Arabpsynet

Points de Vue  /  Points of View

شبكة العلوم النفسية العربية

 

الابـــن الضـــال

PRODIGAL SON REVISOTED

د. جيمــي بشــاي

مدير مستشفى المحاربين القدماء – بنلسلفانيا - الولايات المتحدة

الثقافــــة النفسيــــة المتخصصـــة – لبنــــان ( الإصدار الإلكتروني )

 

 

    تحية الإعجاب والتقدير للباحثين في " سيكولوجية الحروب العربية " وهي أيضا "سيكولوجية الحروب الأميركية " إنه عدد متميز من مجلة الثقافة النفسية المتخصصة. وهو وجدير بأن يكتب بماء الذهب أو الشموع المضيئة وفيه مقال الدكتور يحي الرخاوي " الثورة المجنونة" أثار في نفسي السؤال: من هو المجنون؟.

" من الذي رمى بالشوك في مضجعي ، فنبت مكلوم الحشا موجعا؟

    للشاعر علي الجازم في قصيدته عشية قيام الحرب العالمية. من هذا المجنون الذي يريد تغيير خارطة المنطقة وثوابت ثقافاتها بقوة التدخل العسكري الذي يتحدى الشرعية الدولية ؟ إن أكثر المعلقين السياسيين في الولايات المتحدة يصفون الرئيس بوش الابن بأنه القائد الأوحد الذي بز والده في السعي نحو تحرير البشرية والعالم العربي على وجه أخص من الإرهاب الذي شنته القاعدة ومن صدام حسين الذي يهدد العالم بأسلحة الدمار الشامل. وكمواطن أميركي من أصل عربي أشعر بأن الوضع بحاجة إلى تفكيك لشخصية هذا المجنون وهل هو الابن الضال كما ورد في الكتاب للقدس في سفر لوقا 15- 11 وذلك لأن هذه القصة كان لها تفسير خاص في عقلية اليمين المسيحي الذي اعتنقه الرئيس بوش بعد فترة ضلال وسكر وعربدة في شبابه الجامعي، ولكنه تاب وحدث له غسيل مخ قد يؤدي لعقدة لأبن الضال.

 

سياسة جورج ووكر بوش:

    إن الرئيس  بوش وقد فاز بالانتخاب "عفواً " أصبح من أشد مناصري  ضعاف النفس وشاركهم بالتعتيم على الأهداف الحقيقية للحرب. ولتسويقها عبر الحرب النفسية أو الدعاية لها كما ورد في مقال الدكتور محمد حمدي الحجار سيكولوجية  الحرب النفسية الأميركية.

    باستطاعة أساليب الدعاية الشاملة MASS MEDIA  إرهاب الشعب الأميركي وتبرير الحرب ضد صدام الذي صورته الدعاية على أنه يخطط لقتل الأميركيين، بالتعاون مع تنظيم القاعدة. وأقنعته بأنه هيئة الأمم المتحدة عاجزة عن حل هذه المشكلة ويحاول جورج بوش أن يكون هو المخلص الذي يحل كل مشاكل كل العالم.

    ثم طالعت مقال الدكتور عبد الستار إبراهيم: بكاء أفهمه.... وبكاء لا أفهمه: عندما بكى الكبيسي وعندما بكى بوش" . حيث يقدم دراسة شاملة لكلمات ما نعرفه عن زعماء مثل مارتن لوثركنج " أرى الغد وأملك الحلم" وشارل ديجول " أنا فرنسا وفرنسا أنا". وعبد الناصر " كتب علينا القتال ولم يكتب علينا الاستسلام " وكلمات  قيلت في الوقت المناسب، ومن الشخص المناسب وفي المكان المناسب.

    والدكتور عبد الستار يشير بذلك إلى وحدة الزمن المعاش التي يلزم  أن يتعامل بل في الدراسات النفسية لتفكيك النص، والبكاء أيضا هو نص يمكن تفكيكه والتفكيك في المفهوم ما بعد الحداثي هو التحليل النفسي.

    والعلاقة بين انخداع النفس وديمومة العلائم المرضية سواء كانت هستيريا أو صدمة نفسية PTSD بحاجة للتفكك بدون الاعتماد على نظرية مسبقة. أي أن التفكيك لا يقتصر على تحليل جنسي لعقدة الأب Oedipn’s Complex مثلا كما فعل فرويد في تحليله شخصية الرئيس الأميركي Wilson  ولسون. الذي عربه الدكتور محمد النابلسي ونشره مركز الدراسات النفسية تحت عنوان: " التحليل النفسي للرئيس الأميريكي وودرو ولسون ". ووجدت نفسي بحاجة لمراجعة كتاب النابلسي عن تحليل " الحرب النفسية في العراق" ووجدت أوجه شبه واضحة بين تحدي ولسون لعصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى وتحدي بوش الابن،  لهيئة الأمم المتحدة حاليا. وربما استطاع كليمانصو الفرنسي أن يكشف القناع عن العقد النفسية في شخصية ولسون في حين لم يستطع شيراك أن يصمد أمام التهديدات الاقتصادية الأميركية وحاول أن يجامل بوش وأن يعترف بالأمر الواقع بانهيار الحكم الشرعي للعراق.

    يقول الدكتور عبد الستار أن بوش بكى عندما رحب بالجنود الصغار الذين عادوا بعد تحقيق النصر، وأنه أحتار في تفسير السبب في هذا البكاء. ثم يتساءل هل هي نشوة النصر أم يقظة الضمير والإحساس بالمأساة التاريخية التي ارتكبها في حق المسيرة الحضارية الإنسانية التي هزت ضمير العالم؟. أنا أنظر لهذا البكاء سواء أكان بكاء حقيقيا أم ملفقاً على أنه نص بحاجة  لتفكيك بدون مسبقات نظرية سواء أكانت هذه المسبقات دينية أو نظرية على أسلوب التحليل النفسي. ولكن وبالاستعانة بالأساطير والقصص الديني يمكن مراجعة كل ما أوردته شبكة الانترنيت عن قصة الابن الضال"، وهي تتعدى المائة راجعت عشرة منها، ولعل أهمها بحث أوردته شبكة التحليل النفسي عبر مقال في 14 صفحة بعنوان Oedipus the prodigals عدد إبريل 28(2) 213 227 بقلم كالتبين هما PAROEKIS F HASEGELLL .وقبل الموازنة بين صدمة بوش بعد حرب العراق وصدمته الأولى بتهديد والده بحرمانه من الميراث إذا لم يكف عن شرب الخمر يحسن إيجاز القصة في سطور قليلة:

" إنسان كان له ابنان الأول أنفق نصيبه من الميراث في العبث مع الزواني " حتى جاع وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله فلم يعطه أحد ما يسد جوعه من الخرنوب. فرجع إلى نفسه وقال أقوم وأذهب إلى أبي وأقول له يا أبي: " أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقا بعد أن  أدعى لك أبناً ". ورحب به الأب ترحيباً واسعاً واغتاظ من الابن الأصغر الذي كان يعمل في حقل أبيه ولم يغادره أبدا وقال لأبيه" ها أنا أخدمك منذ سنين هذا عددها وقط لم أتجاوز وصيتك وجدياً لم تعطني قط لأفرح مع أصدقائي. ولكن لما جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني وذبحت له العجل المسمن فقال له: يا بني أنت معي في كل حين وكل ما هو لي فهو لك، ولكن ينبغي أن نفرح ونسر لأن أخاك هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوجد.

    وهناك تفسيرات كثيرة  لهذه القصة، والتفسير الغالب في اليمين المسيحي أنها تمثل محبة الأب وأن رحمة الله تتسع للخاطئ  إذا تاب، وهو تفسير معقول في نطاق اللاهوت المسيحي، الذي يقول هكذا أحب الله العالم حتى أرسل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من آمن بالأب.

    ولكن التحليل النفسي الجديد وفق أسلوب لاكان ( Lacan.J ) مثلاً يدخل في صميم فقه الله ويفكك مفهوم الأب ولغته. ومفهوم الموت (كان ميتا فعاش، مفهوم مسيحي للقيامة). ومفهوم العلاقة بين لغة الأب ، العالم العليم مسبقاً، ولغة الإبن الذي كان ضالا فوجد. وهذه العلاقة أشبه بعلاقة الأب القديمة بالابن الأكبر في الدراسات الأنثروبولوجية التي أبرزها فرويد في عرضه لمفهوم عقدة أوديب.

    خطر على بالي هذا الخاطر أثناء مشاهدة عناق وتماسك الأيدي Holding hands بين الوالد بوش وبوش الابن أثناء حفل تأبين ضحايا 9/11 في كاتدرائية واشنطون. كان بوش الابن أقل المتحدثين إقناعا وطلاقة في لسانه. واعتاد الأميركيون التغاضي عن تعثره وأخطاءه اللغوية. ولكن هذه العثرات اللغوية التي تميز بها جورج بوش الابن أضفت عليه سمة الرئيس الملهم. بخلاف والده الذي كان لا يتعثر في كلامه ولكن الأميركيين رفضوه وأسقطوه في الانتخابات عام 1992 واختاروا بأغلبية  ساحقة كلينتون صاحب اللسان المعسول. ولم يشأ بوش الأب أن يعلق كثيرا على علاقته بابنه ولكنه أشار إليه مرة كأبن أو OUR BOY كما أنه كان يثور  في كل مرة يعلق فيها النقاد على لباقة كلينتون في الكلام ومقارنته برطانة بوش المعيبة في الخطاب. وهدد كلينتون في أحد المرات بأنه إذا انتقد ابنه مرة أخرى فإنه أيضا سوف يفضحه في علاقته بمونيكا،  هناك إذاً إعتراف ضمني لم يصرح به بوش وهو اعتراف الأب بأن الابن GW جورج ووكر لا يزال شابا فجاً لا يعرف الكلام. وأن الأب ، لأنه هو GHW جورج هربرت ووكر وليس جورج ووكر، وراء إبنه. ولكن هيهات أن يصل سليط اللسان كلينتون، ابن الممرضة، إلى مستوى جورج هربرت سليل آل بوش الكرام BRAHMIN  أو البراهمة. والصراع للسيطرة واضح من هذا السياق. حيث قصة الابن الضال قابلة للتفسير من وجهة النظر التالية بالنسبة للابن. بمعنى أن الهداية ممكنة إذا اعترف بالخطأ وأن رحمه الأب تتسع للمذنب متى اعترف بالذنب. 

    أما من جهة الأب فإنها تؤكد هيمنة الأب على الابن. وإذا كانت هذه السيطرة قد تزعزعت بسبب ثورة الابن على أبيه وتبديده ثروته. فإنها ثورة لعاجز عن الاستقلال عن أبيه. وبالتالي فهي تزعزع الشعور بالثقة بالنفس، وتعمق مشاعر الذنب ويصبح البكاء الطبيعة لكل سلوك سواء كان النصر أو الهزيمة. والواقع حاليا يشير إلى صدمة كثيرة الشبه بصدمة فيتنام. لأن العراق لم يرحب بمقدم القوات الأميركية ووقع بوش الابن تحت وطأة حرب استنزاف  تهدد ثقة الشعب الأميركي  بالرئيس الملهم.

   ولعل بوش الابن الآن يراجع نفسه ويقول ما قاله الابن الضال: أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقا بعد أن أدعى لك ابنا... ذلك أن بوش الأب صرح عن طريق مدير مكتبه سكوكروفت بأن شن الحرب على العراق ستثير مشاكل معقدة لا ناقة للأميركان فيها ولا جمل. كما أورد نفس الكلام وزير خارجية الأب جيمس بيكر. لكن بوش الابن لم يتقبل نصيحة أبيه بوعي كامل. ولعل بكاءه هو بمثابة التعبير عن قصوره في  بعد النظر أو الحنكة السياسي التي يتمتع بها الأب .

    إلا أن عقدة مستمدة من الأسطورة الإغريقية المعروفة (أوديب) لا بد وأن تكون لها أوجه اختلاف كثيرة مع الأسطورة الواردة في لوقا 15 والتي تغلب عليها السمة العبرانية لعلاقة الأب بالإبن دون أي ذكر للأم أو الزوجة. كما هو الحال في عقدة أوديب حيث تصبح الأم زوجة لأوديب وهذا مصدر العقدة. بينما نجد في الإبن الضال عودة الوعي بسيطرة الأب وعجز الابن عن أن يشب عن طوقه ويحتل مكان أبيه كما هو الحال في الأسطورة الإغريقية.

    ولعل أكثر ما يميز اليمين المسيحي عن المذاهب المسيحية الأخرى تعلقه بالنص العبراني وبالأسطورة اليهودية. التي ترى أنها الأصل وإن المسيحية دين الأبن أو الفرع العاجز عن التحرر من سيطرة دين الأب. وكان فرويد قد أوضح هذه العلاقة في كتابه " موسى والتوحيد ". وكيف أنها تقسم إلى حد ما بوجود عقدة أوديب بصور متنوعة في الأديان المختلفة.

    هذا تمهيد لدراسة أكثر تعمقا في العلاقة بين عقدة أوديب وعقدة الابن الضال، والتفكيك الأب وسيرة حياة بوش الابن إلى جانب تحليل واللغوي لخطاب كل منهما واعقد أنها تصلح مادة لأطروحة دكتوراه  إلى جانب كونها قد تفيد في المحادثات الدبلوماسية الجارية حاليا في ديترويت بين العرب والأميركان.

 

قصة الابن الضال كما وردت في الكتاب المقدس - ترجمة الأباء الياسوعين  لوقا 15- 11.

    إنسان كان له ابنان: فقال أصغرهما لأبيه يا أبي أعطيني القسم الذي يصيبني من المال، فقسمه لهما بمعييته  وبعد أيام ليست بكثيرة جمع الابن الأصغر كل شيء وسافر إلى كورة بعيدة وهناك بذر ماله بعيش مسرف. فلما أنفق كل شيء حدت جوع شديد في تلك الكورة أبنه يحتاج  فمضى والنص بواحد من أهل تلك الكورة فأرسله إلى حقوله ليرعى خنازير وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب  التي كان الخنازير تأكله فلم يعطه أحد.

    فرجع إلى نفسه وقال كم من أخير لأبي يفضل عن الخبز وأنا أهلك جوعا، أقوم واذهب إلى أبي وأقول له يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقا بعد أن أدعي لك ابنا. اجعلني كأحد أجراك فقام وجاء إلى أبيه وإذ كان لم يزل بعيدا رآه أبوه ينتحي وركض ووقع على عنقه وقبله، فقال له الابن يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقا بعد أن أدعي لك ابنا فقال الأب لعبيده أخرجوا أكله الأولى، والبسوه واجعلوه خاتما في يده وحذاء في رجليه وقدموا العجل المسمن واذبحوا فنأكل ونفرح لان ابني هذا كان ميتا فعاش. وكان ضالا فوجد.

     فابتدءوا يفرحون وكان ابنه الأكبر في الحقل، فلما جاء وقرب من البيت سمع صوت الآلات الطرب ورقصا فدعا واحدا من الغلمان وسأله ما عسى أن يكون هذا فقال له أخوك جاء فذبح أبوك العجل المسمن لأنه قبله، سالما، غضب ولم يرد أن يدخل فخرج أبوه يطلبه إليه فأجاب وقال لأبيه ها أنا أحترمك  سنين هذا عددها وقط لم أتجاوز وصيتك وجريا لم تعطني  قط لأفرح مع أصدقائي ولكن لما جاء ابنك هذا الذي أكل بمعيشتك مع الزواني ذبحت له العجل المسمن فقال له يا بني أنت معي في كل حين وكل ما هو لي فهو لك ولكن كان ينبغي أن نفرح ونسر لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد.
 

Document Code VP.0036

Beshai.ProdigalSonRevisoted

ترميز المستند  VP.0036

 

Copyright ©2003  WebPsySoft Arab Company، www.arabpsynet.com  (All Rights Reserved)