Arabpsynet |
||
|
||
المرأة أحرص من الرجل على الجنس التواصلي وليس على الجنس التفريغي أو اللذة المنفصلة أستــاذ الطــب النفســي
– جامعــة القاهــرة Email : info@mokattampsych.com Website : www.Mokattampsych.com |
||
المقتطف أنا لبوة لكنني لا أرتضى نفسي مناخا طول دهري من أحد و لو أنني أختار ذلك لم اجب كلبا، وقد غلقت سمعي عن أسد عائشة القرطبية: نزهة الجلساء للسيوطى (إبداع: العدد التاسع، سبتمبر 1997، ص 49) الموقفقضية تحرير المرأة هي من أشهر قضايا التحرير عبر التاريخ، وقد أخذت في مصر حجما خاصا له دلالاته، ولنا في هذا الأمر وقفة مبدئية قبل أن نعلن ما أثاره هذا المقتطف من مواقف، ولهذا نبدأ بهذه المتندمة: 1. إن قضية الحرية (والتحرير) لا تقتصر على امرأة أو رجل بل هي قضية إنسانية أزلية لها تجليات ومظاهر، بعضها صريح وأغلبها خفي، ولا أحد يمكن أن يكون حرا إلا ويسط أحرار، وكل نقص من حرية شخص أو فئة هو نقص من حرية كل فرد في هذا المجموع (ملحوظة أعني الحرية الحرية وليس مجرد أوهام الاختيار الظاهر)، باختصار لا أحد يتحرر وحده، حتى أنني تصورت مرة أن هؤلاء الأبطال الذين حاولوا تحرير شعوبهم كانوا يطلبون نوعا أرقى من الحرية، فلاق تحرر ناسك هو السبيل الوحيد لكي تحرر نفسك. 2. إن قضية تحرير المرأة في مصر قد سلكت سبيلا مخادعا أحيانا وزائفا أحيانا وسطحيا أحيانا، وذلك حين ركزت على مسألة المطالبة بالمساواة بالرجل أساسا. (وهو ليس حرا أصلا، أنظر بعد) 3. إن المرأة الإنسان التي احتد وعيها فالتقطت وضعها المقهور قد شغلت نفسها بهذا الكفاح أحادى الجانب لتحرير المرأة، وكأن قضية الحرية والتحرير يمكن تجزئتها، وهي لم تركز- بالتالي- على إبداع الحياة الذي هو السبيل الوحيد لتحريرها وتحرير كل الناس. 4. إذن، فلا لا سبيل لتحرير المرأة إلا بتحرير الإنسان: ولا مفر لتحرير المرأة من تحرير الرجل في نفس الوقت، وقد يثبت بالنظر الأعمق أن الرجل أكثر عبودية،؟ من المرأة المقهورة المضيعة، ولكن السؤال هو: من أين نبدأ. 5. إن المجالات التي تناولت فيها قضية تحرير المرأة دارت أساسا في فلك الحقوق المدنية، وقانون الأحوال الشخصية، وظروف العمل وما شابه، مع أن إشكالة تحرير المرأة (والرجل) تظهر أكثر ما تظهر في العلاقات الحميمة التي تصل قمتها في عمق الالتحام الجسدي (الجنسي)، ولو أن المرأة (والرجل) انتبها إلى ممارسة الحرية ا"معا" أثناء ممارسة الجنس (مثلا)، إذن لاقتربنا من إشكالة العلاقات البشرية أساسا، مع العلم بأن مجال العلاقة بالموضوع (بالآخر) هو الاختبار الحقيقي لأي حرية مزعومة، إذن، فلا مفر من اقتحام هذه الصعوبة باعتبارها السبيل الوحيد، أو الأساسي، لتأنيس الإنسان، فإنما يكون الإنسان إنسانا بأمرين: الأول: أنه يمكن أن يختار (بسائر مستويات اختياره) متحملا نتائج ذلك، والثاني: أن يمارس هذا الاختيار في "حضور" آخر له اختياراته أيضا، (المختلفة عادة).
والآن، نرجع إلى المقتطف: تأبى المرأة (على لسان عائشة القرطبية) أن تكون "مناخا" لأحد، (لرجل) كائنا من كان هذا الأحد، والمناخ (بفتح الفاء) هو موضع ينخ فيه الجمل، وهو تعبير شديد الدلالة في هذا الموقف بالذات، وفي ريف بلدنا لا يسمى مناخا إلا المكان الذي اعتاد أن "ينخ" فيه الجمل، وليس أي مكان ينخ فيه والسلام، أي أن الجمل إذا نخ أثناء سيره هنا تم هناك لا يعتبر المكان الذي نخ فيه "مناخا!.، وإنما يطلق لفظ المناخ عادة على المكان الدائم في الحظيرة أو خلف الخيمة، المكان الذي اعتاد أن ينخ فيه عند عودته، فتصور معي وضع المرأة في المنزل، وهي تنتظر جالسة أو مضطجعة، حين يعود بعلها من شقائه، أو من مزاعم شقائه، مثلما يعود الجمل من رحلته، أو بعد أن يحط حمولته، ثم تكون كل مهمتها أن ينخ عليها متعبا مكدودا، وهي تحته يحيط بها ما يحيط المناخ من بقايا وروائح، هذه صورة مقززة منفرة لو وعتها أي امرأة لأبت أن تنطرح أرضا لأي من كان، وحين وصل الشاعرة أن المجتمع أو القيم السائدة أو سوء تفسير الدين يفرضون عليها هذه الوضع، أبت إباء مطلقا، فجعلت هذا الإباء خالدا في الزمان (طول دهري)، ثم عممت الرفض على كل الناس (من أحد، أيا كان هذا الأحد). ونلاحظ أيضا أن إباءها تحدد في أنها تأبى أن تجعل "نفسها "مناخا، وليس فقط "جسدها" ، وهذا من أهم ما يغفله الرجل (والمرأة) حين يفصلون الجسد عن كلية الوجود، وحين يوصف الجسد مستقلا عن صاحبه أو صاحبته، سواء في قبح لعبة كمال الأجسام أم في مسابقات جمال النساء، حين يحدث ذلك يتم اختزال الإنسان رجلا أو امرأة إلى جسد عضلي أو متنا اسق، وفقط. وموقفنا تجاه هذا المقتطف المختصر جدا لا ينظر إليه من وجهة نظر واحدة، فهو بقدر ما فيه من إباء حقيقي، وثورة كريمة، فيه ميل شديد إلى ما يعرف باسم الشيزيدية أو العزوف عن العلاقة مع الآخر، أيا كان هذا الآخر. ومن إشكالات هذا العزوف الشيزيدى، فضلنا تعريب لفظ schizoid إلى "شيزيدى" بدلا من الترجمة الخاطئة "شبه فصامي" وكذلك هذا أفضل من الاختزال المخل إلى لفظ انطوائي، والظاهرة الشيزيدية تعني عجز الإنسان عن عمل علاقة بالآخر، وهذا العجز الظاهر هو نوع من الاختيار الغائر، فهو في عمقه يشمل كلا من العزوف عن عمل هذه العلاقة، والخوف منها في آن (أنظر بقية المتن). أن صاحبه هو الذي يدفع ثمنه، ومن هذا الثمن ما يعانيه من آثار الوحدة والجوع العاطفي وربما خدعة الاستكفاء الذاتي، وكلها أثمان باهظة تجعل صاحبها (صاحبتها) تفكر في التراجع عن هذا القرار الأبي فتعيد النظر، ولكنها هنا في هذا المقتطف تعتبره اختيارا جديدا (ولو أنني أختار ذلك) وليس تنازلا أو استسلاما، فإذا بها تنتقل إلى نوع آخر من الرفض، فهي تصنف هذا الذي يمكن أن تكون له مناخا، فتراه كلبا، وليس حتى جملا، فتجد مبررا آخر للرفض، وهو أنها "غلقت "نفسها لون من هو أفضل منه، غلقت نفسها عن الأسد شخصيا وهو الأكثر تلاؤما معها وهي اللبؤة الأبية، فكيف ترضى بأن تتفتح لكلب لا يساوى. وهذا الموقف الرافض قديم عند النساء قدم علاقتهن بالرجال، وإعلانه مؤخرا بالألفاظ، أو بالكتابة، أو من خلال نشاطات تحرير المرأة، لا يعني أنه بدأ مع بداية هذه الحركات التحريرية الأحدث، فرفض المرأة للرجل أقوى من كل حركة تحرير وأقدم، وقد أشرنا في باب "إعادة قراءة مصطلح (ص: 39) " ، إلى أن الأنثى- بيولوجيا- ترفض الذكر بصفة دائمة، اللهم إلا وقت الاستعداد للتكاثر، وبالنسبة للمرأة فإن من أهم مجالات الرفض وأقواها وأحيانا أخفاها، أن ترفض المرأة الرجل جنسيا، وقد يكون رفضا صريحا منذ البداية، أو رفضا أثناء الأداء، أو رفضا بتخيل آخر، أو رفضا بعدم التمادي في اللذة حتى النهاية، وكل هذه الأشكال قد تصل إلى الرجل أو لا تصل ، حسب حساسية وعيه ويقظة احتياجه.
ثم إن لنا ملاحظات أخرى على هذا المقتطف ومنها: 1. إن الشاعرة قد استعملت تعبير غلقت "سمعي" مع أنني استقبلته على أنه غلقت " نفسي"، وأحسب أن هذا أشمل، وأنها ما أحلت سمعي محل نفسي إلا لتجنب تكرار لفظ "نفس" في البيتين، ولكن واقع الحال أن الإغلاق الأهم والأصعب هو إغلاق النفس. 2. نلاحظ أيضا دفة تعبير "غلقت"، وهو أبلغ وأحسن من تعبيرات أخرى مثل: منعت نفسي، صنت نفسي، حجبت نفسي، فالإغلاق هو فعل شديد الدلالة على ما هو شيزيدى، أكثر من كل ما ذكرنا من بدائل، وكثيرا ما يجرى حوار بيني وبين بعض مريضاتي أو طالباتي حين ألومهن على تأخرهن في الزواج، فترد الواحدة منهن تذكرني أنها بنت، وهل معقول أن تلام على شيء ليس من حقها أن تبادر به، فأنبهها أننا كي نلتقط إذاعة ما فإننا في حاجة أن يكون مذياعنا "مفتوحا"، وأن عليها أن تظل تلعب في أزرار الاستقبال على مختلف الموجات حتى تلتقط الموجة المناسبة، أما أن تغلق المذياع أصلا، ثم تشكو (أو أشكو أنا نيابة عنها) أنها لم تجد من يطلبها، في حين أنها لم تنصت أصلا إلى إشاراته، فهذا هو المرفوض. 3. نلاحظ أخيرا أن هذه المرأة رفضت أن تكون مناخا، حتى لأسد، ولم تشر إلى البديل (وفي الأغلب لأنها لم تعرف ما هو رائع)، ذلك أن الوضع الشهير للمرأة كمتلق ليس سلبيا كما يبدو لأول وهلة سواء في الممارسة الجنسية، أو في الحياة العامة، والمرأة (والرجل يساهم في ذلك) يصعب عليها أن تفرق بين الوعاء الذي يلقى فيه بالأشياء، وبين الرحم الذي يحتوى الجنين النامي، فالمرأة حاوية للحياة، وهي خالقة لها في هدوء بيقين بيولوجي رائع، لكن هذا الاحتواء الحاني المبدع لا يحترمه الرجل عادة، وبالتالي يجعلها تنفر منه بشكل أو بآخر، حتى يبدو دورها سلبيا، مجرد مكان للإناخة، وهنا تقفز اللا ألف مرة، ويجتد الرفض، دون البحث عن بديل علاقاني أرقى، أو هو يحتد ليعلن العجز عن ذلك تماما كما هو الحال هنا. 4. كما يبدو لنا أن هذا الرفض "مبدئي" قبل الاختبار، وهو يختلف عن رفض التي تتزوج (قسرا أو بالصدفة أو بزعم حب قصير العمر) ثم إذا بها تكتشف سلبية زوجها أو بلادته أو قسوته أو اعتماديته، فتنفر منه بعد خبرة حقيقية، ذلك الأمر الذي تمثل في شعر عربية أخرى، حملت من مثل هذا الزوج البليد، فراحت تنعى حظها وهي تقوم بعملها المنزلي ناظرة إلى بطنها الممتلئة منشدة "وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراس تحللها بغل فإن ولدت مهرا فلله درها وإن ولدت بغلا فجاء به البغل كتبت هذين البيتين من الذاكرة ثم عثرت على أصل لهما مختلفين، لعله الأصح لاختلاف القافية، تقول الشاعرة حميدة بنت النعمان بشير وهل أنا إلا قمرة عربية سليلة أفراس تحللها بغل فإن نتجت مهرا كريما فبالحرى وإن يك إقراف فما أنتج الفحل كما أن المثل العامي الذي يقول: "قالك إيه يحرر النسا قال بعد الرجال عنهم" إنما يلخص باقتدار ذلك النوع من الحرية الذي يتحقق بالحرمان، وهو حرمان مختار أبن رائع.. إلخ لكنه حرمان على كل حال، ثم إن المرأة قد تكون على حق حين يتخلى الرجال عن أسودتهم، أو يكونوا أسودا ولكنهم يصرون على استعمال المرأة مناخا، فلا يعودون أسودا، فيختفي الرجال كرجال، ويصدق مثل آخر يقول: "قالك إيه عيب الرجال قالت قلتهم
مظاهر معاصرة عن تفاقم الوضع الشيزيدى على الجانبين: يمكن أن نلاحظ أن رفض العائشات القرطبيات المعاصرات، لا يظهر في صورة صريحة دالة إلا في بعض ما يسمى (خطأ الأدب النسائي، أما في الحياة العامة فإن رفض النساء وتفضيلهن حياة الأنفة، أو الانسحاب، أو الاستمناء، أو الاستقلال، قد يأخذ أشكالا اجتماعية وسلوكية عديدة، ومن ذلك: 1. تأخر سن الزواج للمرأة حتى بلغ ما بعد الثلاثين، ليس فقط في مصر ولكنه امتد ليشمل المثقفات (أو المتعلمات أو الجامعيات) الخليجيات، هذا إذا تزوجن أصلا. 2. ارتفاع نسبة الطلاق الذي يتم بناء على طلب الزوجة، وخاصة إذا صاحبه تنازلها عن حقوقها المادية، وأحيانا عن حضانة الأولاد. 3. ارتفاع نسبة من يحاولن ممارسة علاقة فيها قدر أكبر من الاختيار، أو من أوهام الاختيار، وهي التي لا يسمح بها مجتمعنا عادة (إلا سرا، ونادرا) لدرجة لا بد وأن تنقلب معها إلى ما يدمغ باعتباره فاحشة أو دعارة لا أكثر. ولا أقل (الأمر الذي يتخفي حاليا تحت أسماء مثل زواج المتعة، وزواج المسيار، والزواج العرفي، وما شابه) 4. ارتفاع نسبة الاستكفاء الذاتي (بالاستمناء مثلا) 5. ارتفاع نسبة تدريبات الاستغناء (حتى ينقلب المثل الشهير إلى: "ضل حيطة ولا راجل طيطة") 6. ارتفاع نسبة الشذوذ الجنسي (نتكلم عنه هنا بين النساء، وخاصة في المجتمعات الغربية)، وهذا يبدو ردا بليغا، ويحتمل أن يواكب ما ذهبنا إليه من زعم أن المرأة حين تأكدت أن "عيب الرجال قلتهم " راحت تمارس، ولو بالتبادل دورهم لسد العجز في أعداد الحقيقيين منهم، (كذلك قد يتفق هذا مع بعض ما ذهبنا إليه في هذا العدد فصل إعادة قراءة في مصطلح الانحراف الجنسي ص: 37 وما بعدها) وحتى داخل المؤسسة الزواجية قد نجد أن الزواج أصبح يمر بأطوار نمطية تكاد تنتهي- متى أتيحت الفرصة- إلى أي من مظاهر الرفض السابقة.
وفي تأويل ذلك نقول: ترتبط المرأة بزوج تتصوره كما تتمناه، أو كما ينبغي (رجلا يأبى أن يستعملها مناخا) ثم تأتى الممارسة فتثبت أنه لا يعدو أن يكون البغل زوج هند (في المقتطف الثاني)، أو الأسد المغرور بلبوته والمرفوض أصلا طالما هو لا يريد لبوة شريكة، وإنما مناخا ساكنا (حتى لو كان متسخا)، أو يثبت أنه الكلب المرفوض ضمنا لموقعه الأدنى وأيضا لاحتمال لأن يكون مطلبه هو أيضا، حتى وهو الكلب، هو أن يركن في مناخ، وليس أن يجادل شريكا. وهذه الصور الثلاث تتبدى في الزواج الذي تنتهي مدة صلاحيته بعد أجل مسمى. - فالزوج الأعمى الذي يستحل زوجته لأنها هي أو وليها قد وقعا ورقة تسمح له بذلك، هو البغل الذي وصفته هند (المقتطف الثاني) - أما الزوج "الحمش" الذي يلغى زوجته أصلا اللهم إلا كمناخ له بعد تعبه (وهو ليس بالضرورة سي السيد) فهذا هو الأسد الذي ترفضه عائشة (لأنه لم يعد إلا أسدا فحلا) بمعني أن مثل هذا الأسد يفقد حضوره التواصلي، حين يصبح كل همه أن يمارس فحولته، ذلك المعني الذي ترفضه الشاعرة "أم حكيم"، حين تأبى أن تسلم جزمها (جسدها) لرجل همه أن يضاجعا، تقول: و أكرم هذا الجرم عن أن يناله تورك فحل همه أن يضاجعا - ثم يتبقى الزوج البليد الذي يعتمد عليها أو على أي مصدر اعتماد آخر (أمه مثلا) فهو الزوج الأدنى الذي يرضى بالأدنى، ومع ذلك قد يمارس دور الحماشة الكاذبة، وهذا هو الكلب الذي ترفضه هند أيضا. وقديما كان الزواج يستمر لأسباب أخرى لا علاقة. لها بالحرية ولا بالاختيار الذي ذكرته الشاعرة عائشة القرطبية هنا، أما وقد تطور الأمر وأصبح الاختيار واردا، فإن هذه الزيجات جميعا أصبحت تنتهي بمجرد انتهاء عمرها الافتراضي في الظروف التالية: (أ) حين يتبين للمرأة من هو زوجها على حقيقته وليس كما تخيلته (ب) حين يعجز الرجل أن يكون رجلا حاضرا محتويا متميزا مجادلا (ج) حين تأبى المرأة أن تستمر مناخا لغير ذي صفة.
مسئولية المرأة (وهي تتصور تحررها بالعزلة والحرمان): أغلب ما سبق يوحي بأن المرأة ترفض الرجل لأن الرجل لم يستطع أن يكون رجلا إنسانا يمارس علاقة مع آخر مختلفا، وهذا صحيح، ولكنه صحيح جزئيا فقط، فالمرأة التي تفعل ذلك هي أيضا عاجزة عن أن تمارس دورها إنسانا ودورها أنثى تتكامل مع ذكورتها الكامنة. وقد بالغ المجتمع الغربي في إعطاء المرأة حق الرفض حتى لا تصبح "المناخ" الذي وصفته عائشة، فحتى في المؤسسة الزواجية يمكن للزوجة- عندهم- أن تقيم قضية اغتصاب ضد زوجها إذا أتاها دون رغبة منها، وهذا تماما عكس ما شاع (خط في الأغلب) من أن على الزوجة المسلمة- تدينا- أن تطوف بسرير زوجها سبع مرات قبل أن تنام، تعرض عليه نفسها- ضمنا- حتى تتأكد أنه لا يريدها هذه الليلة وإلا أصبحت آثمة وكذا وكيت، وأحسب أن كلا الصورتين هما درجتان من البشاعة والتسطيح وسوء الفهم. فبأي أسلوب يمكن أن تعلن المرأة قبولها لرجلها؟ بالألفاظ، أم بالتوقيع على عقد يتجدد كل ليلة؟ أم بالتجاوب المبدئي؟ أم بالتجاوب النهائي؟ وبأي طريقة يمكن للرجل أن يفرق بين الرفض من باب أساليب الدلال والتمنع المبدئي، وبين الرفض الذي قالت به عائشة في المقتطف (رفض أن تكون "مناخا ا" حتى لأسد). وقد بدا لي أن الوعي الشعبي قد حل هذه المشكلة في أغنية بسيطة، لم أفهمها بحقها إلا بعد حين، حتى أني استعملتها في علاج بعض صعوبات الرجال الجنسية خاصة في خبرة ليلة الزواج الأولى، تقول الأغنية: ليه يانا يانا، ليه يا غرامي، خايف أقولك ولا ترضيشى، وان مارضيتيشى لأنزل وآيس، و أحط عيني في وسط رأسي، أرضى إنت لك يا سي العريس مارضاش لغيرك. فرفض العروس هنا هو رفض الخجل والهيبة، وربما الدلال، وحين يأخذ العريس هذا الرفض الظاهري باعتباره عزوفا عنه، وتقليلا من شأنه، فإنه يصاب بما يصاب به المتزوجون حديثا ليلة الزفاف، لكن الأغنية (التي تقال عادة مع أغاني الفرح) تعلمه ألا يعتد بهذا الرفض المبدئي، وأن ينزل و"يقايس" (يغامر أو يخاطر)، وأن يغمض عينيه إلا على افتراض أنه الغرام الذي يجمعهما، وليس فقط العقد أو الورقة، (ليه يانا يانا، ليه يا غرامي)، وإذ يصل هذا الاقتحام المحب إلى العروس فإنها سوف تعلن القبول الخاص الذي يؤكد له تفرده بالاختيار (مارضاش لغيرك)
الخلاصة: إن ما يبدو تحررا وإباء من جهة المرأة هو أمر محمود، وشكل تحرري، لكنه يخفي وراءه عجز إنساني عن عمل علاقة حقيقية، وهي صعوبة عامة لا تقع مسئوليتها على الرجل وحده، ولا على المرأة وحدها، ولا يوجد حل اسهل لها، ولا بد أن توضع الأمور بترتيبها التصعيدى بشكل يسمح بتحديد البدايات الفارقة بين الرجل والمرأة، ومن ثم التدرج في الممارسة، حتى ينجح الشريكان في تأنيس وجودهما "معا". فبداية المرأة كينونتها وأنوثتها فعلا، وحين تقول عائشة القرطبية "أنا لبوة"، فهذه بداية صحيحة، فهي لم تدع أنها أسد مثلا، وهي لم ترفض الأسد- في عمق التفسير- لكنها رفضت أن تكون مناخا لأحد (أسدا أو غير أسد). وهذه المرأة المؤكدة لأنوثتها "أنا لبوة " تريد أسدا يعاشرها لا يستعملها مناخا، أي أنها تريد رجلا يبدأ هو أيضا من رجولته، فالذي تريده المرأة حتى لا تغلق نفسها لونه هو رجل، مجرد رجل (والرجال قليل) وحين لا تجد، أو تقرر أنها لا تجد تبرر الانسحاب أو الحرمان أو الإباء أو الجنسية المثلية، وهكذا تقع المرأة في مأزق جديد، فتكاملها لا يكون بأن تحل محل الرجل أو تمارس ما عجز هو أن يمارسه، ولكن يكون التكامل أو التحرر بأن تعلق هي أنوثتها حتى تتفجر رجولتها فتلتحم بها لتصبح إنسانا حرا يحتوى و يبادئ، يقتحم ويخفق، يعطى ويأخذ بوعي عميق وحوار متصل. ويستحيل ذلك- بداهة- إلا إذا تم مع رجل يمارس نفس الدور، وإن كانت البداية مختلفة، ذلك أن الرجل يبدأ رحلة تحرره بتعميق رجولته أسدا لم يتخل عن أنوثته المبدعة الخلاقة، التي لا ترضى له أن يستعمل أنثاه الخارجية ط للبؤة- مناخا بل رفيقا مواكبا يتحرر في رحاب تحرره، وبالعكس
|
||
q
الملاحـق
|
||
(1) الانحراف الجنسي (قراءة مصطلح: من
مجلة الإنسان والتطور عدد أكتوبر- ديسمبر 1998) 1 حدود السواء
(عموما و) في الجنس 2 توظيف الجنس 3 تبرير الجنسية
المثلية 4 مخاوف واحتمالات (2) المرأة أحرص من الرجل على الجنس التواصلي وليس على الجنس التفريغى أو
اللذة المنفصلة (تحرير المرأة: بالحرمان) (مقتطف وموقف: من مجلة الإنسان والتطور
عدد أكتوبر- ديسمبر 1998) (3): دروس في الجنس
من الإبداع الأدبي (من نقد: بيع نفس
بشرية: محمد المنسي قنديل، اسم آخر للظل: حسنى حسن، يقين العطش: إدوارد الخراط) كتب د. أحمد
شوقي(زميلنا في لجنة الثقافة العلمية) في مجلة سطور/ لعدد
سبتمبر 1998 من الطبيعي ونحن
نعيش في ظل ثقافة التكنولوجيا أن تنعكس ثورة العلم والتكنولوجيا على موضوع الجنس
دراسة وممارسة!!!، إن دراسة موضوع الجنس من هذا المنظور قد تساعد على التعرف بشكل أفضل على
تاريخه وتاريخانيته، وهذا التعرف قد يساعد على تصحيح مفاهيمنا عنه. ثم نقل عن لين مارجوليس و
دوريون ساجان الجنس عند العامة يعنى رجالا ونساء عراة في وضع الممارسة، وعند
الأطباء يعنى الإيدز، وعند الداعية الأخلاقي المتشدد لا يعنى الجنس إلا بديلين
ذكر وأنثى
|
||
سعيا وراء ترجمة
جميع صفحات الشبكة إلى الإنجليزية و الفرنسية نأمل من الزملاء الناطقين
بالإنجليزية و الفرنسية المساهمة في ترجمة هذا البحث و إرساله إلى أحد إصدارات
الموقــع :
الإصــدار الإنجليــزي
–
الإصــدار الفرنســي |
||
|
||
Document Code OP.0016 |
ترميز المستند OP.0016 |
Copyright ©2003 WebPsySoft ArabCompany,
www.arabpsynet.com (All Rights Reserved) |