Arabpsynet |
||||
|
||||
مـاذا على الأزواج أن يعرفـوه قبـل أن ينفصلـوا هانس ييلوشك ترجمة د.
سامر جميل رضوان E.mail : srudwan@hotmail.com
|
||||
|
||||
q
النص الكامل
/
Full text / Texte entier |
||||
مدخل : "طلقني"
!! ما أسرع نطق هذه الجملة، وما أسرع تنفيذها في هذه الأيام. حيث يبدو الانفصال
لكثير من الأزواج الحل الوحيد، عندما ينزلق الحب في مأزق. بسبب الفشل الكثير للعلاقات يبحث معالجو
الزوجية ما الذي يفرق الزوجين وما الذي يجمعهم. وتشير نتائجهم للأمل، إذ يبدو
أنه بالإمكان إنقاذ الحب إذا ما عرفوا أنفسهم والآخر أكثر و
"المُزعِجات" غير المنظورة و اللاشعورية. من بينها على سبيل المثال صور
الأدوار التقليدية. وفي هذا المقال يوضح المعالج النفسي الزواجي "هانس ييلوشك" التأثيرات الهدامة التي ما زالت تمارسها
الصور التقليدية للأدوار على العلاقات من خلال مثال حول الرجال. عندما يقرر اليوم شخصان الزواج و المضي
عبر الحياة معاً، عندئذ يحمل كل منهما على الأغلب التصورات التالية:
كلاهما يعمل عملاً
ذي قيمة، وكلاهما يهتمان مع بعضيهما بالعلاقة والأسرة بالمقدار نفسه.
وكل الشبان الأزواج
تقريباً يدخلون الحياة الزوجية بمثل هذه المُثل. وعادة ما يسير الأمر بصورة جيدة
طالما أنهما لم يتزوجا بعد و يعيش كل منهما في منزل مختلف. إلا أنه سرعان ما
تظهر الصعوبات الأولى عندما يتزوجان ويعيشان مع بعضيهما، عندئذ يتوقع
الرجل فجأة أن تقوم زوجته بالتسوق و تنظيف المنزل ، وتشعر هي بتأنيب الضمير
عندما تجد أن القهوة قد انتهت ولم تنبه لها على سبيل المثال. وبمجرد أن يختار
الزوجان الشابان نمطاً حياتياً شبيهاً بأسرتيهما إلى حد ما، بمجرد أن
"تتطبع" حياتهما إن صح التعبير، تعود صور الرجال
والنساء التي عاشوها في أمهاتهم وآبائهم لتنبعث من جديد. وهذا هو الحال بشكل خاص عندما يأتي الأطفال. وبشكل مدعوم من خلال ظروف العمل في
الوقت الراهن و النقص في إمكانات الرعاية المناسبة للأطفال، تنبعث منذ هذه
اللحظة صور الأدوار القطبية المستحوذة بكامل قوتها. وما يظهر بعد ذلك
يمكن وصفه بالصورة التالية: الرجل يعيش
"القليل" من الأسرة والكثير من المهنة.
ولدى الزوجة تبدو
الصورة معكوسة: حيث تصبح المهنة عملها الثانوي، بل أحياناً مجرد هواية، وتحتل
الأسرة الجزء الأكبر من طاقتها. وبهذا يكون النموذج البطريركي للأسرة قد اكتمل. ويمكن لهذا الأمر أن يسير بصورة جيدة، إذا ما
اعتبرا الوضع مؤقتاً و تم تقبله كحل وسط. إلا أنه عندما يتحول ليصبح حالة دائمة
تساور المرأة مشاعر بأنها قد قيدت من قبل زوجها إلى هذا الوضع، دون أن
تقرر هي ذلك بشكل واع. و يشعر الرجل أنه انزلق في هذا الوضع من خلال الضغوطات
المهنية، دون أن يقرر هو ذلك بشكل واع. عندئذ تتهمه بأنه المسؤول عن عدم
تحقيقها لذاتها في المهنة و يتهمها هو بأنها لا تتفهم ضرورات ومتطلبات
عمله. وهنا لا تكون المسافة قد باتت بعيدة عن تحطم العلاقة، الذي غالباً ما
تقوم المرأة هنا بإنجازه. وعندما يحدث الطلاق (في
ألمانيا في واحدة من كل ثلاث زيجات، بل أن التقارير تشير في المدن الكبرى إلى
نسبة 50%)، فإنه من الطبيعي أن تلعب عوامل كثيرة
دوراً: الوعي المتزايد للمرأة بالذات و غياب الالتزامات المادية والأخلاقية التي
كانت تعمل في السابق على تثبيت الزوجية.
وكذلك ظروف العمل في
عصرنا الراهن التي غالباً ما تقود إلى إن يغرق الرجال على الأغلب في مهنتهم و
يتزوجون مهنتهم. غالباً ما تجعل
التغيرات الاجتماعية و العوامل الخارجية من الحياة المشتركة صعبة جداً. إلا
أن سلوكنا لا يتم توجيهه من المتطلبات الخارجية فقط، وإنما من الصور الداخلية
كذلك، صور التي نصنعها نحن حول أنفسنا. وفي حالتنا بصور حول الكيفية التي
ينبغي للرجل والمرأة أن يكونا فيها. إنها صور من مجتمعنا من ثقافتنا ومن تاريخنا
و تقاليدنا، التي –دون أن يكون ذلك مدركاً لنا- ورثناها. إنها تمارس تأثيرها
فينا من خلال توجيهنا كيف علينا أن نتصرف من أجل أن نكون رجالاً حقيقيين و نساء
حقيقييات. و من خلال مثال حول الرجال سنقوم فيما يلي من الحديث بتوضيح الكيفية
التي تؤثر فيها التصورات اللاشعورية على علاقاتنا بنيتنا الأسرية.
توجد
بشكل أساسي أربعة صور توجه تفكير وسلوك رجال هذه الأيام: -
صورة البطل و المناضل الوحيد، -
صورة مطعم الأسرة، -
صورة العامل، -
صورة الابن المطيع. -
صورة البطل و المناضل الوحيد عندما نسأل عن مصدر هذه الصورة، فإننا نعود إلى
تاريخنا البعيد، وربما إلى بدايات الجنس البشري. بل أن بعض الباحثين يرون بأن هذه
الصورة قد تجذرت في العتاد الوراثي للرجل. إنها صورة الصياد الذي يسري
باكراً للغابة مضحياً بحياته من أجل اصطياد الحيوانات، التي تحتاجها قبيلته للغذاء، في حين
تجلس زوجته في الكهف ترعى الأولاد و تشعل النار. فإذا عاد للبيت يحمل طريدته
تعباً ومرهقاً، يستقبل بحرارة ويستحق الراحة، في حين تقوم الزوجة بإعداد الطعام
وتقوية البطل المرهق من أجل أن يعاود الكرة غداً ثانية. و تتحدد هذه الصورة من
خلال صراع البقاء أو المنافسة أو النصر أو الهزيمة. وعندما ننظر اليوم في مؤسساتنا ومصانعنا فإنه
صحيح سنستنتج أنه في عصر المكاتب المكيفة و الهواتف النقالة و الكمبيوترات
الصغيرة والمكتبية نكاد لا نلاحظ هذه الأنماط البدائية، إلا أن ديناميكية الصراع
أو المنافسة أو النصر أو الهزيمة مازالت عند كثير من الرجال موجودة بدرجة كبيرة
مثيرة للدهشة بحيث يستثمرون في ذلك أي كمية من الوقت والطاقة، حتى في الأماكن
التي من ناحية الواقع الموضوعي لا يكون فيها من اللازم ذلك. المشكلة فقط: أنه
عندما يرجع البطل إلى بيته في نهاية الأسبوع منهكاً ومستنزفاً، لم يعد أحد
يستقبله بحماس. بل الأرجح أن تستقبله امرأة غاضبة ومحبطة، تشعر أنها تركت لوحدها
ولا تحظى بالاهتمام. أو حتى أن قدومه يكاد لا يلاحظ لأن الأسرة قد تعلمت في هذه
الأثناء على تدبير أمورها من دونه إلى درجة أنه في بعض الأحيان يتولد لديه
الانطباع بأنه قد أصبح لا لزوم له على الإطلاق، بل حتى أنه أصبح مزعجاً لهم.
يقول أحد الرجال:"عندما أعود
للمنزل لا يفرح لقدومي إلا الكلب". ¨
صورة مطعم الأسرة وهذه الصورة قديمة أيضاً، إذ ترجع جذورها إلى العصور
الإغريقية الرومانية. هنا كان
الأب راعي الأسرة أو ربها، حيث يقصد بالأسرة كل المنزل وما يحتويه. وهذه كانت أملاكه
ومن بينها الغلال و العبيد و النساء والأطفال. ومن الطبيعي أن توجب عليه هذه
الملكية الرعاية. لقد كان المطعم الوحيد و المسؤول الوحيد عن معيشة وبقاء
الجميع.
وفي استطلاع جرى على رجال عاطلين عن العمل يمكن أن نتبين إلى أي مدى
ما زالت تحدد هذه الصورة اليوم الطبيعة الذكورية. فقد تم سؤالهم ما أصعب شيء
يرهقهم في عطالتهم هذه؟. وقد أجابت الغالبية منهم بأن أصعب شيء هو في أنهم لم
يعودوا قادرين على إطعام أسرتهم. وقد عبر عن ذلك أيضاً حتى أولئك الذين لاتوجد
لديهم هذه الضرورة حيث كانت الزوجة تعمل.
ويمكننا ملاحظة أن
الرجال يتقبلون عمل زوجاتهم طالما كانت تحتاج هذا العمل "كتمضية وقت
فراغ"، أو في حال كانت ميزانية الأسرة مرهقة. إلا أن الأمر يصبح حرجاً عندما يكون دخل المرأة أكثر من دخل
الرجل. فبعض الرجال يشعرون وكأنه إخصاء لهم يمتد حتى إلى المجالات الجنسية. وهذا
يعني: التمكن من الإنفاق لوحده على كل شيء يعد أمراً مهماً من أجل أن
يشعر أنه رجل، بغض النظر عما إذا كانت هناك ضرورة خارجية لذلك أم لا. و من الطبيعي أن يقود ذلك إلى فرط
الالتزام و استهلاك الطاقة التي يتم افتقادها عندئذ في العلاقة الزوجية و
الأسرة. ¨
صورة العامل تتضمن هذه الصورة التصور بأن العمل يحتل قيمة
أخلاقية أعلى من الجري وراء الملذات والمتعة أو من عدم العمل. وقد نشأت هذه
الصورة من التقاليد المسيحية الغربية. إذا أنه في العصور الوثنية لم يكن للعمل
قيمة أخلاقية، وكان الطموح نحو الراحة، نحو الفراغ، في حين كان العمل من سمات
العبيد. وما زالت هناك بقايا من هذه التصورات في التقاليد المسيحية: ففي الجنة
ليس على الإنسان العمل، إذ أن كل ما يحتاجه الإنسان متوفر وموجود، ويعتبر العمل
هنا عقاباً من الله لخطيئة آدم وحواء:"عليك أن تحصل على خبزك من عرق
جبينك".
ومع ذلك يعد العمل في التقاليد المسيحية قيمة
عليا، إذ أنه يمثل إمكانية التكفير عن الخطيئة، إنه يصبح تعبير عن الطاعة لله،
بل إسهام في خلاص المسيح. ويمتد هذا إلى درجة أن حركة الإصلاح الديني
البروتستانتي، وبصورة خاصة في الكالفينية Calvinism قد اعتبرت في الجد و المثابرة و ثمارهما و في النجاح الاقتصادي
دلالة على اصطفاء رحمة الرب. وعليه فالجد والمثابرة أصبحا من الصفات البارزة
للمسيحيين. ومن هنا نشأ المثل الشعبي القائل:"قلة المروءة قتلت
صاحبها" أو الطير الذي يبدأ يغني منذ الصباح يصطاده الصياد
مساء". العمل بجد وعدم البخل
على النفس أمر جدير بالاحترام، في حين أن عدم العمل و التمتع أمر جدير
بالاحتقار.
ولعل التأثير السلبي لروح العمل هذه على الحياة الأسرية و على العلاقات
الزوجية يتعلق بوضع أنه منذ بداية التصنيع قد حصل انفصال بين العمل و الأسرة. ففي
عصر ما قبل التصنيع كان النظام الاقتصادي محدداً من خلال العمل اليدوي الذي
كان يدار على الأغلب ضمن الأسرة حيث كان عمل المرأة مهماً جداً بالنسبة لبقاء
الأسرة مثله مثل عمل الرجل. ومع التصنيع تغير الوضع: فقد تم فصل العمل المحافظ
على الوجود عن الأسرة، وعلى الرجال أن يغادروا أسرهم من أجل إنجاز العمل في حين
اقتصر نشاط المرأة أكثر فأكثر على الأسرة والأولاد و مهمات الرعاية. لقد أصبحت بكلمات
إيليزبيت غرينشايم-بيك Elisabeth Beck-Gernscheim "عاملة مشاعر وعلاقات". وبهذا تحول العمل المهني إلى
أمر يخص الرجل وهذا الوعي حدد بشدة الحياة الروحية للرجال: إذ أنه عندما أدخلت
شركة فولكس فاغن الألمانية للسيارات قبل بضع سنين أيام العمل بأربعة أيام لم
تتحسن في مدينة فولفسبورغ وضواحيها الالتزامات الأسرية للرجال، وإنما ازداد
العمل بدون تصريح بدرجة كبيرة. ¨
صورة الابن المطيع نشأت صورة الابن المطيع من مرحلة الحرب الألمانية وما
بعد الحرب، من تلك الحالة التي وصفها ألكسندر ميتشرلش Alexander
Mitscherlich بمصطلح "مجتمع بلا أب".
فكثير من الآباء ماتوا في الحرب أو ظلوا لفترات طويلة في الأسر أو ضيعوا في
الحرب أفضل سنوات عمرهم. وقد
تحددت حياة كثير من أسر ما بعد الحرب برغبات الأبوة غير المحققة وأعمال إعادة
البناء القاسية. وكان على الأطفال حسب إرادة آبائهم أن يعيشوا حياة أفضل مما عاش
آبائهم أو عليهم أن يحققوا رغبات وطموحات آبائهم التي لم تتحقق. مما قاد إلى نشوء
ضغط شديد على الأبناء ليحققوا لآبائهم، سواء كانوا أحياء أم أموات الرغبات،
بأن يصبحوا ناجحين في حياتهم. ويتحدث المرء في تحليل التعامل Transaction
analysis في هذا السياق عن "الدوافع
الداخلية" التي تم تبنيها من مُثل هذه العلاقات الأسرية والتي توجه
سلوكنا. ويتمثل دافع "الولد المطيع" في تحقيق رغبة الأسرة،
وبشكل خاص الأب و الحصول على الاعتراف والقبول من خلال الإنجاز العظيم. والدوافع
الداخلية لا تنبع من ضرورة الشيء بحد ذاته و إنما من الضرورة الداخلية: من التوق
الداخلي للطفل نحو التقبل الأسري.
وكثير من الرجال، وبشكل خاص الناجحون منهم والذين يبدون للخارج بأنهم
رجال حقيقيون و ناضجون، ما زالوا من الداخل ذلك الطفل الصغير، الساعي للتقبل
الوالدي عندما يكافحون نحو النجاح و الشهرة بعناد وإصرار. وبما أنهم غير متأكدين
بدقة من تحقيقهم لهذا التقبل بالفعل لا يجوز لهم لأن يكتفوا أبداً و يشعرون
بالقسر العمل أكثر فأكثر. وهنا غالباً ما لا تحظى المتطلبات الناجمة عن الزوجة
والأطفال بالكثير. فهؤلاء الأشخاص يقيدون داخلهم بالوالدين و يحطمون لهذا الحب
الناضج للمرأة و لأطفالهم. ولا تؤثر صور الأدوار الذكورية هذه على
بناء الحياة الفردية للرجل فحسب وإنما تحدد له أيضاً توقعاته من الجنس الآخر، من
المرأة و من ثم على خبرته لعلاقته. ومن خلال تأثر حياته بهذه الصور الأربعة فإنه
يحشر المرأة في الدور النسائي المتمم لهذه الصور، ولاسيما أن صور الأدوار
الأنثوية المتممة المنبثقة عن التقاليد هذه موجودة بالطبع في عقول وقلوب
النساء، وبشكل معاكس كلية لمفهومهن المُدرك عن ذاتهن. وعليه تتطابق: -
مع صورة مطعم الأسرة و العامل عاملة المشاعر الأسرية و
مشبعة الحاجات الأسرية، -
مع صورة الابن المطيع الأم الموازنة، التي تمثل التخفيف
الأمومي- الموازن مقابل المطالب الأبوية. -
مع صورة البطل الذي يغزو للكفاح الحامية للموقد والتي
تهتم في البيت بكل شيء. وبالنسبة للبطل قد تكون المرأة في البداية الأميرة
البنت التي جعلته يمتلكها ويعجب بها، إلا أنه بمجرد أن يمتلكها يحشرها بدور
الرعاية الأمومية. عندئذ ينشأ خطر أنه مازال يرغب في امتلاك الأميرات و أن يقوم
بذلك خارج حياته الزوجية بالفعل.
وتقود هذه
الديناميكية إلى نتيجة مفادها أن تصبح النساء محصورات في وضعهن الحياتي. وبما
أنهن في هذه الأيام أقل استعداداً من أزواجهن بكثير للالتزام بهذه الأدوار،
فسرعان ما سينجم عن ذلك التمرد، وصراع السلطة والخلافات. إذ أن صور الأدوار
التكاملية هذه ما زالت تعني تدرج السلطة –إما إلى هذا الجانب أو إلى الجانب
الآخر. ولا يتعلق الأمر بأدوار متساوية، وإنما بأدوار يكون فيها دائماً واحد
"فوق" و الآخر "تحت". وهذا يؤدي إلى تنامي الاغتراب المتبادل، وهذا غالباً ما يجعل
من جهته الجنسية تموت. فالجنسية لا تكون ممتعة على المدى البعيد إلا بين الأنداد.
وصور الأدوار التكاملية لا تصف العلاقات بين الأنداد وإنما بين الحاكم والمحكوم.
و بالنتيجة تجعل صور
الأدوار التكاملية هذه البنية العائلية البطريركية تتجدد باستمرار. وتتصف هذه، ضمن أشياء أخرى، بالتقسيم
الثنائي: فالرجل هو المسؤول عن العمل والمرأة عن الأسرة، هو عن البقاء الجسدي
وهي عن البقاء الانفعالي. ويتيمز هذا التقسيم بوضوحه الدقيق. إلا أن من عيوبه
الكبيرة أنه يصطدم مع مُثل الأسرة والعلاقة الراهنة، التي تتمثل في أن
الالتزامات المهنية والأسرية للرجل والمرأة متساوية بالدرجة نفسها من الواجبات
والحقوق. وفي هذا الوضع تبدأ دفة الشراكة بالصرير.
ويصبح الطلاق والانفصال موضوعاً للنقاش.
إلا أنه ليس
بالضرورة أن يصل الأمر للتحطم الواضح. فنحن لسنا تحت رحمة صور الأدوار القديمة
هذه. ونستطيع التأثير على ذلك، وتحطيم سلطتها. إلا أن هذا يشترط أن نتعلم أن
نبتعد عن أنفسنا وأن نراقب أنفسنا بصورة ناقدة. علينا أن نعي مدى عمق رسوخ صور الأدوار
القديمة – الموروثة من تقاليد
عمرها مئات بل آلاف السنين- في
الرجال وكذلك في النساء. فأنماط السلوك هذه لا تنبع من إرادة شريرة أو من عدم
الفهم، وإنما من تصورات الأدوار هذه المحفورة بأرواحنا بعمق. ولهذا علينا أن
ننمي التسامح مع أنفسنا ومع الجنس الآخر من ناحية، عندما نقع باستمرار في سلوكنا
وتوقعاتنا ضحايا للصور
المُتَمَثَّلة. إلا أنه من ناحية أخرى علينا أن نصبح يقظين وناقدين لأنفسنا من
أجل أن نتمكن من الحصول على إمكانية قيادة أنماط السلوك النابعة من اللاشعور. ومن أجل ذلك من المفيد والنافع أن يعود
الرجال والنساء إلى تاريخ حياتهم الأسرية الخاص وأن يتذكرا ويشعرا بما حدث هناك.
والهدف من ذلك، اكتشاف "الطفل الصغير" و "البنت الصغيرة" في
الذات، وليس فقط ذلك الطفل الذي تعلم أن يلائم نفسه و يكون مطيعاً، وإنما كذلك
بشكل خاص الطفل الذي كان حيوياً و
متعطشاً للحب و الفضولي والمبدع. إذ أن هذا "الطفل الحر" كما يسمي
تحليل التعامل هذا الجزء من الشخصية، مازال يعيش في كل رجل وامرأة راشدة وهو لا
ينظر إلا أن نسمح له بالنمو. على الرجال بالإضافة لذلك أن يتأملوا في الجانب
الأنثوي لديهم Yin-Side.
فوفقاً للفلسفة الطاوية Taoistic
هناك مبدآن يحددان ديناميكية الحياة: اليانغ Yang الذكوري و الين Yin الأنثوي. ونجد لدى
كارل غوستاف يونغ مبدأين شبيهين أطلق عليهما مفهومي الأنيموس والأنيما
Animus
& Anima، الروح
الذكورية والروح الأنثوية . إلا أنه من سوء الفهم أن يقصد أن الروح الذكورية
خاصة بالرجل والأنثوية خاصة بالأنثى. فالأرجح أن كلاهما موجودان مع بعضيهما. ففي
الرجل يؤثر المبدأ الأنثوي وفي الأثنى المبدأ الذكوري. ومن أجل النضج الشخصي
وتحقيق الحياة فإن المهمة الأساسية تتمثل بتنمية كلا المبدأين و جعلهما متناغمين
مع بعضيهما. ويرى يونغ مهمة النصف الثاني من الحياة بشكل خاص هي الوصول إلى
تكامل بين الجانبين، إذ أنه في هذا تكمن بشكل جوهري الفردانية Individuation
، أي النمو إلى فرد Individuum
كامل. فإذا ما أردنا أن نوضح كلا المبدأين
الحياتيين بشكل رمزي فإن اليانغ بمثل السهم في حين يمثل الين Yin القوس أو حتى الضلع. وتعني صفات اليانغ:
التوجه نحو الهدف، والاقتحام، وتوكيد الذات والتمييز واتخاذ القرار و الكفاح و المنافسة. أما صفات الين
Yin
بالمقابل فهي: الاستقبال والتلقي، الاحتواء والانسياب والموازنة والربط. فإذا ما كان ينبغي إتاحة الفرصة لكلا الحركتين من الحياة في
الرجل من أجل أن يصبح "كاملاً" عندئذ فإن التماهي وحده مع الصور
الذكورية المذكورة بالنسبة للرجل يعني التثبيت و التقييد أحادي الجانب على
صفة اليانغ. إذ أن البطل و المطعم الوحيد للأسرة و العامل و الابن المطيع لا
يحتاجون إلا إلى صفة اليانغ فقط، إلا
إلى السهم، إلى الصراع، إلى الجهود المضنية. وبما أنه للرجل جوانب ضعيفة
أخرى، بما أنه يرغب أن يكون القوس (حامل السهم) السيولة و الربط، والتلقي،
والاستسلام، وبما أنه يرغب أن يكون أباً و عاشقاً وصديقاً وجاراً، وبما أنه يحمل
في داخله طفلاً متعطشاً للحنان و العناق، فإنه لا يجوز أن يتم السماح لهذا
التماهي مع الصورة الذكورية وحدها أن تظهر أو أنه
يظهر ولكن عندئذ بصورة هدامة. إذ أن الجوانب غير المعاشة لا تختفي بسهولة،
وإنما تغرق في أعماق الروح وتعبر عن نفسها بطريقة هدامة، على سبيل المثال في
السلبية المطلقة وفي حاجات
الرعاية التي لا تنتهي بمجرد أن يصبح ضمن الجدران الأربعة. ويمثل سلوك فرط الانسحاب والاستهلاك و
مشاهدة التلفزيون لساعات طويلة و الاستهلاك المفرط للكحول و الإدمان على ألعاب
الكمبيوتر تعبيراً عن صفة الين Yin غير المعاشة. كما يمكن كذلك للثقوب الانفعالية التي يتعثر فيها في بعض الأحيان، أو
الاكتئابات أو نوبات الغضب من غير داع أو الهروب إلى عالم أحلام العلاقات الخارجية
علامات على أن جانب الين Yin المكبوت يلح على الظهور، أي "الحياة غير المعاشة"،
ولكن بطريقة واحدة يمكن أن تكون هدامة –إذا ما لم يتم التعرف عليا وفهمها.
بالمقابل
فإذا ما سمح الرجال لأنفسهم أن يعيشوا صفة الين Yin، فسوف يشعرون مدى راحتهم. غالباً ما كنت في سيمنارات القوى القيادية
مبهوتاً من مدى ضيق مجال حياة هؤلاء الرجال المثقفون والأذكياء و الأكفاء وكم
تبقى لهم من تلك الأشياء التي احتلت في حياتهم يوماً ما أهمية كبرى كالصداقة
والموسيقى والعلاقات. بالإضافة إلى ذلك كان ملفتاً للنظر المدى الذي كانوا فيه
متكيفين فيه مع تجنب الاتصال والمواجهة الحقيقية مع زوجاتهم وأطفالهم. إن الدخول في علاقة –سواء مع الزوجة أم
الأولاد أم الأصدقاء يعد بحق مفتاحاً جوهرياً لنمو جانب الين Yin في الحياة. ومن أجل ذلك لابد في كل الأحوال تولي قيادة
الحياة الخاصة بشكل واع و تعلم وضع الحدود عندما يكون ذلك ضرورياً من أجل تحقيق
التوازن الصحيح. ومجالات الحرية المتوفرة من أجل تحقيق ذلك أكبر مما يبدو. ¨
ما الذي يجعل الأزواج سعداء بالفعل هل يجوز لنا في المشاحنات الزوجية تفريغ
غضبنا في الآخر، أم من الأفضل لنا كظم غضبنا؟، هل من الأفضل لنا أن نصغي للآخر
قدر الإمكان بدقة و نتأكد من خلال الإعادة بأننا قد فهمنا كل شيء بدقة؟ أم أن
ذلك لن يجدي وقت الجد على أية حال؟ إن من يبحث عن إجابة عن هذه الأسئلة لدى
المتخصصين الأمريكان بالأزواج فسوف يتشتت أكثر مما يفهم. إذ أنه حتى بين
المتخصصين يجيش الخلاف (مجلة الزواج والأسرة Journal of
Marriage and Family, Vol.62,Nr.1).
ففي الجهة الأولى
يقف "ديوك الصراع" سكوت ستانلي و هاوارد ماركمان و وتوماس برادبوريScott
Stanley and Howard Markman and Thomas Bradbury. وماركمان هو من طور واحداً من أشهر برامج الإعداد للزوجية.
وعلى الجانب الآخر،
الذي تتم مهاجمته من قبل مجموعة ستانلي، يقود الصراع جون غوتمان John
Gottman الذي أثار في جامعة
واشنطن بعد إعلانه "البحث الأكثر عمقاً و تأثيراً حتى الآن حول الزواج و
الطلاق"، الذي ربما يكون فيه مبالغة، إلا أنه ليس خاطئاً كلية.
وكما هو الحال في أي
خلاف مهذب توجد قصة سابقة. ففي عام 1998 نشر جون غوتمان مع زملاءه دراسة طولية
حول استقرار الزيجات. فقد لاحظ فريق غوتمان في هذه الدراسة أزواج متزوجون
حديثاً، قاموا في مختبر الملاحظة بمناقشة مشكلاتهم العلائقية. وتم تصوير
المناقشات الخلافية على شريط فيديو وتم في الوقت نفسه إجراء قياسات فيزيولوجية
وسؤال الشركاء إلى أي مدى كانت المواجهة مسببة للتوتر. وتم تكرار هذه القياسات
بفواصل بين أربع إلى ست سنوات تالية.
وفي نهاية الدراسة
الطولية ظهر ثلاث مجموعات: فقد تطلق 17 زوج، و 20 قيموا من الباحثين على أنهم
سعداء على الأغلب، و 20 قوموا على أنهم أقرب لأن يكونوا غير سعداء.
فما هو
الفرق بين السعداء وغير السعداء أو المطلقين؟ وفقاً لتحليل الباحثين لم يلعب مقدار الغضب و
الحنق أي دور في العلاقة. وقد استنتج غوتمان أن "الغضب ليس شعوراً
ساماً". فالمواجهات الغاضبة توجد في الأسر السعيدة وغير السعيدة. فقط عندما
يتوقف الزوجان عند الشجار عن
مقابلة الغضب بالمثل، ويتركا الموقف يتصاعد من خلال الاستجابة للعرض السلبي
للآخر بهجوم أكثر شدة أو تطرفاً، عندئذ تنزلق العلاقة الزوجية في الخطر. كذلك يبدو أنه لا وجود لأي تأثير "للإصغاء
الفاعل" على نوعية العلاقة الزوجية. ففي الأسر السعيدة لا يصغي الأزواج
بتعاطف أكثر مما هو الحال في
الأسر غير السعيدة.
إلا أنه هناك عوامل
أخرى تلعب دوراً حاسماً في نوعية الزواج، كما أراد أن يستنتج غوتمان ومجموعته.
ففي العلاقات السعيدة:
يظل الزوجين مهتمان
ببعضهما بإيجابية، حتى عندما يتطرقان لمسائل خلافية. لا يصد
الرجال حجج زوجاتهم بطريقة خشنة، وإنما يسمعون كلامهن ("تقبل
التأثير": عمّد غوتمان هذا السلوك). تعبر النساء
عن انتقاداتها بطريقة لا تقود مباشرة إلى دفاع قوي عند الرجل. تحاول
النساء تهدئة أزواجهن بالمرح. ينهي
الأزواج خلافهما بتبادل المشاعر الإيجابية.
إلا أن سكوت ستانلي
و وهاوارد ميركمان يشككان ببعض هذه النتائج. إنهما ينتقدان بشكل خاص مفهوم
غوتمان في الغضب ويشيران إلى نتائج دراسات أخرى، فشلت وفقها كثير من الزيجات
بسبب حدوث تبادل متكرر للانفعالات السلبية في العلاقة. فغوتمان استثنى الكثير من
المشاعر كما يقول نقاده، التي يصعب في الممارسات العلاجية اليومية تمييزها عن
الغضب بالعين المجردة. ويتساءل ستانلي: إذا ما وضعنا جانباً "المنازعات و
إدمان النقد والاحتقار و وبناء السدود"، فما الذي يمكن لنا أن نسميه غضباً؟
بالإضافة إلى ذلك
يعتقد أتباع ستانلي بأنهم اكتشفوا تناقضاً في أبحاث غوتمان: يأخذ جناح ستانلي نمط
السلوك "تقبل التأثير" كدليل على الفرضية التي يقوم عليها
برنامجهم: من المفيد كبح جماح الانفعالات غير السارة.
إلا أنه هناك أمر
واحد واضح: فمن استطاع حتى الآن أن يظل دون مبارزات غضب في زواجه، يمكنه البقاء
كذلك. وحتى غوتمان لا ينادي بوجهة النظر القائلة "فرغ غضبك عندئذ يشعر
الجميع بالتحسن" فوفقاً لتحليلاته فإن ذلك لا يجدي كذلك.
وحتى نتيجة غوتمان
القائلة بالإصغاء الفاعل، لا تمثل ضمانة للعلاقة السعيدة، يشكك فيها
ستانلي وماركمان. وعلى الرغم من أنهما يقران بأنه من النادر للأزواج أن يستخدما
هذه الطريقة بوعي إلا أنهما يعتبران أن الإصغاء الفاعل مهارة جوهرية من أجل إنهاء المواجهات غير المثمرة.
ويستطيع الأزواج على الأقل إنهاء خلافهما أولاً و يحاولان لاحقاً بالإصغاء
الفاعل عندما تهدأ الخواطر ثانية.
وحتى عندما أمكن
لغوتمان و زملاءه الرد على هذه وتلك من الانتقادات، إلا أن الخلاف بين الخبراء
يسبب الشك لدى المعالجين الزوجيين. فهل عليهم تشجيع الأزواج على الإصغاء الفاعل؟
ما هو دور التعامل مع الغضب؟ قد تقود إعادة التحقق Replication من نتائج غوتمان
إلى الوضوح. ومن الطبيعي فيما لوحصل ذلك إلى إعادة اختبار البرامج العلاجية التي
تدعو للإنصات الفاعل. ومع كل هذه الخلافات لا ينسى كلا الجانبين
نقاط الاتفاق بينهما: فكلاهما يجدان أنه لابد للعلاج الزواجي أن يستند على نتائج الدراسات المؤكدة، كما يرى ستانلي، و
كلاهما يتفق على أن التوازن المعقول بين الخبرات السلبية والإيجابية مهم جداً
بالنسبة لاستقرار العلاقة. ¨
الند للند الندية- دعامة مهمة للعلاقات الثابتة
لا يختلف اثنان في
أيامنا هذه بأنه لا يمكننا
التفكير بالحب الدائم بين الزوجين دون الحب النديّة والمساواة.
ولكن كيف تنشأ النديّة في العلاقة الزوجية؟ متى يشعر محبوبان بأنهما متساويان مع
بعضيهما؟ لإجابة عن هذا السؤال لا بد من توفر أربعة
شروط: علاقة
متوازنة بين الاستقلالية والارتباط، تفاعل
متوازن بين الأخذ والعطاء، علاقة
سلطة متوازنة، وأخيراً
لا يجوز: وجود جراح غير "مندملة".
النقطة
الأولى:
علاقة متوازنة بين الاستقلالية والارتباط تمتلك
حاجتين أساسيتين كلية، ألا وهما الحاجة للاستقلالية –نريد أن نقرر حياتنا
بأنفسنا- والحاجة للارتباط (للتعلق)، للانتماء. وقد عبرت المعالجة النفسية
السويسرية روزماري فيلتر-إنديرلن Rosemarie Welter-Enderlin عن هاتين
الرغبتين من خلال تصوير رائع. ووفقاً لها نحتاج الجذور، نريد أن نعرف إلى أين
نحن ننتمي. إلا أننا نريد أيضاً الرفرفة بأجنحتنا والطيران إلى حيث نشاء. ومن
البديهي أن تنزلق كلتا الرغبتان في صراع مع بعضيهما. وليس من السهل التوفيق
بينهما، ولا حتى في علاقة. إلا أنه على الأزواج أن يواجها هذه الصعوبة وأن ينتبها
بأنه يوجد على المدى البعيد علاقة متوازنة بين الاستقلالية و الارتباط. وبشكل خاص عندما يتحول الزوجان إلى أسرة،
ينبع خطر أن يهمل أحد الزوجين كلتا الحاجتين. على الزوجة ألا تتخلى عن
استقلاليتها لصالح الأسرة، وإنما أن تبني لنفسها مساحات هادفة من الحرية، وبالمقابل
على الرجال أن ينتبهوا إلى أن يربطوا أنفسهم بالأسرة و ألا يقتصروا في مسؤوليتهم
على الإطار الخارجي.
الشرط
الثاني بالنسبة للندية هو التفاعل المتوازن بين الأخذ والعطاء. فإذا
كان هذا موجوداً فإن الشريكين يمتلكان الشعور بالمساواة. إلا أنه عندما يعطي الأول
باستمرار متزايد أكثر من الثاني، عندئذ ينشأ الانحدار بين الشريكين الشعور. وسوف
يشعر الذي يعطي باستمرار في لحظة ما بالاستغلال، والذي يأخذ باستمرار بالذنب.
في كثير من
العلاقات: عندما يسهم كلاهما في الموارد، يعتقد الرجل أنه قد قام بهذا بواجبه.
في حين تهتم المرأة بكل الأشياء الأخرى: الأطفال، الاتصالات الاجتماعية، البيت
المرتب، النشاطات وأوقات الفراغ، الإجازة. وعلى المدى البعيد تشعر بأنها تعطي
على المستوى الإنساني أكثر من زوجها، وبأنها تستهلك نفسها. إنه يشعر بهذا ومن ثم
يصبح شعوره بالذنب أكبر. فإذا ما استمر سوء الفهم هذا فسوف يبرد الحب في لحظة من
اللحظات.
ويعد التوزيع
المتوازن للسلطة مهم أيضاً
للندية. فالعلاقة لا تصمد إلا عندما يشعر الطرفان بالمساواة. فإذا ما اعتقد
أحدهما بأنه خاضع للآخر فسوف يحدث صراع السلطة بشكل مباشر أو غير مباشر. إلا أن
صراع السلطة قتل للحب. إذ أنه دائماً في صراع السلطة هناك منتصرون ومنهزمون
–وغالباً ما يخسر كلاهما. وعلى أية حال يخسر الحب.
وعليه فمن المهم أن
يشعر كلا الطرفان بتساوي سلطتيهما في العلاقة. ولا يتعلق هذا الأمر
بالإرادة الطيبة فحسب للشريكين وإنما تلعب كذلك المعطيات الموضوعية دوراً، وبشكل
ملموس: من الذي يمتلك مصادر السلطة وأي نوع منها؟
واحدة من مصادر
السلطة المال على سبيل المثال هل يملك أحدهما مالاً أكثر من الآخر، أو أن
أحدهما يسيطر على المعبر لهذه الموارد، أو كليهما معاً، عندئذ يجعل الآخر
متعلقاً به في نقطة وجودية جداً. وما زال حتى يومنا هذا من الوارد جداً ألا تعرف
المرأة عن دخل زوجها أي شيء، ولا يمتلكن أي رصيد خاص بهن. بالمقابل هناك أسر
تحتل فيها المرأة موقع وزيرة المالية و لا يستطيع الرجل أن يصرف أي مال دون
موافقتها. كذلك العلاقة فهي مصدر للسلطة. فعندما تظل
المرأة على سبيل المثال مع الأطفال طوال الوقت فعليها أن تقدم لزوجها المعلومات
حول نمو الأطفال، كي لا يفوته "القطار". فإذا لم تقم بفعل ذلك أو أن
الرجل لا يهتم بهذا فإنها عندئذ تمتلك السلطة المطلقة على مصادر
"العلاقة بالأطفال". وعندئذ يحاول كثير من الرجال من خلال تصرفات
سلطوية "نزع" سلطة زوجاتهم، دون نجاح على الأغلب. و في يوم من
الأيام لا يرى الرجل إلا إمكانية استخدام سلطته ضد سلطة زوجته:"أنا مصدر
الدخل هنا".
ومن مصادر السلطة
أيضاً الجاذبية الجسدية. فالذي يمتلك "حاجات" أقل من الآخر
يمكنه أن يمارس السلطة على الآخر من خلال فقدان الرغبة الجنسية أو الامتناع. إنه
يمنعه من الوصول إلى مصدر السلطة "الجاذبية" و "الجنسية" و
يجعله متعلقاً به من خلال ذلك. وبالطبع كذلك تمثل المهنة مصدراً من مصادر
السلطة. فمن يعمل يتمتع بنوع من الهيبة أو الاحترام ومن ثم السلطة. ويكون مصدر
السلطة هذا محجوب عن غير العامل.
النقطة
الأخيرة: غالباً ما تتضرر الندية وذلك عندما توجد في العلاقة جراح غير مندملة: على
نحو المغامرة الزوجية غير المغفورة، والمواجهة العنيفة مع الضرب و الإهانات
الشنيعة. فإذا ما وجدت مثل هذه الجراح في الأسرة عندئذ يصبح أحد الشريكين في
موقع "الفاعل" والثاني في موقع "الضحية". وهنا لا يمكننا
الحديث عن الندية في العلاقة. إذا أن "الفاعل" سيبدو من الناحية
الأخلاقية بأنه "ناقص" و تشعر "الضحية" بالتفوق. لا يمكن تجنب الجراح في العلاقات الزوجية.
إلا أن السؤال كيف يتعامل الزوجان معها. غالباً ما لا يمكن الحديث حول
الجراح ("هل سنعود ثانية لهذه القصة القديمة")..("بدأنا ثانية
بفتح دفاتر الماضي") ويأمل كلاهما بوضع غطاء النسيان على الحادث. إلا أنه
تحت الغطاء، في السر، يستمر الجرح بالتأثير، وغالباً لسنوات عدة. ومن اجل إعادة
الندية للعلاقة الزوجية من المهم جداً أن يتم شفاء الجراح التي كان لا
مفر منها في مجرى الحياة الزوجية. ولكن كيف تُشفى الجراح؟
إذا ما جرح أحدهما
الآخر جرحاً عميقاً، عندئذ عليهما ألا يهملا هذا الأمر. عليهما ألا يتجاهلا ذلك
وإنما عليهما أن يواجها الأمر. وعلى الطرف الذي سبب الجرح أن يعرف: أن الأمر
الفاصل هنا ليس إداركه وتقديره للموقف، كما أنه ليس للأمر أية أهمية فيما إذا
كان قد قام بذلك بقصد أم بدون قصد؛ بل إن الأمر الحاسم هنا هو ما يشعر به الآخر.
ليس كل جرح هو "عمل شرير"، أو "جريمة"، بالإضافة إلى ذلك
على "الفاعل" أن يتقبل بأنه قد سبب الألم للآخر. ويمكن إنهاء الكثير
من المواجهات بسرعة كبيرة، عندما يكون "الفاعل" مستعداً
للاعتذار" "أقر بأن ذلك قد جرحك بالفعل في ذلك الوقت، أشعر بهذا و
أعرف ألمك. يؤسفني بالفعل". ويستطع المجروح "الضحية" أن يتنفس
الصعداء وعليه ألا يكرر دائماً اسطوانة جراحه. فكثير من المجروحين يجترون جراحهم
باستمرار لأنهم لم يتفهموا و لم يحصلوا على إقرار بالذنب.
كما يستطيع الأزواج
تسهيل المصالحة بينهما من خلال قيامهما بطقوس تعويض صغيرة، تصرفات رمزية أو
ملموسة. فدعوة الآخر أو القيام بإنجاز إضافي للآخر يمكن أن تعزز إرادة التعويض
وتسهل شفاء الجراح. وبهذا تعود الندية وتندمل علاقة-الجاني-الضحية.
ونستنتج مما قلناه
أن الندية ليست حقيقة قائمة في العلاقة. بل أنها عملية. و لا يمكن تجنب أن تنزلق
الندية مراراً عن سكة التوازن. إلا أنه عندما يتمكن الشريكان باستمرار من إعادة
الشعور بالتوازن عندئذ يسيطران على فن العيش كزوجين. |
||||
Document Code VP.0004 |
ترميز
المستند
VP.0004 |
|||
Copyright ©2003 WebPsySoft Arab Company www.arabpsynet.com (All Rights Reserved)