة كولومبيا بنيويورك واختار أن يكون رائداً للفكر العربي في كتابين له هما : الاستشراق والثقافة والإمبريالية. حيث قلب التصورات الغربية عن الشرق رأسا على عقب. واستطاع بتفكيك خطاب الاستشراق زلزلة قواعد مؤسسة معرفية كاملة كانت لها سطوة السلطان.

    واستطاع سعيد على حد تعبير كمال الوريدي، الذي عرب الاستشراق، العصف بكل التصورات الأيديولوجية. التي ساهمت في ترسيخ هيمنة الغرب الرمزية والفعلية على الشرق وفهمها المغلوط له. واستطاع سعيد أن يحقق هذا في رحلة عمر لم تتعدى ال 17 عاماً. ولم يخطر على بالي وأنا أتحدث مع هذا الشاب على عتبات مدخل  كاتدرائية جميع القديسين، المجاورة للمتحف المصري، بأنه سيصبح أبدع وألمع باحث عربي مناضل من أجل العدالة والمساواة للشعب الفلسطيني. وعدم الانصياع أو الخنوع لمنطق القوة والهيمنة الذي تمارسه إسرائيل بالاتفاق مع سياسة الولايات المتحدة منذ فرض دولة إسرائيل عام 1948 على الأراضي الفلسطينية حتى الآن. والتقينا صيف 1953 في القاهرة لاعتزامنا الاشتراك في الكنيسة الأسقفية. وكان إدوارد يمضي العطلة الصيفية مع أسرته في القاهرة  قادما من جامعة برنستون. وكنت أنا قد عدت من بعثة فولبرايت بعد حصولي على ماجستير في علم النفس من جامعة بنسلفانيا. واذكر أنه قال لي في ذلك الوقت إنه كان مترددا ما بين دراسة الطب ودراسة الأدب المقارن. واستقر على دراسة النقد الأدبي تابع دراسته بعد ذلك في جامعة هارفارد حيث حصل على الدكتوراه بأطروحة نشرها فيما بعد عن الكاتب الإنجليزي من أصل بولندي جوزيف كونراد. وكان لقاؤنا الأول على عتبة الكاتدرائية المطلة على النيل ،التي حل مكانها حالياً فندق هيلتون النيل، من اللقاءات لا تنسى. وما يزال حوارنا هناك عالقا بذهني ولم يغب عن ذهن إدوارد سعيد، تواضعاً منه، بدليل نشره لهذا اللقاء في صفحتين في سيرة حياته بعنوان خارج المكان. ومع إني لست بقامته سواء كان ذلك من الناحية الثقافية أو الاجتماعية إلا أنه كان كريماً معي دائماً وعبر بأسلوبه الرائع عن الأسباب الوجودية التي حملتني على الاشتراك في الكنيسة. وتعجبت لدقة الوصف عند الاطلاع على كتابه كما أدهشتني مقدرته الفائقة أن يجهر بالحقيقة على آخر مداها. حين يتحدث عن الشرق مع الغرب أو عن والديه وأساتذته. وكان والد إدوارد سعيد من كبار رجال العمال. فقد كان صاحب الدار الوحيد للطباعة وتوزيع أدوات المكتبات STANDARD STATIONARY  التي أسسها في قلب القاهرة بشارع عدلي المجاور للمعبد اليهودي. ولم يكن انضمام إدوارد سعيد للكنيسة بدوافع فلسفية أو شخصية أو وجودية وبعد قرار الفيلسوف الفرنسي  جبريال مارسيل ،كما هو الحال بالنسبة لي، وإنما كان لمرضاة والدته مسز سعيد. التي كانت تحتل الصفوف الأمامية في الكنيسة وعرف عنها الورع والتقوى والتبرعات السخية  للكنيسة. وسار كل منا في طريقه بعد حفل التدشين للأعضاء الجدد. وعملت في الخمسينيات بعض الوقت مدرسا لعلم النفس بالجامعة الأميركية ثم هاجرت لأميركا بصفة مستديمة منذ عام 1960 كما ظل إدوارد سعيد في أميركا بعد انتهاء دراسته في هارفرد وتعيينه أستاذاً للأدب المقارن بجامعة كولومبيا ولم أشاهده بعد ذلك اللقاء الأول والأخير في القاهرة. إلا أنني راسلته عدة مرات بدافع السؤال والإعجاب بإنتاجه الأدبي الغزير الذي أضفى على الخمسين كتاباً. وإن كان اشهر كتاب له ما يزال هو الاستشراق  الصادر عام 1978 والذي أعيد طبعه عدة مرت بعد ذلك. وفي هذا الكتاب، الذي يعد حاليا أحسن مرجع لدراسة الاستشراق في كل جامعات العالم، يحاول إدوارد سعيد تفكيك البنىStitches  السياسية للإمبريالية الغربية والأميركية. التي تختزل الحضارات إلى تعميمات مطلقة وسرديات كبرى. بحيث ينحصر فكر الدراسة الأميركية والغربية لهذه الحضارات في نطاق محدد ودائرة مفرغة لا يحيد عنها. فالإسلام مثلا هو دين البداوة والفطرة. والمسيحية هي دين المحبة واليهودية هي دين العدل...ألخ. أما الشرق فهو مهد الروحانيات والغرب مهد الدينونات والتقدم التكنولوجي... ألخ.

    وهذه التعميمات الكبرى تحدد وتجمد الفكر أكثر مما تتيح له فرص التحرر من هذه الكليشهات. وبالتالي تصبح استغلالاً للفكر سواء أكان ذلك في الفكر الشرقي أو الفكر الغربي.

    والاستشراق يقابله الاستغراب كما يقول حسن حنفي وكلاهما يشكل عقبة في سبيل التفاهم العالمي. ويعترف إدوارد سعيد أنه تأثر بمنهج البنيوية الذي أرساه كل من ليفي شتراوس و ميشلي فوكوني فرنسان ونعوم شومسكي في الولايات المتحدة. حيث كل حدث اجتماعي أو سياسي ،في فلسفة البنيوية، بحاجة للتفكيك أو التحليل لإدراك العلاقات بين الدال والمدلول، وبين الجزء والكل، وبين اللغة والفكر. وتلعب اللغة دوراً هاماً في تحقيق التفاهم بين الناس وبين الحضارات. إلا أن لغة الاستشراق هي لغة استملاك  الخطاب الأخر، والكلام نيابة عنه، وهذه عملية إحالة الجزء إلى الكل، أو التعميم المطلق بحيث يفترض أن هناك سيد ومسود. وأن الأنا الغربية وحدها هي الكل في الكل. في حين أن المجتمعات النامية هي الآخر العاجز عن إيجاد فلسفته الخاصة. وهو سيظل تابعاً يدور في أفق الأنا الغربية. والجديد في الاستشراق عند إدوارد كان في متابعته لدراسات الاستشراق في القرنين الماضيين. التي كانت تقوم على قانون التشابه بين الأشياء والأجناس وترتيبها في مستويات نشوئه وارتقائه. بحيث تبدو بعضها أكثر ملائمة للحقيقة من غيرها، ولم يعترف المستشرقون السابقون بضرورة الفصل بين الذات المفكرة وموضوع الفكر وبأن الحادث الاجتماعي أو النفسي، كما قال جاك لاكان، إنما يدرك بحسب السياق الموجود فيه.

    وما أورده مستشرق لامع مثل رينان 1823-1892، عن الإسلام لا يمكن فهمه بدون مراجعة المناخ الاجتماعي للفكر الفرنسي في ذلك الوقت. كما لمنهج فقه اللغة plnlogy الذي استخدمه رينان في تفكيك المسيحية. والذي كان وليد المناخ الفكري في أوروبا وما تركه الفلاسفة أمثال لينز وهيجل وبرجسون عن المسيحية. بحيث بات هذا الفكر يلائم تفكيك المسيحية ولا يلائم تفكيك الإسلام. من هنا فإن كتاب رينان عن الإسلام يعبر عن فكر رينان أكثر مما يعبر عن مفهوم الإسلام الكلي. ودراسة الذات المفكرة منهح جديد مستمد من فقه اللغة والتعمق في فهم الزمان الوجودي والعلاقة بين مفهوم الشعور واللاشعور كما فسرها جاك لاكان 1901- 1981 . وذلك بحيث يتعين على المفكر أو الباحث دراسة لغة اللاشعوري وهو فكر أو بحث عن سلوك فرد سوى أو مجنون. والمفكر مثل رينان يتأثر هو  داخلاً بما هو متخيل. وهذه الذات المفكرة في حوار مستمر مع فقه اللغة التي تستخدم في التعبير. فلو أن رينان كتب أبحاثاً بالعربية لما جاءت على النحو الذي جاءت به بالفرنسية. فالذات المفكرة تخضع لشروط الزمان والمكان كما تخضع لفقه اللغة. وحصاد الفكر لا يشكل حقيقة ثابتة وإنما يعبر عن صيرورة وجدل مستمر بين مواضع مختلفة للذات المفكرة. وموضع رينان يختلف عن موضوع خليفته ماسينيون في دراسة الإسلام.

    وموضع الذات الداخلي في نشأة كل من رينان وماسينيون يختلف ما بين الناسخ والمنسوخ، و/أو ما بين ما هو في اللاشعوري وما ورد في الشعور. والذات التي تفسر نصاً مقدساً ليست هي نفس الذات التي تراقب وتحلل ظاهرة طبيعية كالجاذبية الأرض. لأن النص الديني يحمل لغة غامضة  MYSTERY  أو هي تتغير بتغير الزمان والمكان للذات المفكرة. في حين أن الجاذبية الأرضية تظل ثابتة كما هي منذ الأزل وحتى يوم القيامة. لكن استخدام كلمة القيامة ترد في إطار المفهوم المسيحي ويقابلها كلمة دينونة في المفهوم الإسلامي. ولهذا السبب يقول إدوارد سعيد أن قول كبلخ ينم عن ثبات فكرة الاستشراق في ذهن الأوروبي. فهو يرى أن " الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا حتى يوم الدينوية ". وهذا تعريب لي قد يجافي الأصل الإنجليزي الذي يحمل  معان مختلفة. إلا أن فكرة الثبات واردة بشكل قاطع في حين أن الأبحاث الحديثة ترى أن هناك حضارة إنسانية واحدة تبدو مختلفة باختلاف اللغة والزمان والمكان ولكنها ليست ثابتة كشرق وغرب، بحيث لن يلتقيان إلا في يوم الدينونة.

     والجدير بالذكر في الفكر الاستشراقي لأدوار سعيد هو استخدام منهج فقه اللغة وما يعرف باسم الآركيولوجية المعرفية ARCHEOLOGEE DU SAVOIR   التي مهد لها ميشيل فوكو في كتابه "الألفاظ والأشياء". حيث أماط اللثام عن الانفعال الكبير في الحضارة الغربية الذي يمثل ما يعرف حاليا برصيد الحداثة أو ما بعد الحداثة. و/أو هو زوال السرديات الكبرى، والنظريات التي كانت تقوم على فكر كانط الذي يوحد كل النظم الممكنة واللغوية والبيولوجية والاقتصادية  والسياسية ويضعها في إطار خارج الذات المفكرة. وكأن  حصاد المعرفة والاتجاه الذي يرمي إليه إدوارد سعيد في الاستشراق يختلف عن كل ما ورد في دراسات الاستشراق السابقة له. سواء أكانت غربية مثل دراسة رينان أو جوستاف لوبون "حضارة العرب" أو عربية مثل دراسة إسحاق موسى بن حنين أو كرد على " الإسلام والحضارة العربية". فدراسة إدوارد سعيد هي دراسة لاركيولوجية المعرفة في كتب المستشرقين خلال القرنين السالفين. بحيث يمكن تفسير الطابع المميز لكل هذه الدراسات عن طريق دراسة الذات المفكرة وما تخضع له من شروط وهي تفكر. وما يؤول إليه هذا الفكر متى تم استيعابه على مستوين: المستوى الأول هو مستوى المستعمر (الذي يحيل الأفكار إلى تطبيقات سياسية من شأنها التحكم في ثروة الشعوب المستعمرة) والمستوى الثاني على صعيد فكر النخبة المتعلمة من الشعوب المستعمرة  (التي تفرض على نفسها رقابة داخلية لا تسمح لها بتنظير أو تفسير يختلف عن تفسير المستشرقين الأوروبيين للفكر الإسلامي  أو العربي). وهذه الرقابة الداخلية ليست بحاجة لمدرسة إنجليزية تثبت هذه التفرقة بين الشرق والغرب لأنها موجودة في كل من مرافق الحياة بما في ذلك اللغة العربية التي باتت لغة شعرية كما وصفها المستشرقون وغير قادرة على استيعاب المصطلحات العملية الجديرة الواردة من الغرب. وبذلك تتحول الذات المفكرة في العالم العربي إلى ذات ناقلة تعتري كل محاولة للنهوض بالتراث العربي الإسلامي. وإذا شبت عن الطوق شابت دون أن تبرع أو تزدهر. لأن هذه الذات أصبحت مفصومة لا قبل لها بالنشأة الطبيعية التي أتيحت لأقرانها في الغرب. وهذا الكلام إنما يعبر عن خبرتي الناقصة.

    ويكاد يكون إدوارد سعيد الوحيد بين المفكرين العرب الذي ظل يعالج شعوره الكمين الدفين بأنه خارج المكان، وبلا وطن يأوي إليه، بل وبدون اعتراف العالم بأنه محروم من حق العودة إلى مدينته القدس. هذا الحق الذي يتمثل الجوهر الأساسي في حقوق الإنسان. هذا الحق الذي تغنى به شعراء مثل أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وأذكر هنا قول أحمد شوقي:

          ويا وطني لقيتك بعد يأس كائن لقيت  بك الشباب.

    لقد فرض الاستشراق هيمنته على الفكر ورسم لي مسيرة الحياة بحيث أصبح الاستشراق والاستغراب صنوان لا يفترقان. وكل محاولة لكتابة تاريخ قادة الفكر في العالم العربي لم تحقق هدفي المنشود. لأن القارئ العربي بدوره قد فرض رقابة داخلية على نفسه. فأصبح أكثر تقبلا لتفسير الكتب الإنجليزية أو الفرنسية من الكتب العربية لهؤلاء الرواد. والويل للرأي العربي الذي يخالف السياسة الأميركية الراهنة التي تحالفت مع الصهيونية الإسرائيلية بحيث استطاعت أن تطرد شعب فلسطين من أرضه وتحرمه من حق العودة، بتهمة الإرهاب!. كل هذا يحدث يوميا وتنشره الصحف في جميع أنحاء العالم ولا يتحرك القارئ سواء أكان في الشرق و الغرب، لأن الرقابة الداخلية لفكر الاستشراق أصبحت مسيطرة.

    انظر إلى اللعب بالألفاظ في الهيمنة على الفكر. حيث يستخدم التحالف  COALITION الأميركي الإسرائيلي أحدث الأسلحة لتدمير البيوت على رؤوس الآمنين. ويطلقون لفظ التحرير على هذه العمليات المشينة. وفي نفس الوقت يتهمون بالأجرام كل من ألقى حجارة على من اغتصب أرضه. وهنا تقول الأركيولوجيا التحليلية أن هذا نوع من الانفصام أو البارانويا أو هو مزيج بينهما. ولكن الباحثين الأنثروبولوجيين - الاجتماعيين في الجامعات الولايات المتحدة يقبعون في صمت رهيب أمام هذه الألفاظ والمصطلحات.

    إنهم مثلي يمارسون الرقابة الداخلية التي ترسخت في ذهني منذ نعومة أظافري. وأستطيع أن أقول هذا في مجلة " الثقافة النفسية المتخصصة" ولكني لا أستطيع أن أقوله في مجلة علمية أميركية. على الرغم من كوني مهاجر عتيق وعشت في أميركا أكثر مما عشت في الوطن العربي. لكني ما زلت استمتع بحق العودة الى مصر في حين أن إدوارد سعيد لم يسمح له بزيارة القدس إلا بعد عناد وتوسط من  صديقه الموسيقار الإسرائيلي SBARENBOIM سبيربناوم. الذي اشترك في حفل التأبين الأخير لإدوار سعيد. الذي جرى في كنيسة شهيرة مطلة على نهر الهدسون وتعرف باسم RIVEISIDE CHURCH وهي مجاورة لجامعة كولومبيا وكلية اللاهوت الملحقة بها وتعرف باسم UNION THEOLOGICALSEMINARY  . وهي التي درس بها الفيلسوف الوجودي بول تليخ P. TILLICH وعالم النفس الأميركي رولو ماي R. MAY  واحتفل نفر كبير من طلابه وأبنوه بالخطب و بالشموع المضيئة طوال الليل وحتى الصباح متوجهين إلى الكنيسة RIVERSID . حيث اشترك في تأبينه لفيف من رجال الفكر ورجال الدين وكان من بينهم كل من القس جيمس فروبس  FORBES والقس جيمس مفكر جيرالد J. FITESGERALD وصديق الأسرة اللبناني فؤاد بهنان، وصديق اسمه  DANIEL BARENBOIN الذي عزف موسيقى كلاسيكية من موتسارت وباخ وبراهمس من البيانو.

    وقدم ابن ادوار وديع سعيد كلمة الشكر بالنيابة عن الأسرة بينما قرأت ابنته نجلاء سعيد قصيدة للشاعر كافنفس بعنوان مقدم البرابرة NAITIG FOR THE BARABAIANS  . وبها أصداء من مسرحية بيكت متى يأتي جودو WAITING FOR GODOT .والقصيدة تفيض بالعبوس والمرارة. لأن أمل البشرية في العدل والمساواة والحرية تحطم  تحت ضغوط ومؤامرات سياسية مشتركة ما بين الاتحاد الأميركي والإسرائيلي. وعبرت عن معالم هذه المؤامرة بين الرئيسين بوش وشارون الكاتبة والروائية المصرية أهداف سويف في مقال لها بالأهرام ويكلي بعنوان : THE ISRAELISATION OF AMERICA . وأثار هذا المقال أيضاً ضجة كبرى. لقد استطاع إدوارد سعيد أن يكافح المرض اللوكيميا الذي كان يرزح تحته عبر أكثر من عشر سنوات ،وظل مكافحا شهماً شجاعاً وذكياً ومخلصاً لعلمه ولوطنه يتحدى الرقابة على الذات التي يمارسها أكثر المثقفون العرب وأنا واحد منهم.

    فالثقافة الغربية التي تلقاها المثقفون العرب في الجامعات الأوروبية أو الأميركية تضع نفسها في موقف منظر فوق العادة. بحيث تكون الأولوية في الفكر للأنا الغربية التي تحيل الواقع إلى مادة لا تفكر ولا تعي إلا ما تورده الأنا. ويرى إدوارد سعيد أنه لن يتم تحرير الفكر العربي إلا عن طريق تخطيط ثائر يفكك منطق القوة الإمبريالية وقناعاته. التي من شأنها إعاقة مسيرة التقدم في العالم العربي والإسلامي على وجه أخص ولكنه ينطبق على كل الدول النامية.

    صدر كتاب " الاستشراق " لادوار سعيد عام 1978 وترجم إلى أكثر من 36 لغة وأحدث زلزلة في الفكر سوف تضيء الطريق أمام الأجيال القادمة ومع أني أحمد الله أنه منحني عمراً أطول منه إلا أنني كنت أود لو عاش بعدي ليرى الآثار الحميدة التي أنجزها في تطوير الفكر العربي وداعا يا ادوار وفي رحمة الله.

 

Document Code VP.0035

Beshai.AboutSaid

ترميز المستند  VP.0035

 

Copyright ©2003  WebPsySoft ArabCompany، www.arabpsynet.com  (All Rights Reserved)