Arabpsynet |
||
|
||
الوظيفــة الجنسيــة... مـن التكاثــر إلـى
التواصــل أستــاذ الطــب النفســي
– جامعــة القاهــرة Email : info@mokattampsych.com Website : www.Mokattampsych.com |
||
|
||
q
المحتويـات
|
||
1-
أسئلة مبدئية (وحرج
شخصي) 2-
المنهج، ومصادر
المعرفة عن الجنس 3-
الجنس واللغة & الجنس لغة 4-
التحدي البشري هو في
التواصل أساسا. 5-
الجنس والموت والدين 6-
الجنس والحب |
||
q
النــص
الكامـــل |
||
الفرق بين الثقافة العلمية، والمعلومات العلمية؟ !! هذا اللقاء هو بعض
نشاط منتدى أبو شادي الروبي لأصدقاء الثقافة العلمية (فاللجنة هي: لجنة الثقافة
العلمية)، وهذه محاضرة في المجلس الأعلى للثقافة، عن الجنس وما إليه، وما آل
إليه، فما هو الفرق بين ما يجوز أن يلقى هنا والآن، وبين ما يمكن أن يلقى في نفس
الموضوع في المجمع العلمي، أو مركز الأبحاث، أو في كلية الطب، أو الآداب، أو
لطلبة الثانوية العامة، أو الثانية إعدادي؟ ظللت طوال السنوات
الخمس الماضية (وأنا أشرف بعضويتي لهذه اللجنة)، وأنا ألغ إلحاحا متصلا لأفهم
أولا، ثم لأحاور ثانيا، ثم لأسوق ثالثا ما هو "ثقافة علمية"، وقد وضعت
لذلك تعريفات كثيرة، ونشرت رأيي في أماكن كثيرة، وخلاصته تبدأ بنفي يقول: إن
الثقافة العلمية ليست هي العلم، وليست هي المعلومات، وليست هي تبسيط العلوم،
وليست هي تسويق العلوم، وإن كان كل ذلك من أدواتها وأضيف بهذه المناسبة
عرض لموقفي بألفاظ أخرى يقول: إن الثقافة العلمية
هي: (1) تفعيل المعلومة
العلمية لتصبح في متناول الوعي العام لغالبية الناس المنتمين إلى ثقافتنا الخاصة
في موقعنا المتميز، (2) ومن ثم هي
الإسهام في تشكيل هذا الوعي (3) وهي ترويج
لاتباع منهج فرضى استنتاجي في التفكير، وهو منهج مفتوح النهاية بالضرورة، (4) وهي تسعى لتدعيم
الموقف النقدي الموضوعي في معظم أمور الحياة في الفعل اليومي ومن هنا كنت كلما
حضرت محاضرة "علمية" رائعة في هذا المنتدى أتساءل: 1- هل هناك فرق يميز
هذا اللقاء عن لقاءات "علمية" أخرى 2- هل استطاع اللقاء
(أو المحاضرة) أن يوصل المعلومة بطريقة مختلفة بحيث تكون "فعلا"
مسئولا، يمتزج بالوعي ويغير السلوك، وليست مجرد إضافة معقلنة تحفظ وتنسى أو لا
تنسى 3- هل كان المخاطب
في المقام الأول هو: الوعي ليتشكل، أم العقل ليتمنطق؟ (باعتبار أن الثقافة
العلمية تخاطب الوعي من خلال العقل ولا تكتفي باستعمال الوعي خلفية يقظة لتشحذ
به العقل سيد الموقف أبدا) 4- وما تبقى بعد هذا اللقاء إن تبقى شيء- هل تبقى في
وعى الحضور أم في ذاكرتهم؟ وما الفرق؟ 5- وهل سينتقل ما تبقى- تلقائيا ما أمكن- إلى أصحاب
المصلحة؟ عامة الناس؟ وكنت أجد الإجابات على كل ذلك مشكلة وغير حاسمة،
وأحيانا قاسية، و مؤلمة، وأحيانا أخرى متواضعة وآملة. وحين جاء دوري،
وقدمت محاضرتي الأولى في هذا المنتدى عن الصحة النفسية والتطور، والإيقاع
الحيوي، لم أستطع أن أحسن الإجابة على هذه الأسئلة إجابات تبرر إصراري على تميز
ما هو ثقافة علمية عن أي نشاطات "علمية أخرى"لا تذكر كلمة ثقافة قبلها. بل إنني حين ربطت بين رقصة
التنورة، وبين الذكر، وبين ضربات القلب، وبين دورات الجنون ودورات الكون ودورات
العبادة، قوبلت باستهجان شديد من المنهجيين التقليديين من حيث اعتراضهم عل خلط
"العلم" بالميتافيزيقا كل هذا أعاقني وأنا
أحضر لهذه المحاضرة التي أعترف أنني السبب في تورطي فيها: ذلك أنني تابعت حدثين
هامين على مدار الستة أشهر الماضية، حدثين ليس لأي منهما علاقة مباشرة بالآخر،
الأول طبي علمي، والثاني سياسي فضائحي (إعلامي)، الأول هو اكتشاف عقار الفياجرا،
والثاني هو مسلسل " كلينتون/مونيكا"، وقد لاحظت أن استقبال ناسنا
لهذين الحدثين يختلف اختلافات جذريا عن استقبال ثقافة أخرى، سواء في بلد المنشأ
(منشأ الحدثين: الولايات المتحدة) أو حتى عبر الأطلنطي، إذن فكل ثقافة من
الثقافات قد عايشت (قرأت، وانتقدت، وشجبت، وحبذت، وتفرجت على.. إلخ) الحدثين
معايشة مختلفة، فتساءلت: أي المواقف أكثر موضوعية؟، أكثر علمية؟ وأي الثقافات
أقرب إلى ما ندعو إليه مما يسمي الثقافة العلمية؟ وبما أن الحدثين يربطهما موضوع
الجنس "، فماذا يعلم ناسنا عن هذا الذي اسمه "الجنس"؟ أين يقع في
إطار معارفنا النظرية، ثم أين يقع ما نعرف عنه- صوابا أم خطأ من ممارساتنا
اليومية وسألت زملائي في اللجنة عن دورنا في كل هذا، فكان ما كان من ورطة ترتب
عليها موقفي هنا بينكم هكذا. كيف المحاضرة؟ لهذا سوف أحاول هذه
المرة أن أحدد ابتداء المنهج الذي سوف أتبعه في تقديم هذا الموضوع الشائع المشكل
معا، كنوع من التجريب لما يمكن أن تكون عليه مهمة محاضرة يطلق عليها
"ثقافة علمية " وليس فقط "علمية"، وقد اجتهدت في هذا
السبيل على الوجه التالي: 1- ألا ألزم نفسي
بتقديم إجابات محددة، ذلك لأنني من ناحية لا أعرف أغلب الإجابات، ومن ناحية أخرى
لأن مهمة الثقافة العليمة أن تحفز التفكير فالتساؤل، لا أن تكتفي بتقديم
المعلومات. 2- ألا أزحم المتن
باستطرادات إستشهادية من أدبيات الموضوع، وما أكثرها 3- أن ألحق بالمتن
ما تيسر من هوامش شارحة أو داعمة أو متحفظة 4- أن أحاول أن
أخاطب الحضور بصفتهم عينة ممثلة لثقافة فرعية محدودة- Sub-culture يمكن أن يتشكل وعيها من خلال
إضافة أو إثارة معرفية أسئلة مبدئية (وحرج
شخصي): أطرح في البداية عدة
أسئلة، على سبيل المثال لا الحصر، كمدخل إلى الموضوع، 1) هل "علم
الجنس " هو علم بكل المقاييس التقليدية والحديثة، أم لا؟ 2) وهل يدرج تحت
العلوم الإنسانية، أم العلوم البيولوجية؟ 3) وما هو منهج علم
الجنس هذا؟ وما مدى تنوعه؟ ومدى مصداقيته؟ حتى يمكن أن نحدد موقفنا من معطياته،
بمعنى أن نقرأ ما يقول قراءة نقدية من واقع منهجه (هم، ومهمة الثقافة العلمية
أساسا) 4) ألا يتناول علم
الجنس واحدا من أكثر السلوكيات شمولا وجذرية (إذ يشمل كل الناس !ويلمس عمق
الوجود (فردا ونوعا)؟ 5) ألا يمكن أن يكون
اختبارنا- هنا والآن- لعلاقة ما هو علم الجنس، بما هو ممارسة الجنس، بما هو
ثقافة (تشكيل الوعي) هو فرصة لاختبارنا لموقعنا من مهمتنا الأولى في هذا التخصص
وهو "تفعيل المعلومة في الوعي الخاص فالعام ".؟ 6) وهل يؤثر موقفنا
من المعلومات والمعارف عن ماهية الجنس وتوظيفه في سلوكيات أخرى بعيدا عن منطقة
الممارسة الجنسية. (مثلا موقفنا من التطور، ومن التواصل كومن الحرية، ومن الجسد،
ومن الإبداع، ومن ثم من العلاقة بالآخر، ونوعية الوجود البشرى وغير ذلك؟) ثم أنتقل، وأنا أدعى
الحرج لأقصى درجة، من هذه الأسئلة العامة إلى أسئلة خاصة، لا أطلب الإجابة عليها
أصلا، بل إنني أنصح الحضور ابتداء ألا يحاولوا الإجابة عليها إلا أن تأتيهم
وحدها، الآن أو فيما بعد، أو لا تأتى أبدا. وعلى الرغم من يقيني
من سخف موقفي هذا، إلا أنني لكي أكون أمينا مع نفسي،
ومعكم، مضطر أن أثير ما أضمن به أنني أخاطب وعى الحضور
من خلال حضور وعيى شخصيا، وبذلك أتصور أنني أحاول أن أتجنب ما أخذته على غيري،
بأن أعمق قصدا الفرق بين خطاب العلم، وخطاب الثقافة العلمية،. لكل هذا فضلت أن
أبدأ بتوجيه الخطاب لنفسي دونكم، بحيث يكون تغيير ضمير المخاطب هو على مسئولية
من يفعل ذلك إذا أما أراد أن يلحق بي، ولم يكتف بأن يتفرج على: 1- من أين استقيت
معلوماتي عن الجنس؟ في الطفولة، ثم وأنا مراهق، ثم وأنا ممارس، ثم وأنا ناضج ثم
الآن وأنا هكذا الآن؟ 2- وهل تغيرت نظرتي
للجنس، وللحياة، بتغير مصدر، ونوع المعلومات وبصياغة أخرى: ما هي علاقة هذه "المعلومات" التي وصلتني (من أي مصدر)،
بممارسة الحياة بكل تجلياتها في الجسد والجنس والحرية والمعرفة والإبداع؟ 3- وبالنسبة لهذه
المحاضرة، هل يمكن أن تساهم في إعادة تشكيل وعيى (باعتباري مواطنا من المواطنين
المستهدفين لنشاط لجنتنا الموقرة)؟ سواء في ذلك وأنا ألقيها أو وأنا متقمص أحد
أو إحدى الحضور 4- وهل ثمة أسئلة
حول المسألة الجنسية ما زالت متبقية تشغلني بلا حل حتى تاريخه؟ 5- وهل يمكن اختبار
أي من هذا، في مجتمعنا هذا، والمؤسسة الزواجية لها وعليها، ما لها وما عليها؟ وبديهي أنني لن
أجيب، بل أنني أكاد أعترف أن الإجابات التي راودتني لم تكن إجابات بالمعنى
المباشر. وربما كان من السخف
أن أكرر اعتذاري عن هذا المنهج الذي اخترته، فلأبرره إذن : إن ما اضطرني إلى مثل
ذلك هو أنني رأيت أن لهذه الأسئلة جانب تطبيقي مباشر من حيث علاقة ذلك بقضية
تدريس الثقافة الجنسية في المدارس الإعدادية والثانوية، وربما في الجامعة، بل
وقبل كل ذلك في المرحلة الابتدائية، ذلك أنني تصورت أنه إذا لم يسأل المدرس نفسه
مثل هذه الأسئلة، التي سألتها لنفسي الآن، وإذا لم يحاول الإجابة عنها ولو
جزئيا، فما الذي يسوف يقوم بتدريسه بالله عليكم؟ تشريح الجهاز التناسلي لكل من
الذكر والأنثى؟ الأضرار الوهمية للعادة السرية؟ فإذا كنا نطالب المدرس (وكل
تربوي) أن يضع ذلك في الاعتبار، ألا نتقمصهم لنرى هذا الذي نطلبه منهم على مستوى أصعب وأشمل: هل هو ممكن أم لا بالنسبة
لمن يتصدى لنفس المسألة على هذا المستوى المحدود مع الخاصة هكذا؟ ولا بد أن أعترف أن
هذه المواجهة بهذه الأسئلة كان أعاقت انطلاقي في محاولة جمع المعلومات الأساسية،
بقدر ما أشعرتني بالأسف وأنا أفكر في محاولة التراجع. ثم إنها نبهتني إلى خطورة
وصعوبة ما يسمى الثقافة العلمية. 2 المنهج ومصادر
المعرفة عن الجنس أولا: إستحالة فصل المعلومة عن منهجها إذا كان همنا- فيما
هو ثقافة علمية- أن نرسي قواعد المنهج أكثر من (أو على الأقل: جنبا إلى جنب مع)
تقديم المعلومة، فقد وجدته مناسبا، حتى لو لم أقدم أي معلومة ذات قيمة في ذاتها،
أن أحدد المنهج الذي من خلاله يمكن أن نتواصل بدرجة مناسبة من الصدق والنفع. تأتى المعلومات عن
الجنس، سواء ارتقى ذلك حتى سفي "علم الجنس "، أم ظل في حد!د النظرية، أو
كان مازال في مرحلة الفرض أو أنه لم يتجاوز تأملات الانطباع، تأتى من مصادر
متعددة، وبالتالي فلا بد أن تقرأ كل معلومة على حدة، في حدود مصداقية منهجها،
وفي هذه المحاضرة- كمثال- سوف تكون المعلومات التي سأقدمها من مصادر متنوعة،
أرجو أن تكون متكاملة فيما بينها حتى لو بدا ظاهرها متناقضا، ومن ذلك: 1 ): معلومات
تاريخية: (مثلا تاريخ الدافع الجنسي لـ كولن ولسون، وتاريخ الجنسانية لفوكو...
الخ) وهي مثل كل المعلومات التاريخية، عليها كل مآخذ مناهج دراسة التاريخ، الذي
يتراوح بين خيالات خصبة، ووقائع ناقصة، وتحيزات عفوية أو مقصودة إلخ، وبالتالي
فلا بد أن تؤخذ بحذر مناسب. إلا أن هناك تاريخ
حاضر بيننا هنا والآن بشكل مباشر، وهو تاريخ الجنس في تطور الأحياء، وهو من أثرى
المصادر، لكنه للأسف مبنى على نظرية مازالت قيد النقاش والمراجعة، وهي نظرية
النشوء والارتقاء، ومع أن أغلب الهجوم عليها هو من غير أهلها، إلا أن بعض
المراجعات التي جرت عليها مؤخرا تحتاج نظرة جادة قبل رفضها، وبمجرد أن نأخذ هذه
النظرية كأساس للتفكير في التاريخ حاضرا، فإننا سوف نفاجأ بثروة هائلة من سلسلة
الأحياء التي يمكن أن تقدم لنا التاريخ الحيوي – بما في ذلك تاريخ الجنس- ماثلا
أمامنا (مرة أخرى: هنا والآن) ثانيا: معلومات إنتشارية إحصائية عن السلوك الجنسي في
السواء والمرض وتأتى هذه المعلومات بواسطة منهج محكم ذي مصداقية
وثبات عاليين، لكننا، في بعد أن تسجل المطبعة الأرقام وتصبح في متناولنا، لا بد
من أن نتساءل كيف نقرأ هذه الأرقام، ولا بد في هذا الصدد من الإقرار بأنه ينبغي
أن ننظر إلى كل رقم يصلنا في سياق عينة البحث الذي صدرت عنه، وطريقة الحصول على
المعلومات (مثلا: هل العينة ممثلة فعلا لمن فحصتهم؟ وهل تم الحصول على المعلومات
بالهاتف، أم بالبريد، أم بالمقابلة الشخصية؟... إلخ) بل ويمتد الأمر- حديثا- إلى
ضرورة السؤال عن مصدر تمويل مثل هذه الأبحاث، وأيضا عن ضمانات مصداقية عملية ملء
استمارة جمع المعلومات إلخ (مثلا: إذا سألت نساء مجتمع- ثقافة- معينة عن نسبة
وصولهن إلى ذروة الشهوة في الممارسات الجنسية، فكم منهن يعرف حقيقة وفعلا ما هي
ذروة الشهوة؟ وهل توجد ذروة واحدة، أم أنواع متصاعدة، فإذا أضفنا إلى ذلك الظروف
الخاصة بمجتمعات مغلقة مكبوتة مثل مجتمعنا، إذن لزادت الصعوبة، وبالتالي زاد
التنبيه للحذر من التعميم واحتمالات التحيز، لأسباب حقيقية وزائفة، شعورية ولا
شعورية. ثالثا: معلومات نظرية (تنظيرية)، وهي المعلومات التي تقدم
وجهة نظر أو نظرية، وهي عادة لا تنبع من فراغ، وإنما تستند على "أولا، أو
"ثانيا" أو كليهما أ وغيرهما (أنظر بعد) وقد تصل إلى مستوى النظرية،
أو تقف عند مستوى الفرض، أو حتى الانطباع !وهذه المعلومات ليست أقل فائدة أو
أضعف دلالة، فكل نظريات فرويد في الجنس حتى الآن مازالت في هذا المستوى، وتختلف
هذه المعلومات إذ تصدر من مجرد منظر (قد يصل حدسه إلى عمق صادق رائع) عنها حين
تصدر من ممارس إكلينيكي قادر على تعديل موقفه وتنظيره باستمرار من خلال ما يمارس
مع بشر حي في اختلاف أنواع ما هم وما يمثلونه. رابعا: معلومات خبراتية، (وهي غير المعلومات الذاتية الصرف،
أنظر بعد) وهي تبدو لأول وهلة من أضعف المصادر، إلا أن النظرة الأحدث للتطورات
التي حدثت للمنهج، والتي تؤكد تراجع المغالاة في مسألة الموضوعية في مقابل
الذاتية، وتنامي وصقل المنهج الفينومينولوجى، كل ذلك يعطى لمثل هذه المعلومات الخبراتية
مصداقية يعتد بها، حيث أنه لكي تسمى كذلك (خبراتية وليست ذاتية صرفا) لا بد وأن
يكون صاحبها في حالة جدل مستمر مع الواقع من خلال ذاته و تقمصاته وإبداعاته
لنفسه وخارجها. خامسا: "المعلومات عبر الإبداع " (القص خاصة)،
وقد أنشأت هذا التعبير إنشاء
لأنبه أن المعلومات التي تصلنا من خلال الإبداع ليست
بالضرورة معلومات فسقطة، ولا هي مجرد خيال، كما أنها ليست واقعا عيانيا
بالضرورة، وإنما هي نتاج حدس بشرى ملتزم في سياق إبداع خاص، وفي خبرتي النقدية
والعلمية على حد سواء، وجدت أن مصداقية هذه المعلومات تصل أحيانا لدرجة عالية
تماما، سواء كان المبدع قد مارسها، أم تقمص من تصور أنه يمارسها، والأغلب أن
تكون نتاج عمليات متداخلة متضفرة ذاتية وموضوعية معا، بحيث يصبح ما تصل إليه
وتصفه إضافة معرفية فيها إثراء حقيقي لأهم مشاكل وتحديات السلوك البشرى، سواء في
مجال التواصل أو في مجال الجنس (أنظر الملحق (3))، والفرق بين هذه
المعلومات الواردة في الإبداع الحقيقي، وبين المعلومات الخبراتية المباشرة هو
نوع القصدية، وطبيعة الناتج، ففي الحالة الأولى تكون الخبرة هي الإبداع الذاتي
في حضور " الموضوع "، ويكون الناتج تغير ذاتي قابل للترجمة إلى معلومات
عملية أو قولية، أنا في الحالة الثانية (المعرفة بالإبداع) فإن الإبداع يكون هو
المقصد الأول محتويا كلا من الخبرة والمعلومات والخيال والحدس وغير ذلك من
أدواته، ويكون الناتج نسيجا إبداعيا يكشف ويضيف دون أي قصد معرفي مباشر، ومن هنا
كانت التفرقة بين ما يسمى الأدب الجنسي أو أدب الإثارة الجنسية، والأدب المحتوي
لما هو جنس في سياق لا يمكن فصله عن سياق العمل المبدع عامة. وهذه المعلومات قد
تصل في مصداقيتها إلى أن تكون أصلا يعتد به في كل من العلم والنقد الأدبي
(والثقافة العلمية إ)، مثلما كانت ملحمة أوديب (وهاملت) أصل في فهم فرويد للجنس،
وهكذا. سادسا: معلومات ذاتية صرف، وهي أضعف الأنواع مصداقية، وخاصة
إذا كانت لم تختبر إلا من واقع الخبرات الذاتية المحدودة بالذات دون إبداع جدلي
يضمن تجاوز مجرد الإسقاط، جدل مع كل أنواع المعلومات والخبرات المعاشة والمتقمصة
بما يسمح بتجاوز الذات إلى ناتج الجدل مع الموضوع في سياق واقعي (واقع الداخل
والخارج معا). وبالنسبة لهذه
المحاضرة بوجه خاص، فأغلب المعلومات الواردة فيها،، هي من النوع
"ثالثا"، و"رابعا" و"خامسا". منهج التلقى
في مثل موقفنا هذا لا يصح أن نكتفي بأن نتحدث عن منهج
الملقى لون أن نعرج إلى منهج المتلقي، لأنه يبدو، (وخاصة في مسألة توظيف العلم
لتشكيل الوعي= الثقافة العلمية) أن منهج المتلقي لا يقل أهمية، إن لم يزد عن
منهج الحصول على المعلومة، وعن منهج أسلوب تقديمها، بمعنى أن أيا من الحاضرين
هنا، أو حتى ممن تتاح له قراءة هذه الورقة، فيما بعد، سوف يتلقى ما ورد فيها،
بطريقة تحددها عوامل لا بد أن تؤثر على تشكيل وعيه بشكل متفرد إن كان لنا أن
نأمل في ذلك، ويصح هذا سواء كانت المعلومة أرقام إحصاء أم تنظير عالم أم فرض
ممارس أم وعى مبدع؟ والأسئلة التي تطرح
نفسها في هذا المقام تتساءل عن مصير المعلومة التي تصل إلى وعى المتلقي، وأحسب
أننا لو وضعنا المسألة في شكل أسئلة محددة لكان ذلك أكثر اتساقا مع منطلقنا في
هذا اللقاء، ولنحاول أن نتساءل حول معلومة تصل إلى السامع (أو القارئ)، معلومة
تشير إلى: دلالة، أو ضرورة، أو مغزى ممارسة جنسية بعينها، سواء كانت في تفسير
النشاط الجنسي نفسه، أو ما يمثله من تواصل أو وداد أو حب أو ما شابه، فماذا
سيكون منهج المتلقي لهذه المعلومة (1) هل سيكتفي بأن
يقيسها بما سبق أن عرفه من معلومات حول نفس المسألة؟ (2) وهل معلوماته
السابقة هذه- سواء اتفقت مع ما سمع أم اختلفت- هي نابعة من مسلمات دينية، أم
أحلام يقظة، أم أيديولوجيات ثابتة، أم خبرة ذاتية. (3) فإذا كانت
الأخيرة، فهل سيغامر بأن يراجع ممارسته (4) فإذا حدث اختلاف
بين ما سمع وما يمارس، هل سيسارع برفض المعلومة حتى لا يقلق نفسه أو
شريكه (فيكون الرفض دفاعا مشروعا) (5) ثم هل سيذهب بما
وصله ليتحقق منه من مراجع أخرى، أو خبرات أخرى؟ وأين المجال والفرص؟ هذه كلها تحديات
أمام من يتصدى لتقديم يهدف إلى توظيفها في تشكيل ما هو ثقافة. إشكالة التواصل
البشرى: عنوان المحاضرة يقول
الوظيفة الجنسية من التكاثر إلى التواصل ويبدو لأول وهله إنه لا
ينقصنا فهم علمي لما هو "جنس"، ودوره في التكاثر، إذ أن هذا من أبسط
مستويات ما انتهي منه العلم، لكن الإشكال في فهم التواصل، لأننا- في واقع الحال
- لا نعرف ما هو التواصل الذي انتقل الجنس إلى تأدية الواجب بشأن تحقيقه،
فتعريف التواصل بين البشر بالمعنى الإنساني الموضوعي،
لتحقيق الوجود الإبداعي القادر على تخليق كيانات مستقلة متفاعلة متولدة من خلال
التقائها طول الوقت هو التحدي الحقيقي الذي يلقى في وجه العلم والممارسة على حد
سواء وقد حاولت مدارس نفسية كثيرة أهمها مدرسة أو
"مدارس". العلاقة بالموضوع، أن تحدد مراحل التواصل بين البشر أثناء
رحلة النمو، وأن تحاول أن تؤكد على أنه بغير موضوع حقيقي (لا موضوع ذاتي: أي
موضوع فسقط، أي موضوع ليس بموضوع) لا يمكن أن نعتبر أننا بشر بحق، وبما أن
التعامل مع موضوع "موضوعي" تماما هو أمر أقرب إلي اليوتوبيا، فإن غاية
المراد أن يكون تطور البشر يسير في هذا الاتجاه على الأقل، أي أن يرتقى الإنسان
باستمرار من استعمال الآخرين كما يراهم، إلى التفاعل معهم كما هم، وهذا لا يعنى
بحال الاستسلام الشيزيدى تحت عنوان الحرية أو الديمقراطية أو الاعتراف بالخلاف
وادعاء التحاور، وإنما هو يعنى في المقام الأول التفاعل الخلاق الذي يترتب عليه
إعادة النظر بعد كل جولة التحام، سواء كان التحاما جنسيا أم التحاما عدوانيا،
ولكنه أبدا ليس ادعاء تحرريا، أو الاكتفاء بتصور حوار لفظي. ومن كل المناهج التي
عرضتها سابقا، وعلى وفرة تناول هذا الموضوع في مداس علم النفس التحليلي وغيرها،
فإن الإبداع الأدبي خاصة هو الذي أسهم إسهامات فائقة في تعرية هذه الإشكالية
البشرية بحق وفي الحياة العامة تظهر مشاكل التواصل على أكثر من
مستوى: من أول إشكالات الحب والخيالات التي تدور حوله، حتى مزاعم الديمقراطية
(والرأي الآخر) مارين بالصراع بين الأجيال وتحديات الاختلافات الفردية مما لا
مجال للاستطراد فيه بعيدا عن موضوعنا الأصلي الجنس واللغة- الجنس لغة أولا: انفصال الجنس عن اللغة الجنسية (بأي لغة نتحدث
عن الجنس؟): ولا أعنى بداهة
العربية أم الأجنبية، الفصحى أم العامية، وإنما أنا أتكلم عن الاختيار بين اللغة
الصريحة المباشرة التي تسمى الأشياء بأسمائها، في مقابل اللغة المنافقة المغتربة
(المسماة المحتشمة)، ناهيك عن وضع نقط في الكتابة محل ما يسمى الألفاظ الخارجة
(خارجة عن ماذا بالله عليكم؟) أو إصدار أصوات مهمهمة في الخطاب الشفاهي. إن مجرد عزوف العلم
عن الحديث عن أمر مثل الجنس بلغة جنسية مباشرة هو ضد العلم، بل ويكاد يكون ضد
مصداقية المتحدث، وهذا التراجع المنافق عن استعمال اللغة الصريحة، لا يسأل عنه
الدين ولا الأخلاق الحميدة، فلا يوجد أصرح في الدين من فقه النكاح، ولا يوجد
أصرح في التراث من المراجع التي تناولت هذا الأمر بكل جسارة، ليس فقصا في كتب
مجهولة المؤلف مثل رجوع الشيخ إلى صباه، وإنما في كتب معروفة ومتداولة مثل نزهة
الخاطر وقد اعتبر فوكوه أن هذا الاحتشام الزائف الذي ساد حتى
طغى في القرن التاسع عشر بالمقارنة بالصراحة والمباشرة التي كانت منذ القرن
السابع عشر، هو من أهم السمات التي تميز قهر العصر الفكتورى، وأحسب أننا نمر هنا
في مصر، وما أشبه، بمثل هذه النكسة الدالة، وهاأنذا، وعلى الرغم من كل هذه
المتندمة الحذرة، إلا أنني لا أملك إلا أن أجاري النفاق الاحتشامي في حديثي
اليوم، وغاية ما آمل فيه هو أن أستطيع أن أتجاوزه بأي قدر مهما ضؤل في بعض
الهوامش أو الملاحق. ومناقشة هذا التحول
الذي طرأ على خطابنا بشأن الجنس هو في ذاته مفتاح ما آلت إليه وظيفة الجنس من
إحاطة بالصمت (الرهيب) وخاصة بالنسبة للأطفال، أو من إنكار كامل حتى داخل حجرات
النوم الشرعية، ولو أن بحثا أجرى على تواتر إطفاء الأنوار، وإغماض العيون ودلالة
هذا وذاك فيما هو ممارسة جنسية، في المؤسسة الزواجية أو غيرها، لا بد أن تفيدنا
إلى أي مدى ننكر على وعينا ما نفعل، ونحن ندعي تقاربنا مع الآخر، وقد تظهر لنا
نتائج هذه الأبحاث أننا نمارس الجنس وكأننا لا نمارسه، أو كأننا نمارسه مع
مجهول، أو وكأننا نسرقه من ورائنا (وليس فقط من ورائهم). وثمة اقتراح ببحث
آخر يستقصي ماهية اللغة التي يستعملها أطفالنا- من مختلف الطبقات والثقافات
الفرعية- لتسمية الأعضاء الجنسية (البوبو، الكلمة العيب..الخ) وسوف نكتشف كيف
ننكر، أو نتنكر لكل ما هو جنسي منذ البداية. إن تعبير أن هذا
اللفظ أو ذاك "يخدش الحياء" يحتاج إلى وقفة يمكن أن تأخذ وقت المحاضرة
كلها، لأنه تعبير يدل على أن النفاق عندنا قد أزاح الحياء الحقيقي، ليحل محله
حياء زائف سابق التجهيز، ولا بد أن يكون هذا الحياء الزائف هش أو زجاجي القوام،
وأن يكون، اللفظ الجنسي الصريح، ماسي الجوهر قادر على الخدش بمجرد أن نتلفظه،
وإلا فما معنى هذا التعبير!!!! لقد حدث انشقاق بين
الكلام ومضمونه الحقيقي في هذا المجال خاصة، بين اللغة الحقيقية، والمتولدة
والمباشرة وهي لغة الناس (الذين يسمون بيئه، وهي أقرب كلمة المعنى الثقافة
الحقيقية) ولغة الطبقة المحتشمة (أو الملتبسة بالاحتشام) وهي اللغة التي تكاد أن
تصبح "لا لغة" لتفريغها من وظيفتها الدالة، وكان نتيجة ذلك، هو ما لحق
بموقفنا من الجنس، بل إن هذا الانشقاق نفسه يمكن أن يصبح دلالة على موقفنا من
الجنس بقدر ما هو تدعيم لهذا الموقف وإبقاء على استمراريته. وأورد هنا بعض مظاهر دلالات استعمال اللغة الجنسية
بصورها المختلفة في حالتنا الآن: 1) أصبح الحديث عن
الجنس بلغة جنسية يصنف المتحدث في موقع طبقي بذاته فهو إما في أدنى الشرائح، أو
أعلاها، وإن كانت الشرائح الأعلى قد تلعب لعبة أكثر خفاء فتتحدث عن الجنس بلغة
جنسية صريحة لكنها أجنبية وهو نوع من "الصراحة المستورة" (إن صح
التعبير) وهي أكثر كذبا لا تجملا.. 2) حلت الأفلام
الجنسية محل الحديث الجنسي المباشر، (ربما كما حل التليفزيون محل الحوار الأسري) 3) أيضا حلت النكت
الجنسية محل الأحاديث الجنسية (وربما محل الممارسات الجنسية) 4) أصبحت القصص
المطعمة باللغة الجنسية (وليس بالخبرات الإبداعية ذات البعد الجنسي) من
المحظورات أي من المطلوبات، ربما أيضا لتعوض النقص. 5) أصبح العلم،
وربما التدريس، ومنه هذه المحاضرة، يدرس بلغة باردة باهتة، وكأنك تصف رائحة زهرة
بعدد من معادلات على كمبيوتر ملون. 6) أصبح التراث
الأكثر صراحة وجرأة ليس في المتناول أصلا.، حتى ألف ليلة وليلة، أو الأغاني، بل
إن الأيدي امتدت إلى التراث المعاصر، ليس فقط بواسطة الرقابة والسلطات الرسمية،
وإنما بواسطة الناشرين أنفسهم (حكاية السحار وعبد القدوس). الخلاصة: إن انفصال لغة الجنس عن الجنس، سواء في الحديث عنه،
أو تعليمه، أو حتى ممارسته، هي من علامات انفصال الجنس نفسه عن تكاملية الوجود
مع الجسد من ناحية، ومع اللغة ككيان فينومينولوجى غائر من ناحية أخرى، وعن
اللغة/الكلام كوسيلة للتعبير من ناحية ثالثة. ثانيا:
الجنس لغة في ذاته
لن أدخل في تعريف
اللغة كثيرا، لكنني سوف أكتفي بالإشارة إلى أن اللغة هي من ناحية كيان غائر جاهز
منظم، لها تجليات دلالاتية تفيد في التعبير والتواصل، والجنس في ذاته وبذاته
يوفي بكل ما تعنيه اللغة من تركيب ووظيفة. ويقوم الجنس بذاته
في تحقيق الحوار الواجب تفهمه لمعرفة طبيعة الصعوبات ودلالات اللقاء، على أي
مستوى في السواء والمرض، وهو يستعمل كل الأدوات المتكاملة التي تحقق له فكرة
الحوار فالتواصل، أو اللاتواصل، بمعنى أنه يستعمل اللغة اللفظية (أنظر قبلا)
واللغة غير اللفظية من أول نظرة العين حتى رائحة العرق مارا بكل خلجات ونبضات
واستجابات الجسد. ومثل أي حوار ولغة توجد إشارات نداء، وعلامات استجابة،
ودلالات، وتطور اقتراب، وسياقات جدل، وتوجه نحو غاية، واستيعاب ورد، ف: نداء، وهكذا،
ولا مجال لتفصيل أي من ذلك اللهم إلا من حيث موضوعنا عن توظيف الجنس للتواصل،
وكيف يعبر الجنس عن نجاح أو فشل أو تجاوز أو صعوبة عمل علاقة مع آخر، ومن خبرتي
أستطيع أن أزعم أنه من الممكن أن نترجم كل الصعوبات الجنسية إلى ما يقابلها في
اضطرابات اللغة، فخذ مثلا العقلة (في الكلام)، وما يقابلها في الجنس من العجز عن
المبادأة أصلا، وبما أن المبادأة (لا النداء) يبدأ عادة من الرجل، فإن هذه
العقلة الجنسية تظهر في الرجل دون المرأة حيث تعلن العنة (العجز عن الانتصاب) ما
يقابل الغفلة، في حين أن المرأة قد لا تكتشف عيها الجنسي إلا في مراحل متأخرة من
الحوار (الجنسي)،. ثم مثال أخر، وهو
التهتهة، وهذا ما يصيب الرجل في الجنس أظهر، كما يصيب المرأة وإن كان بطريقة
أخفى حيث تتذبذب الاستجابة حدة وفتورا، وكأن الخطاب الجنسي بعد بدايته يجد من
المعوقات الداخلية والخارجية، الحقيقية والمتخيلة، ما يعرقله بانتظام وتكرار،
وهكذا
ودون الإطالة في
تعداد أنواع أخري من الاضطرابات الجنسية وترجمتها إلي ما يقابلها من اضطرابات
اللغة، دعونا نتساءل عن ما هو المضمون الذي تريد اللغة الجنسية أن تعبر عنه، أو
تكونه، أو تمارسه، وبالتالي يمكن أن نتصور قصورنا لون تحقيق هذا المضمون أو
نجاحنا في ذلك. وفي هذا أطرح الأمر كالتالي: إن الجملة المفيدة
التي يريد الإنسان أن يقولها بالممارسة الجنسية (بعد تجاوز اقتصارها على
التكاثر) وانطلاقها إلى وظيفها الجديدة وهي التواصل إنما تقول: "إن وجودي لا
يتحقق إلا بوجودك معي. معي أقرب، أد خل، أكثر التحاما، لا ألغيك وأنا خارج، ولا
أتلاشى فيك وأنا داخل، لا أختفي إذ ننوب في كيان واحد لا نعرفه من قبل، أبتعد
لأكون نفسي وأتداخل لأشعر بك، بنا (برنامج الذهاب والعودة (in
and out program)، أسمح لك ولا أخشى الانسحاق، وأتركك فلا أخشى
اختفاؤك، حتى نتلاشى معا، فينا، لنتخلق من جديد جديدين" ونلاحظ هنا أن هذه
الجملة لم تظهر فيها اللذة لذاتها، ولكن الجملة من بدايتها لنهايتها مغلفة حتما
بلذة قادرة على الدفع فالحفاظ على تحفل كل هذه المخاطرة بالتلاشي (أنظر بعد)،
فإذا تمت هذه الجملة وحققت مضمونها، فإن الجنس يؤدى وظيفته التواصلية كأروع ما
يكون الإبداع الذاتي فإذا صح أن الجنس قد
تجاوز دوره التناسلي (التكاثري) إلى هذا الدور التواصلي الإبداعي، فإن التكاثر
البشرى يمكن أن تعاد صياغته من خلال تطور نوعية الوجود البشرى، وليس مجرد الحفاظ
على النوع، بمعنى أنه إذا كان التكاثر ينشأ من اندماج خليتين حتى لا يعودا كذلك
إذ يتخلق منهما كائن جديد، وأن هذا يتم عن طريق رشاوى الدافع الجنسي، فإن
التواصل يحقق نفس الوظيفة ولكن على مستوى الفرد نفسه، يعنى أن الممارسة الجنسية
في صورتها الإبداعية المطلقة إنما تحقق هذا الامحاء فالتجدد (أنظر لاحقا: الجنس
والموت والبعث) وفي نطاق هذه الفقر
ة الخاصة بإيضاح المضمون الذي يمكن أن توصله لغة الجنس ينبغي التنبيه على عدة
أمور: الأول: أن هذه الجملة ليست في بؤرة الوعي بالضرورة، بل إنها
غالبا ما تكون بعيدة عن دائرة الوعي أصلا. الثاني: إن مصاحبات الخبرات الجنسية، ومقدماتها، وبدائلها،
وتجلياتها تعبر عن هذه الجملة المفيدة، في حين أن الممارسة الجنسية ذاتها قد
تخلو منها (على مستوى الوعي على الأقل)، وهذا لا يدل على خلوها الحقيقي منها،
وإنما يشير إلى صعوبة التحام الجسد مع الوعي في وجدان كياني لحظي بشكل مباشر
ومتكرر.
الثالث: ومن ثم فإن الوعي بهذه الجملة،
وخاصة إذا أصبح وعيا صريحا ماثلا، هو من أكبر معوقات الممارسة الجنسية السلسلة لكل ذلك، فإن جملا
أخرى، و إن كانت تبدو هامشية، إلا أنها تقوم بوظيفة التدرج، والتيسير، حتى يحقق
الجنس هدفه التواصلي الإبداعي، دون مواجهة بصعوبات بدئية، تتزايد حتما حين تطرح
سلبيات المشاركين معا، ذلك أنه لكي يتحقق مضمون هذه الجملة، فإنها تحتاج إلى عمل
من جانبين لا من جانب واحد، وبديهي أن مستوى الوعي بها، ومستوى التطور البشرى
لكل شريك، ومستوى القدرة على تحقيقها يختلف حتما مثل كل الاختلافات الفردية، ومن
ثم تقوم الدفاعات النفسية، والاحتياجات الجزئية، والأوهام الغرامية باللازم
للتخفيف من وطأة هذا التحدي الصريح الصعب بكل معنى الكلمات وأورد فيما يلي بعض
الجمل الجنسية الجزئية (المفيدة حتما) هي وإن تبدو لأول وهلة بعيدة عن الهدف الإبداعي
التواصلي للجنس، فإنها جزء من الجدل الجنسي حتى تبدو ضرورة نافعة، شريطة ألا تحل
محل الجملة الأكمل، والولاف البعث. مثلا: 1- أنا خائف أريد أن أرجع لرحم أمي 2- أنا خائفة أريد أن أحتمي في ظل أبي 3- هل تريدني (أنت تريدني): إذن أنا موجود 4- هل أرضيك؟ (أنا أرضيك) إذن ثمة من يحتاج وجودي، إن
لي معنى كل هذا أمثلة لحضور "الآخر" في وعى المشارك وبقدر ما تكون مثل
هذه الجمل التي يقولها الجنس (عادة دون ألفاظ طبعا) يمكننا إذا أحسنا الإنصات أن
نستمع إلى جمل أخري مغتربة، ومجهضة، وهي لغة تعلن بكل تجلياتها غالبية ما يمارس
من جنس اغترابي (عمره قصير عادة)، ذلك لأنه مبنى على ما لا يحفظه أو يحافظ عليه،
لأنه إذا كان لم يعد بنا حاجة إلى الجنس بهذه الصورة المتواترة للحفاظ على
النوع، و في نفس الوقت هو لم يزق ليقول الجملة المفيدة السالفة الذكر، فإنه يصبح
فعلا ممارسة مغتربة، قهرية أحيانا، منفصلة عن الوجود الكلى، عاجزة عن تحقيق
وظيفتها الجديدة أصلا.، كل ذلك يمكن رؤيته من خلال الموقف الأساسي لهذا الجنس
المغترب (الذي تبرره اللذة من ناحية، و الذاتوية من ناحية أخرى) وهو ينيبى على: نفي
الأخر من البداية (فلا يعود إلا مسقطا لاحتياجات الذات ووسيلة لتحقيق اللذة
الذاتوية) الاغترابية التي
تلغي الآخر، إذن: ثمة لغة أخرى يقولها الجنس، وهي وإن كانت ذاتية صرف، فهي لغة
حتما وقد وردت. في الجزء الثاني في فقرة "سوء استعمال الجنس" لغير ما
هو (لا للتكاثر ولا للتناسل)، مثلا في صورة الآخر كمذبذب (للمرأة) والآخر كوسادة
إستمنائية (للرجل) وبعض هذه الجمل
الاغترابية 1- أنا ألتذ، بأن
أستعملك منفيا............................ (فأبقى كما أنا) 2- أنا أسيطر عليك
حتى لا يبقي غيري.................... (هذا أضمن) 3- أنا ألتهمك فلا
يبقى منذ شيء بعد تمتعي بلذة التهامك....................... (وهكذا أضمن
استمراري، متنازلا عن تطوري) 4- أنا أحتاجك حتى أشبع، على شرط أن أنساك
تماما.............................. (فلا يهددني التلاشي فالبعث) إلي غير ذلك من كل تباديل الحب والغرام، دون ولادة أو
بعث. وعلي النقيض من
احتمال ظهور الصعوبات الجنسية إذا وصلت لغة الجنس الأرقى إلى الوعي، فإن الجنس
الاغترابي ينجح عادة، ويستمر نجاحه كلما خفي اغترابه. وبتعبير آخر: إن الصعوبات الجنسية
إنما تظهر وتشتد حين تكون اللغة الجنسية السليمة هي المستعملة، أي حين يكون
التواصل الإبداعي هدف. أما إذا ألغى احتمال
التواصل أصلا، وأصبح الجنس مغتربا ذاتويا تماما، فإن الممارسة الجنسية تنجح
عادة، وتستمر. وإليكم بعض
الإيضاحات: (1) تظهر العثة مثلا
حين يكون "الموضوع " "موضوعا"، أو ملوحا أن يكون موضوعا، أو
واعدا بذلك، أو حين يشترط الشريك ذلك، وكأن العنة تقول: أ- اختلت إسقاطاتي،
فلم أغذ أستطيع أن أستعملك "موضوعا مختلفا" ليس في مقدوري أن أكذب أو لعلها تقول: ب- إن لذتي لا تتحقق
إلا بأن أستعملك دون أن أتعزف عليك. (2) وقد تقول المرأة
بالبرود الجنسي: أ- أعرف كذبك ولا
أريد أن أشارك رغم البداية الخادعة معك أو لعلها تقول: ب- اكتشفت كذبي، ولم
أستطع أن أتمادى فيه (3) وسرعة القذف
تقول: أ- رجعت في كلامي،
لا أحتملك كأخر، لا أطيق الاستمرار، ننهيها أحسن أو لعلها تقول: ب- أخاف من التلاشي.
قد أموت بلا عودة، يكفي هذا أو ربما تقول: ج- خفت أن أدخل لا أخرج، أو أن أخرج لا تسمح لي ثانية.
سلام" اعتراضات وردود الاعتراض: الأغلب في الأبحاث
الحديثة هو تفسير القصور الجنسي عند الرجل خاصة بخلل عضوي في الأجهزة المنوطة
بالانتصاب؟ حتى قيل- مؤخرا إن نسبة القصور الناتج عن أسباب عضوية- تصل إلى 90%
من حالات العنة، وهذا الزعم كان مقولة أطباء الذكورة والتناسلية قديما، لكن
الحديث هو أن الأطباء النفسيين أصبحوا يوافقون عليه، ويرتاحون. الرد: لقد تدهورت تفسيرات
الأمراض النفسية عامة وأصبحت تعزى إلى خلل كيميائي في المقام الأول (والأخير
أحيانا)، وذلك حين عزف أطباء النفس عن أن يبذلوا الجهد لفهم لغة المريض، وأن
يستعملوا العقاقير بشكل غائي يؤكد إسهامها في استعادة المريض قدرته علي استعمال
كل مستويات دماغه في اتساق صحي، ومنذ ظهور هذا التفسير الكيميائي والعلاج العرضي
للاضطرابات النفسية اختفت مقولة"إن في الجنون لعقلا!ا. ولنفس الأسباب
التجارية والاستسهالية أصبح الأسهل على الطبيب أن يفسر القصور الجنسي بهذا الخلل
أو ذاك في أجهزة الأداء، ناسيا أن المخ هو العضو الأساسي للوظيفة الجنسية. إننا لا ننكر أن ثمة
خللا كيميائيا في حالات الاضطراب النفسي، ولكن هل هو خلل مسبب أم خلل مصاحب أم
خلل ناتج عن الاضطراب، هذه هي القضية وبنفس القياس نحن لا
ننكر أن ثمة عجزا وظيفيا أصاب الجهاز الطرفي المسئول عن الانتصاب في كثير من
حالات العنة، ولكن هل هذا العجز هو نتيجة لانصراف الدماغ، أو إجهاض التواصل، أو
استمرار عدم الاستعمال، أم أنه هو الخلل الأساسي بغض النظر عن ماذا يقول؟ لمن؟ وكما أن العقاقير
المضادة للذهان تثبط المخ الأقدم، وتسمح للمخ الأحدث أن يقود وبالتالي يمكن أن
يتم تصالح تكاملي بعد ذلك بين المستويات، فإن العقاقير المالئة للجهاز الجنسي
الطرفي إنما تسمح للمخ الأعلى- إن شاء- أن يمارس مهمته الجنسية، سواء كانت
اغترابية، أم تواصلية مبدعة، ومن ثم فإن فضل الفياجرا هو أنها تعمل بمثابة تأكيد
ضمان كفاءة الجهاز الطرفي بما يتيح للجهاز المركزي أن يستعمله كيف شاء متى شاء،
و يظل الجنس لغة بعد كل هذا، لأنه لو مورس الجنس بعد
هذا الضخ الطرفي فإنه لا يؤدى وظيفته التواصلية اللهم إلا إذا كان قد نجح في
اختراق حاجز الشيزيدية قسرا، لكن أن تقتصر العملية على الأداء الذي، فإن ما يسرى
على هذه الممارسة المصنوعة من حيث تصنيفها إلى تواصل وتكامل وبعث، أو اغتراب
وإجهاض ومحو للآخر هو بلا نقصان. بل إن الخطر كل
الخطر، هو أن تساعد مثل هذه الحبوب على اختزال دور الجنس من لغة للتواصل إلى
أداة للتفريغ واللذة وإزالة التوتر لا أكثر، ذلك أن الانتصاب الطبيعي في حد ذاته
يعلن أن المخ وافق على الاقتراب، فأرسل رسائله التي أعلنها هذا النجاح
الفسيولوجي ممثلا في الانتصاب، ومن جهة تلقى المرأة، فإن هذه العملية في ذاتها هي
إعلان أنها مرغوب فيها بدليل (بأمارة) هذا الانتصاب، فإذا نحن فرحنا بتجاوز هذه
الخطوة، واستسهلنا استعمال الضخ الكيميائي (الفياجرا)، فإن معنى ذلك أننا نفرح
بترديد صوت ببغائي كأنه الكلام، مع أنه خال من مضمون التواصل على الرغم من
الإبقاء على مضمون اللذة إذن فلا استعمال
الفياجرا دورين نقيضين، أما الاستعمال الإيجابي، فهو الاستعمال المؤقت،
لكسر حلقة التردد واستعادة الثقة، ومن ثم تعود اللغة السليمة تعبر عن القدرة
والرغبة فالتواصل. أما الاستعمال السلبي فهو أن يحل هذا التنشيط
الميكانيكي محل الاختبار التواصلي بصفة دائمة، فيصبح الكيان البشرى الذكرى مجرد
مذبذب مغترب لا أكثر ولا أقل، ونفقد فرصة الإنصات الواعي والدال للغة الجنس أصلا الجنس والجسد
غيب الجنس حين غيب
الجسد، والإنسان المعاصر انفصل عن جسده (1) حين طغى العقل
مستقلا نتيجة فرط الذهننة (Hyper intellectualization) (2) حين أهملت
تدريبات الحواس حتى أصبحت الحواس مجرد مداخل ونوافذ ومحطات إنذار، وليست قرون
استشعار، ولبنات تكامل (3) حين سخر الجسد
كمجرد أداة للاستهواء ومجال للاستهلاك منفصلا عن تكامل الوجود (4) حين أهمل الجسد
كوسيلة معرفية، وحضور وجودي دال وترتب على كل ذلك أن
الجنس المفعلن في جسد مغترب، أصبح مغتربا بدوره، واقتصر دورهما (الجنس والجسد)
إما على تحقيق لذة منفصلة، وإما على إعلان عجز انشقاقي دال. الجنس والموت والبعث ذكرنا في الجملة
المفيدة السالفة الذكر التي يمكن أن يقولها الجنس التواصلي الإبداعي كيف تكون
الممارسة الجنسية هي الوسيلة إلى التكاثر الوجودي بمعنى اختفاء الاثنين
المتلاحمين في سبيل تخليق اثنين آخرين جديدين، وأجد من المناسب أن أعيد الجملة
المفيدة هنا من جديد، إن تقول: "إن وجودي لا
يتحقق إلا بوجودك معي. معي أقرب، أد خل، أكثر التحاما، لا ألغيك وأنا خارج، ولا
أتلاشى فيك وأنا داخل، لا أختفي إذ نذوب في كيان واحد لا نعرفه من قبل، أبتعد
لأكون نفسي وأتداخل لأشعر بك، بنا (برنامج الذهاب والعودة in
and out program)، أسمح لك ولا أخشى الانسحاق، وأتركك فلا أخشى
اختفاؤك، حتى نتلاشى معا، فينا، لنتخلق من جديد جديدين" ومعنى الاختفاء هنا
هو تلاشي الفرد في اللقاء كخطوة لازمة لكي يعود جديدا، وهذه الخطوة ليست مجازية
في التناسل البيولوجي، وهي كذلك بالنسبة للجنس التواصلي الإبداعي فإن نفس
الخطوات تتم ولكن يحل محل التناسل البيولوجي تخليق الذات (الذاتين) أي التغير
النوعي للشريكين، بمعنى إعادة الولادة أو إبداع الذات من خلال لقاء الآخر
والاندماج فيه حتى التلاشي ولو أننا صورنا هذه
الجملة المفيدة بالتصوير البطيء، ثم تصورنا توقيف التصوير إذن لضبطنا هول لحظة
التلاشي، (العدم/الموت) وكأننا بذلك نكتشف أن الجنس التواصلي الإبداعي لا يتم
إلا إذا تحقق الموت (كخطوة) ومن ثم البعث ولكن من يضمن؟ وقد كنت أرفض قديما
بشكل ساخر تعبير"أموت فيك، وتموت فن ثم انتبهت مؤخرا إلى احتمال أن هذا
الموت بالجنس هو في نفس اللحظة إعادة ولادة، وبالتالي فإن فيومينولوجيا الجنس
تؤكد على هذه العلاقة الوثيقة بين الجنس الكامل والموت/البعث ومن ثم فإن الخوف من
الجنس حتى العجز، يمكن أن يتتبع معناه من عمق معين، حتى يثبت في بعض الحالات أنه
ليس إلا خوف من الموت، وهو ما أشرنا إليه في الفقرات السابقة في جملة الذهاب بلا
عودة، أو جملة الدخول بلا خروج.. إلخ كما أنه قد يكون
خوفا من تلاشي الآخر (أي القضاء عليه)، بلا عودة أيضا، أي أن يكون الجنس سببا في
فقد الآخر، وبالتالي الحرمان من مصدر وشريك الجدل الخلاق الجنس والدين: علاقة الجنس
التواصلي بالدين (والإيمان) علاقة وثيقة تماما، وقديما كانت الأعضاء الجنسية
(خاصة القضيب) رموزا تعبد، وكان تفسير الذي قيل في ذلك هو أن هذا دليل على حرص
الإنسان من قديم على التكاثر واستمرار النوع، إلا أن هذا التفسير ليس مقنعا بشكل
مطلق، ذلك لأن الأولي كان تقديس الرحم (وهذا يحتاج إلي بحث خاص لمعرفة هل
المسألة هي تقديس الجنس احتراما للتكاثر أم تقديس الذكورة تمييزا متحيزا لها في
بعض مراحل التاريخ، إذ لو أن التقديس منشؤه الحدس البيولوجي لعلاقة الجنس
بالتكاثر، لكان الأولى تقديس عضو المرأة التناسلي أو الرحم، لأنه الألزم والأهم
لحفظ النوع. وسواء كان تفسير علاقة الجنس بالدين من خلال الحرص على التكاثر
واستمرار النوع أو غير ذلك، فإننا نحتاج إلى تفسير مواز لعلاقة الجنس بالدين بعد
أن أصبح الجنس وسيلة للتواصل وليس قاصرا على وظيفة التناسل. وفي هذا أطرح الفروض التالية التي تحتاج إلى تقص خاص
ومراجعة: أولا: إن في
الدين امتداد في الكون، وفي الجنس امتداد للأخر في الآخر ثانيا: إن في
الدين خضوع لله، وفي الجنس خضوع للشريك، والأهم خضوع لما يمثله اللقاء، وما يعد
به البعث الجديد ثالثا: إن في التصوف ذوبان (تلاش) في المطلق، وإن في الجنس
تلاش في الآخر رابعا: إن في الدين تأكيد علي العلاقة بالآخرين (الناس،
الجماعة، الغير)، والجنس لا يكون بشريا تواصليا إلا إذا كان ممتدا في الآخرين الجنس والحب: أين يقع ما يسمى
الحب في هذه الممارسة الجنسية التي أسميناها الجنس التواصلي الإبداعي؟ إن الحب، وعلى الرغم
مما طرأ عليه من تشكيلات وتنويعات (على اللحن الأساسي) ما زال يشغل أغلب الناس
وهما أو حقيقة، وهو يتجلى في الحياة الواقعية بقدر ما يتجلى في الخيال والإبداع،
وتصانيف الحب وتجلياته من الاتساع والاختلاف بحيث يمكن أن نكتشف من خلالها أنها
محاولات لإنكار صعوبات التواصل البشرى كما أشرنا إليها سالفا في كل من المتن
والملحقات (الملحق (3) خاصة)، وتناول الحب هنا،
لذاته كأنه تناول لمسألة التواصل البشرى الذي نبهنا من البداية أنها ليست موضوع
هذه المحاضرة تحديدا، ومن ثم نكتفي بالإشارة إلى عناوين متواضعة عن علاقة الحب
(بأي معنى كان) بالجنس علي الوجه التالي (1) الحب ليس تساميا
عن الجنس، ولا هو شرط لممارسة الجنس (2) الحب من مقدمات
الجنس (دائما) لكن الجنس لا يظهر صريحا إلا في ظروف واقع يسمح بدلك (3) الحب لا يرتقى
بالجنس، وإن كان الجنس التواصلي يحقق بدايات وعمق غاية الحب (التلاشي معا للبعث
جديدن معا)، فهو الذي يرتقى بالحب (4) الحب الخاص جدا
(الامتلاكي عادة) هو احتياج مشروع، لكنه ليس هو الأرقى تواصلا وإبداعا (5) القدرة على الحب
(دون تمييز عادة) هي الأكثر اقترابا من التواصل الجنسي الأرقى، بالمقارنة
باحتكارية الحب التي تصبح أقرب للصفقات الاجتماعية المشروعة (6) الحب، بالتعريف
الأحدث (الرعاية والمسئولية وتحمل الاختلاف والاستمرارية) هو أيضا أقرب إلى
تحقيق الإبداع الممكن (بالجنس أو بدونه حسب الضرورات المحيطة). (7) الفصل بين الحب
والجنس هو فصل تنظيمي تاريخي نسبي وليس فصلا مشروعا واردا كبديل مناسب للمستوى
الأرقى للوجود البشرى (8) الجنس بغير حب
إما أن يكون اغترابا لذيا مؤقتا، أو أن يكون قد احتوي الحب تكاملا حتى لم يعد
يمكن التمييز بينهما (أنظر أيضا الملحق
(3)) |
||
سعيا وراء ترجمة
جميع صفحات الشبكة إلى الإنجليزية و الفرنسية نأمل من الزملاء الناطقين
بالإنجليزية و الفرنسية المساهمة في ترجمة هذا البحث و إرساله إلى أحد إصدارات
الموقــع : الإصــدار الإنجليــزي
– الإصــدار الفرنســي |
||
|
||
Document Code OP.0016 |
ترميز المستند OP.0016 |
Copyright ©2003 WebPsySoft ArabCompany,
www.arabpsynet.com (All Rights Reserved) |