|
||||
ظواهــر التزامــن
كمثــال علــى قصــور علــم النفــس اليونغــي
الجزء الثاني د. جمال نصار حسين ص.ب 941342 الشميساني، عمان 11194، المملكة الأردنية
الهاشمية |
||||
المعنى الكامن في المُتَزامِنات من الواضح ان للمعنى أهمية قصوى في مبدأ
التَزامُنية ليونغ، بل ان هذا المعنى يقع في قلب المُتَزامِنات كما عرّفها
يونغ. فهذا المعنى هو الرابطة بين الحالة النفسية والحادثة أو الحوادث الخارجية
في المُتَزامِنة، وبدون هذا المعنى المشترك، الذي قد يبرز بأشكال مختلفة أحيانا
مباشرة وواضحة و أحيانا غير مباشرة وخفية كما في حالة الرموز، لن يكون هنالك
معنى للقول بأن تلك الحالة النفسية المعينة والحادثة أو الحوادث الخارجية تشكّل
مجتمعة مفردات ظاهرة تزامنية واحدة. وعلى سبيل المثال، فان حادثة سرْد المريضة
حلمها لطبيبها يونغ وحادثة طرْق الحشرة على شباك الغرفة تحتويان على رمز مشترك
هو حشرة الخنفساء، حيث يرى يونغ أن المعنى الذي يتخفى وراء رمز الخنفساء هو
الولادة من جديد، وهو معنى يستند إلى إحدى البُنى الأولية للاوعي الجمعي. يشير يونغ إلى ان الإنسان
قد اعتاد اعتبار المعنى «نتاجا نفسيا» ولذلك يصعب عليه تقبّل إمكانية ان
يكون لهذا المعنى وجود خارج حدود النفس. وهذه الحقيقة هي نتيجة تعوّد الإنسان
على التعامل مع مثل هذا المعنى كشيء ذاتي غير موضوعي، أي ان الإنسان درج على
النظر إلى ما يستطيع تمييزه من معنى يربط بين عالَمه الداخلي والعالَم الخارجي
على انه نتاج تركيبته النفسية الخاصة وان هذا المعنى بالنتيجة ليس له وجود في
العالَم الخارجي، أي ليس له وجود موضوعي. إلا ان هذه النظرة تدعمها النظرات
العلمية التقليدية، حيث يقول يونغ بأننا إذا «آخذنا
بنظر الاعتبار فرضية أن معنىً متعالياً transcendental واحداً قد يتجلّى
في ذات الوقت في النفس البشرية وفي تكوين حادثة خارجية ومستقلة، فإننا نصطدم
مباشرة بالنظرات العلمية والمعرفية التقليدية»، إذ أنها لا تعترف بوجود مثل هكذا تداخل وتشابك بين النفس البشرية
والقوانين الطبيعية. إلا انه يعود ليؤكد في جواب غامض على هذا الاعتراض بأننا «يجب ان نذكّر أنفسنا مرة بعد أخرى بالصحة الإحصائية فقط
للقوانين الطبيعية وبتسبُّب المنهج الإحصائي في إهمال كل الحوادث غير
الاعتيادية»، لنتمكن من الإصغاء بجدية للفرضية التي يطرحها حول تجلي المعنى
الواحد هذا في النفس البشرية وفي العالَم الخارجي. إلا ان هذه «الحوادث غير
الاعتيادية» أو النادرة في الطبيعة التي يدعي يونغ بأن المنهج الإحصائي
يهملها هي ليست بالضرورة حوادث «ذات معنى»، ولذلك فان حجته في الإشارة إلى
الطبيعة الإحصائية للقوانين الطبيعية تبدو غامضة وغير مقنعة. ويعترف يونغ بأن «الصعوبة الجمة هي أننا ليست لدينا على الإطلاق أية وسائل
علمية للبرهنة على وجود معنى موضوعي ليس مجرد نتاج نفسي» (Jung,
1977a: 482-483). إلا انه يعود مرة أخرى ليؤكد بأن قبول فرضية
«المعنى الواحد» التي يطرحها لتفسير المُتَزامِنات هو الحل الوحيد الذي
يجنبنا ان ننسب للنفس البشرية طاقة تتجاوز بكثير طاقتها الفعلية، والذي يعتبره
أحد تفسيرات «السببية السحرية». ولكي نفهم عبارة يونغ هذه فإننا يجب ان نتذكر
بأنه جمع تحت مصطلح مُتَزامِنات كافة الظواهر الخارقة للعادة والمألوف كذلك، وكما
سيرد بالتفصيل لاحقا. بعبارة أخرى، فان يونغ يرى أننا إذا لم نأخذ بفكرة وجود
معنى مشترك يربط بين الحادثة النفسية والحادثة أو الحوادث الفيزيائية
للمُتَزامِنة فانه لن يكون أمامنا لتفسيرها إلا ان نفترض تفسيرا سببيا، ولما كان
يونغ لا يأخذ بالاعتبار احتمال وجود كيانات ميتافيزيقية هي التي تسبّب وقوع
المُتَزامِنات فإنه يرى أن ذلك يعني بالضرورة الاستنتاج بأن النفس البشرية هي
التي سببت المُتَزامِنات و إنها لذلك يجب ان تكون ذات طاقة هائلة، وهذه النتيجة
تندرج تحت ما يسمّيه يونغ «السببية السحرية» لأنها سببية مبنية على فرضية
لاعلمية. أي، على سبيل المثال، إننا إذا لم نأخذ بتفسير مُتَزامِنة الخنفساء على
ان ما يربط بين حادثتيها هو معنى مشترك فإن يونغ يرى أننا سننتهي إلى القول بأن
نفس المريضة التي كانت تروي حلمها هي التي تسببت في جلب الخنفساء إلى شباك
الغرفة في ذلك الوقت. لذلك فان الأخذ بفرضية المعنى الواحد ليونغ هو السبيل
الوحيد، برأيه، لتجنب النظر إلى المُتَزامِنة على أنها نتاج سببية سحرية. على الرغم من تأكيد يونغ على
الأهمية المركزية للمعنى في المُتَزامِنات فانه، خلافاً لما هو مُتوقع، لا يتحدث
سوى بشكل مقتضب جدا عن هذا المعنى، ولذلك فإنه يترك من دون جواب الكثير من
الأسئلة التي من الطبيعي ان يجد المرء نفسه يسألها بخصوص هذا المعنى. إذ ان
الكلام عن معنى تحمله الظواهر التَزامُنية يجعل المرء يسأل مباشرة ما إذا كان
هذا يعني أن هنالك هدفا للمُتَزامِنات، أي ما إذا كانت المُتَزامِنات
تحمل رسالةً ما. فإذا كان الجواب نفيا وان لا هدف هنالك من وراء حدوث
المُتَزامِنات فإن المرء لابد وان يتساءل عن قصد يونغ من افتراضه بأن
للمُتَزامِنات معنى، وإذا كان الجواب إيجابا بأن هنالك هدفا تسعى المُتَزامِنات
لتحقيقه فإن من الغريب فعلا ان نجد يونغ يتجنّب إيفاء هذا الأمر ما يستحقه من
أهمية فلا يتناوله بأي قدْرٍ من التفصيل يوفيه بعض ما يستحق. من خلال معالجة يونغ
لموضوع التَزامُنية يمكن الاستنتاج بأن جوابه على السؤال أعلاه هو بالإيجاب، أي
انه يعتقد بوجود هدف ووظيفة للمُتَزامِنات. وهذا جواب يمكن استنتاجه بشكل
غير مباشر من بعض ما جاء في بحثه. فعلى سبيل المثال يقول يونغ عن المُتَزامِنات
في مقدمة بحثه: «كطبيب نفسي وكمعالج نفسي فإنني
كثيرا ما قابلت الظواهر موضع السؤال [المُتَزامِنات] واستطعت ان اقنع نفسي
بالقدر الكبير الذي عنته هذه التجارب الداخلية لمرضاي» (Jung,
1977a: 420). أي انه يشير إلى ان للمُتَزامِنات وظائفاً و فوائداً
معينة للأشخاص الذين يشهدون حدوثها، بل يبدو ان اهتمامه بهذه الظواهر يعود للأثر
الكبير الذي تتركه على مرضاه. وكمثال آخر نجد ان يونغ يعتبر مُتَزامِنة الخنفساء
هي السبب في بدء استجابة مريضته للعلاج من بعد يأسه من تقبلها للعلاج. إذاً من
الممكن الاستنتاج بأن يونغ كان يعتقد بوجود هدف محدد ووظيفة معينة
للمُتَزامِنات، إلا أن تركه هذه المسألة المهمة من دون بحث مباشر وتفصيلي يُعَد
مأخذاً يؤثّر سلباً على قيمة بحثه. إلا ان مساعِدته المقرّبة ماري-لويز فون
فرانتس وبعض الباحثين الذين درسوا التَزامُنية لاحقا تناولوا موضوع هدف
المُتَزامِنات ببعض التفصيل، حيث بينوا أن هدف ووظيفة هذه الظواهر هو ما يُعرف
في النظرية النفسية اليونغية ب «التفريد» individuation، والذي يمكن ترجمته إلى مصطلح «تحقيق
الذات» self-realization (Jung, 1953b: 171). يشير مصطلح التفريد، او
تحقيق الذات، في النظرية النفسية اليونغية إلى عملية تحول الفرد الإنساني
تدريجيا إلى فرد ذي كيان متجانس وبما يجعل منه فردا متميزا عن باقي أفراد جنسه
وذلك وفقا لما يجب ان يكون عليه. ويتم تحقيق الهوية الذاتية هذه من خلال
ما اسماه يونغ ب «التعويض اللاواعي» unconscious
compensation. إذ توجد في لاوعي كل فرد معرفة بالشكل النهائي للذات التي يجب
ان يتحول إليها ذلك الفرد، ويتم هذا التحول من خلال تجسيد اللاوعي لهذه المعرفة
للوعي ليغير الوعي إلى ما يجب ان يكونه، وعياً واحداً غيرَ مشتت وذا
خصائص محددة. أي ان التعويض اللاواعي هو بناء للفرد ككل مُتحِّد او ككيان واحد.
يقول يونغ بأن التفريد يعني «ان يصير الإنسان
كياناً واحداً ومتجانساً..... وان يصبح الإنسان هو نفسه» كما انه يعني «التحقيق
الأفضل والأكمل للخصائص الجماعية للكائن البشري، لأن المراعاة بشكل كاف لخصوصية
الفرد تساعد على تحقيق الإنجاز الاجتماعي افضل مما لو تم إهمال الخصوصية او
قمعها» (Jung, 1953b: 171-172). إن كل عملية من عمليات التعويض اللاواعي، كالأحلام مثلا، هي عبارة عن
خطوات متكاملة تعمل على تحقيق هدف واحد هو تحقيق ذات ذلك الشخص وذلك بأن تجعل
لوعيه تلك الصفات الخاصة به والتي تجعل منه فردا ذا شخصية متجانسة وفي نفس الوقت
ذا هوية فريدة لا تشبه هوية أحد. يقول يونغ: في البدء تبدو كل عملية من عمليات التعويض تضبيطاً آنياً للجانبية
الأحادية one-sideness [للوعي] أو تعديلاً للتوازن
المُختَل. ولكن بنظرة وخبرة اعمق، فإن حوادث التعويض هذه، وان كانت منفصلة
ظاهرياً فإنها تُنظّم نفسها بموجب خطة. إذ يبدو أنها تتساند، وبمعنىً أكثر عمقاً
تبدو خاضعةً لهدف مشترك، بحيث لا تعود سلسلةً طويلة من الأحلام تظهر كخيط غير ذي
معنى من حوادث منفصلة وغير متجانسة، بل تكون كالخطوات المتعاقبة في عملية تطور
منظمة ومُخطَّط لها. لقد أسميتُ هذه العملية اللاواعية والتي تعبر عن نفسها
تلقائيا من خلال رمزية سلسلة طويلة من الأحلام بعملية التفريد (Jung,
1977d: 289-290). كتب يونغ بكثرة حول عملية
التفريد عن طريق التعويض اللاواعي وذلك لأنه اعتبر عملية تحقيق الذات هذه هي هدف
الحياة. لذلك فان اهتمام يونغ الكبير بهذا الموضوع يجعل من مسألة عدم تطرقه
وبإسهاب إلى وظيفة المُتَزامِنات في تحقيق الذات أمرا غير مفهوم! إلا ان بعض
الباحثين الذين عملوا مع يونغ نفسه (Franz,
1992; Progoff, 1973) وبعض الباحثين الآخرين من الذين
كتبوا عن التَزامُنية (Bolen,
1979; Keutzer, 1984a) تطرقوا لهذا الموضوع بشكل مفصل.
ويبيّن فكتور مانسفيلد Victor Mansfield، بروفسور فيزياء الفلك في جامعة
كورنيل الأمريكية، وظيفة التَزامُنية قائلا بأن: «التَزامُنية هي إحدى تجليات
عملية التفريد؛ عملية خلق النفس soul-making» (Mansfield 1995:
20-21). لقد خصص مانسفليد كتابه عن المُتَزامِنات لشرح دورها
في عملية تحقيق الذات، و أورد عددا من المُتَزامِنات التي يرى أنها تشير بوضوح
إلى مشاركتها في عملية تحقيق الذات للفرد الذي يعيشها. و لإلقاء مزيد من الضوء
على هذا الموضوع، ولكي يكون القارئ اكثر قدرة على الحكم على هذا التَوجُّه في
تفسير هدف المُتَزامِنات، فان فيما يلي إحدى المُتَزامِنات التي يسردها مانسفيلد
في كتابه عن أحد معارفه وكما يرويها الشخص الذي شهد حدوثها وقام بتفسيرها وفقا
للنظرة اليونغية: بينما اقترب عيد ميلادي الثلاثين كنت في زيورخ ابدأ
دراساتي في معهد سي. جي. يونغ C. G. Jung Institute، وهو أمر كنت
أتوق للقيام به منذ سنين. كنت قد حضرت لعدة أسابيع دروسا في التحليل [النفسي]
وقد تقدمت في الموضوع. ثم حلمت بأنني أراقب مستعمرة نمل رائعة وبأنني كنت متأثرا
بعمق بتركيبها، و إخلاصها، والعمل الشاق لأفرادها. في اليوم التالي، وقبل ان اصل
إلى مكتب محللي [المُشرف]، جلست على مصطبة في متنزّه، مفكرا بأن أقوم بتخيّل
فعال active imagination باستخدام هذا
الحلم. ما ان بدأت، حتى بدأ خط كامل من النمل بالسير على دفتر أحلامي. ولقد
صدمني هذا طبعاً وذلك لأنه كان أمرا بعيد الاحتمال تماما ان تقع هذه الحادثة
بهذا الشكل. عندما ذهبت إلى مكتب محللي - وكان الوقت ربيعا - خرجنا سوية إلى
شرفة مكتبه للعمل. كان مكتبه/شقته مطلا على منطقة مليئة بالغابات، رغم انه كان
في منتصف المدينة. ما ان بدأت بقراءة هذا الحلم عليه، حتى صاح «انظر هنا!». كانت
هنالك عدة نملات تمشي على طول الطاولة الصغيرة التي بيننا. لم يكن قد سبق له وان
عاش مثل هذه التجربة مع النمل من قبل. كان فهمي لهذه الحادثة هو أنني كنت هنا في مكانٍ «كلي»
رائع لي. لم اكن قد جربت «المجتمع» community إلا خلال فصول
الصيف التي كنت اقضيها في مخيمات، وذلك عندما كنت في عُمُر 10-16 سنة. الآن اشعر بأنني روحيا، عاطفيا،
وجسديا متحد، لا فقط مع جمال هذه المدينة الأوربية، زيورخ، ولكن أيضا مع التنوع
الكبير من الطلاب الأجانب في المعهد والعمق والمستوى الأكاديمي الكبير لهيئة
التدريس. بجانب هذا، فإنني كنت على وشك ان أغوص ثانية عميقا داخل نفسي، وهو شيء
لم اكن قد قمت به في السنتين الماضيتين حين كنت في الجيش. لذلك فان هذه السنين
في زيورخ جلبت لي التجربة الأخرى الوحيدة للاتحاد union مع الحياة الداخلية والخارجية
للمجتمع (كمستعمرة النمل). كما أنها جلبت لي ما اعتززت به من العمل الشاق
والإخلاص «للسبب الأعلى» (Mansfield 1995: 71).
ويعلق البروفسور مانسفيلد على هذه المُتَزامِنة قائلا: لقد كافح هذا الشخص، مهنيا وشخصيا، خلال حياته مع متع
و أحزان كُلٍّ من الانتماء والاستثناء من المجتمع. ولقد كانت العلاقة مع المجتمع
موضوعاً وجد طريقه إلى العديد من منشوراته المهنية. ان هذه الخبرة التَزامُنية
التي لا يمكن نسيانها والتي جاءت مبكرا في بداية التدريب على التحليل النفسي (في
طفولته المهنية) كانت كحلم طفولة قوي يعلن فكرة تنظِّم الحياة كلها. هذه التجربة
التَزامُنية ترمز إلى هذه الفكرة في العالَمين الداخلي والخارجي من خلال واحد من
اكثر أشكال المجتمعات تنظيما وصناعية على هذا الكوكب - النمل. وجود نملة منفردة
هو أمر مستحيل ..... إن بقاء النملة نفسها يعتمد بالكامل على المجتمع والدور
الذي تضطلع بتأديته فيه (Mansfield 1995: 71). إذاً فللمُتَزامِنات في
النظرية النفسية اليونغية وظيفة مفادها تحويل الفرد إلى ما يجب ان يكون عليه،
فردٍ ذي هوية خاصة تجعله متميزا عن غيره من الأفراد في المجتمع، واِنْ كان هذا
التميُّز لا يتطلّب ضرورة ان ينأى الفردُ بعيدا عن المجتمع وذلك لأن عملية
التفريد، كما يقول يونغ، هي «التحقيق الأفضل
والأكمل للخصائص الجماعية للكائن البشري، وذلك لأن المراعاة بشكل كاف لخصوصية
الفرد تساعد على تحقيق الإنجاز الاجتماعي افضل مما لو تم إهمال الخصوصية او
قمعها» (Jung, 1953b: 171-172). وهكذا فان «معنى» المُتَزامِنة يجب ان يُفهم من خلال وظيفة
المُتَزامِنات هذه، وفقا لمفهوم يونغ عن هذه الظواهر الغامضة. المُتَزامِنات
والظواهر الخارقة للعادة لم يُقصِر يونغ مصطلح
«مُتَزامِنات» على ظواهر التوافق في الحدوث ذات المعنى فقط، و إنما استخدم هذا
المصطلح بشكل واسع ليشمل الكثير من الظواهر الخارقة للعادة؛ هذه الظواهر التي
اعتبرها هي الأخرى «متوافقات في الحدوث ذات معنى». واهتم يونغ بشكل استثنائي
بالتجارب العلمية التي أقيمت على هذه الظواهر؛ هذه التجارب التي قدمت دلالات
إحصائية أفادت بأن الظواهر التي تدرسها لا يمكن تفسيرها كحوادث حدثت نتيجة صدفة.
حيث اعتقد يونغ بأنه وجد في هذه التجارب ضالته من دراسات علمية تبرهن على وجود
ظواهر لاسببية تربط بين ما هو فيزيائي وما هو نفسي، وبالتالي فانه اعتبر هذه
الدراسات بمثابة براهين علمية على صحة مبدأ التَزامُنية الذي وضعه. وقد اهتم
يونغ على وجه الخصوص بتجارب مؤسس الباراسايكولوجيا التجريبية (1) عالِم بايولوجيا النبات الأمريكي جوزيف راين Joseph
Rhine (1895-1980) وبعض الباحثين الآخرين (Rhine,
1934, 1937, 1947, 1950; Pratt et al, 1967; Tyrrell, 1947; Soal &
Bateman, 1954). إن تجارب راين التي يشير
اليها يونغ بشكل خاص هي تجارب توارد الأفكار والاستبصار(2) باستخدام ورق زينير (3) Zener cards؛ هذه التجارب التي قام بها راين وزملاء له في مختبره في جامعة
ديوك في مدينة دَرَم في ولاية كارولاينا الشمالية الأمريكية. إذ وجد راين
ومجموعة بحثه ان بعض الأشخاص الذين اشتركوا في تجاربهم قد نجحوا في تخمين نوع
الورق بما يتجاوز نسبة الصدفة حسبما تحددها قوانينُ الاحتماليّة؛ حيث نجح أحد
الأشخاص في عدة تجارب في تخمين ما معدلّه عشرة أوراق من الخمس وعشرين ورقة، أي
بنسبة نجاح (40%)، فيما كان نجاحه في
إحدى التجارب بنسبة (100%) إذ استطاع أن يحدس بنجاح نوع الأوراق كلها. لم يقتصر يونغ على
استشهاده بالتجارب التي أقيمت داخل المختبر والتي يُفصل خلالها بشاشة بين الشخص
تحت الاختبار والشخص القائم بكشف الأوراق. فلقد استشهد أيضا بتجارب أخرى كانت
فيها المسافة بين المُجرِّب والشخص الذي تحت التجربة مئتان وخمسون ميلا. في هذه
التجارب كان معدل النجاح (10.1) من اصل خمس وعشرين ورقة. وفي مجموعة تجارب أخرى كان فيها المُجرِّب
والشخص تحت التجربة في نفس الغرفة أو موجودين في غرفتين متجاورتين، او تفصل
بينهما غرفتان، كانت نسبة النجاح أيضا فوق معدلات الصدفة وقريبة من النسبة
أعلاه. كما يشير يونغ إلى التجارب الناجحة للباحثين آشر Usher وبرت Burt والتي كانت
فيها المسافة الفاصلة حوالي تسعمائة وستين ميلا. وأخيرا، يشير يونغ إلى تجارب
ناجحة أخرى استُخدِمت فيها ساعات مُتَزامِنة وتم إجراؤها بين مدينتي دَرَم في
ولاية كارولاينا الشمالية وزغرب في كرواتيا (يوغسلافيا سابقا) واللتين تفصل
بينهما مسافة تقدَّر بحوالي أربعة آلاف ميل (Rhine
& Humphrey, 1942). تبيِّن هذه التجارب أنه
بغض النظر عن طبيعة ونوع القابلية الخارقة للمألوف التي يتم اختبارها فإن هذه
القابلية لا تختفي ولا حتى تضعف مع ازدياد المسافة بين الشخص تحت الاختبار ومكان
وجود أوراق زينيز، وذلك حتى في حالة كون المسافة الفاصلة كبيرة جدا كما في
مجموعة التجارب الأخيرة. ويستنتج يونغ، وكذلك باحثو الباراسايكولوجيا بشكل عام،
بأن هذه الخاصية تدلل على ان هذه القابلية لا تخضع لقانون التربيع العكسي (4)inverse square law. ويعلق يونغ على هذا الأمر
قائلا «ان حقيقة كون المسافة غير ذات تأثير تُبيّن
من حيث المبدأ أن الشيء تحت الاختبار لا يمكن ان يكون ظاهرةَ قوةٍ force او طاقةٍ energy [بالمعنى
الفيزيائي]، و إلا فان التغلب على المسافة والانتشار في الفضاء كان سيسبب
اضمحلالاً في التأثير، وانه لأكثر من مرجّح ان نسبة النجاح كانت ستقل بشكل
متناسب مع مربع المسافة». ولما كانت نسبة
نجاح الشخص في تخمين نوع الورق لم تتغير مع المسافة فان يونغ يستنتج بأنه «ليس لدينا بديل سوى ان نفترض أن المسافة هي متغيّرة
نفسياً، و إنها قد تُختزل في بعض الأحوال إلى حد الاختفاء بسبب ظرف نفسي»
(Jung, 1977a: 433). بعد هذه التجارب
«المكانية» spatial يستشهد يونغ بتجربة أخرى يجدها اكثر إثارة وأهمية
تتعلق بالزمن. في هذه التجربة عن الإدراك المُسبق قام الشخص بتوقع نوع
الأوراق التي كانت ستُخلَط وتُكشف لاحقا، أي في المستقبل. في هذه التجربة أيضا
وجد راين نِسَب النجاح تفوق نسبة احتمالية الصدفة. ويرى يونغ في هذه التجربة
إشارة إلى «نسبية الزمان للنفس، وذلك لكون التجربة تناولت إدراك حوادث لم تكن قد
وقعت بعد»، مما يدفعه إلى الاستنتاج بأنه «في هذه
الظروف يبدو ان عامل الزمان قد إزالته وظيفةٌ نفسية او ظرفٌ نفسي لديه القدرة
على إلغاء العامل المكاني أيضا» (Jung,
1977a: 433). في الواقع، ان يونغ يُعرِّف الباراسايكولوجيا بدلالة
«نسبية الزمان والمكان» هذه. ففي استبيان حول «مستقبل الباراسايكولوجيا» وُزِّعَ
في عام 1960 على علماء مرموقين
أجاب يونغ عن السؤال الأول عن تعريفه للباراسايكولوجيا بما يلي: «الباراسايكولوجيا هي العلم الذي يتعامل مع تلك الحوادث
البايولوجية أو النفسية التي تبيّن أن الأصناف: المادة، المكان، والزمان
(وبالتالي السببية) ليست بديهية». (5) إن نسبية الزمان والمكان هذه نسبها يونغ للاوعي
وفسر بها احتواء هذا الأخير على «صور كل الخلق» التي أشار إليها بتعبير «المعرفة
المُطلقة» (Jung, 1977a: 494). يعلق يونغ على نتائج
"التجارب الباراسايكولوجية" أعلاه قائلا بأنه «إذا كنا في التجربة المكانية مضطرين إلى الاعتراف بأن الطاقة لا
تتناقص مع المسافة، فان التجربة الزمانية تجعل من المستحيل تماما مجرد التفكير
بأن هنالك علاقة طاقة بين الإدراك والحادثة المستقبلية». أما الاستنتاج
الذي يريد يونغ ان يتوصّل إليه من وراء الاستشهاد بهذه المجموعة من التجارب
الباراسايكولوجية فهو: «يجب علينا ان نترك منذ البداية
كل التفسيرات [للظواهر الخارقة للمألوف] بدلالة الطاقة، الأمر الذي يعادل القول
بأن الحوادث من هذا النوع لا يمكن معاملتها من وجهة نظر السببية، لان السببية
تفترض مسبقا وجود زمان ومكان على قدر تعلق الأمر بأن كل المُراقَبات observations تستهدف أساسا أجساماً في حالة
حركة» (Jung,
1977a: 434). ويقول أيضا: «تواجهنا
تجاربُ راين بحقيقةٍ مَفادها ان هنالك حوادثاً مرتبطة ببعض تجريبيا، وفي هذه
الحالة بشكل ذي معنى، [ولكن] من غير ان تكون هنالك أية إمكانية للبرهنة
على ان هذه العلاقة هي علاقة سببية، وذلك لان «الانتقال» [انتقال المعلومات إلى
عقل الشخص الذي يقوم بالتخمين الخارق للعادة] لا يُبدي اياً من الخصائص المعروفة
للطاقة» (Jung, 1977a: 435). وبسببٍ من تفسير يونغ
لنتائج التجارب الباراسايكولوجية المذكورة على أنها مؤشر على عدم إمكانية أن
يكون حدوثها قد تحقّق بوساطةٍ من طاقةٍ ما فانه يستنتج بأنه من غير الممكن إذا
أن يكون هنالك أي نوع من أنواع الانتقال للمعلومات وذلك لان انتقال
المعلومات يتطلب وجود طاقة تقوم بهذه العملية، كما يحدث مثلا في عمليات نقل
المعلومات بواسطة البث الإذاعي ومختلف أنواع الاتصالات السلكية واللاسلكية. كما
انه يستشهد بتجارب الزمان المشار إليها أعلاه، أي تلك الخاصة بظاهرة الإدراك
المسبق، ليتساءل كيف يمكن لحادثة لم تحدث بعد ولن تحدث إلا في المستقبل ان تنقل
نفسها كظاهرة طاقية لمستلم في الحاضر؟ أي انه يريد ان يؤكد بأن المفهوم التقليدي
المُطلق للزمان يجعل من ظاهرة الإدراك المسبق ظاهرة مستحيلة الوقوع،
مُضمِّنا ملاحظته هذه خطأ المفهوم التقليدي المُطلق للزمان. يؤكد يونغ بأنه في
العلاقة السببية، أي علاقة سبب-نتيجة، لا يمكن فهم كيفية حدوث التأثير إلا
بوساطةٍ من تدخّل طاقةٍ ما، لذلك ففي حالة الظواهر التي لا تتضمن طاقة فان من
غير الممكن التحدث عن علاقة سبب-نتيجة. بسببٍ من ذلك فان يونغ يرى أن مبدأ
التَزامُنية هو مبدأ تفسيري يقف على قدم المساواة مع مبدأ السببية الذي هو مبدأ
تفسيري مختلف، إذ رغم ان الغالبية العظمى من الظواهر التي نعرفها هي ظواهر سببية
فان هنالك ظواهراً أخرى لاسببية هي المُتَزامِنات. لذلك يرى يونغ أن
«التَزامُنية هي نسبية الزمان والمكان المعتمدة على ظروف نفسية»، وكأن الزمان
والمكان «يعتمدان على ظروف نفسية ولم يوجدا يوما مستقلين بحد ذاتيهما ولكن فقط
«افتُرِض» وجودهما من قبل العقل الواعي» (Jung,
1977a: 435). ويشير يونغ أيضا إلى تجارب
راين على ظاهرة التحريك الخارق للعادة باستخدام زهر الطاولة. ففي هذا النوع من
التجارب يتم رمي الزهر بواسطة جهاز بينما، وفي نفس الوقت، يحاول الشخص الذي
تُختبر قابلياته الخارقة للمألوف ان يجعل أحد اوجه الزهر يظهر اكبر عدد ممكن من
المرات، من غير لمس الزهر طبعا. والتفسير التقليدي لاية نتائج إيجابية في مثل
هذه التجارب هو ان الشخص قد حرّك الزهر عقليا من دون استخدام أيّة
وسيلة نقل الحركة التقليدية، بحيث تسبَّب في جعل الوجه المعين يظهر بنسبة تفوق
احتمالية الصدفة والتي هي (1/6 أو 16%)، حيث ان للزهر ستة
اوجه. إلا ان يونغ يرفض هذا التفسير السببي الطاقي للنتائج الإيجابية في هذه
التجارب ليفسره على نفس أساس نسبية الزمان والمكان حيث يقول «إذا كان الزمان والمكان هما نسبيّان نفسيا، فإن الجسم
المتحرك يجب ان يمتلك او ان يكون عرضة لنسبية مقابِلة» (Jung,
1977a: 434). ولكن على الرغم من غموض هذا التفسير، حيث ان هذه
الظواهر تختلف نوعيا عن غيرها من الظواهر الخارقة للمألوف والتي شرح يونغ تفسيره
لها ببعض التفصيل، فإنه يترك هذا الجواب الغامض من غير أية تفصيلات أخرى. في بحثه عن دلائل تجريبية
يدعم بها نظريته بخصوص كون مفهومَي الزمان والمكان ليسا مفهومين مطلقين و إنما
نسبيين وان نسبيتهما تتحكم بها ظروف نفسية، يشير يونغ إلى ملاحظة ذكرها العديد
من باحثي "الباراسايكولوجيا التجريبية" وهي ان نسبة نجاح الشخص في
التجارب "الباراسايكولوجية" تقل عادة تدريجيا بتكراره للتجربة. أي ان
التجارب الأولى تأتي غالبا بنتائج أعلى من التجارب اللاحقة التي تهبط عادة
نتائجها إلى مستوى احتمالية الصدفة. والاعتقاد العام حول سبب حدوث هذه الظاهرة
التي تُعرف ب «تأثير الأفول» decline effect هو انه في بداية التجربة
يكون لدى الشخص تحت الاختبار اهتمام استثنائي بالتجربة، أي نوع من الحماس، إلا
انه يفقد اهتمامه هذا تدريجيا مع مرور الزمن ليحل محله شيء من الملل. كما أشار
يونغ إلى ظاهرة أخرى لم تكن مُميَّزة بشكل واضح في وقته وهي الظاهرة التي تعرف
حاليا ب «تأثير المُجرِّب» experimenter effect (Rao &
Palmer, 1987: 548). فمن المعروف في "الباراسايكولوجيا
التجريبية" انه عندما يشترك في تجربة ما أشخاص «يعتقدون» بوجود الظواهر
الخارقة للعادة وبإمكانية حدوثها أثناء التجربة، سواء كانوا من الباحثين
القائمين بالتجربة او من الأشخاص الذين تُختبَر قابلياتهم، فإن نتائج تلك
التجربة غالبا ما تكون إيجابية، أي تتجاوز نسبة نجاحها معدلات احتمالية حدوثها
كصدفة؛ ولكن عندما يشترك في التجربة أفراد «لا يعتقدون» بوجود الظواهر التي
يختبرونها او على الأقل لا يتوقعون نجاح التجربة فان النتيجة غالبا ما تكون
سلبية، أي لا تختلف بقدر ذي دلالة insignificant عن معدلات الصدفة. وهكذا، لما
كان الحماس والاهتمام والاعتقاد بوجود الظاهرة الخارقة للعادة و إمكانية حدوثها
خلال التجربة هي عوامل «نفسية» إيجابية تساعد على نجاح التجربة، فيما تؤدي عوامل
«نفسية» سلبية مثل الملل و إنكار وجود خوارق العادات وعدم توقع حدوثها خلال
التجربة إلى فشل التجربة، فان يونغ يعتبر هذه الملاحظات التجريبية في اتفاق تام
مع نظريته بأن نسبية الزمان والمكان مرتبطة بظروف نفسية (Jung,
1977a: 434). استنتج يونغ من قراءته عن
التجارب العلمية المختبرية في الباراسايكولوجيا بأن «نتائج
تجارب الإدراك الحسي الفائق والتحريك الخارق للعادة زوَّدَت أساسا إحصائيا
لتمحيص ظاهرة التَزامُنية، وفي نفس الوقت أشارت إلى الدور المهم الذي يلعبه
العامل النفسي» (Jung,
1977a: 450). إلا ان يونغ وجد انه وعلى الرغم من ان هذه التجارب
أكَّدت الخلفية النفسية للمُتَزامِنات فإنها لم تُلقِ ضوءاً كافياً على طبيعتها.
لذلك فقد بحث عن ظاهرة أخرى يمكن ان تعينه دراستُها في التعرّف على طبيعة
العوامل النفسية التي تساعد على حدوث المُتَزامِنات، فاعتقد بأنه وجد ضالته في
أسلوب التنبؤ باستخدام «كتاب التغيرات» I Ching الصيني (Wilhelm,
1950). والتنبؤ باستخدام الاي تشينغ هو أسلوب للاستخارة بشأن
حوادث أو أفعال مستقبلية كان قد ابتكره اثنان من الصينيين في القرن الثاني عشر
قبل الميلاد. يتكون الاي تشينغ من أربع وستين من «التفسيرات» المكتوبة على شكل
مقطوعات شعرية لكل منها معنى خاص، حيث يقوم الشخص الذي يريد استشارة الكتاب بشأن
حادثة أو مسألة ما، مثلا نتائج قيامه بفعل معين، باختيار إحدى هذه التفسيرات عشوائيا،
والتي من المفروض ان تحمل للمرء جوابا على سؤاله وتلقي ضوءاً على الموضوع الذي
يشغله. (6) يرى يونغ أن التنبؤ باستخدام الاي تشينغ مبني على مبدأ التَزامُنية لأن
الذي يحدث هو توافق حدوث حالة نفسية، هي الحالة النفسية للقائم بالاستخارة في
ذلك الوقت، مع حادثة خارجية، هي نتيجة الاستخارة، من غير ان يكون بين الحادثتين
علاقة سببية، مع وجود رابط من معنى بينهما هو المعنى الذي يكشفه التفسير
المعين من الاي تشينغ. إن الغريب في معالجة يونغ
لموضوع الاي تشينغ هو انه وان كان قد تطرق إليه على أساس من أن بإمكانه ان يلقي
الضوء على طبيعة العوامل النفسية التي تساعد على حدوث المُتَزامِنات، فانه ينتهي
منه من دون استنتاج أي شيء عن هذه العوامل النفسية! في الواقع، انه ينهي معالجته
لموضوع الاي تشيغ بالاستنتاج بأن أسلوب التنبؤ هذا لا يوفّر إمكانية التمحيص
الإحصائي لمبدأ التَزامُنية وبالتالي فلا يمكن الاعتماد عليه في إيجاد دليل تجريبي
على صحة هذا المبدأ! وهنا يستدير يونغ إلى ظاهرة أخرى، هي التنجيم، حيث انه وجد
في التنجيم القدرة على توفير نتائج يمكن تمحيصها إحصائيا، أي يمكن حساب أهميتها
وفقا لقوانين الاحتماليّة، أي حساب مقدار انحرافها عن احتمالية ان تكون مجرد
صدفة. أشار يونغ إلى ان التنجيم
مبني على مبدأ التَزامُنية لأن الفكرة الجوهرية فيه هي ان البيانات الفلكية
تتطابق مع الصفات الشخصية للأفراد، ولكن من غير ان تكون هذه الحوادث الفلكية هي سبب
ظهور صفات الفرد بالشكل المعين. إلا ان يونغ كان على وعي بأن المنجمين هم ابعد
ما يكونون عن الاتفاق على تفسير البيانات الفلكية بدلالة صفات الأفراد. فلو تم
إعطاء «خريطة أبراج» horoscope ولادة شخص ما لمجموعة من
المنجمين وطُلِب منهم ان يتوقعوا من خلال دراستها صفات ذلك الشخص لوجدنا بأن
بعضهم غالباً ما يأتي بنتائج مخالفة تماما لنتائج البعض الآخر. كما أشار يونغ
إلى مشكلة أخرى هي غياب معايير قياسية وموثوقة لتحديد صفات الفرد من خلال ما
يظهر في خريطة الأبراج. لذلك فانه أراد البحث عن علاقة تنجيمية لا يختلف عليها
المنجمون وليس لها علاقة بالصفات الشخصية للفرد. وقد اعتقد يونغ بأنه وجد ما
يبحث عنه في «المظهر التنجيمي» (7) aspect للزواج. إذ أشار يونغ إلى ان
المنجمين التقليدين أشاروا منذ القدم إلى ان الزواج يكشف عن نفسه في خريطة أبراج
كل من الزوج والزوجة من خلال ثلاث علاقات «اقتران» (8) conjunction هي اقتران شمس أحدهما مع قمر
الآخر، اقتران القمر مع القمر، واقتران القمر مع «الطالع» (9) ascendant. أي يمكن ملاحظة تكرر هذه
العلاقات اكثر من غيرها عند مقارنة الخرائط النجمية للمتزوجين. درس يونغ الخرائط النجمية
لعدد من الأزواج، ووجد أن العلاقات النجمية الثلاث المُشار إليها أعلاه تظهر
فعلا في مخططات هؤلاء الأزواج بنسبة تتجاوز بكثير نسبة احتمالية الصدفة. إلا انه
حين زاد من عدد الأزواج الذين درسهم بدأ عدد هذه العلاقات النجمية بالانخفاض ولم
تعد نسبتها تختلف بمقدار ذي دلالة عن نسبة احتمالية الصدفة، مما جعله يستنتج بأن
نتائج بحثه هي من الناحية العلمية «غير مشجعة للتنجيم في بعض النواحي، حيث يبدو
كل شيء كما لو انه يشير إلى انه في حالة الأعداد الكبيرة [من النماذج] فإن
الفروقات بين قيم التكرار للمظاهر التنجيمية للزواج بين المتزوجين وغير
المتزوجين تختفي تماما» (Jung,
1977a: 475). وفسّر يونغ ظهور العلاقات التنجيمية للزواج بمعدلات
ذات دلالة في المجموعة الأولى من تجاربه واختفاءها لاحقا بأنه كان في البدء
«مهتما» بدراسة الموضوع وكانت لديه رغبة في الحصول على نتائج إيجابية، وانه حين
بدأ يفقد حماسه وبدأ الملل ينال منه أخذت النسبة العالية للعلاقات التنجيمية
الخاصة بالزواج تقل حتى وصلت معدلات الصدفة. أي انه فسر الأمر كنوع من «تأثير
المُجرِّب». ولذلك فإنه يستنتج من تجاربه هذه بأن تجارب جوزيف راين كانت هي
الأخرى ستُقابل الفشل نفسه لو كان هذا الأخير قد اعتمد فيها على شخص واحد فقط (Jung,
1977a: 481-482). بديلٌ
لمبدأ التَزامُنية لقد بقي مبدأ
التَزامُنية اليونغي هو التفسير المعتمد للمتزامنات من قبل معظم المهتمين
بهذه الظواهر الغامضة. حتى ان بعض المحاولات المعدودة للمجيء بتفسير بديل لم تكن
في الحقيقة إلا إعادة صياغة لمبدأ التَزامُنية وعرْض له بشكل آخر غير الشكل
اليونغي (التقليدي) له. لقد تركت أفكار يونغ أثرا كبيرا وواضحا على جميع الذين
اهتموا بدراسة المتزامنات سواءً كانوا من اتباع مدرسته في علم النفس أم لا. لذلك
فإن ما طُرح من تفسيرات بديلة للمتزامنات تفتقد للأصالة، كما ولم يحظَ أي منها
باهتمام جدي من قِبَل الباحثين المهتمين بالمتزامنات والذين ظلت غالبيتهم العظمى
ترى في مبدأ التَزامُنية اليونغي تفسيرا مقنعا لهذه الظواهر الخارقة للمألوف.
وهنا لابد من التطرّق إلى إحدى المحاولات التفسيرية الأخرى للمتزامنات ليتّضح
التأثير الكبير الذي تركته أفكار يونغ على المهتمين بهذه الظواهر الفريدة. بدأت سوزان بادفيلد
Suzanne Padfield معالجتها لمفهوم التَزامُنية برواية الحادثة
التالية التي وقعت لها شخصيا والتي كانت ذات اثر كبير عليها في صياغتها لنظريتها
عن المتزامنات، والتي تشير إليها بتعبير ظواهر تزامنية جريا على نهج يونغ: "قبل سنين مضت، تكررت مشاهدتي لحلم مثير
للاضطراب. في الحلم، كنت أجد نفسي تائهة تماما في منطقة ريفية غير مألوفة،
وبينما كنت أحاول ان أجد طريقي كانت تظهر فوق رأسي في السماء طائرة على شكل طبق
لامع ضخم. عندئذ كنت أجد نفسي بشكل غامض على الطريق قرب منزلي. استمر هذا لعدة
اشهر حتى أصبحت تنتابني حالة قلق كلما كان علي ان أقود السيارة على امتداد
الشارع الذي كان ينتهي الحلم عنده. في إحدى الليالي، اتخذتُ طريقا مختصرا إلى
البيت عائدة من عملية تصوير كنت اشترك فيها في منطقة دورسيت [في جنوب إنكلترا].
وفقدت السبيل وسط متاهة من الممرات الريفية الضيقة، وكانت الليلة مظلمة. فتوقفت
عند أعلى تل شديد الانحدار لأبحث عن علامة على الطريق، وما ان فعلت ذلك حتى ظهر
فوق رأسي في السماء شيء على شكل قرص لامع ضخم؛ اقدر طوله بحوالي ربع ميل.
أصِبْتُ بحالة رعب وقدتُ السيارة نحو اقرب أضواء مدينة أو قرية استطعت ان أراها
عن بُعد. لدهشتي وخوفي، خرجتُ إلى امتداد الطريق الذي في الحلم. في اليوم
التالي، كانت الصحف مليئة بتقارير عن أناس شاهدوا ظاهرة «الطبق الطائر» U.F.O. تلك (Padfield, 1981: 79). ولكن ما علاقة هذه الحادثة
الغريبة بمفهوم التَزامُنية؟ لقد استعارت سوزان بادفيلد من يونغ فكرته بأن
المُتَزامِنة تمثل توافقا بين حالة نفسية وحادثة خارجية فيزيائية، حوَّرَت فيها
بعض الشيء، و أقامت عليها نظريتها التفسيرية للمُتَزامِنات. فأولا نجد ان
بادفيلد تتحدث عن حالة «عقلية» mental لا حالة «نفسية» psychic، رغم ان هذا قد لا يكون اختلافا
حقيقيا إذا أخذنا بنظر الاعتبار حقيقة ان هذين المصطلحين كثيرا ما يُستعملان حتى
من قبل الباحثين المتخصصين بشكل متبادل، أي كأنهما يشيران إلى الشيء نفسه. إلا
ان الاختلاف الرئيسي في نظرية بادفيلد هو ان هذه النظرية توحي بشكل قوي بأن
هنالك علاقةً سببية بين الحالات العقلية والأحداث الفيزيائية الخارجية، رغم ان
بادفيلد نفسها تبدي تحفظات على هذا الاستنتاج. تعتقد بادفيلد بأن الواقع
يتشكّل من عدد محدد من الحوادث التي تقع من بين مجموعة كبيرة من أحداث «ممكنة
الوقوع»، وهي أيضا تعتقد بأن أفكار الإنسان والصور التي تظهر في عقله لها علاقة
مباشرة بأي من تلك الحوادث «ممكنة الوقوع» والتي تقع فعلا، أي تصبح واقعا
متحقِّقاً. فعند توفّر قدر كاف مما تسميه بادفيلد «شفرات التطابق» matching
codings
بين حالات عقلية وبين أحداث «ممكنة الوقوع» فإن هذه الحوادث تقع فعلا، بينما لا
تقع حوادث غيرها «ممكنة الوقوع» لعدم توفر قدْرٍ كاف لها من شفرات التطابق هذه.
أما المقصود بشفرات التطابق هذه فهي التوافقات بين أحلام الإنسان وخيالاته
وأفكاره الخاصة وبين الحوادث ممكنة الوقوع. ولتوضيح نظرية بادفيلد يمكن الرجوع
إلى تفسيرها لحادثة الطبق الطائر الذي شاهدته في الحلم. إذ تعتقد بادفيلد بأن حادثة
الطبق الطائر كانت قبل ان تقع حادثة «ممكنة الوقوع» إلا ان ما جعلها تتحول إلى
حادثة حقيقية هو مشاهدتها بشكل متكرر لذلك الحلم، حيث ان تكرار الحلم ولّد قدرا
كافيا من شفرات التطابق بين عقلها وبين حادثة الطبق الطائر فتحققت هذه الحادثة
فعلا! لذلك فإنها تقول: «إنني أساهم في [خلق] ما اعتبرهُ الواقع الموضوعي. إن
الواقع ليس شيئا أنا خاضعة له، انه شيء أنا اخلقه» (10) (Padfield,
1981: 80). أي وفقا لبادفيلد فان الإنسان هو صانع للواقع
لا مشاهد له فقط. وكتوضيح لمفهومها هذا تعطي بادفيلد مثالا آخر: إذا حلم
شخص بأن الطائرة التي حجز فيها مقعدا للسفر ستقع وانه لذلك ألغى رحلته عليها وان
الطائرة وقعت فعلا، فان هذا الشخص يكون قد ساعد على وقوع الطائرة! إذ بمجرد
تمسكه بالصورة العقلية عن سقوط الطائرة، والمتمثلة بالحلم، فإن عقل الشخص يزود
شفرات تطابق تجعل من سقوط الطائرة اكثر احتمالا للوقوع. وبإلغائه لرحلته على
الطائرة فان الشخص يضاعف من كمية شفرات التطابق التي تجعل الطائرة تقع فعلا. كما ترى بادفيلد أن شفرات
التطابق هذه قد تُسبِّب تكرار وقوع حادثة ما لعدد من المرات إلا أنها قد لا تكون
كافية لجعل الحادثة التي تقابلها تلك الشفرات حادثة دائمية. وعلى أساس من هذه
الفرضية تفسر سبب كون رؤية أطباق طائرة هي ظاهرة تحدث من وقت لآخر ولأفراد
معدودين فقط وليست حادثة مستمرة أو تتكرر بشكل مستمر ويشاهدها جميع الناس. أي
إذا اصبح الناس يفكرون بظاهرة الأطباق الطائرة بشكل مكثف وأخذوا بالتعامل معها كظاهرة
واقعية فان هذه الأطباق الطائرة تبدأ فعلا بالظهور بشكل مستمر وتصبح
ظاهرة دائمية في الحياة كما هو الأمر مع الطائرات الاعتيادية! بعبارة أخرى،
تقترح بادفيلد في نظريتها بأن الواقع ليس بالوجود الموضوعي المنفصل عن إدراك
الإنسان و إنما هو نِتاجٌ ذاتي لأفكار الإنسان وتصوراته. إن كون المستقبل عبارة عن
أحداث ممكنة الوقوع وان الواقع يتشكّل من مجموعة من هذه الحوادث التي تقع فعلا
هي فكرة لم تطبقها بادفيلد على الظواهر التَزامُنية فقط و إنما قامت بتطبيقها
أيضا على ظواهر خارقة للمألوف مثل التحريك الخارق للعادة و«التَكهُّن الخارق
للعادة» psychometry. وهذه الظاهرة الأخيرة تشير إلى
القابلية على معرفة معلومات أو تاريخ شيء أو شخص ما من خلال لمسه باليد أو النظر
إليه فقط، أي من غير استخدام أية وسيلة تقليدية من وسائل اكتشاف المعلومات. إن
بادفيلد ذاتها هي صاحبة قابليات متميزة على التحريك الخارق للعادة والتَكهُّن
الخارق للعادة وقد شاركت في تجارب علمية أجراها الباحث المعروف بينسون هيربرت Benson
Herbert
في مختبر البارافيزياء Paraphysics Laboratory في بريطانيا وشاركت أيضا في عام
1976 في تجارب علمية في معهد بحث ستانفورد العالَمي (11) Stanford Research Institute
International الأمريكي ذي السمعة العلمية الرفيعة. تشير بادفيلد إلى ان
فكرتها عن كيفية تشكّل الواقع من أحداث مستقبلية ممكنة الوقوع تتفق مع خبرتها
الشخصية عند ممارستها للتحريك الخارق للعادة أو التَكهُّن الخارق للعادة. وتشرح
بادفيلد ذلك كما يلي: في حالة التَكهُّن الخارق
للعادة أكون واعية بشعور مَسْح scanning للأحداث التي تشكّل ماضي الجسم
الذي احمله بيدي وبسلاسل أو آثار في الذاكرة، بعضها يصبح حوادث فعلية وأخرى
وُجدت فقط كحوادث محتملة. إن هذين النوعين من الحوادث يتم استكشافها [من قبل
عقلي]، فيما يتم عزل واستخلاص الحوادث الفعلية بنفس الشكل الذي يسترجع فيه المرء
آثارا من الذاكرة. في حالة التحريك الخارق
للعادة أكون واعية أيضا بسلسلة من الحوادث المحتملة والتي تكون على مراحل اشعر
بأنني أقوم باستكشافها كلها. إلا أنها تختلف عما يحدث في ظاهرة التَكهُّن الخارق
للعادة في كوني واعية بإمكانية وقوع أحداث مستقبلية مكشوفة أمامي والتي أكون
قادرة على اختيار واحدة من بينها، والتي تتحقق فعلا [أي الموقع الجديد الذي
يتخذه الجسم الذي تحاول تحريكه بشكل خارق للعادة] (Padfield,
1980: 167). إن تفسير بادفيلد هذا
يتضمن عيبا مهما، وهذا العيب يبدو واضحا تماما في حالة تطبيق التفسير المذكور
على ظاهرة التحريك الخارق للعادة. إذ تدعي بادفيلد بأنها عند محاولتها تحريك جسم
ما من غير أن تلمسه أو أن تحركه بأي وسيلة تحريك تقليدية فإنها تقوم باختيار
موقع لهذا الجسم من بين مجموعة من المواقع التي يمكن أن يحتلها، حيث أن حرَكَته
إلى أيٍّ من هذه المواضع هي حادثة ممكنة الوقوع. إلا أن العيب الكبير في هذه
الفرضية هو أنها باعتبارها لهذه الحركات ممكنة الوقوع فإن بادفيلد تهمل المشكلة
الرئيسية في ظاهرة التحريك الخارق للعادة إلا وهي أن حركة الجسم في هذا النوع من
الظواهر الغامضة تعتبر من وجهة نظر المنظومة النظرية للعلم المعاصر حركات
مستحيلة الوقوع! إن اللغز الفكري الذي تشكّله ظاهرة التحريك الخارق للعادة يكمن
في ان الحركات التي يُلاحَظ حدوثها في هذه الظواهر لا تُعتبر من الحوادث الممكنة
الوقوع فيزيائيا وذلك لأنه لا يبدو أنها تحدث وفقا لأي من أسباب التحريك
المعروفة، ولذلك فإن هذه الحركات لا يمكن اعتبارها من الحوادث «ممكنة الوقوع»،
إلا أن بافيلد تغض النظر عن هذه النقطة الجوهرية في موضوع التحريك الخارق للعادة
لكي تجعل من هذه الظاهرة برهانا على نظريتها! من الواضح أن بادفيلد تحذو
حذو يونغ في اعتبارها للظواهر الخارقة للعادة أشكالا أخرى من المُتَزامِنات.
ويبدو أنها تأخذ بهذا الاعتقاد متأثرة بفكرة يونغ عن نسبية المكان والزمان
وبالتالي انتفاء الحدود المطلقة بين الماضي والحاضر والمستقبل، وكذلك بين القريب
والبعيد. إن الجزء الأكبر من تفسير
بادفيلد لنظريتها يبيّن بشكل واضح أن هنالك علاقةً سببية بين الحالات العقلية
والأحداث الخارجية التي تقع. إلا أنها تعود في فقرة غامضة في بحثها عن
التحريك الخارق للعادة لتؤكد على انه وعلى الرغم من أن العقل يقوم باستكشاف
الحوادث الممكنة الوقوع مستقبلا فان العقل ليس هو الذي يحدد أية حادثة من بين
الحوادث الممكنة الوقوع هي التي تقع و إنما «هذا أمر تحدده الاحتمالاتُ نفسها»! (Padfield,
1980: 170). من الواضح أن بادفيلد تحاول القيام بما قام به يونغ
من قبلُ من محاولة تجنب الإيحاء بأن هنالك علاقة سببية في نظريتها، وبالتالي فان
محاولتها هذه لم ينتج عنها سوى عبارات غامضة ومتناقضة وذلك كما سبق وان حدث مع
يونغ الذي جاء بنظرية حاول من خلالها إنكار السببية! 1- الباراسايكولوجيا
التجريبية: الدراسة المختبرية لظواهرٍ من قبيل التحريك الخارق للمألوف،
والاستشعار والاستبصار غير المألوفين. وكلها ظواهرٌ لا تفسير لأنها وفقاً
للقوانين الطبيعية المعروفة. 2- الاستبصار clairvoyance هو نوع من الاستشعار الذي يتم فيه استلام
المعلومات بصريا، بخلاف الاستشعار السمعي clairaudience الذي يشير إلى استلام المعلومات على شكل
أصوات. ولندرة حوادث الاستشعار السمعي وكون معظم حوادث الاستشعار هي استبصار فان
العديد من الباحثين يستخدمون تعبير «الاستبصار» بدل «الاستشعار» عند تصنيف
الظواهر الخارقة للعادة ويهملون الإشارة إلى الاستشعار السمعي. 3- يتكون ورق
زينير من خمس وعشرين ورقة تحمل كل خمس منها إحدى العلامات: مربع، دائرة، نجمة،
علامة الضرب، أو ثلاثة خطوط متموجة. قبل الشروع في التجربة تُخلَط الخمس وعشرين
ورقة، عادة بواسطة ماكنة خاصة، ليكون ترتيب الأوراق عشوائيا وغير معلوم للباحث
القائم بالتجربة ولا للشخص تحت التجربة. في حالة اختبار قابلية توارد الأفكار
يقوم الباحث أو شخص آخر بكشف الأوراق بالتسلسل والاطلاع على كل ورقة فيما يتوجّب
على الشخص الذي تُختبر قابليته على قراءة الأفكار تحديد علامة كل ورقة يسحبها
هذا الشخص وذلك عن طريق قيامه بقراءة أفكار هذا الأخير؛ وفي حالة اختبار قابلية
الاستشعار يجب ان لا يرى أحد الورقة التي تُكشف، حتى الذي يقوم بسحبها، فيما
تكون مهمة الشخص تحت الاختبار تحديد نوع كل ورقة تُسحَب، ومن ثم تُقارن توقعات
الشخص للترتيب الذي سُحبت به الأوراق مع ترتيبها الفعلي. حسب قوانين الاحتمالية
فان الشخص الذي ليست لديه قابليات خارقة للمألوف من المفروض ان ينجح «صدفةً» في
تخمين ما معدله خمس من مجموعة الأوراق الخمس والعشرين. فإذا تجاوزت نسبة نجاحه
العشرين بالمائة فان هذا يزيد من احتمال ان يكون نجاحه مَرَدَّه لا إلى الصدفة
ولكن إلى قابلية خارقة للمألوف. طبعا كلما ازدادت نسبة النجاح عن العشرين
بالمائة تلاشت احتمالية ان يكون نجاحه صدفة وازدادت احتمالية ان يكون هنالك سبب
آخر غير الصدفة، أي قابلية خارقة للمألوف، وهكذا يتم التعامل الإحصائي مع بيانات
ونتائج التجارب "الباراسايكولوجية" بشكل عام. لمزيد من المعلومات عن
استخدام أوراق زينير في اختبارات هذه الطائفة من القابليات الخارقة للعادة انظر
(حسين وفتوحي، 1995: 33). 4- يبيّن هذا
القانون الأساسي من قوانين الفيزياء والذي تخضع له القوى التثاقلية (التجاذبية)
والكهرومغناطيسية، ولكن ليس النووية، بن القوة تتناسب بشكل عكسي مع مربع المسافة
بين الجسمين، أو الشحنتين، المتفاعلين. 5- نُشِر جواب
يونغ على الاستبيان في: International Journal of Parapsychology
(1963), 4, 450. 6- هنالك اكثر
من أسلوب لضمان ان يكون اختيار التفسير عشوائيا. أحدها يتم بتقسيم السيقان
التسعة و أربعين لنبات الألفية yarrow إلى كومين بشكل عشوائي ومن ثم استخدام أسلوب معين في حساب عدد
السيقان في كل كوم وبالتالي معرفة رقم التفسير الذي يجب الرجوع إليه. الأسلوب
الآخر يتم برمي ثلاث قطع من النقود ست مرات، ومن خلال ناتج الرميات يُمكن تحديد
التفسير الذي يجب استخارته (تفاصيل هذا الموضوع تقع خارج نطاق هذا المقال ويمكن
الرجوع إلى شرح تفصيلي في Chen, 1972). 7- المظهر
التنجيمي لكوكبين هو الفرق بين زاوية الطول longitude لكل منهما. 8- يحدث
الاقتران بين جسمين سماويين حين تكون لهما نفس زاوية الطول. 9- الطالع هو
درجة البرج المعين الذي يكون على الأفق الشرقي eastern horizon للحظة التي تُحسَب خارطة الأبراج لها 10- إن هذه
النظرة «الذاتية» للواقع تكشف ولاشك عن تأثّر كبير بمفاهيم الفيزياء الكمية، على
ان بادفيلد لا تشير إلى هذا التأثر في كتاباتها. وسيتم التطرق إلى هذه المفاهيم
في مقال قادم. 11- كان اسم
المؤسسة في ذلك الوقت معهد بحث ستانفوردStanford Research Institute .
|
||||
المراجع Bolen, J. S. (1979).
The Tao of Psychology: Synchronicity and the Self, New York: Harper &
Row. Braude, S. E. (1979). ESP and Psychokinesis: A Philosophical Examination, Philadelphia: Temple University Press. Franz, M.-L. von
(1992). Psyche and Matter, Boston: Shambhala Publications. Freud, S. (1939).
Moses and monotheism, New York: Random House. Jung, C. G. (1953a).
The Psychology of the Unconscious; CW 7: Two Essays on Analytical Psychology,
Edited by H. Read, M. Fordham & G. Adler, Translated by R. F. C. Hull,
London: Routledge & Kegan Paul. Jung, C. G. (1953b).
The Relations Between the Ego and the Unconscious; CW 7: Two Essays on
Analytical Psychology, Edited by H. Read, M. Fordham & G. Adler,
Translated by R. F. C. Hull, London: Routledge & Kegan Paul. Jung, C. G. (1977a).
Synchronicity: An Acausal Connecting Principle; CW 8: The Structure and
Dynamics of the Psyche, Edited by H. Read, M. Fordham & G. Adler,
Translated by R. F. C. Hull, London: Routledge & Kegan Paul. Jung, C. G. (1977b).
On the Nature of the Psyche; CW 8: The Structure and Dynamics of the Psyche,
Edited by H. Read, M. Fordham & G. Adler, Translated by R. F. C. Hull,
London: Routledge & Kegan Paul. Jung, C. G. (1977c).
The Structure of the Psyche; CW 8: The Structure and Dynamics of the Psyche,
Edited by H. Read, M. Fordham & G. Adler, Translated by R. F. C. Hull,
London: Routledge & Kegan Paul. Jung, C. G. (1977d).
On the Nature of Dreams; CW 8: The Structure and Dynamics of the Psyche,
Edited by H. Read, M. Fordham & G. Adler, Translated by R. F. C. Hull,
London: Routledge & Kegan Paul. Jung, C. G. (1977g).
Instincts And The Unconscious; CW 8: The Structure and Dynamics of the
Psyche, Edited by H. Read, M. Fordham & G. Adler, Translated by R. F. C.
Hull, London: Routledge & Kegan Paul. Lindorff, D.
(1995b). Psyche, Matter and Synchronicity: A Collaboration Between C. C. Jung
and Wolfgang Pauli. Journal of Analytical Psychology, 40, 571-586. Mansfield, V.
(1995). Synchronicity, Science, and Soul-Making: Understanding Jungian
Synchronicity Through Physics, Buddhism, and Philosophy, Illinois: Open
Court. Padfield, S. (1980).
Mind-Matter Interaction in the Psychokinetic Experience. In: B. D. Josephson
& V. S. Ramachadran (Eds.), Consciousness and the Physical World, Oxford,
Pergamon Press, 165-170. Padfield, S. (1981).
Archetypes. Synchronicity and Manifestation. Psychogenetics, 4, 77-81. Rhine, J. B. (1934).
Extra-sensory Perception, Boston: Boston Society for Psychic Research. Rhine, J. B. (1937).
New Frontiers of the Mind, New York: Farrar & Rinehart. Rhine, J. B. (1947).
The Reach of the Mind, New York: W. Sloane Associates. Rhine, J. B. (1950).
An Introduction to the Work of Extra-sensory Perception. Transactions of the
New York Academy of Science. Series II, 12, 164-168. Rhine, J. B. &
Humphrey, B. M. (1942). The Transoceanic ESP Experiment. Journal of
Parapsychology, 6, 52-74. Shallis, M. (1982).
On Time, London: Burnett Books. Soal, S. G. &
Bateman, F. (1954), Modern Experiments in Telepathy, New Haven, Conn.: Yale
University Press. Storr, A. (1986).
Jung: Selected Writings, London: Fontana Press. Tyrrell, G. N. M.
(1947). The Personality of Man, Middlesex: Penguin. Wilhelm, R. (1950).
The I Ching or Book of Changes, Translated by C. F. Baynes, Princeton:
Prinecton University Press. Wilson, C. (1991). Beyond the Occult, London: Corgi Books. Zabriskie, B.
(1995). Jung and Pauli: A Subtle Asymmetry. Journal of Analytical Psychology,
40, 531-553. |
||||
Document Code OP.0055 |
ترميز المستند OP.0055 |
|||
Copyright
©2003 WebPsySoft Arab Company www.arabpsynet.com (All Rights Reserved) |