Arabpsynet

 مقــالات أصيلـة /   Original Articles

شبكة العلوم النفسية العربية

 

البحـوث النفسيـة و التعـاون العلمـي العربـي

محمــد أحمــد النابلســي

الثقافة النفسية العدد 33 جانفي 1998

 

قد لا يكون التوثيق قد احتفظ بمكانته ضمن الأولويات. ذلك أن تطور وسائل الاتصال وظهور الانترنيت قد يوفر علينا جهود التوثيق المضنية وان تأخرت استفادتنا منه لبضع سنوات. ولعله من المفيد إعطاء مثال محدد حول الموضوع وننتقي مثال قيام مركز الدراسات النفسية بإعداد الدليل النفسي العربي وفيه: 1 - عناوين الكتب و 2- عناوين الاختصاصيين و 3- الاختبارات النفسية المعربة والعربية و 4- المجلات النفسية العربية و 5- الجمعيات والمؤسسات النفسية العربية و 6- دور النشر العربية (ناشرة كتب نفسية).

لقد استغرق إعداد هذا الدليل زهاء سنتين من عمل الفريق المكلف بإعداده مع مراسلات مكثفة تخطت حدود الألف رسالة- لم يتلق الفريق الردود على 68% منها.

 وعمدنا إلى نشر أجزاء هذا الدليل تباعا في مجلة الثقافة النفسية ثم جرى جمع هذه الأجزاء في مجلد ليقع المجلد ضحية صعوبات التوزيع التي وأدت الجهود التي بذلت في إعداده! فهل لنا أن نطمح بانتشار الانترنيت خلال الأعوام القادمة ومع هذا الانتشار بإمكانية توثيق الأعمال العلمية العربية بما يوفر هذه المتاهات؟! في اعتقادنا أن هذا الأمر سيكون من طبيعة الأمور وهو سيدعم التواصل والتعاون بين باحثينا بما يشكل قفزة نوعية طال انتظارها.

لكن البحوث والدراسات الجامعية تبقى الأكثر حاجة إلى التوثيق. إذ تحتاجها سياسة التخطيط وسياسة البحث العلمي كما يحتاجها الباحثون والدارسون للاستنارة بنتائجها ولمطابقة هذه النتائج مع المعطيات والوقائع. ولكها خطوات تخرج بالبحث العلمي من أسر الأوراق وحافظتها إلى الفعالية الإجرائية وإلى خدمة المجتمع ودعم إمكانيات تنميته والاستجابة إلى حاجاته. فإذا ما فقدنا إمكانية التوثيق هذه نكون قد حكمنا بالشلل على طموحات البحث العلمي العربي.

في المقابل فان ميدان البحث، مثله مثل سائر الميادين العلمية، عرضة لإساءة الاستخدام من وجوه هذه الإساءة نذكر على سبيل الأمثلة لا الحصر إشكاليات من نوع: 1- السرقة العلمية و 2- تزوير النتائج أو فبركتها و 3- الفوضى الناجمة عن عدم تحديد جدول أولويات واضح ودقيق و 4- الانتحال بأشكاله المختلفة و5- فقدان الأرضية النظرية الضرورية لأي بحث والمتمثلة بالاطلاع على الدراسات السابقة حول الموضوع و 6- الوقوع في حبائل التكرار بحيث تتكرر دراسة موضوع معين على حساب مواضع قد تكون اكثر إلحاحا وأهمية و 7- عدم إمكانية التقويم الموضوعي لجدية هذه البحوث ومصداقيتها... الخ.

إن هذا الموضوع من الجدية بمكان بحيث يستدعي طلب اتحاد الجامعات العربية من كل جامعة إعداد لائحة بعناوين البحوث المعدة في إطارها مع المعلومات اللازمة حول البحث وإمكانيات الحصول على نسخ منه. ولعل خطوة مهمة على هذا الطريق إصدار كل جامعة، ولو بشكل منفرد، بالأبحاث المنشورة سواء عن طريق الجامعة ومنشوراتها أو في المجلات العلمية أو في دور النشر... الخ.

إن مثل هذا الدليل من شأنه أن  يعزز عامل الأثر لهذه البحوث عن طريق تعريف الباحثين والقراء بها. الأمر الذي يعمم فائدتها ويكافئ معديها ويزيد من حجم المراجع العربية في الأبحاث و المقالات المكتوبة بالعربية. وإذا كان خارج قدراتنا أن نقوم بإصدار مثل هذا الدليل فإننا نكتفي بالعمل على نشر ملخصات لأطروحات جامعية أعدها باحثون عرب لنيل درجات جامعية. وهي قد نالت درجة ممتاز. بما يجعلها عينة تعكس مستويات البحث العلمي في هذه المؤسسات. كما من شأنها أن تعطي القارئ فكرة عن مواضيع البحث المطروقة والمصنفة كأولويات لكن هذه العينة نتعثر بسبب غياب العديد من الجامعات العربية عن المساهمة في عرض بحوثها. وفي هذا المجال اذكر شكوى صديقي العالم فرج عبد القادر طه من تقاعس الزملاء عن المساهمة في الجهود التوثيقية. بسبب تجارب فشلهم المتكررة في المجال. و من هذه الجهود تجد متحمسين لكنها لا تجد منفذين. إلا أن المجلة اكتسبت مصداقية معقولة من خلال تنفيذها لعدة مشاريع توثيقية أهمها:

1- إصدار الدليل النفسي العربي ونشر أجزائه تباعا في إعدادها.

2- تخصيص العدد الخامس والعشرون لعروض موقعة للإصدارات النفسية.

3- تخصيص أبواب توثيقية ثابتة في كل عدد هي:

أ- أخبار الاختصاص حول الحالم.

ب- مكتبة الثقافة النفسية.

خ- الندوات والمؤتمرات.

د- المقابلات.

وانطلاقا من هذه الثقة أعلنا عن رغبتنا بإصدار هذا العدد الخاص بالرسائل الجامعية ليكون عددا توثيقيا جديدا نهدف من خلاله إلى تشجيع باحثينا الشباب والمساهمة في انتشار بحوثهم وإتاحة الفرصة لقرائنا للاطلاع عليها وعلى واقع البحث العلمي العربي من خلالها. والواقع أن مجرد تصفح الأبحاث الواردة إلينا، التي نشرنا نسما كبيرا منها، يدفعنا إلى سوق جملة ملاحظات وطرح قائمة من التساؤلات. وهي ملاحظات وتساؤلات ستكون مشتركة بيننا وبين بعض القراء. بل انهم سيضيفون إليها ملاحظات وتساؤلات جديدة. وكلها مشروعة ومحقة وان كانت لها مبرراتها وظروفها المحزنة، لكنها في المقابل أخطاء الذين يعملون ولا يقفون عند حدود لعن الظلام والظروف المؤدية له.

إن بعض هؤلاء الباحثين قد عملوا في ظل الشروط التالية:

1- التقليد لمواضيع البحث الغربية "سبب عدم تحديد أولويات الحاجات في مجتمعنا".

2- نقص مخصصات البحث العلمي.

3- قصور المختبرات والأدوات والتجهيزات.

4- نقص المراجع وصعوبات الاطلاع على الدراسات السابقة.

5- الخضوع لمعايير انتقاء وتصنيف شديدة الاختلاف من بلد لآخر ومن جامعة لأخرى.

لذلك نرجو أن لا بتركز النقد حول هذه النقاط أو حول النتائج المترتبة عنها. لأن في ذلك ظلم للباحث. لكننا نكرر في هذه المناسبة اقتراحا كنا قد عرضناه في المؤتمر العربي لعلم النفس وأعدنا طرحه في اكثر من مناسبة. قوام هذا الاقتراح أن تقوم الجامعات العربية بعرض نماذج من بحوثها على لجان تحكيمية في إطار "اتحاد الجامعات العربية". في محاولة لتبادل الخبرات ورصد الثغرات التي قد يتم صدها بمجرد تبادل الأساتذة بين هذه الجامعات.

رجاؤنا أن لا يثير مثل هذا الطرح الحساسيات لان من يعمل يدرك انه "لا يخطئ من لا يعمل " وان العامل يحتاج إلى المراجعة وتبادل الرأي والتوجيه والتعلم وتراكم الخبرة كي يتقن عمله. ولعل افدح الأخطاء التي تصادفنا في البحوث العربية هي تلك الأخطاء المسماة بنظيرة المنطقية (Paralogique) إذ ينطلق الباحث من فرضية وجود مشكلة (هي في الحقيقة غير موجودة) تستحق البحث. وذلك إما بإيحاء النقل عن مواضيع أجنبية أو بإيحاءات محلية تضخم بعض المشاكل بصورة هستيرية. مثال ذلك ما طالعنا به أحدهم مدعيا أن نسبة إدمان المخدرات بين طلاب الجامعة في لبنان تصل إلى حدود لـ 50% فهل يقبل المنطق مثل هذا التضخيم؟. إن البحث العلمي لا يمكنه الانسياق وراء الإيحاءات فهو يحتاج إلى منطقات موضوعية نرجو أن تتأمن له بالمنطق السليم إذا كنا عاجزين عن تأمينها بالإحصاءات الرزينة والدقيقة. لذلك فإننا ننتظر، عزيزي القارئ، إبداء رأيك في هذه الإشكاليات على ضوء البحوث التي يضمها هذا العدد بين دفتيه.

 

سعيا وراء ترجمة جميع صفحات الشبكة إلى الإنجليزية و الفرنسية نأمل من الزملاء الناطقين بالإنجليزية و الفرنسية المساهمة في ترجمة هذا البحث و إرساله إلى أحد إصدارات الموقــع : الإصــدار الإنجليــزيالإصــدار الفرنســي

 

Document Code OP.0025

Naboulsi.ArabPsySearch 

ترميز المستند OP.0025

 

Copyright ©2003  WebPsySoft ArabCompany, www.arabpsynet.com  (All Rights Reserved)

 

 

تـقـيـيــمــك لهــذا البحــث

****

  ***

**

*