|
||
عنــف المعلومــات ... و إرهابـــها د. نبيــل علـــي ALARABIMAG N° 256 sep.2002 |
||
|
||
q النـص الكامــل /
Full text /
Texte entier |
||
عندما
تتسبب إذاعة بعض المعلومات الملغومة- في بلد إفريقي- في إبادة بشر أكثر
عددا مما أبادته القنبلة الذرية في هيروشيما أو نجازاكي، وعندما
يؤدي التركيز الإعلامي على شبح المواجهة النووية في شبه القارة الهندية إلى
خسارة الاقتصاد الهندي لبلايين الدولارات في عدة أيام، فإننا نكون إزاء عنف
جديد، وإرهاب لم تعرفه البشرية من قبل. ما إن تظهر موجة
تكنولوجية جديدة حتى يهلل لها أهلها زاعمين أنها الحل الحاسم للمشكلات التي نجمت
عما سبقها من تكنولوجيات، فبظهور تكنولوجيا الصناعة راج الحديث
على أنها هي التي ستخلصنا مما خلفته تكنولوجيا الزراعة، ستخلصنا من استغلال
الإقطاع للفلاحين الأجراء، وستزيد من إنتاجية الموارد البشرية والمادية
والطبيعية، وستؤدي إلى زيادة الاهتمام بالتعليم نتيجة لتلبية مطالب سوق العمل
الذي اتسع نطاقه وتعددت تخصصاته، وهو الأمر الذي يكفل- بالتالي- توافر الغذاء
والمسكن والتعليم والعمل والعلاج للجميع. وهكذا أصبحت تكنولوجيا الصناعة هي
العصا السحرية التي ستمحو الظلم والفقر والجهل والمرض من على ظهر البسيطة، وتمضي
قافلة التصنيع حثيثة الخطى لتكتشف، بعد فوات الأوان، أن تكنولوجيا الصناعة قد
نجم عنها العديد من المشكلات التي تفوق في حدتها تلك التي وعدت بحلها، من تدمير
للبيئة، واستنفاذ للموارد الطبيعية، وسوء استغلال العمالة، وزيادة الفجوة بين
طبقات المجتمع، ناهيك عن الاغتراب النفسي وتفشي السلبية وتدني القيم الروحية
وتضخم النزعة الاستهلاكية، وها هو المشهد نفسه يتكرر مع ظهور تكنولوجيا
المعلومات، فهي التكنولوجيا النظيفة، الودود مع البيئة، والتي ستخلصنا من
سلطة المؤسسات، وتتيح المعرفة للجميع، وتطلق القدرات الإبداعية للفرد، وتخلص
العالم من أسباب النزاع ليهنأ بسكينة دائمة بفضل شفافية التواصل الإنساني التي
توفرها تكنولوجيا المعلومات، وليتحول عالم اليوم الزاخر بالصراعات والتناقضات
إلى "قرية كونية،) وديعة يسودها السلام والوئام بين جميع الأنام. لقد نسي
مبشرو عصر المعلومات هؤلاء أن التكنولوجيا على مدى تاريخها، قد انحازت دوما إلى
صف القوي على حساب الضعيف، واستحالت سلاحا تمادت القلة القادرة في استغلاله من
أجل إحكام قبضتها على الأغلبية المستضعفة، ولقد نسي هؤلاء المبشرون أيضا- أو
تناسوا- أن الظواهر السلبية لأي تكنولوجيا لا تظهر إلا بعد مرور وقت ليس بقصير،
فما فعلته عوادم السيارات بالبيئة وما فعله غيرها بطبقة الأوزون لم تظهر آثاره
إلا بعد عدة عقود من التراكم التدريجي. وليس من شك أن
لتكنولوجيا المعلومات- مثلها في ذلك مثل التكنولوجيات الأخرى- وجهها القبيح الذي
أخذت ملامحه تزداد وضوحا يوما بعد يوم، بتنا نسمع عن عنف عصر المعلومات
وإرهابه وقد اتخذ صورا مختلفة أشد الاختلاف عما سبقها، سواء من حيث الأساليب أو
وسائل التصدي، والأهم من هذا وذاك، من حيث آثارهما، المباشرة وغير المباشرة،
سواء على الفرد أو المجتمع الإنساني بصفة وعلى اختلاف مظاهره ومستوياته، يكون العنف سلوكا
يمارسه من بيده القوة على من لا حول له منها، والمعلومات بل اشك- بصفتها
مصدرا للقوة- من أمضى أسلحة العصر، و المعرفة قوة " كما تلخصها لنا
مقولة فرنسيس بيكون الشهيرة، والتي ربما سبقه إليها بآلاف السنين إمبراطور
الصين صان تسو فهو القائل: "المعرفة هي القوة التي تمكن العاقل من أن يسود،
والقائد من أن يهاجم بلا مخاطر، وأن ينتصر بلا إراقة دماء، وأن ينجز ما يعجز عنه
الآخرون "، وجاءت تكنولوجيا المعلومات لتضيف كل يوم شاهدا جديدا على صحة
هذه المقولة بعد أن أصبحت المعلومات والمعرفة أهم ركائز القوة السياسية
والاقتصادية والعسكرية، ويزداد ثقلها يوما بعد يوم في موازين القوى
العالمية. لقد باتت هذه الأمور واضحة بصورة لا تحتاج إلى مزيد من التدليل
والتاع!يد، ما نود أن نضيفه هنا هو ما يشهده عصرنا من تطورات قلبت رأسا على عقب مقولة فرنسيس بيكون
سالفة الذكر، فكما أن "المعرفة قوة" ف "القوة أيضا معرفة"،
كما خلص إلى ذلك ميشيل فوكو، وقد قصد بذلك أن القوى السياسية والاقتصادية
والعسكرية والأيديولوجية، تعمل- بصورة مباشرة وغير مباشرة - على توليد خطاب
معرفي يخدم أغراضها ويروج لأفكارها سعيا لتثبيت سلطانها وتأمين مصالحها بالتالي. يزخر قاموس العصر
بالعديد من مصطلحات العنف المعلوماتي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: -
العنف الرمزي. -
الاستغلال المعلوماتي. -
الفجوة الرقمية. -
احتلال الفضاء المعلوماتي. -
التجويع المعرفي. -
ضراوة أجهزة الإعلام. -
العصف بالعقول. -
تزييف العقول عن بعد. -
الإمبريالية الرقمية. -
القمع الأيديولوجي. بصفة عامة، يمارس العنف المعلوماتي من خلال ما يمكن أن نطلق
عليه "القوى الرمزية اللينةsoft powers التي تختلف جوهريا
عن القوى التقليدية الصلدة hard powers، فهي تعمل بالجذب لا بالضغط، وبالترغيب لا بالترهيب، وتستخدم
لغة تخاطب العقول والقلوب، من أجل اكتساب الآراء لا كسب الأرض، ومن أجل انتزاع الإرادة
الجماعية لا نزع السلاح والملكية، ومن أجل فرض المواقف وزرع الآراء بدلا من فرض
الحصار وزراعة الألغام. ونستطرد في حديث الفوارق بين القوى اللينة والقوى
الصلدة لنشير إلى كيف أصبح توسيع نطاق الإعلام في مقام نشر القوات، وأصبحت
الأجندة في مقام التكتيك، والهوائيات والفضائيات في مقام ترسانات الأسلحة ومنصات
الصواريخ، وهكذا أصبح التلفزيون، وغيره من وسائل الإعلام آلة حرب كأسلحة لابد أن
نتصدى لها بالدروع والمتاريس. ألم نسمع عن القمر الصناعي للبث التلفزيوني الذي
كانت الولايات المتحدة، تحت إدارة جورج بوش (الأب) تنوي إطلاقه بهدف إسقاط حكم
كاسترو المناهض لها في كوبا؟ من حيث أسلوب
الممارسة، تختلف القوى اللينة عن القوى الصلدة في أمور عدة أساسية، من
أهمها: القدرة الهائلة على المناورة بالقوى اللينة زمنيا وجغرافيا، وكون
القوى الصلدة لا تستخدم إلا في حالات الضرورة القصوى في حين تمارس القوى اللينة
بصورة مستمرة ودائمة. وفي وقت الأزمات
والحروب والصراعات، توضع القوى الرمزية اللينة في خدمة القوى التقليدية الأخرى،
ويشهد التاريخ، من الحرب الصليبية إلى الحروب الأهلية بين قبائل الشعوب الإفريقية
والآسيوية، كيف وقفت القوى الرمزية إلى جانب القوى السمكرية والسياسية، ويكفي
أمثلة هنا، ما قامت به إذاعة ألمانيا النازية في أثناء الحرب العالمية، وكذلك
الدور الذي تلعبه وكالة المخابرات المركزية في كواليس السياسة الأمريكية. لكن
أكثر الأمثلة مرارة وبشاعة في إساءة استخدام القوى الرمزية هو ما فعلته إذاعة
ميل كولينز في رواندا بإشعالها نيران الفتنة القبلية بأهل هذا البلد الإفريقي بلا ذنب لهم ولا جريرة،
فقد فاق ما حصده هذا البوق الإعلامي اللاأخلاقي من ضحايا قبائل التوتسي ما فعلته القنبلة
الذرية بأهل هيروشيما ونجازاكي. إن خطورة عنف عصر المعلومات تكمن
في طبيعة القوى اللينة، فعلى العكس من
القوى الصلدة التقليدية التي تستخدمها الجيوش والأجهزة البوليسية، تزداد ضراوة
القوى اللينة كلما رهفت واستترت وخفتت فيها نبرة القوة وفجاجتها. إن هذه الخاصية
الفريدة للقوى الرمزية اللينة هي التي تزيد من قدرتها وتغلغل مفعولها لينفذ
إلى طبقات اللاوعي الفردي والجمعي، حيث يفعل فعلته خفية بصورة لا إرادية أو
شبه ذلك، وهو الأمر الذي يزيد من صعوبة ملاحقتهما والتصدي لها، خاصة بعد أن ترسخ
في جوف تنظيمات المؤسسات بهرميتها وتركيز سلطاتها، وتجد طريقها إلى قلب تشريعات
المنظمات الدولية متخذة منها دثارا تستتر وراءه، وخير شاهد على ذلك هو هذا
التناقض الصارخ في سعي الولايات المتحدة الدءوب إلى فرض رؤيتها المشوهة لحقوق
الإنسان من خلال ضغوط هائلة تمارسها على منظمات الأمم المتحدة والمنظمات
الإقليمية الأخرى (وعلى رأسها جامعة الدول العربية في الآونة الأخيرة)، وهو
التناقض الحاد الذي وصل بزعامة القطب العالمي الأوحد إلى أن تصف شهداء المقاومة
الفلسطينية بالإرهابيين في الوقت الذي جعلت فيه من السفاح شارون صانعا
للسلام.
أما عن ضراوة
الإعلام الأمريكي فحدث ولا تخف، وقد سعت دول العالم الثالث ومن ورائها اليونسكو
إلى إقامة نظام معلومات عالمي جديد يحمي ضحايا الإعلام الأمريكي من مظاهر عنفه
المتعددة، نظام يقوم على موازنة الحق المطلق الذي في يتمتع به المرسل الإعلامي
في أن يبث ما يحلو له، بحق مقابل لمستقبل الرسالة الإعلامية أن ينتقي ما يروق له
ويلائم ظروفه وبيئته وثقافته، وكما هو متوقع، فقد نسفت الولايات المتحدة المشروع
المقترح في مهده تحت ضغوط القوى المسيطرة على مؤسسات الإعلام الأمريكي، وتحت
دعوى المحافظة مبدأ حرية التعبير المكفولة بنصوص الدستور الأمريكي، ومرة أخرى لا
يستطيع هؤلاء ستر عورات تناقضهم الصارخ، ونحن نراهم يطالبون حاليا بتكميم أفواه
الإعلام العربي صحفه ومذياعه وتلفازه وقنواته الفضائية ومواقعه على الإنترنت،
وذلك بهدف فرض نوع من الصمت إزاء ما ترتكبه إسرائيل من عمليات وحشية ضد شعبنا
الفلسطيني. وقد وصل الأمر إلى ما يشبه الأوامر الصريحة بعدم الإشادة، بل
الإشارة، إلى العمليات الاستشهادية، وعدم استغلال الإعلام لجمع التبرعات لضحايا
البطش الإسرائيلي من أبناء فلسطين. وفي حين فشلت على يد
الأمريكيين- كما أسلفنا- المحاولات السابقة لمنح مستقبل الرسالة الإعلامية الحق
في رفض بعض مما يلقيه عليه مرسلها، إلا أن هؤلاء الأمريكيين أنفسهم هم الذين
أبدوا انزعاجا شديدا لتعرض أطفالهم لمظاهر العنف الترفيهي، في برامج التلفزيون
وأفلام السينما، ومواقع الإنترنت المنتشرة التي تعرض مناظر الجنس الفاضح، وكان
لابد من البحث عن وسائل تكنولوجية عملية لحماية الصغار باحتجاز الرسائل
الإعلامية غير المرغوب فيها، مع عدم الوقوع- بقدر الإمكان- في فخ الرقابة على
المعلومات. وكان الحل الوسط فيها يعرف بشريحة العنف الترفيهي V-chip (v for violence) التي اخترعها الكنديون وأقرها من فوره الكونجرس الأمريكي،
وتبعه في ذلك البرلمان الأوربي. توضع هذه الشريحة الإلكترونية داخل التلفزيون،
أو في صندوق إلكتروني متصل به، وتقرأ هذه الشريحة كود التحذير الذي يحدد درجة
العنف ومدى الإباحية وما شابه، والذي ألزم القانون ضرورة وضعه على كل الأفلام
والمواد التلفزيونية والمعلومات التي يتم تبادلها عبر الإنترنت وأجهزة الإعلام. إرهاب
عصر المعلومات في حملتها الشعواء
بعد حوادث الحادي عشر من سبتمبر، سعى الخطاب السياسي الأمريكي إلى توسيع تعريفه
لمصطلح "لا للإرهاب " ليشمل الإرهاب المعلوماتي على اختلاف صنوفه
ودوافعه، ووصل الزيف بهذا الخطاب أن يدرج جماعات النضال الوطني ضد الاحتلال
والقمع الجماعي ضمن قائمته المشبوهة للفئات الإرهابية، وحسبي أننا لسنا بحاجة
إلى التصدي لمثل هذه الآراء التي تولى فضح تناقضاتها كثيرون غيرنا. ما نريد أن
نبرزه هنا أن تكنولوجيا المعلومات، والإنترنت تحديدا، أصبحت سلاحا مؤثرا في
يد الضعيف لمواجهة عنف القوي القابض على زمام السلطة، يشهد على ذلك ما قام
به ثوار زاباتيستا، الفلاحون البسطاء من جنوب المكسيك، في استخدام الإنترنت
لإشهار قضيتهم والدفاع عن حركة نضالهم، وكذلك ما قام به الطلبة الصينيون
المناهضون للنظام، والأمريكيون الأفارقة الذين تزداد مهارتهم يوما بعد يوم في
استخدام الإنترنت للذود عن مواقفهم ومصالحهم ضد القوى المركزية، وفئات الضغط
والمصالح. وقد أصبحت الإنترنت من أقوى أسلحة العولمة المضادة، والتصدي
لمظاهر الظلم الفادح الذي تنطوي عليه اتفاقيات الجات بصيغتها الحالية. أما الهاكرز، هؤلاء المتخصصون أصحاب الخبرة
العالية في تكنولوجيا المعلومات، فقد أثبتوا قدرتهم العالية في اختراق شبكات
المعلومات وكسر شفرات المحافظة على سرية البيانات. ومن المعروف أن لدى وكالة
المخابرات الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، فرقا متخصصة من الهاكرز لا
تقتصر مهمتها على حماية شبكات معلوماتهم الحيوية بل تتجاوزها إلى اختراق شبكات
الغير في حال الضرورة، ويكفي دليلا على ذلك ما تعرضت له مواقع الإنترنت الخاصة
بالجمعيات والجماعات العربية والإسلامية من أعمال تعسفية في أعقاب أحداث الحادي
عشر من سبتمبر. ورغم كل ما يقال عن
جماعة الهاكرز، فلهذه الجماعة وجهها النبيل أيضا، فهم يتصدون لاحتكار المعرفة
بإتاحتهم البرامج، مجانا وإتاحة فرص النفاذ إلى المعرفة التي يضن بها أصحابها،
أو يغالون في تكلفة اقتنائها، بل وينظر إليه البعض على أنهم "روبين
هود" عصر المعلومات الذي يأخذ من الأغنياء ليعطي المحرومين. هذه مقدمة لابد منها
تحاشيا للخلط قبل الخوض في تناولنا لظاهرة الإرهاب المعلوماتي الذي رأينا أن
ندرجه تحت ثلاثة عناوين رئيسية هي: 1) إرهاب ضد
الأفراد. 2) إرهاب ضد
المؤسسات. 3) إرهاب ضد
الدول. 1) إرهاب ضد الأفراد: كل فعل، يقوم به الفرد
في تعامله خلال الإنترنت، مهما كان صغيرا، مسجل عليه، والكمبيوتر ذو ذاكرة
حديدية لا تخبو ولا يعتريها النسيان، وكما هو واضح، يمثل هنا تهديدا حقيقيا لهتك
الخصوصية الفردية، بعد أن أصبح من الممكن النفاذ إلى ما يتداوله البشر من أحاديث
عبر هذه الشبكة، من حوار المناهضين لنظام الحكم إلى همس المحبين، وقد شهدت ساحة
الإنترنت حالات عدة لا "الابتزاز المعلوماتي " من قبل أشخاص
تمكنوا- بوسيلة أو بأخرى- من اصطياد رسائل البريد الإلكتروني أو التنصت على
حلقات الدردشة عبر الإنترنت، وجدير بالذكر هنا أن أكثر برامج الدردشة شيوعا،
والمعروفة باسم ICK،
هي من إنتاج شركة إسرائيلية، وقد تم اقتناؤها أخيرا من قبل كبرى شركات خدمات
الإنترنت بأمريكا (َأمريكا أون لاينAOL )،
ومن السهولة بمكان النفاذ إلى كل ما تتضمنه حلقات الدردشة التي يشارك فيها
المواطنون العرب لكشف ما يختلج بالصدور وما تبطنه السرائر. ما يساعد على
استخدام الإنترنت كوسيلة للابتزاز. أن التواصل عن بعد يتيح فرصا عدة لتقمص
الشخصيات، وما أكثر ما تقمص الرجال شخصيات النساء، وتقمصت النساء شخصيات الرجال
لخداع الآخرين والأخريات من أجل البوح بأسرار شخصية حساسة يمكن أن تستغل ضدهم أو
ضدهن. علاوة على ذلك، تتيح تكنولوجيا المعلومات وسائل مبتكرة للابتزاز نذكر منها
على سبيل المثال لا الحصر، التهديد بالوثائق المزورة، والصور الفاضحة التي يتم
تزييفها إلكترونيا بدرجة يصعب التفريق بينها وبين الصور الحقيقية. هذا بخلاف
مصادر تهديد أخرى للنفاذ إلى الحسابات الشخصية، أو السرقة من خلال استخدام أرقام
بطاقات الائتمان الخاصة بالغير في معاملات التجارة الإلكترونية. ليس هناك حاليا من حل لحماية خصوصية الأفراد إلا
باستخدام أساليب المحافظة على سرية البيانات encription، إلا أن هناك لكل شفرة سرية- كما هو معروف- وسيلة فنية لكسرها،
فالأمر- على ما يبدو- في حاجة إلى صيغ جديدة يتآلف فيها الإلزام من خلال
القوانين، مع الإلزام من خلال إشاعة قيم أخلاقية جديدة تتلاءم ومطالب عصر
المعلومات. 2) إرهاب المؤسسات: من أخطر مصادر
التهديد الإلكتروني للمؤسسات هو اختراق شبكات اتصالاتها والنفاذ إلى قواعد
البيانات التي تتضمن المعلومات الحيوية عن أنشطتها المختلفة، وفي ظل المنافسة
الشرسة التي تشهدها معظم الأسواق حاليا أصبح التجسس على أنشطة الشركات من قبل
منافسيها عبر الإنترنت مصدر قلق حقيقي، وقد تم اختراق شبكات المعلومات لبعض
البنوك السودانية في إطار الحملة التي شنت ضد السودان ضمن ما أسموه بتمويل
العمليات الإرهابية. من المظاهر الأخرى لإرهاب المؤسسات معلوماتيا إسقاط
موقع المؤسسة على الإنترنت، وذلك بأن يصوب إليه وابل من الرسائل المولدة تلقائيا
التي تظل تنهمر إلى أن تصل إلى حد يعجز فيه الموقع تماما عن ملاحقتها ليسقط،
وتسقط معه- بالتالي- جميع المعاملات التجارية والمالية التي يوفرها موقع المؤسسة
لعملائه ووكلائه وشركائه. من وسائل التهديد الأخرى التي تتعرض لها المؤسسات فك
شفرة حماية سرية البيانات التي تتبادلها مع الآخرين خارج المؤسسة من عملاء ووكلاء
وما شابه، وقد سمعنا عن هذا الشاب النرويجي الذي أثار الرعب في قلوب أباطرة
صناعة السينما في هوليود بعد أن نشر في الإنترنت برنامجا من عدة أسطر يمكن به فك
الشفرة الرقمية التي تبث بها الأفلام عبر الشبكة. إنه بحق ذكاء الأفراد في
مواجهة سطوة المؤسسات، ولا جدال في أن هذه في المعركة لا تزال في بدايتها،
وستلقي بظلال كثيفة على ما يجري حاليا في مجال حماية الملكية الفكرية. من أجل الوقاية ضد صنوف الإرهاب الإلكتروني تلك، تقيم
المؤسسات سياجا من البرامج المعروفة باسم "جدران الحريق " لمنع النفاذ
غير المشروع لشبكة معلوماتها وحمايتها ضد محاولات إسقاط الموقع، ولكن مازالت هذه
الوسائل غير آمنة مائة في المائة، وربما ستظل المواقع عرضة لفكرة يتفتق عنها ذهن
أحد هؤلاء الهاكرز تمكن من الالتفاف حول "جدران الحريق " تلك، وهو ما
أدى بالبعض إلى أن يشبهها ببوابات الفولاذ وقد ركبت في حوائط من ورق. 3) إرهاب ضد الدول: يتمثل الإرهاب الإلكتروني للدول في إمكان
النفاذ إلى شبكات التحكم في المرافق العامة مما يتسبب في الشلل التام للبنى
التحتية الأساسية، بل واحتمال تدميرها بالكامل. إن الدول باتت معرضة لما يمكن أن
نطلق عليه: أسلحة التدمير الشامل باستخدام الأسلحة البيولوجية المعلوماتية
المتمثلة في جيوش الفيروسات التي تخترق حدود الدول لتشيع الخراب والفوضى في
أرجاء البنية المعلوماتية. ومن قبيل المفارقة، فإنه كلما ارتقت الدول في استخدام
شبكات نظام المعلومات وزاد الترابط بين هذه الشبكات، زاد تعرضها بالتالي لمثل
هذا النوع من التهديد، وهو الوضع الذي يثير أشد القلق لدى الدول المتقدمة التي
يتزايد اعتمادها على شبكات المعلومات في إدارة معظم شؤون حياتها. علاوة على ما
سبق، هناك الإرهاب إلكترونيا بغرض الإضرار بالمصالح الاقتصادية للدولة.
وقد مارست إسرائيل هذا النوع من الإرهاب بهدف تشويه صورة السياحة المصرية. لا يمكن مواجهة هذا
النوع من الإرهاب دون تشريعات دولية مستحدثة، بجانب إشاعة خلق عالمي جديد لن
تقوم له قائمة ما لم تتخلص دول العالم المتقدم من نظرتها الضيقة لمفهوم السلام
العالمي، وهي النظرة التي تتصدى لأطراف المشكلة وتنأى بشدة عن مواجهة أصولها
التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ الحديث، وتتعدد جوانبها السياسية
والاقتصادية والثقافية والأمنية. |
||
Document Code
VP.0043 |
Ali.InformticViolence |
ترميز
المستند
VP.0043 |
Copyright ©2003 WebPsySoft Arab Company www.arabpsynet.com (All Rights Reserved) |